الصراع السعودي القطري..

قطر تصعد ضد السعودية مجدداً.. "استغلال مناسك الحج سياسياً"

شنت منصات إعلامية قطرية وإخوانية هجوما حادا على السعودية وولي العهد محمد بن سلمان، مطالبة بتدويل الحج ووقف ما اسمته "تسييس المشاعر المقدسة"

ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وأمير دولة قطر خلال جولة في منطقة العلا بالسعودية 2020م - وكالة الأنباء السعودية

فريق التحرير
فريق تحرير صحيفة اليوم الثامن
الرياض

لم تمر سوى ساعات قليلة على رسالة وجهها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعودي، لأخيه حاكم دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، تتعلق بالعلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها وتنميتها، حتى أطلقت منصات إعلامية ممولة من الدوحة حملات مسيسة ضد الرياض، بمزاعم تعرض حجاج بيت الله الحرام لانتهاكات ومضايقات، داعية الى تدويل الحج؛ الأمر الذي أعاد الصراع القطري السعودي، إلى الواجهة مرة أخرى، على الرغم من وجود مؤشرات على تحسن العلاقات بين البلدين الجارين، منذ عام المقاطعة 2017م[1].

وأعلنت السعودية ومعها الإمارات ومصر والبحرين، مقاطعة قطر، على خليفة تورط الأخيرة في دعم تنظيم الإخوان والحوثيين والتحالف مع إيران، التي تقاتل الدول العربية والخليجية مجتمعة ضمن تحالف عسكري تقوده الأولى[2].

وفي يوليو (تموز) العام 2017م، خرج وزير الخارجية السعودي للتأكيد أنه «ليس هناك مجال للمفاوضات مع قطر؛ لأن الأمر لا يتعلق بمفاوضات، بل بمسألة مفادها: هل هناك دعم للإرهاب أم لا؟».

وأضاف «الجبير»: «إن السعودية ومصر والبحرين والإمارات لديها مبادئ واضحة أعلنت عن ضرورة تنفيذها، وهى الكف عن دعم أو تمويل الإرهاب، وعدم توفير مأوى للإرهابيين، ووقف خطاب الكراهية».

وأوضح رئيس الدبلوماسية السعودية، أن «ثمانية من الطلبات المقدمة فى 13 يونيو الماضى إلى قطر لحل الأزمة، كانت قبلتها بالفعل فى عام 2014، ولكن لم تنفذها أبداً».

في الـ 5 يناير/ كانون الثاني 2021، أعلن على هامش قمة العلا في السعودية [3] رفع المقاطعة عن قطر التي شارك أميرها تميم بن حمد في تلك القمة.

وقد أبرمت السعودية اتفاقا مع جارتها قطر، قضى بفتح الأجواء، والحدود البرية والبحرية بين البلدين، المغلقة منذ اندلاع الأزمة الخليجية في الخامس من حزيران/ يونيو 2017.

وعلى الرغم من تخفيف حدة التراشق الإعلامي، الا ان اعلان رفع المقاطعة رفعت الغطاء عن اخوان السعودية الذين عادوا للإفصاح عن مواقف نظام تميم تجاه الازمة اليمنية والجنوبية، من خلال تجدد ظهور شخصيات إخوانية سعودية، عرفت بمواقفها العدائية تجاه الجنوب والقضية الوطنية الجنوبية[4].

واستغلت قطر قضية اعتقال السلطات السعودية لرجل دين من اقلية الإيغور، تقول منصات قطرية انه يواجه منذ العام 2020م، خطر الترحيل إلى الصين، ورجل الدين يدعى أمادولا وايلي، ومعروف أيضاً باسم حمد الله عبد الولي، هو واحد من اثنين من الإيغور المعرضين لخطر الترحيل الوشيك إلى الصين من السعودية[5].

 وشنت منصات إعلامية قطرية وإخوانية هجوما حادا على السعودية وولي العهد محمد بن سلمان، مطالبة بتدويل الحج ووقف ما اسمته "تسييس المشاعر المقدسة".

وطالبت حملة وقعت عليها مؤسسات حقوقية وسياسية وعلماء ودعاة من تنظيم الإخوان المسلمين الدولي، بوقف “تسييس” السلطات السعودية لملفي الحج والعمرة.

وأصدر المشاركون في الحملة، بيانا، بعنوان “الحج ليس آمنا”، قالوا فيه إن: “وجـود المشاعر المقدسة ضمـن جغرافيـة الحكومة السعودية يوجـب عليهـا القيـام بحقوق الحجيج لا باعتبارهـا أفضـل دولـة أو أرشـد حـكـم بـل بحـكـم موقـع مكة المكرمـة والمدينة المنورة في نطاقهـا الجغـرافي، وهـذا أمـر مـلـزم لهـا”.

واتهم البيان السعودية، بـ”تعمد تسييس الحرمين وبشكل واضح ومتكرر، وجعـل الحـج والعمـرة أداة للقمـع ووسيلة لتصفية الخصوم، وطريقـا لـدعـم أنظمـة قمعيـة، فقـد اعتقلت قوات الأمن السعودي عـددا مـن حـجـاج بعض الدول الذين يعيشون في المنفى مثل مصر وليبيا واليمن وسوريا، وحجاج الأقلية المسلمة الصينية كالإيغور”..

وأشار إلى أن السـعودية عمدت بعـد أن منحـت تأشيرات نظاميـة تقتضـي الحمايـة والرعايـة إلـى اعتقال أعـداد مـن الحجاج والـزوار وتسليمهم لدولهـم وأنظمتهم المشهورة بقمعها وانتهاكها للحقوق.

وشدد بيان الحملة على أن “السعودية ما فتئت تستخدم منبـر الحرمين الشريفين كأداة لتلميع سياسات نظام محمد بن سلمان، ولوحة دعائية له”.

وأكدت شخصيات إخوانية على رفض وإدانة “استخدام الحج والعمرة، أداة سياسية، أو وسيلة للبطش واستدراج الآمنين واعتقالهم من الحرم، الـذي مـن دخـلـه كان آمنـا أو مصيـدة لتسليم ضيوف الرحمن قربانـا للأنظمة القمعيـة، كمـا هـو الحاصـل الآن في تسليم مسـلمي تركستان الشرقية للنظام الدموي في الصيـن”.

وناشد البيان “كافة المنظمات الإسلامية، والجمعيات والمجامع العلمائية، والمنظمات الحقوقية، إلى القيام بواجبهم في دفع الضرر عن بيت الله الحرام ومسجد رسوله صلى الله عليه وسلم، وإدراج حقوق الحجاج والمعتمرين ضمن قوائم الحقوق والمعايير”.

وقد أكدت منظمة سند الحقوقية [6]– يبدو انها تابعة للإخوان أن للحملة مبررات تتلخص في قيام النظام السعودي باستدراج الحجاج والمعتمرين من خلال منحهم تأشيرات نظامية للحج والعمرة ليتم اعتقالهم عند وصولهم، ثم ترحيلهم إلى بلدان أخرى تتعرض حياتهم فيها للخطر. كما أنه يمنع اشخاص من الحج بسبب مواقفهم تجاه بعض القضايا أو ممارستهم حرية التعبير.

ولفتت المنظمة إلى منع الحكومة السعودية عدداً من حجاج دول الخليج وغيرها وعدداً من علماء ودعاة ومفكري المسلمين من أداء فريضة الحج أو أداء العمرة؛ بسبب موقف خاص للنظام السعودي، أو بسبب مواقفهم السياسية وآرائهم الفكرية.

وهاجم ناشط على يوتيوب، النظام القطري بدعوى انه يقف وراء الحملة المسيسة ضد السعودية، بشأن دعوات تدويل الحج.. واصفا تنظيم الاخوان بأنهم خونة و(....) بيد إسرائيل.

وأكد الناشط ناصر آل صوراني ان الحكومة القطرية تمول (....) للهجوم على السعودية والإمارات".. لافتا الى ان السعودية تقدم مبالغ مالية كبيرة كتكاليف للحج كل عام.

وقال ان الحكومة القطرية تقدم تمويلا لبعض المرتزقة للهجوم على السعودية والحرمين الشريفين، ومحاولة تنفير الناس من الحج وبلاد الحرمين والإسلامي، خدمة للأجندة الإيرانية.

وتوترت العلاقات بين قطر والسعودية منذ بداية الربيع العربي 2011م الذي ترك فراغا في السلطة سعت كل الدول العربية إلى ملأه؛ فدولة قطر أيدت ودعمت بل مولت في بعض الأحيان الموجات الثورية في حين عارضت المملكة العربية السعودية ذلك وفضلت الحفاظ على نفس نظام الحكم في كل الدول العربية. 

ولم تكن الخلافات بين السعودية وقطر وليدة اللحظة ولا وليدة الربيع العربي بل هناك خلافات أعمق وأقدم بين الدولتين في عدد من القضايا بما في ذلك طبيعة المحتوى الذي كانت تُقدمه -ولا تزال- قناة الجزيرة والتي تعتمد فيه على الرأي والرأي الآخر؛ ليس هذا فقط فقناة الجزيرة غطت الأخبار بشكل مفصل ودقيق للغاية خلال ثورات الربيع العربي وحافظت نسبيا على علاقات جيدة مع إيران وتركيا مما أغضب المملكة العربية السعودية.

ودعمت قطر نظام الإخوان المسلمون[7]؛ فيما حاولت السعودية دعم أحزاب وأقطار أخرى تعتبرها أكثر ديمقراطية؛ هذا الأمر ولد احتكاكا وصراعا بين الجانبين، وفي حقيقة الأمر لا يزال السبب الرئيسي للصراع بين الدولتين مجهولا؛ لكن هناك عدة أسباب فرعية زادت من توتر العلاقات من بينها صراع إيران والسعودية بالوكالة فالسعودية تُحاول الحد من نفوذ الدولة الإيرانية في المنطقة كما تُحاول القضاء على الجماعات المتشددة التي تدعمها على عكس قطر التي لا تهتم بهذا.

بدأ الربيع العربي بالثورة التونسية في كانون الثاني/يناير 2011 ونتج عنها خلع الرئيس زين العابدين بن علي الذي فر إلى المملكة العربية السعودية. قامت قناة الجزيرة بتغطية الاحتجاجات البحرينية 2011 على نطاق واسع وهناك شككت الحكومة السعودية في أن الحكومة القطرية تسعى إلى إسقاط نظام الحكم في السعودية عبر القوة الناعمة. حينها قام السعوديون بدعم الثورة المضادة لإحباط الربيع العربي فحافظوا بصعوبة على النظام الملكي في البحرين كما قاموا بإطاحة الرئيس المصري المنتخب ديمقراطيا محمد مرسي وأحبطوا الدعم الدولي لما بعد نظام معمر القذافي في ليبيا. منذ انقلاب 2013 في مصر الذي قاده عبد الفتاح السيسي قدمت كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة الدعم لنظام السيسي ثم حاولا سحق المعارضة وبخاصة الإخوان.  

المصادر

[1]"بعد أربعة سنوات من القطيعة".. السعودية تعيد سفيرها إلى قطر استجابة لرغبة أمريكية - صحيفة اليوم الثامن :

[2]السعودية: لا مجال للمفاوضات مع قطر – صحيفة الوفد المصرية

[3]قمة العلا: بعد عناق تميم وبن سلمان، ما الذي حققته دول المقاطعة في أربع سنوات؟ - بي بي سي عربية

[4]المحلل السياسي سليمان العقيلي: السعودية ترى أن حركة الانفصال في جنوب اليمن سيكون مصيرها إلى الزوال - قناة الجزيرة القطرية

[5]ذهب للحج فأصبح مطلوباً من بكين! عائلة رجل دين إيغوري معتقل بالسعودية تناشد عدم ترحيله للصين - منصة عربي بوست القطرية

[6]منظمة سند الحقوقية تدافع عن الحقوق السياسية والمدنية في المملكة العربية السعودية – منظمة سند الحقوقية الممولة قطريا

[7]صراع السعودية وقطر بالوكالة - ويكيبيديا