رجّح مسؤولو إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال الأيام القليلة الماضية أن يطول الصراع في أوكرانيا مع تغيير روسيا إستراتيجيتها، وهو ما ترى فيه صحيفة ”ذا هيل“ الأمريكية، فشلا للعقوبات الدولية في وقف الغزو الروسي أو إجبار موسكو على عكس مسارها.
وقد جادل الرئيس بايدن خلال زيارة قام بها إلى بروكسل أواخر الشهر الماضي بأن العقوبات تهدف إلى ردع روسيا عن غزو أوكرانيا، ومع ذلك استمرت الولايات المتحدة وحلفاؤها في فرضها على أمل أن يجعلوا روسيا منبوذة دوليًا ويزيدوا الضغط على الكرملين والاقتصاد الروسي بمرور الوقت.
وقال مدير المجلس الاقتصادي الوطني برايان ديس للصحفيين: ”أعتقد أننا بحاجة إلى التحلي بالصبر وبُعد النظر عندما يتعلق الأمر بتأثير العقوبات على روسيا بسبب نظامها غير المسبوق الذي وضعناه الآن“.
وأضاف: ”كان الرئيس يقول منذ اليوم الأول إننا بحاجة إلى الصبر وبعد النظر، وهذا هو السبب في أننا أمضينا واستثمرنا الكثير من الوقت في بناء تحالف حول خطوات العقوبات واستدامتها.. فتأثير العقوبات يسري عبر الزمن“.
وعرض تقرير ”ذا هيل“ كيف بنت إدارة بايدن مع الحلفاء نظام العقوبات بشكل مطرد على مدى الأسابيع الستة الماضية التي تلت غزو روسيا الشامل لأوكرانيا.
ومنذ ذلك الحين، استهدفت الولايات المتحدة البنوك الروسية الكبرى، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين وأبناءه، وواردات النفط الروسية، والعشرات من الأوليغارشية الروسية وقدرة موسكو على اقتراض الأموال، وكل ذلك في محاولة لشل الاقتصاد والضغط على أقرب المقربين لبوتين ممن ربما يحثونه لإنهاء الغزو.
وأشار الرئيس بايدن وفريقه مرارًا وتكرارًا إلى الطبيعة المنسقة للعقوبات، قائلين إن العالم متحد في جعل روسيا منبوذة.
وقالت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض جين باساكي يوم الخميس الماضي إن ”للعقوبات مجموعة من الأغراض، بما في ذلك وضع المعيقات التي تجعل الحرب في أوكرانيا أكثر صعوبة على الرئيس بوتين لجهة تمويلها، وهذه أولوية كبيرة بالنسبة لنا“، وفقا للتقرير.
وعلى الرغم من سلسلة العقوبات، فقد واصلت روسيا هجماتها على أوكرانيا، وضربت المدن الكبرى والمناطق المدنية مثل المستشفيات والمسارح، وارتكبت ما اعتبره المسؤولون الأمريكيون جرائم حرب.
اعتبارات أخرى
ويستذكر تقرير ”ذا هيل“ أن الهند، رغم ذلك، واصلت شراء النفط الروسي، وقالت المجر إنها مستعدة لدفع ثمن الغاز الروسي بالروبل الروسي.
وبينما تراجعت قيمة الروبل في وقت مبكر من ضغط العقوبات، إلا أنه انتعش إلى مستويات ما قبل الغزو، وهو ما يعزوه المسؤولون الأمريكيون إلى التدابير المصطنعة التي اتخذها الكرملين لدعم العملة.
وقد أشاد الخبراء والعديد من المشرعين بالتنسيق مع الحلفاء وهو الذي تمكنت فيه الولايات المتحدة من متابعة فرض العقوبات، لكن البعض أشار إلى أن هناك طرقًا أخرى يمكن أن تواصل بها إدارة بايدن الضغط على روسيا أو تقديم الدعم لأوكرانيا بعيدًا عن السماح للعقوبات بأن تأخذ مجراها.
فقد دعا بريت بروين، الذي شغل منصب مدير برنامج الشراكة العالمية في إدارة باراك أوباما، إلى الاستثمار في ”عملية دبلوماسية عامة مهمة“ لضمان وصول الشعب الروسي إلى معلومات دقيقة حول ما يحدث في أوكرانيا، بصرف النظر عن دعاية الكرملين التي تقلل من شأن الفظائع الروسية.
وقد حث الخبراء إدارة جو بايدن على الاستمرار في توجيه المساعدة الأمنية إلى أوكرانيا، معتبرين أنها إحدى الطرق الأكثر أهمية التي يمكن للولايات المتحدة أن تساعد الأوكرانيين فيها على صد ما يُتوقع أن يكون معركة طويلة الأمد مع روسيا، حسب التقرير.
وقد سلطت بساكي الضوء يوم الجمعة على بعض المساعدات التي قدمتها الولايات المتحدة حتى الآن، بما في ذلك أكثر من 1400 نظام مضاد للطائرات، و5000 نظام مضاد للدروع، ومئات الطائرات دون طيار، وآلاف الأسلحة الصغيرة، و 50000 طلقة، وأنظمة الصواريخ الموجهة بالليزر، وغيرها من المعدات.
وقالت بساكي إن ”المساعدة الأمنية التي تقدمها إدارة بايدن لأوكرانيا مكنتها من تحقيق نجاح حاسم في ساحة المعركة ضد القوة الغازية الروسية“.
وأضافت بساكي أن ”السبب الأول لقدرتهم على المقاومة هو شجاعتهم، والثاني هو المساعدة الأمنية التي نقدمها بالتنسيق مع حلفائنا وشركائنا“.
ونقلت ”ذا هيل“ عن ديفيد كرامر، الذي قضى ثلاث سنوات كنائب مساعد وزير الخارجية للشؤون الأوروبية والأوروبية الآسيوية خلال عهد الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش قوله: ”بينما سيستمر الشعب الأوكراني في مواجهة خسائر مأساوية في الأسابيع والأشهر القادمة، فإن الصراع الذي طال أمده قد يُنهك القوات الروسية نهاية المطاف وهي القوات التي يُقال إنها تعاني من معنويات متدنية“.
وأشار كرامر إلى أن أوكرانيا تحصل على معدات عسكرية من الحلفاء وتُجبر روسيا على اللجوء إلى المرتزقة الخارجيين، مضيفا أنه يتوجب أن تستمر العقوبات في إضعاف قدرة الاقتصاد الروسي على تمويل الغزو.
وقال كرامر ”أعتقد أن الأوكرانيين حققوا عددًا من الانتصارات، إذا صح التعبير، لكن بالطبع كان هناك العديد من الأوكرانيين الذين دفعوا ثمناً باهظاً ورهيبًا، كل هذا لأن رجلًا واحدًا قرر غزو جاره، أنا لست متأكدًا من مدى استدامة عملية عسكرية روسية على مدى فترة طويلة من الزمن“.