بعد اختراقات أمنية خطيرة تسببت في مقتل عدد من الضباط..

سلسلة اغتيالات تطيح برئيس استخبارات الحرس الثوري الإيراني

حمّل الثوري الإيراني "الاستكبار العالمي"، وهي العبارة التي تستخدمها الجمهورية الإٍسلامية للإشارة إلى الولايات المتحدة وحلفائها، وفي مقدمهم إسرائيل، مسؤولية هذه الجريمة "الإرهابية" وتوعدت الانتقام.

طهران

أعفى قائد الأعلى للحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي رئيس دائرة الاستخبارات حسين طائب الذي شغل هذا المنصب لأكثر من 12 عاما، في قرار يأتي في خضم أزمة أمنية تعاني منها إيران في الفترة الأخيرة بعد تعرض عدد من كبار الضباط للاغتيال وكان آخرهم صياد خدائي القيادي في فيلق القدس برتبة عقيد وكان من كوادر فيلق القدس ومعروف في سوريا حيث تؤكد طهران تواجد "مستشارين عسكريين" في مهام دعم لقوات الرئيس بشار الأسد.

وفي الفترة القليلة الماضية قضى ضابط في فيلق القدس موكل بالعمليات الخارجية في الحرس الثوري وهو العقيد علي إسماعيل زاده "بعد سقوطه من شرفة منزله التي لم تكن تتوافر فيها الحماية الكافية" وفق ما ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا".

ويحقق الحرس الثوري في هذه الحادثة على هذا الأساس، بينما لم تستبعد مصادر محلية فرضية الاغتيال، فيما أشارت مواقع إخبارية تابعة للمعارضة الإيرانية إلى أنها عملية تصفية.

و في 13 من الشهر ذاته قتل علي كماني العضو في الوحدة الجو-فضائية التابعة للحرس الثوري. وقالت السلطات إنه مات "شهيدا خلال مهمة في مدينة خمين" في محافظة مركزي في وسط البلاد.

وفي 22 مايو/ايار قتل صياد خدائي العقيد في فيلق القدس التابع للحرس الثوري أمام منزله في شرق طهران برصاص أطلقه مهاجمون كانوا على دراجة نارية. وقدم الحرس الثوري خدائي كأحد "المدافعين عن المراقد المقدسة" ("مدافع حرم")، وهي العبارة المستخدمة رسميا للإشارة إلى أفراد الحرس الذين أدوا مهاما في نزاعي سوريا والعراق، حيث العديد من المراقد المقدسة لدى الشيعة.

وحمّل الثوري الإيراني "الاستكبار العالمي"، وهي العبارة التي تستخدمها الجمهورية الإٍسلامية للإشارة إلى الولايات المتحدة وحلفائها، وفي مقدمهم إسرائيل، مسؤولية هذه الجريمة "الإرهابية" وتوعدت الانتقام.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2020 تم اغتيال محسن فخري زاده الضابط في الحرس الثوري الإيراني وأستاذ الفيزياء بجامعة الإمام الحسين بطهران وهو العالم النووي الأرفع في إيران. ويوصف بأنه "رأس البرنامج النووي".

وإلى جانب تلك الاغتيالات، تعرضت منشآت نووية ومنشآت للطاقة لعمليات تخريب في هجمات الكترونية كمال تعرضت منشآت حيوية أخرى لحرائق غامضة، فيما نسب الحرس الثوري الإيراني معظم تلك الحوادث إلى جهاز الموساد الإسرائيلي.

وتشير التصفيات المتواترة إلى اختراقات أمنية في الوقت الذي يقدم فيه الحرس الثوري نفسه كحصن منيع إزاء ما يسميها تهديد الأمن القومي الإيراني وتحدث مرارا عن مؤامرات خارجية.

وهزت سلسلة الاغتيالات صورة التشكيل العسكري شبه النظامي والذي يعتبر يد السلطة الدينية الطولى في الداخل في قمع المعارضين للنظام والاحتجاجات التي تشهدها البلاد من حين إلى آخر وكذلك العمليات الخارجية التي توصف بـ"القذرة" والتي تسميها دول خليجية وغربية بأنشطة مزعزعة للاستقرار في المنطقة وخارجها.

وقال الناطق باسم الحرس الثوري رمضان شريف في البيان إن القائد الأعلى للحرس الثوري اللواء حسين سلامي قرر استبدال حسين طائب وعين خلفا له محمد كاظمي رئيسا جديدا لدائرة استخبارات، مضيفا أنه عين طائب مستشارا خاصا له.

واستبدال طائب الذي لعب دورا مهما في التواصل والتنسيق مع الميليشيات العراقية في ذروة الأزمة السياسية بعد تولي مصطفى الكاظمي رئاسة الوزراء، يأتي على ما يبدو لإبعاده عن دائرة الضوء على خلفية الاغتيالات التي طالت عددا من ضباط الحرس الثوري. وربما أيضا لضخ دماء جديدة في جهاز الاستخبارات بعد الاختراقات الأمنية التي هزت صورة الثوري الإيراني "حامي الثورة الإسلامية".

وتتواجه إيران وإسرائيل في حرب خفية منذ سنوات إلا أن منسوب التوتر ارتفع إثر سلسلة من الحوادث لقيت تغطية إعلامية واسعة نسبتاه طهران للموساد الإسرائيلي.

كما ياتي قرار الثوري الإيراني على توقيف إيرانيين للاشتباه بتحضيرهم لاستهداف إسرائيليين في تركيا فيما كانت الحكومة الإسرائيلية قد دعت رعاياها في تركيا وخاصة في اسطنبول للمغادرة بأسرع وقت ممكن نظرا لوجود تهديدات إيرانية جدية تشمل عمليات خطف واغتيال.

وأفادت وسائل إعلام تركية عن توقيف ثمانية أشخاص من بينهم إيرانيين، الأسبوع الماضي في اسطنبول، للاشتباه بتحضيرهم لهجمات ضدّ رعايا إسرائيليين.

وأشارت وكالة الأنباء التركية "إخلاص" إلى أنّ الأشخاص الثمانية الذين أُلقي القبض عليهم من قبل الشرطة ومنظمة الاستخبارات الوطنية التركية، يعملون لحساب الاستخبارات الإيرانية، مضيفة أنّه تمّ ضبط أسلحة خلال عمليات تفتيش نُفّذت في منطقة بيوغلو في وسط اسطنبول.

وكان وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد الذي يزور تركيا الخميس، دعا في 13 يونيو/حزيران المواطنين الإسرائيليين المقيمين في تركيا، إلى مغادرتها "في أقرب وقت ممكن" خوفا من هجمات إيرانية.

وفي الأسابيع الماضية، أفادت الصحافة الإسرائيلية نقلا عن مصادر طلبت عدم الكشف عن هويتها، عن محاولات هجوم ضدّ إسرائيليين في تركيا.

وأحبطت هذه الهجمات عبر التعاون بين الأجهزة الأمنية الإسرائيلية والتركية مع تعزيز البلدين علاقاتهما في الأشهر الأخيرة.

وأشادت إسرائيل وتركيا بنقطة تحوّل في العلاقات بينهما بعد زيارة الرئيس إسحاق هرتسوغ إلى أنقرة في مارس/اذار، وهي الزيارة الأولى التي يقوم بها رئيس إسرائيلي إلى تركيا منذ العام 2007.

وقام وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الذي استقبل نظيره الإسرائيلي في أنقرة الخميس، بزيارة نادرة إلى القدس في نهاية مايو/ايار كجزء من هذا التحوّل الدبلوماسي.