مصلحة السعودية تقتضي الحفاظ على تحالفها النفطي مع روسيا..

الرياض وتوظيف دبلوماسية الكواليس.. هل تحقق التوازن بين واشنطن وموسكو؟

تشير دبلوماسية ما وراء الكواليس، كما وصفها المصدران، إلى عملية التوازن التي تواجهها الرياض في وقت تسعى فيه لتحسين العلاقات المتوترة مع الولايات المتحدة بالتوازي مع تعزيز تحالف نفطي مع روسيا ظلت تعمل على تأمينه لعقود.

الرياض

تظهر المملكة العربية السعودية حرصا على إعادة تصويب العلاقات مع الولايات المتحدة، بناء على ما تقتضيه مصالحها العليا، التي تقوم أيضا على الحفاظ على علاقة جيدة مع روسيا ولاسيما تثبيت التحالف النفطي القائم بينهما والذي كانت المملكة الساعية خلفه لسنوات.

تسير السعودية على خيط رفيع بين روسيا والولايات المتحدة بشأن سياستها النفطية، في ظل حرصها على الحفاظ على العلاقة مع كلا الطرفين المتضادين.

وكشف مصدران مطلعان الخميس أن السعودية بذلت جهودا دبلوماسية خلف الكواليس لضمان دعم روسيا للزيادة التي أقرها تحالف أوبك+ الشهر الماضي، والتي تم تثبيتها خلال اجتماع الخميس للتحالف النفطي.

وزادت مجموعة أوبك+ من الإنتاج بأكثر من المتوقع عندما اجتمع وزراؤها في الثاني من يونيو الماضي، في خطوة رحبت بها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الذي سيزور المملكة الشهر المقبل للمرة الأولى منذ توليه منصبه، حيث سيلتقي خلالها بالقيادة السعودية الممثلة في الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

وتشير دبلوماسية ما وراء الكواليس، كما وصفها المصدران، إلى عملية التوازن التي تواجهها الرياض في وقت تسعى فيه لتحسين العلاقات المتوترة مع الولايات المتحدة بالتوازي مع تعزيز تحالف نفطي مع روسيا ظلت تعمل على تأمينه لعقود.

وقال أحد المصدرين عن زيادات إنتاج أوبك+ المتسارعة التي تم الاتفاق عليها في اجتماع يونيو "كانت الولايات المتحدة تضغط من أجل ذلك. وبعد ذلك، كان على السعوديين مراجعة الأمر مع روسيا، وبدا أنهم موافقون".

وأبلغ مصدر ثان في أوبك+ وكالة “رويترز” بأن الرياض تشاورت عن كثب مع موسكو التي تقع تحت ضغوط متزايدة من العقوبات الأميركية والغربية الأخرى التي فرضت عليها في أعقاب العملية العسكرية التي أطلقتها في أوكرانيا في فبراير الماضي.

ويواجه بايدن، الذي تشمل جولته في الشرق الأوسط في الفترة الممتدة من الثالث عشر إلى السادس عشر من يوليو السعودية، ضغوطا متزايدة من الديمقراطيين من أجل دفع على المملكة للإطاحة بموسكو من أوبك+، التي تضم دول منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وروسيا وحلفاءها.

وليس من السهل على السعودية التخلي عن سنوات من الجهود لجذب روسيا إلى اتفاقية إنتاج. وتأسست أوبك+ في العام 2016 لكن الرياض سعت قبل ذلك بوقت طويل لبناء تعاون بين اثنين من أكبر منتجي النفط في العالم.

وقال مندوب في أوبك+ لوكالة "رويترز" "كان من المهم جدا إبقاء روسيا في أوبك+"، مكررا تعليقات محللين يقولون إن السعودية تريد الإبقاء على روسيا لزيادة نفوذها في سوق النفط وليس لأي سبب سياسي.

وأشار مصدر مطلع على التفكير الروسي إلى أن موسكو استفادت من كونها جزءا من أوبك+ في وقت يريد فيه الغرب عزلها بسبب “عمليتها العسكرية الخاصة” في أوكرانيا كما يسميها الكرملين.

وقال المصدر "السعوديون ينعمون بأسعار مرتفعة بينما يحتاج الروس إلى دعم مضمون من أوبك+ في الظروف الحالية.. ما من أحد يسعى لانهيار السوق". ويفتح اللقاء المنتظر بين الرئيس الأميركي وولي العهد السعودي الباب أمام عودة العلاقات إلى طبيعتها بين واشنطن والرياض، لكن من غير المرجح أن يكون ذلك على حساب موسكو.

وقال المصدر الروسي إن العلاقات بين الرئيس فلاديمير بوتين والأمير محمد “وثيقة نوعا ما". وأوضح مصدر في أوبك+ أن سياسة الإنتاج كانت تستند دائما إلى اتفاق بين جميع أعضاء أوبك+ وأن اتفاق الثاني من يونيو لتسريع زيادات الإنتاج، كما صرحت المجموعة بعد المحادثات، كان استجابة للنشاط الاقتصادي العالمي المتزايد واحتمالات زيادة قدرة المصافي بعد الصيانة الموسمية.

ووصف وزير الطاقة السعودي عبدالعزيز بن سلمان في تصريحات أدلى بها علنا خلال زيارة لمنتدى اقتصادي روسي في يونيو العلاقات الروسية – السعودية بأنها “جيدة مثل الطقس في الرياض”. وقال نوفاك إن موسكو قد تتعاون مع أوبك+ إلى ما بعد 2022.

وتعود محاولات السعودية لإدخال روسيا إلى أوبك لعام 2001، لكن التعاون والاتفاق على قيود الإنتاج لرفع أسعار النفط الضعيفة لم يبدأ إلا بعد فترة وجيزة من تأسيس أوبك+ في العام 2016.

واتفقت المجموعة على تخفيضات قياسية للإنتاج مرة أخرى في 2020، عندما أضرت جائحة كورونا بالطلب وأدت إلى انخفاض الأسعار. وشجع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب ذلك الاتفاق.

وسيتم إلغاء تخفيضات الإنتاج التي اتفقت عليها أوبك+ في 2020 بحلول أغسطس 2022، على الرغم من أن إنتاج روسيا في تراجع بسبب العقوبات الغربية، مما يثير تساؤلات حول شكل التعاون المستقبلي.

وقال مصدر روسي ثان إن من غير المرجح أن تتغير طريقة عمل أوبك+ قبل انتخابات التجديد النصفي في الولايات المتحدة في نوفمبر المقبل، عندما قد تسنح الفرصة للجمهوريين بانتزاع السيطرة على مجلس النواب الأميركي من الديمقراطيين.

ووصف محمد باركيندو الأمين العام لأوبك شراكة أوبك+ في يونيو بأنها "ملاذ وعلامة على الاستقرار رغم أي اضطرابات ناتجة عن عوامل جيوسياسية". ولم يشر إلى روسيا على وجه التحديد.

وقال جاري روس المتابع المحنك لأخبار منظمة أوبك “بعد اشتراكها في محاولات الزج بروسيا في إدارة سوق النفط طيلة أكثر من عشرين عاما، لا أرى أن السعودية بصدد التخلي عن هذه العلاقة المهمة".