مولدوفا - جورجيا - اوكرانيا..

تقرير: الضربات الروسية في الجوار .. رسائل أم عقيدة آمن قومي

الضربات الروسية في الجوار

د. مروان هائل عبدالولي
دكتوراه في القانون ومستشار قانوني وكاتب صحفي مستقل، له عدة بحوث ودراسات ومقالات قانونية وسياسية واقتصادية واجتماعية ودولية

مولدوفا هي احدى جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق ، تقع شرق أوروبا بين أوكرانيا و ‌رومانيا ، شأت الاقدار ان تذهب بي الى مولدوفا للدراسة في كلية الحقوق وسط طبيعة ساحرة وشعب طيب وكريم ، وبينما كنت طالباً في 1991 اعلنت جمهورية مولدوفا استقلالها عن الاتحاد السوفيتي وتشكيل حكومة ليبرالية قومية في مولدوفا  ، لاحظت حينها ان  سكان  اقليم ترانسنستريا  في مولدوفا ، وهم اغلبية من اصول روسية لم يرغبوا بتلك الحكومة ويرفضوها  ، لتتصاعد بعدها التوترات وحدة التجاذبات  السياسية والاجتماعية  بين الطرفين  اندلعت على اثرها في 1992 اشتباكات مسلحة عنيفة  بينهما سميت بحرب ترانسنيستريا ، بين حكومة مولدوفا  وانفصالي  ترانسنيستريا  المواليين لروسيا .

 تدخل الجيش  (  ( 14السوفيتي  الذي لم يغادر الاراضي المولدوفية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في الاشتباكات الى جانب  الانفصاليين الروس ، و تحول الى جيش يتبع وزارة الدفاع الروسية  مقره  ترانسنيستريا  المولدوفية ، حيث قام الجنرال ليبيد قائد الجيش (14) حينها بتهديد الحكومة المولدوفية باجتياح العاصمة كيشينيوف ان لم تسحب قواتها من حدود الاقليم الانفصالي ، لتتوقف بعدها  الحرب  ويفصل اقليم ترانسنيستريا وتشكل على أراضيه جمهورية بريدنيستروفيا المولدوفية بحماية  روسية  ، هي اليوم  دولة انفصالية في الشريط الضيق بين نهر دنيستر والحدود الأوكرانية عاصمتها تيراسبول .

عام 2008 تفاقمت العلاقات بين جورجيا وروسيا الناجمة عن الخلافات في مواقفهما بشأن المنطقتين الانفصاليتين في أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية التابعة لجمهورية جورجيا ،  ليزحف بعدها الجيش الروسي نحو جورجيا وخلال خمسة أيام فقط  ألحق  الروس هزيمة بالجيش الجورجي وهددوا بالسيطرة على العاصمة تبليسي لتتوقف الحرب بعد ذلك التهديد، لاحقا اعترفت روسيا بـ استقلال  " أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية "  واقامت فيها قواعد عسكرية تابعه لها  و منحت الجنسية الروسية لغالبية سكان المنطقتين.

الأزمة الأوكرانية  بدأت في نوفمبر 2013 عندما علق رئيس أوكرانيا آنذاك الموالي لروسيا فيكتور يانوكوفيتش الاستعدادات لتنفيذ اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي ، الامر الذي ادى الى قيام احتجاجات شعبية ضده  تحولت الى  ثورة أطاحت به في فبراير 2014 ، بعدها في نفس العام قامت روسيا بضم شبه جزيرة القرم من أوكرانيا  .

منطقتي دونيتسك ولوجانسك  المعروفة باسم دونباس  تقع  في شرق أوكرانيا بالقرب من الحدود مع روسيا ، ويتحدث معظم سكان المنطقتين البالغ عددهم 3.6 مليون نسمة اللغة الروسية ، بعد ضم القرم لروسيا في 2014 ، في نفس العام استولى الانفصاليون المؤيدون لروسيا في منطقتي دونيتسك ولوجانسك على المباني الحكومية وأعلنوا  إنها جمهوريتان شعبيتان مستقلتان  .
هل  تلك الاحداث
وما يجري اليوم في اوكرانيا من حرب هي رسائل روسية لزعماء دول الجوار والعالم في الحذر من اللعب في مناطق مصالح ونفوذ موسكو ، ام عقيدة آمن قومي استباقية  للدولة الروسية ينفذها الجيش  ؟ ام الاثنان معاً ؟