"السفرة الرمضانية اللحجية"..

تقرير: أكلات شعبية عريقة لا تزال تزين مائدة الإفطار بلحج

الشارع العام في مدينة الحوطة مركز محافظة لحج الجنوبية وفي الأعلى انواع من اساسيات المائدة الرمضانية

مرفت الربيعي
صحافية وكاتبة جنوبية

تزخر المائدة الرمضانية اللحجية بأصناف عدة من المأكولات الشعبية،  مع وجود أختلاف جعلها تتنوع تنوعاً فريداً قلما تجده في مائدة أخرى وهذا ما يميزها عن غيرها من محافظات الجنوب .

وتعكف المرأة اللحجية في تحضير المائدة الرمضانية منذ نهاية شهر شعبان ، بُغية توفير أواني الطبخ التي جرت العادة عند ربات المنازل على شرائها مع قدوم الشهر الفضيل ، وتوفير متطلبات "السفرة الرمضانية اللحجية " التي تمتاز بأصنافها المتنوعة والفريدة ، لتتفنن المرأة اللحجية في إعداد الكثير من الأطباق ضمن المائدة العامرة بصنوف مختلفة من الأطعمة والمشروبات، منها ما يغيب خلال أيام السنة وتعود في رمضان، لتشكل جزءً مهماً من مائدة رمضان لما لها من مذاق ونكهة ترتبط بأجواء الشهر الفضيل .

 

 

وجبات شعبية

 

هناك العديد من الأكلات الشعبية الرمضانية للمائدة اللحجية ولكن تبقى الشوربة طبقاً رئيساً وتصف الحاجة سامية _ ربة منزل _ الشوربة بإنها : "ملكة المائدة"  ، حد تعبيرها .

" وإلى جانب الشوربة هناك أصنافاً عدة من المأكولات التي لا غنى عنها مثل السمبوسة، الباجية المصنوعة من الدجر وهو نوع من أنواع الحبوب الذي يتم طحنه على الحجر (المطحنة) مضافاً إليه البصل ، والكاري والفلفل ، والبسباس ، وهناك ايضاً المدربش أو كما يسمى العشر ، والعتر ، والمهلبية ، وبنت الشيخ ، والفطائر ، والعصائر والمقليات، الكباب ، وبنت الصحن ، والمعجنات ، والفطائر ، والمكرونة ، وغيرها ، ولا يغيب البطيخ من مائدة الإفطار فهو من الضروريات ".

 تستدرك  وقد اعتادت الحاجة سامية أن توقد النوفى كل صباح خلال شهر رمضان لإعداد الشوربة المصنوعة من البر المجروش مع اللحم أو الدجاج والماء ، والتي عادةً ما يفضل أهل الجنوب طبخها في "النوفى" أو التنور ،  إلى أن تنضج ويتم استخراجها ويكتفي البعض بإضافة البصل الحارق وتقديمها في المائدة كما هو الحال لدى الحاجة سامية والتي توارثت هذه العادات عن اجدادها _حد قولها _ بينما يفضل البعض طبخها مضافاً إليها البهارات المشكلة ، والخضروات والطماطم .

 

معاناة غلاء الأسعار

نتيجة الصراعات الدائرة التي تشهدها البلد ، وهبوط العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية ، الأمر الذي أدى إلى إرتفاع في سعر المواد الغذائية ، وانخفاض القدرة الشرائية لدى الكثير من الأسر اللحجية كما هو الحال في المدن الجنوبية .

"ولكن هناك اقبالاً لشراء احتياجات الوجبات الأساسية التي تظل حاضرة إلى نهاية الشهر الفضيل ، ولا تستغني عنها ربات المنازل ، كالبقوليات ، والحب (الشوربة)  ، والكاستر ، كونها تمثل اطباقاً رئيسة " يقول علي _ بائع تجزئة .

ويضيف علي " خلال المواسم السابقة كان الإقبال كبيراً ولكن خلال هذا الموسم هناك تراجع ملحوظ فغلاء الأسعار فاقم معاناة المواطن ، لأن التجار يشترون البضائع بالعملة الصعبة ، ويتم بيعها لنا بسعر محلي ، وهناك من يتلاعب بالسعر ، فتكون البضاعة متواجدة بسعرها القديم ، وينتهز ارتفاع سعر الصرف ليبيعها بسعرجنوني " .

 

وعلى الرغم من توجيهات المحافظ التركي بالنزول الميداني لمراقبة انضباط التقيد بالأسعار لدى تجار الجملة في أسواق حوطة لحج ، إلا أنها لن تشفع لعتق جيب المواطن الذي كابد شهراً لتوفير احتياجات الشهر ، فيما عزف عن شرائها آخرون.

 

 

بائعي المخلم

 

 تكتظ شوارع الحوطة ببائعي الأكلات والمشروبات الشعبية الرمضانية بعد الظهيرة إلى بداية غروب الشمس، ويأخذ بائعي المخلم ، والكدر ، واللحوح نصيبهم من ذلك ، فلا تخلو مائدة رمضان من المخلم والذي عادة ما يطبخ في شهر رمضان ، ويختفي طيلة أيام العام ، ويعتبر المخلم من أنواع الخبز ، ويمتاز بلونه الأسمر ، وطعمه الحامض ، وهو مكون من الدقيق ، والحب الأحمر و البصل ، وحبة البركة ، والثوم ، ويخبز بالطريقة التقليدية ويتميز “المخلم” بصغر سمكة وحجمه مقارنة بالكدر، بينما يصنع الكدر من الحب ، والدخن ، والشعير ، وفي بعض الأحيان ، يتم خلط أصناف من الحبوب لصنعه ، ويتم إضافة الخميرة ، والحليب ، وزيت السمسم ، وحبة البركة ، ويأخذ سمك أكبر مقارنة بالمخلم ،  وتقدم هذه الأكلات في مائدة العشاء على الأغلب إلى جانب الحلبة ، والسمك المجمر (يطبخ في النوفى ) والذي يفضله أصحاب الأرياف ، والعشار ( مخلل الليمون ) ، والصانونة ، والسحاوق ، والسلطة ،  بينما يقدم اللحوح بطبق الشفوت مضافاً إليه الحقين أو الزبادي مع البصل الأخضر ، والبسباس ويتميز اللحوح بطعمه الحامض وعادةً  يتم استبداله بالدقيق الأبيض .

 

 

عادات متأصلة لا تندثر 

 

ومع مرور الوقت تغيرت بعض العادات المتوارثة في كثير من المنازل وبدأت بالتغيير، إذ طرأت طرقاً جديدة وكثيرة لصنع وتقديم الأكلة، إلا أن الأغلبية يعتمدون الطريقة والأكلات  التقليدية في ذلك .

ففي منزل " أم محمد " التي أضاف أحفادها الكبسة طبقاً رئيساً في وجبة العشاء لا تزال هي تفضل أكل المخلم ، أو الفتة بالكدر ، أو السكوع ( الخبز بدون خميرة) الذي يطبخ على الموفى ،  مع الحلبة والصانونة والسمك المجمر فهي من الأطباق المتوارثة قديماً والتي تشتهر بها أرياف محافظة لحج بحسب " أم محمد " .

 

 وكنوع من تعزيز ثقافة التسامح وتقوية أواصر المحبة تتبادل _ أم محمد _ مع جيرانها الذين يفضلون الأكلات الشعبية في سفرة العشاء .

ومع وجود تنوع في العصائر والمشروبات إلا أن  " أم محمد " تفضل مشروب الكوكريم ، فهو المشروب المميز في المحافظة و قلما تجده في محافظات أخرى وتفضل صنعه بنفسها في المنزل أو شرائه من السوق إذ يتوفر بسعر مناسب محلياً .

 

المشبك الوهطي مذاق متميز

 

الزائر للحج خلال الموسم الفضيل لا يبرح حتى يذوق المشبك اللحجي مذاق ارتبط بعبق الاسم  ، انفردت به وتفردت ،بل امتازت وتميزت به المحافظة دون سواها ، وإن وجد دون غيرها ، فلن تجده بمذاق يشبه مذاقها .

وهناك  المشبك الوهطي الذي ينسب لقرية الوهط إحدى قرى مديرية تبن بالمحافظة ، ومع مرور الوقت تدوالت النساء طباخة المشبك إلا أن سر  المذاق الفريد تجده في المشبك الوهطي ويتكون من مواد متوفرة منها طحين أبيض ، السكر ، والماء ، واللون ، والزيت حيث تخلط مع بعضها ،  وتصب في الزيت ، و تتشر ب "شيرة" غزيرة وتكون  متماسكة على هيئة خيوط دائرية ، ويختلف حجمه  بحسب الرغبة ، ويختفي خلال أيام السنة إذ لا تجده في الأسواق إلا بصورة نادرة ، ويتوفر بسعر مناسب للجميع .

مسافات طويلة تلك التي تقطعها وفاء علي من محافظة عدن قاصدة لحج لشراء المشبك _  حد قولها _ فهي تفضل شراءه من قرية الوهط أو من  أسواق الحوطة .

وتضيف وفاء عند تجولي في اسواق الحوطة لا يغيب عني المشبك الوهطي الذي اميزه دون سواه فله مذاق فريد لا يستهان به .

 

 

فوائد صحية ..

ينصح خبراء التغذية بتناول خمسة أطباق أساسية في المائدة الرمضانية لإمداد الجسم بالعناصر الغذائية المهمة التي يحتاج إليها، وتعود عليه بالعديد من الفوائد الصحية تبدأ بتناول ثلاث حبات من التمر عند الإفطار، مع امكانية إضافة الحليب الخالي من الدسم لمزيد من الفائدة.

وبحسب الخبراء، يحتوي التمر على السكر الطبيعي الذي يمد الجسم بما يحتاجه من طاقة بعد ساعات الصيام خلال فترة النهار، ويقلل من الشعور بالصداع الذي يحدث نتيجة انخفاض نسبة السكر في الدم.

بينما يحتوي طبق الشوربة على "الكوليسترول والبروتين والنشويات والصوديوم والألياف"، كما يفيد لفتح الشهية وتنشيط العصارات الهضمية ويقدم كطبق رئيسي وعادة ما يكون سميك القوام غني بالقيمة الغذائية لاحتوائه على اللحوم المنوعة والدهون والسوائل وترتبط قيمته الغذائية بالمواد الداخلة في تكوينه.

وبحسب طقس العرب " يحتوي البطيخ على كمية كبيرة من السوائل (الماء)، التي تعوِّض الجسم ما فقده خلالَ يومٍ من الصيام " .

ومع تواكب العصور وتعدد الأكلات تظل المائدة الرمضانية اللحجية بتنوعها الفريد والمفيد متفردة عن غيرها من الموائد الجنوبية.