قراءة تحليلية في الطابع الاحترافي للمؤسسة العسكرية الإماراتية..

القوات المسلحة الإماراتية في حرب اليمن.. استراتيجية احترافية في محاربة الإرهاب وحماية المدنيين

شاركت القوات المسلحة الإماراتية (البرية والجوية) في حرب اليمن لدعم شرعية الرئيس اليمني السابق عبدربه منصور هادي الذي اطاخ به الحوثيون، ورغم فاعلية العمليات العسكرية، الا انه لم يسجل أي خطأ للقوات الإماراتية ضد المدنيين، بفعل قدرة القوات على اختيار مسرح العمليات وفق رؤية عسكرية "تستهدف الارهاب وتحمي المدنيين"

مقاتلون من القوات المسلحة الإماراتية خلال مناورة عسكرية - أرشيف وسائل إعلام إماراتية

فريق الابحاث والدراسات
فريق البحوث والدراسات في مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات
أبوظبي

لقد حققت دولة الإمارات العربية المتحدة تقدمًا ملحوظًا في بناء إحدى أقوى القوات المسلحة في المنطقة على مدى العشرين عامًا الماضية. ساعية مع الشركاء المحليين والاقليميين والدوليين إلى إصلاحات وتحديثات في معظم المجالات في سبيل رسم خطة مستدامة لتأمين أهدافها في المنطقة كمؤسسة عسكرية محترفة بالكامل ولضمان شراكات دائمة مع دول العالم،

وقد توصلت القراءة التحليلية إلى أن الامارات العربية المتحدة حددت استراتيجيتها وأولوياتها في المواجهة والدفاع المشترك والتي تمثلت في الاتي:

  • تثبيت الامن والاستقرار في إطار دولة الامارات العربية المتحدة ومجلس التعاون الخليجي.
  • مواجهة التحديات الاطماع الايرانية في المنطقة العربية لاسيما البحرين واليمن.
  • مواجهة وكبح التنظيمات الارهابية المتعددة
  • مواجهة التنظيمات السياسية المتسترة بلباس الدين وفي مقدمتهم الاخوان المسلمين وعناصر القاعد وداعش والشباب المؤمن في الصومال وحركة الحوثين في اليمن وغيرها من المنظمات التي تتخذ من الدين لباس لتمرير أهدافها السياسية في المنطقة.
  • امتلكت قدرة قتالية احترافية عالية في حماية المدنيين خلال العمليات العسكرية، حيث لم تسجل أي أخطاء للقوات تجاه المدنيين (الملخص)

المقدمة

أي قراءة متأنية لتاريخ الجيوش ستبين لنا أنه لم يكن ممكناً لأي وطن أن يستقر, أوحاكم أن يحكم دون جيش قوي يحمى بلاده، ودون أمن لحفظ النظام والأمن العام فى البلاد. "الحكم يعنى القوة، ومفهوم القوة تطور على مر التاريخ من قوة العنف إلى قوة الشرعية وقوة الشعب" ([1])

للجيش رمزيّة خاصة عند الشعوب، فالجيش مناط به وظيفة حماية الوطن من الأخطار الخارجية أو المؤامرات والأعداء في كل المراحل. هذه الدراسة هي محاولة متواضعة لتسليط الضوء حول القوات المسلحة الامارتية ومكامنها في التحالف العربي وحماية الامن الإقليمي والدولي.

المطلب الأول: القوات المسلحة الاماراتية، السياسة والعقيدة:

لقد شهدت دولة الإمارات العربية المتحدة تحولًا سريعًا منذ تأسيسها وأضحت دولة الإمارات العربية المتحدة ضمن الدول العشر الأولى من حيث احتياطيات النفط المؤكدة وإنتاج النفط اليومي. وارتفع الناتج المحلي الإجمالي الذي كان أقل من 1.5 مليار دولار في عام 1971 إلى أكثر من 350 مليار دولار.

 وهذا يعني أن اقتصاد دولة الإمارات شهد نموًا يُقدّر بنحو 230 مرة- ليس نسبة مئوية- في الوقت الحالي مما كان عليه قبل نصف قرن. ورغم المخصصات المرصودة للزيادة الهائلة في عدد السكان- من ربع مليون شخص في عام 1971 إلى زهاء عشرة ملايين نسمة الآن- ، ويبلغ عدد مواطني الإمارات الحاملين لجنسيتها قرابة مليون نسمة، وقد ارتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي من حوالي 5,000 دولار إلى ما يقرب من 38,500 دولار، أي قرابة ثمانية أضعاف.

من هنا سعت قيادة الامارات الى عملية توحيد القوات المسلحة([2]) في 6 مايو من عام 1976، أقر المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان وأعضاء المجلس الأعلى للاتحاد توحيد القوات المسلحة تحت علم واحد وقيادة مركزية واحدة تسمى القيادة العامة للقوات المسلحة، وذلك لتوطيد دعائم الاتحاد وتعزيز مسيرته.

وتولى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية. ويتمثل الدور الرئيسي للقوات المسلحة في حماية الوطن ومكتسباته، والحفاظ على أمنه واستقراره، إضافة لتحقيق الأمن والاستقرار وتقديم العون للمحتاجين في مناطق الصراعات في العالم.

وتحظى القوات المسلحة بالدعم الكامل من حيث طبيعة التنظيم، والتسليح، والتدريب بغية زيادة قدراتها، وتطويرها لمواكبة التطور التكنولوجي والواقع العملي.

فمنذ تأسست دولة الامارات العربية المتحدة ولديها كثير من الوثائق الإمارات السياسية تستند على عدد من المبادئ والسياسات التي تسير عمل الدولة ووفي الجانب الدفاعي لديها عقيدتها التي من خلالها تعمل على كيفية ظهور إجراءاتها ومشاركتها الدفاعية والأمنية مع مرور الوقت.

وتتماشى الإمارات بشكل وثيق مع سياسات وأولويات مجلس التعاون الخليجي، والجامعة العربية اللذان تأسسا في سبعينات ومنتصف القرن الماضي ويعد مجلس التعاون الخليجي كيانا عربيا يتألف من دول الخليج العربي تأسس عقب الثورة الإيرانية عام 1979.

 لدى الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي مصلحة مشتركة في العمل معًا لتشكيل ثقل موازن للحكومة المعادية في طهران ولحماية ملكياتها من الاضطرابات المماثلة، لتقوّض المنافسة بين دول مجلس التعاون الخليجي ووجهات نظرها السياسية والأيديولوجية المختلفة تماسكها وقدرتها على التخطيط والعمل معًا([3]).

وكذلك الجامعة العربية التي تعد كيانا عربيا يضم اكثر من (20) دولة عربية لهم قواسم مشتركة محلية ودولية ويمثل الأمن أولوية قصوى بالنسبة إلى دولة الإمارات، التي يقدر إنفاقها الدفاعي بما يتراوح بين 11.9 و14 في المئة من إجمالي ميزانيتها الفدرالية. وذكرت تقارير في عام 2019 أن إنفاق الميزانية الفيدرالية لدولة الإمارات ارتفع إلى 16.4 مليار دولار، من 13.9 مليار دولار في عام 2018. وبحسب ما ورد في بعض التقارير تم تخصيص 2.3 مليار دولار للإنفاق الدفاعي في عام 2019، مقارنةً مع 1.66 مليار دولار في عام 2018.42 ففي حين ركزت استثماراتها في رأس المال البشري والتحديث والتكنولوجيا وفي شراكاتها مع أستراليا وفرنسا ودول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة، استثمرت دولة الإمارات أيضًا بكثافة في المعدات العسكرية. من الصعب تحديد التوزيع المتناسب لهذه الاستثمارات بسبب الافتقار إلى الشفافية بشأن ميزانية الدفاع الإماراتية.

ونظرًا إلى العلاقات الوثيقة بين الإمارات والولايات المتحدة، تعكس عناصر العقيدة العسكرية الإماراتية العقيدة العسكرية الأمريكية، مع تكييفها مع سياقها المحلي. على سبيل المثال، تم إنشاء الحرس الرئاسي لدولة الإمارات على شكل سلاح مشاة البحرية الأمريكي، مع تقديم الطلب مباشرة من ولي عهد أبوظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة محمد بن زايد آل نهيان إلى قائد القيادة المركزية الأمريكية آنذاك الجنرال جيمس ماتيس.

الدور الوطني والامني والانساني للقوات العسكرية الامارتية حيث تلعب القوات المسلحة لدولة الإمارات العربية المتحدة دوراً هاماً في مجال المساعدات الإنسانية، وفي حل النزاعات وحفظ الاستقرار في العالم، وتشمل مساهماتها في الاتي :

  • المشاركة مع قوات التحالف العربي للدفاع عن الشرعية في اليمن (2015-2019م)
  • المشاركة ضمن قوات الردع العربية في لبنان 1976م
  • المشاركة في قوات درع الجزيرة لتحرير الكويت 1990م
  • الانضمام لقوات الأمم المتحدة في عملية إعادة الأمل للصومال 1993م
  • تقديم المساعدات للمشردين والمحتاجين في إقليم كوسوفا 1999م
  • تنفيذ مشروع إزالة الألغام والقنابل العنقودية من جنوب لبنان 2006م
  • المشاركة في جهود إعادة إعمار العراق 2003م
  • تنفيذ مشروع إزالة الألغام حول العالم الذي امتد من 2006 إلى 2009م
  • المشاركة في عمليات الإغاثة الكبرى للشعب الباكستاني خلال زلزال باكستان عام 2005([4])

المطلب الثاني: القوات العسكرية الإماراتية الريادة والاحتراف

لقد أضحت القوات المسلحة الإماراتية أحد الجيوش الرائدة في المنطقة، واكتسبت الإمارات اهتمامًا عالميًا لدورها في مواجهة العنف والتطرف والإرهاب وحماية المياه الإقليمية والدولية وتدفع عن البلدان العربية شبكات المتطرف العنيفة والتدخلات الإيرانية والتركية في اليمن وليبيا والصومال وسوريا .

 يُقدّر الباحث الأمريكي كينيث بولاك أن القوات المسلحة الإماراتية بانها الأكثر قدرة بين الدول العربية، في حين قد يكون هناك تباين داخل وحدات هذه القوة.[5]

اصبحت دولة الإمارات العربية المتحدة تمتلك فرص عديدة للاستفادة من هذه التطورات لتصبح مؤسسة عسكرية محترفة من خلال بناء التخطيط الاستراتيجي وقدرات تطوير القوة، وتمكينها من تحديد أولوياتها الإقليمية وهيكل قوتها، والالتزام بالمبادئ الدولية للسلوك العسكري المحترف والمزيد من الشفافية والمساءلة التي ستدعم شرعيتها في الداخل والمنطقة ومع الشركاء الدوليين.

فالاحتراف العسكري يشمل فهم القيادة والاستراتيجية والتاريخ والتكتيكات ومجالات القتال والتنظيم والتكنولوجيا والقدرات. كما يتضمن أيضًا التزامًا بالسلوك الأخلاقي وإدماج الدروس المستفادة لتطبيقها والمضي قدمًا بحيث تصبح جزء من المؤسسة.

ان قدرات التخطيط الاستراتيجي لدولة الإمارات بنهج متكامل لتطوير الصناعة الدفاعية والتكنولوجية، ليس لبناء القاعدة الصناعية لدولة الإمارات وحسب، بل أيضًا لإطلاق المزيد من الفرص للإنتاج المشترك والتطوير مع الولايات المتحدة والشركاء الأجانب الآخرين. وفي سبيل ذلك تعمل دولة الامارات على أن تعزز احترافية مؤسستها العسكرية لإضفاء مزيد من الشرعية مع الشركاء الرئيسين من خلال بناء تدابير الرقابة والمساءلة والشفافية لضمان الالتزام بقانون النزاعات المسلحة والقانون الإنساني الدولي وتنظيم استخدام قوات المرتزقة[6].

  • إمكانات القوى البشرية العسكرية

تستثمر دولة الإمارات مبلغًا كبيرًا في تدريب أفرادها العسكريين، ولا سيما من خلال البرامج التي تُنفَّذ في الولايات المتحدة أو بقيادتها، والتي تشمل التعليم العسكري الاحترافي في كليات الأركان والحرب والتدريب التكتيكي في المنشآت الأمريكية والإماراتية.

كما بدأت الدولة بتطوير قدراتها التعليمية الخاصة من خلال إنشاء كلية الدفاع الوطني. ويساعد خريجو الكلية في التركيز بشكل أكبر على التخطيط الاستراتيجي والتحليل داخل وزارات الأمن القومي والدفاع في الإمارات العربية المتحدة.

وأدخلت دولة الإمارات في عام 2014 التجنيد الإلزامي الشامل للرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عاما ولا يهدف ذلك إلى زيادة عدد الأفراد العسكريين النظاميين وتعزيز الاعتماد على الذات في الساحة العسكرية وحسب، بل أيضًا إلى غرس الشعور بالهوية وتعزيز سردية قد تواجه ضغوط داخلية وخارجية.

 شهدت السنوات الثلاث الأولى من البرنامج خضوع حوالى 50000 رجل لبرنامج التجنيد الإلزامي، بينما تطوعت 850 امرأة.

وعلى الرغم من عدم وجود إكراه في الاستمرار في الخدمة العسكرية بعد ستة عشر شهرًا من التجنيد الإلزامي، يساهم البرنامج في تحديد المواهب العسكرية التي ربما لم يكن ليتم اكتشافها في حالة عدم وجود مثل هذا البرنامج. كما يساعد على زيادة القوة العاملة المدنية: أولئك الأفراد الذين يتجاوزون معايير لياقة التجنيد الإلزامي، وهم يُمثّلون حوالى واحد من كل خمسة، فلا يحصلون على إعفاء من الخدمة، ولكن يُتوقع منهم بدلًا من ذلك أن يتدرّبوا على مناصب مدنية في الحكومة.

تتميز فعالية المؤسسة العسكرية الإماراتية باتباع الفئات الشاملة التالية: السياسات والعقيدة، والمعدات والتدريب والتعليم والتمارين، والعمليات، والمؤسسات.

2- إمكانية الصناعة الدفاعية

تعطي الجهود الإماراتية الأولوية لرفع القدرات العسكرية لدولة الإمارات وتطوير صناعتها الدفاعية إلى الحد الذي يمكن أن تتوقف فيه عن الاعتماد على بعض المبيعات والتدريبات العسكرية الأجنبية من الشركاء، بينما تعمل في الوقت نفسه لتصبح مورّدًا متخصصًا في السوق.

 ففي أواخر عام 2019، قامت دولة الإمارات بدمج 25 شركة دفاعية محلية في شركة واحدة شاملة اسمها Edge.30 وتهدف إلى تسريع إنتاج الأسلحة عند "نقاط سعر مجدية من حيث التكلفة"، مع القدرة على التنافس داخل المنطقة على العطاءات المتعلقة على وجه الخصوص بالسفن والمركبات المدرعة والأنظمة الجوية من دون طيار.

بالإضافة إلى ذلك، دخلت الإمارات سوق الأسلحة الصغيرة عبر الشركة المصنعة الخاصة بها Caracal.32 علاوةً على ذلك، طورت شركة نمر للسيارات الإماراتية سلسلة من المركبات القتالية الخفيفة. وتسلط شراكتها مع شركة MIRA الهندسية البريطانية لتطوير مركبات التدخل السريع الضوء على إمكانات التطوير المشترك مع شركاء أجانب.

بالإضافة إلى شراء المعدات، تتطلّع الإمارات العربية المتحدة إلى تطوير قدراتها الخاصة في نفس المجال، إلى حد كبير من خلال جهود الصناعة الدفاعية لشركة Edge المذكورة أعلاه. وتسعى كذلك إلى العمل مع دول أخرى لتطوير المعدات. والمثير للجدل وجود تقارير تفيد بأن الإمارات دخلت في تعاون مع روسيا لإنتاج طائرات على غرار الطائرة المقاتلة ميج-29..

استثمرت المؤسسة العسكرية الإماراتية بشكل كبير في تدريب وتعليم ضباطه العسكريين، داخل الدولة وخارجها. وتوفر المؤسسات التعليمية العسكرية والدفاعية المحترفة داخل دولة الإمارات مجموعة من التدريبات.

 وتشمل هذه الأكاديميات كلية زايد الثاني العسكرية للرجال ومدرسة خولة بنت الأزور العسكرية للبنات، ومدارس التدريب العسكري التقليدية مثل الكلية البحرية والجوية وكلية القيادة والأركان المشتركة وكلية الدفاع الوطني التي تقوم بتعليم كبار القادة العسكريين والمدنيين[7].

أسست دولة الإمارات العديد من الأكاديميات والكليات العسكرية لتلبية احتياجات القوات المسلحة من الكوادر الوطنية المدربة والمؤهلة تأهيلاً علمياً، وعسكرياً مناسباً. وتشمل هذه الأكاديميات[8]:

  • كلية القيادة والأركان المشتركة
  • كلية زايد الثاني العسكرية
  • الكلية البحرية
  • كلية خليفة بن زايد الجوية
  • مدرسة التمريض
  • كلية الدفاع الوطني
  • مدرسة خولة بنت الأزور العسكرية
  • مساهمات القوات المسلحة بالخارج

وتعد دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة من الدول الموقّعة على اتفاقية التعاون الدفاعي الثنائية لعام 2019، وهي وسيلة لتعزيز التنسيق وقابلية التشغيل البيني والعمليات المشتركة. وتشمل مهمة التدريب الأمريكية داخل الإمارات والولايات المتحدة تدريب الطيران والدفاع الصاروخي وتدريب العمليات الخاصة وتمارين المدفعية والاستطلاع والمناورة.

اصبحت القوات العسكرية الاماراتية تمتلك خبرة عملياتية واسعة، وتمش وفق منهجية وتخطط وتنفذ حملة عسكرية بمفردها دون مشاركة أي قوة أخرى، كما تجلى ذلك  في الصراع اليمني، وقبل ذلك، من خلال الضربات الجوية المحدودة في ليبيا. وبعد خمس سنوات من القتال في اليمن، اكتسبت الإمارات خبرة في العمل في البيئات الحضرية والبرمائية، وإجراء عمليات معقدة تنطوي على قدرات جوية وبرية وبحرية.

وقد شاركت الإمارات بفاعلية واحترافية كبيرة في الحرب ضد الحوثيين في اليمن لدعم شرعية الرئيس اليمني السابق عبدربه منصور هادي، الذي طلب تدخلا عربيا وخليجيا لاستعادة العاصمة اليمنية صنعاء التي سقطت في قبضة الحوثيين الموالين لإيران.

وبرز الدور الإماراتي في جنوب اليمن بنشاط في جهود مكافحة الإرهاب ضد تنظيم الدولة الإسلامية كجزء من التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية، وأيضًا ضد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب في اليمن  .

ونجحت دولة الامارات العربية المتحدة في تحقيق نتائج كبيرة في مكافحة الإرهاب ونفذت عمليات نوعية بمشاركة قوات إماراتية في انزل نوعي بشبوة وأبين، ضد اهداف لتنظيم القاعدة المتطرف.

المطلب الثالث: الأولويات الأداء العسكري لدى الامارات العربية

هناك اربع مجالات رئيسة ذات أولوية تعلو على البقية بالنسبة للمؤسسة العسكرية الإماراتية:

  • مواجهة التهديدات الإيرانية:

تمثل إيران أكبر تحدٍ أمني للإمارات، إذ يدور بين البلدين نزاع إقليمي طويل الأمد على ثلاث جزر (أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى)، المتاخمة لممرات الشحن الاستراتيجية الهامة لكلا البلدين. علاوةً على ذلك، تساور الإمارات مخاوف جدية بشأن أنشطة وكلاء إيران في البحرين والعراق ولبنان وسوريا واليمن.

لقد شكلت قدرات إيران الصاروخية خطرا على الامن الاماراتي بشكل خاص والعربي بشكل عام حيث أن قدرات إيران العسكرية يصل مداها لجميع البلدان العربية واصبحت مواردها ومواقعها الاستراتيجية تحت التهديدات الايرانية.

 وفي سبيل مواجهة تلك التحديدات أصبحت الإمارات مؤخرًا أول دولة عربية تفتتح محطة للطاقة النووية السلمية، لتشكّل المنافسة الإيرانية تهديدًا كبيرًا لنفوذ دول الخليج العربي على الشرق الأوسط. فعلى الرغم من التوترات الواردة في بعض التقارير بشأن استراتيجية اليمن بين الإمارات والسعودية، كانت الأولى متماشية بشكل وثيق مع الأخيرة في تحديد الأولويات والعمل على مواجهة التهديدات الإيرانية.

وعلى الصعيد العسكري، تجلّى ذلك بشكل بارز في تدخل الإمارات في الصراع في اليمن ومشاركتها في تحالف بحري لردع الهجمات الإيرانية على الشحن التجارية .

إن الحفاظ على الوضع الإقليمي الراهن، يعد من ضمن التعهدات التي قطعتها دولة الامارات العربية المتحدة ولا سيما تلك التهديد التي تصدرها الجماعات السياسية والإرهابية المتطرفة؛ وأن تصبح قوة عسكرية تعتمد بشكل متزايد على نفسها. إن تصورات دولة الإمارات للتهديدات الخاصة بها، بالإضافة إلى تغيّر سياسات الولايات المتحدة وغيرها من الجهات المانحة التي تشجع الشركاء على تحمّل المزيد من المسؤولية عن أمنهم، تغذّي هذه الأولويات.

  • الحرب في اليمن ومواجهة الانقلاب الحوثية الإرهابية

كانت الإمارات لاعبًا رئيسًا في التدخل العسكري بقيادة السعودية في اليمن، والذي بدأ في عام 2015 لمواجهة الانقلاب الحوثي على الحكومة اليمنية والي يعد تهديدًا قد يطال الممرات الدولية والمياه الاقليمية في البحر العربي والبحر الاحم وخليج عدن.

لقد نشرت القوات المسلحة الإماراتية حوالي في الجنوب واليمن (مأرب)، بالإضافة الى العمليات العسكرية الجوية التي تميزت بها القوات الجوية الإماراتية في إصابة الأهداف بدقة عالية وتجنب استهداف المدنيين.

 مكّنت هذه القوة صد تقدم الحوثيين على الأرض في الجنوب، وقد دربت القوات المسلحة الإماراتية قوات جنوبية احترافية تضم مزيجًا من العسكريين الجنوبيين السابقين والوحدات العسكرية، مثل قوات الحزام الأمني ​​وقوات النخبة الشبوانية والحضرمية والعمالقة وقوة دفاع شبوة .

  • حماية المياه الإقليمية 

بعد سلسلة من الهجمات الإيرانية على ناقلات النفط في مضيق هرمز والبحر الاحمر ذي الأهمية الحيوية، انضمت الإمارات إلى تحالف بحري تقوده الولايات المتحدة في أيلول/سبتمبر 2019 بهدف حماية السفن التجارية في المضيق وحوله.

فمع مرور خُمس إمدادات النفط في العالم عبر ممر مائي مهم استراتيجيًا يبلغ عرضه 21 ميلًا، ترتدي حماية المضيق من التهديدات الإيرانية غير المتماثلة (مثل الألغام تحت البحر وصواريخ كروز وقوارب الدوريات المحتشدة) أهمية قصوى للإمارات وحلفائها وشركائها. علاوة على ذلك، أظهرت دولة الإمارات إمكانية التشغيل البيني والأداء البحري الفعّال في إطار التحالف.

  • مكافحة التنظيمات الإرهابية

يمثل احتواء انتشار التطرف العنيف أولوية قصوى لدولة الإمارات العربية المتحدة. على وجه الخصوص، تم تحديد جماعات سياسية مثل جماعة الحوثيين وتنظيم الإخوان المسلمين وجماعات إرهابية مثل تنظيم القاعدة في جزيرة العرب وتنظيم الدولة الإسلامية المُعلن ذاتيًا، باعتبار أنها تشكّل تهديدًا لجهود الإمارات للحفاظ على الوضع الراهن .

لقد عملت الإمارات على تقديم الدعم والمساندة والتدريب للأجهزة الأمنية والعسكرية الجنوبية من أجل تأمين مختلف المناطق والتصدي لخطر التنظيمات المتطرفة. أسهمت في التصدي لتنظيمي “القاعدة” و”داعش” اللذين كانا يتمددان في المحافظات المحررة ، لمحاولة السيطرة على مدن رئيسية.

فقد قدمت الإمارات كل المتطلبات لتأسيس قوات عسكرية محترفة في عدن ولحج وشبوة وابين وسقطرى وحضرموت مدربة وقوية من خلال تقديم الدعم العسكري والمالي واللوجستي وحتى التمويني.

وأشرفت على كافة العمليات الأمنية التي استهدفت أماكن سيطرت تنظيم “القاعدة”. لذلك تمكنت القوات الجنوبية المدربة في 2020، من استهداف العشرات من أمراء وقيادات التنظيمات الإرهابية، وتفكيك العديد من معامل صناعة المفخخات والأسلحة، فضلاً عن ضبط خلايا مهامها تنفذ عمليات الاغتيالات، ما أسهم بدرجة كبيرة في تعزيز الأمن ودحر الإرهاب، وهروب التنظيمات إلي ملاذات أخرى في محافظة مارب والبيضاء وتعز([9])  .

  • القاعدة والدولة الإسلامية.

مثلما تشكل التنظيمات الارهابية تهديدًا للوضع الإقليمي الراهن، كذلك تفعل الجماعات الأكثر عنفًا مثل تنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية. ففي إطار جهودها المبذولة للحفاظ على الاستقرار في الشرق الأوسط، ركزت الإمارات جهودها العسكرية على مكافحة الإرهاب في العراق وسوريا واليمن. وكانت القوات المسلحة الإماراتية عضوًا نشطًا في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لإلحاق الهزيمة بتنظيم الدولة الإسلامية منذ عام 2014.

فقد درّبت عدد من المكونات السورية لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية وركزت على الرسائل المضادة من خلال مجموعة عمل التواصل التي تشارك في قيادتها مع المملكة المتحدة والولايات المتحدة. عقدت مجموعة العمل اجتماعات بين دول التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية (بما في ذلك القوات المسلحة لتلك الدول) والمجتمع المدني ووسائل الإعلام وشركات التكنولوجيا والأكاديميين لتبادل المعلومات والاستراتيجيات لمواجهة رسائل المتطرفين على الإنترنت وخارجه ولتعزيز الرسائل البديلة الإيجابية.

علاوةً على ذلك، تحتل القوات المسلحة الإماراتية المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة من حيث عدد الطلعات الجوية التي قامت بها فوق الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية خلال العمليات في العراق وسوريا.

  • التنظيمات الإرهابية

لقد جددت الإمارات، في يناير 2021 ، التزامها بالقضاء على الإرهاب، بما في ذلك عند انتخابها كعضو في مجلس الأمن للفترة 2022 – 2023، مشددة على ضرورة تعزيز الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب والقضاء عليه. حيث نوهت إلي أن الجماعات المتطرفة مثل تنظيم (القاعدة، وداعش، وبوكو حرام) ، تظل نشطة، لافتة إلى أن بعض هذه الجماعات “لا تزال تمتلك شبكات عالمية، مما يشكل تهديدا للأمن الجماعي”[10].

وأوصت مجلس الأمن بتعزيز آلياته الرامية إلى مساءلة الدول الأعضاء التي تنتهك القرارات ذات الصلة والتزاماتها بموجب القانون الدولي، حتى لا تتمكن التنظيمات الإرهابية من استغلال الثغرات الحالية في النظام. وأكدت علي أهمية التزام الدول الأعضاء بتجريم تمويل الإرهاب. بالإضافة إلى النظر في كيفية استخدام الابتكار التكنولوجي لتحسين جهود مكافحة الإرهاب، وإجراء دراسات تحليلية حول تداعيات الإرهاب مع مراعاة الفوارق بين الجنسين

وبعد المرحلة الأولى من العمليات الإماراتية لمواجهة المتمردين الحوثيين في اليمن، تحول تركيز المهمة نحو التهديد من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب. أدت جهود مكافحة الإرهاب الإماراتية ضد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، بالشراكة مع الولايات المتحدة — والتي ساهمت في الغالب عبر تنفيذ ضربات جوية من طائرات من دون طيار — إلى تدهور كبير في قدرة التنظيم على تنفيذ هجمات داخل اليمن وخارجه.

من ضمن الإجراءات الامنية والقانونية التي اتخذتها دولة الإمارات العربية المتحدة تصنف “الإخوان المسلمين” تنظيماً إرهابياً وذلك بعد أن اكتشفت الاستخبارات الامارتية بعض الانشطة المشبوهة الذي يقودها ذلك التنظيم حيث بدأ نشاط الإخوان في الإمارات من مقر البعثة التعليمية القطرية عام 1962.

 حاول “الإخوان المسلمين” الإطاحة بحكومة دولة الإمارات، مستغلين أحداث الربيع العربي في 2011 ولكن الإمارات تصدت لهم، حيث كان يوجد علاقات وثيقة بين تنظيم “الإخوان” المصري وقيادات التنظيم السري في الإمارات.

وقامت الإمارات في نوفمبر 2014 بإدراج جماعة “الإخوان” وجماعات محلية تابعة لها رسميا على لائحة المنظمات الإرهابية. وأدرجت كذلك “جمعية الإصلاح” وهي جماعة إسلامية محلية محظورة على لائحة المنظمات الإرهابية بسبب صلة مزعومة بجماعة الإخوان المسلمين المصرية. وأصدرت أحكاما بالسجن على عشرات الأشخاص الذين أدينوا بتشكيل فرع لجماعة الإخوان المسلمين في الإمارات كما أنهم جمعوا معلومات سرية حول أسرار الدفاع الخاصة بالدولة.

وأكدت الإمارات في نوفمبر 2020 تصنيف “الإخوان” ضمن التنظيمات الإرهابية وتجريم عملها، لكن هذه المرة على المستوى الشرعي، لأنه صدر من “مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي”.

حيث دعا المجلس جميع المسلمين إلى نبذ تنظيم “الإخوان” والابتعاد عن الانتساب أو التعاطف مع مثل هذه الجماعات، التي تعمل على شق الصف وإشعال الفتنة وسفك الدماء. ومن المحتمل أن يكون سبب تصنيف “الإخوان” مرة أخرى كتنظيم إرهابي هو وجود تحركات لأفراد الجماعة ومؤيديها داخل الدولة استدعت هذا التحذير مجددا.([11])

وتحرص مصر والإمارات على محاربة الجماعات المتطرفة ومكافحة أفكارها الهدامة. حيث تحركت (القاهرة وأبوظبي) خلال زيارة الشيخ “محمد بن زايد آل نهيان” ولي عهد أبوظبي في إبريل 2021 نحو التركيز على تجديد الخطاب الديني، والفهم الحقيقي للدين بعيدا عن عوامل المغالاة والتشدد التي تنتهي غالبا بالطريق المؤدي نحو الكراهية والعنف، وأهمية دور التعليم وتعزيز التسامح والسعادة بجانب مشاركة الشباب والدور الإيجابي للأسرة والمرأة والثقافة والوسطية الدينية.

 بالإضافة إلي وجود تدريبات بحرية مشتركة في البحرين المتوسط والأحمر مثل تدريبات “خليفة” من أجل حماية المياه الإقليمية خصوصا بعد تعرض (4) سفن قبالة سواحل الإمارات لهجوم إرهابي. ووجود تدريبات عسكرية مشتركة مثل تدريبات “صقور الليل” للتدريب على مكافحة الإرهاب.

دعمت الإمارات في أغسطس 2021 موقف الرئيس التونسي” قيس سعيّد” في قراراته التاريخية بشأن الحفاظ على الدولة التونسية، والحيلولة دون اختطافها من قبل تنظيم الإخوان المسلمين. وشددت علي أهمية القضاء على تيار الإسلام السياسي بكل انتماءاته لمكافحة التطرف والإرهاب.

تدعم الإمارات ليبيا في مكافحة الإرهاب، حيث صرح “أنور قرقاش” وزير الشؤون الخارجية الإماراتي ،” إن الأولوية في ليبيا هي مكافحة التطرف والإرهاب ودعم الاستقرار وحل الأزمة الليبية التي طال أمدها.([12])

النتائج:

  • قوات عسكرية حديثة محترفة تمتلك مقومات عالية لمواكبة التحديات التي تواجهه المنطقة العربية والاقليم.
  • تثبيت الامن والاستقرار في إطار دولة الامارات العربية المتحدة ومجلس التعاون الخليجي.
  • مواجهة التحديات الاطماع الايرانية في المنطقة العربية لاسيما البحرين واليمن.
  • امتلكت القدرة في التعامل مع دعوات السلام الأممية والدولية وسحبت قواتها لإفساح المجال امام أي جهد يدفع نحو إحلال السلام اليمن على اعتبار ان تدخلها هدفه حفظ الأمن وليس الهيمنة كما يدعي خصوم أبوظبي.
  • مواجهة وكبح التنظيمات الارهابية المتعددة
  • مواجهة التنظيمات السياسية المتسترة بلباس الدين وفي مقدمتهم الاخوان المسلمين وعناصر القاعد وداعش والشباب المؤمن في الصومال وحركة الحوثين في اليمن وغيرها من المنظمات التي تتخذ من الدين لباس لتمرير أهدافها السياسية في المنطقة.
  • لم يسجل ضد القوات المسلحة الإماراتي أي خطأ تجاه المدنيين، حيث تحرص القوات الإماراتية على اختيار مسرح العمليات بما يحمي المدنيين ويدافع عنهم، وهو ما جعلها تنفرد بعملياتها العسكرية الاحترافية.

 

التوصيات 

  • توسيع التحالفات ودعم الحلفاء والاستثمار في قدرات التخطيط الاستراتيجي لتحديد أولوياتها بشكل أفضل بما يتوافق مع مواردها.
  • تعزيز القوات المسلحة الجنوبية بما يساعد في تثبيت الأمن والاستقرار وحماية الملاحة الدولية.
  • تعزيز شراكة القوات الجنوبية العسكرية والأمنية مع القوات المسلحة الإماراتية ودول التحالف العربي.

[1] ) احترافية جيش جمهورية اليمن الديمقراطية، منشورات مؤسسة اليوم الثامن للأعلام والدراسات أبريل 2022م

[2] لمزيد من المعلومات عن القوات المسلحة، اقرأ في مجلة درع الوطن.

[3] ) مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي 

[4] ) موقع وزارة الدفاع للقوات المسلحة الاماراتية.

[5] ) مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي  

[6] ) مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي  

[7] ) مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي 

[8] ) موقع وزارة الدفاع للقوات المسلحة البريطانية

[9] ) باحثة بريطانية تشيد بدور الإمارات لمكافحة الإرهاب في اليمن

[10] ) دراسة حول تشريعات مكافحة الارهاب في دول الخليج العربية واليمن اصدارات الامم المتحدة / فينا 2009 

[11] ) الإمارات تصنف الإخوان المسلمين جماعة إرهابية

[12] الإمارات: الأولوية في ليبيا هي مكافحة التطرف والإرهاب ودعم الاستقرار