المجلس الانتقالي الجنوبي يربك حسابات إخوان اليمن..

تقرير: هادي.. تظاهرتا المكلا وعتق "أين سيقف رئيس اليمن المؤقت"؟

تظاهرة ضخمة شارك فيها عشرات الآلاف من أبناء المحافظة تأكيدا على دعم الهبة الشعبية الثانية

مراسلون
مراسلو صحيفة اليوم الثامن

لم تمض أكثر من عشرين ساعة على تظاهرة محدودة شهدتها مدينة عتق، مركز محافظة شبوة، اخرجها تنظيم الإخوان لمناهضة قرارات مرتقبة للرئيس اليمني المؤقت عبدربه منصور هادي، حتى حشد المجلس الانتقالي الجنوبي، في مدينة المكلا مركز محافظة حضرموت، كبرى مدن الجنوب، حتى بات هادي بين خيارين، اما الاستمرار في تحالفه مع تنظيم الاخوان المصنف على قوائم الإرهاب الإقليمية، او الاستجابة لمطالب شعبية، طرحت أوراق ضغط كبيرة على الحوثيين الموالين لإيران، الأمر الذي يعني ان هذه الخيارات والمطالب تمثل أرباكا حقيقيا لحسابات الرئاسة اليمنية وتنظيم الإخوان "الحاكم".

في عتق بشبوة، حشد تنظيم الاخوان قوات عسكرية وعناصر ميليشيات مسلحها بينها متطرفون، رددت هتافات مناهضة للتحالف العربي الذي تقوده السعودية، من بينها "لا تحالف بعد اليوم"، وذلك احتجاجا على اعتزام الرئيس هادي، اصدار قرار بإقالة محافظي محافظات جنوبية أبرزهم الحاكم الإخواني محمد صالح بن عديو، الذي أعلن رفضه لقرار عزله وتوعد بالعودة الى شبوة استجابة لما وصفها مطالب أنصاره الشعبية في شبوة.

وكان مراسل صحيفة اليوم الثامن في شبوة قد أكد في تقارير الجمعة "ان حاكم شبوة قام بسحب مبلغ مالي من البنك المركزي في عتق، قدره اثنان مليون دولار أمريكي، وزعت على لجان بهدف حشد مواطني المحافظة الرافضين لسلطة تنظيم الاخوان، وهو ما جعل التظاهرة تقتصر على قوات عسكرية اغلب عناصرها ينتمون الى مناطق يمنية خاضعة لسيطرة الحوثيين.

اما المجلس الانتقالي الجنوبي الذي لا يزال يحتفظ بـ"شعرة معاوية" مع هادي، فقد حشد في المكلا تظاهرة وصفت بالمليونية، أكد بيانها على مطالب بعضها تمنح هادي حرية الضغط على الحوثيين الموالين لإيران والذين صعدوا مؤخرا في هجومهم على محافظة مأرب، وباتت هذه الأوراق تمثل فرصة أخيرة امام الرجل اذا كان يرغب في الاستمرار في الحكم، وتحقيق المكاسب العسكرية التي تقود الى تحقيق الاستقرار في اليمن والجنوب.

المجلس الانتقالي الجنوبي منذ تأسيسه لم يتخذ أي مواقف مناهضة لهادي، على الرغم من ان سلطات الرئيس الذي انتهت ولايته قبل سبعة أعوام، أصبحت تحت تصرف تنظيم الاخوان، والمتمثل في شخصي نائبه علي محسن الأحمر، ومدير مكتبه عبدالله العليمي.

مليونية المكلا – كما اطلق عليها الاعلام المحلي – أكد على أنها جاءت تجسيدًا لمطالب أبناء حضرموت المتمخضة عن اجتماع حضرموت العام في منطقة حرو، والمتمثلة في تمكين أبناء المحافظة من إدارة وتأمين محافظتهم والاستفادة من عائدات ثرواتها، وإيقاف كافة عمليات النهب والإفساد التي راكمت معاناتهم وإفقارهم، وحرمانهم من كل الخدمات، وتأكيدًا على مطالبهم المستمرة بنقل القوات العسكرية من مديريات وادي وصحراء حضرموت إلى جبهة المواجهة مع الحوثي في مأرب ونشر قوات النخبة الحضرمية على امتداد حضرموت ساحلًا وواديًا وهضبة وصحراء.

الاحتشاد الشعبي  - كما اسماه البيان أتى ليؤكد على التفاف أبناء حضرموت والجنوب كافة، دعمًا وتأييدًا للهبة الشعبية الثانية المباركة، لانتزاع الحقوق ووضع حدٍ لممارسات التنكيل والعقاب الجماعي الممنهج، واستنزاف ثروات الجنوب وخيراته من قبل قوى الفيد والنهب والإفساد.

 

ولخص البيان إلى جملة من النقاط المهمة التي تمثل خدمة كبيرة يقدمها المجلس الانتقالي الجنوبي، لهادي المقيم في الرياض، والتي استهلها البيان بالتأييد الكامل لجهود التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة والدور المتميز للأشقاء في دولة الامارات العربية المتحدة في مواجهة بغي المليشيات الحوثية.

والتأييد الكامل والمطلق لمخرجات لقاء حضرموت العام في منطقة حرو ومطالب الهبة الشعبية الحضرمية الثانية، ودعوة كافة أبناء حضرموت والجنوب عمومًا إلى تسخير كافة الطاقات والإمكانات اللازمة لإنجاحها وتوسيع نطاقها ليشمل كافة محافظات الجنوب.

لكن أهم ما تضمنه البيان من ورقة ضغط باتت في يد هادي، وتأكيدا على تمسكه بالشرعية المعترف بها دولياً، اجبار الشركات النفطية في حضرموت ومدن الجنوب الأخرى على نقل مكاتبها إلى العاصمة الجنوبية عدن.

وقد نص البيان على "نؤكد على ضرورة نقل كافة مكاتب الشركات النفطية من العاصمة اليمنية صنعاء إلى العاصمة الجنوبية عدن، وندعو حكومة المناصفة بين الجنوب واليمن إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع التعامل مع أية شركات لا تتخذ من العاصمة عدن مركزًا رئيسًا لعملها".

التعاطي مع هذه المطالب تؤكد مدى جدية هادي وحكومة المناصفة في المضي قدما نحو هزيمة الحوثيين، او على الأقل اجبارهم على الدخول في مفاوضات سلام، في حين ان الخيار البديل بيد المجلس الانتقالي الجنوبي قد يكون في التصعيد الشعبي الرامي الى إيقاف تصدير النفط والاستمرار في منع تهريبه إلى اليمن الشمالي.

لذلك قد تستميت جماعة الحوثيين وتنظيم الإخوان، في توجيه ضربات إرهابية لعدن، بغية اظهار العاصمة الخاضعة لإدارة المجلس الانتقالي الجنوبي، على انها غير "آمنة لعمل الشركات النفطية منها".

وهو ما يعني ان المجلس الانتقالي الجنوبي، مطالب بتوفير مدينة آمنة لعمل الشركات النفطية وقد يبدو لديه القدرة في ذلك، بما في ذلك إعادة تأهيل "فنادق سياحية" في حي جولدمور لاستضافة الشركات النفطية فيها بما يسهل عمل هذه الشركات في منطقة يسهل تأمينها ناهيك على وجود البنية التحتية التي تتطلب أشهر قليلة من التأهيل وإعادة الترميم، والتي قد تكون تكاليفها على السعودية على اعتبار انها المسؤولة عن ملف إعادة الاعمار في المناطق التي تعرضت للتدمير جراء الحرب.

بيان حضرموت أكد على ضرورة تحرير عمليات الاستكشاف والإنتاج النفطي في حضرموت وشبوه والجنوب عامة من نفوذ الميليشيات الحوثية والجماعات الراعية للإرهاب والقوى المتنفذة الراعية للفساد، بما يضمن استفادة أبناء مناطق الامتياز خاصة وأبناء الجنوب عامة من عائدات ثرواتهم النفطية والمعدنية والسمكية والزراعية".

الخيارات والشروط والمطالب تبدو منطقية جداً، فالقوى السياسية المتحالف مع هادي، او تلك التي تتحكم بالرئاسة، الأمر الذي يعني ان الرئيس المؤقت امام خيارين لا ثالث لهما "اما يستجيب لهذه المطالب ويعمل على مخاطبة الشركات النفطية بضرورة نقل مقارها الى عدن او توقف العمل، واما يتجاهل هذه المطالب، وعندها ستكون سلطاته قد تقلصت بشكل كبير جداً بعد ان يتوسع المجلس الانتقالي الجنوبي في تعميم الهبة الشعبية لتصل الى شبوة وأبين، وهو ما يعني ان وجود سلطات هادي في الجنوب، قد تصبح منعدمة خاصة في ظل حصار الحوثيين على مأرب واصرارهم على اسقاط أخر المعاقل لحكومة هادي في الشمال الذي تسيطر عليه الاذرع الإيرانية.

 

وبعيدا عن هذه الخيارات فقد جددت تظاهرة حضرموت الدعوة لأبناء الجنوب كافة إلى تعزيز التلاحم والاصطفاف الوطني لحماية المكتسبات الوطنية وقطع دابر أية اختراقات تستهدف الجنوب وطنا ودولة وهوية وقضية وطنية، والمضي معا في صف واحد نحو استقلال الجنوب واستعادة وبناء دولته الفيدرالية المستقلة والعادلة، بما يحقق التوازن والشراكة الوطنية ويعزز مبادئ الشفافية والمساءلة".

 

وجددت التظاهرة التمسك بوحدة حضرموت الجغرافية والإدارية في إطار الجنوب العربي، ورفض أي محاولات لتقسيمها مع تمسكهم بأن تكون حضرموت منطقة عسكرية واحدة ، فضلًا عن تأكيدهم على رفض عمليات الاستيطان والتغيير الديموغرافي الجارية تحت غطاء النازحين في مديريات المحافظة وغيرها من محافظات الجنوب.

 

والتأكيد على أولوية معركة شعبنا الجنوبي الأبي ضد الميليشيات الحوثية والمشروع التوسعي الإيراني، جنبا إلى جنب مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، ودول التحالف العربي عامة، فضلًا عن معركتنا المستمرة لاجتثاث الإرهاب وتحرير الجنوب من ويلاته ومن القوى والجماعات الراعية له.

وجددت التظاهرة المليونية  التفويض المجلس الانتقالي الجنوبي ممثلا بالرئيس القائد عيدروس الزُبيدي للمضي قدما صوب تحقيق آمال وتطلعات شعب الجنوب الحر في وطن آمن مستقر في دولة جنوبية فيدرالية مستقلة ذات سيادة تعز ولا تذل تجمع ولا تفرق، تندمج في بوتقة النسيج القومي العربي وتكون رأس حربة وسياجاً منيعًا لصد أية تدخلات تستهدف المستقبل السياسي والاقتصادي للمنطقة.

 

ودعم اتفاق الرياض ودعوة الوفد الجنوبي المفاوض إلى ممارسة كافة أشكال الضغط اللازم لاستكمال تنفيذ الاتفاق ، بما في ذلك نقل كافة القوات العسكرية من شبوه ووادي حضرموت والمهرة إلى جبهات التماس ضد الحوثيين، وتعيين محافظي ومدراء أمن محافظات الجنوب، واستكمال ترتيبات الملف الاقتصادي المنصوص عليها في الاتفاق.

 

كما أكد البيان على استمرار الاحتجاجات الشعبية ورفع وتيرتها حتى تحقيق كافة مطالب الهبة الشعبية المباركة، ويحذرون القوى المعادية والناهبة لثروات حضرموت من مغبة استخدام أي شكل من أشكال القوة أو التهديد بها لكسر إرادة أبناء حضرموت الأبطال، ونحيي كافة مشايخ القبائل والشرائح والشخصيات الاجتماعية التي تصدرت موكب وقيادة الهبة الشعبية، ونخص بالذكر كتلة حلف وجامع حضرموت من أجل حضرموت والجنوب، والهيئة التنفيذية لتنفيذ مخرجات لقاء حرو، كما نحيي كافة أبناء الجنوب بقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي الذي كان في طليعة الداعمين والمناصرين لمطالب ونضالات أبناء حضرموت على الدوام".