الحرب الروسية الأوكرانية..

الجيش الروسي بين التقدم والانسحاب والرئيس الأوكراني ”يحتاج إلى الذخيرة وليس الخطابات“

اعتبرت صحيفة ”نيويورك تايمز“ الأمريكية أن طرد القوات الروسية من ”جزيرة الثعبان“ في البحر الأسود، ”انتصار“ لأوكرانيا و“نكسة“ لروسيا، ربما تقوض سيطرتها على ممرات الشحن الحيوية للحبوب، وذلك بعد هجمات مكثفة من قبل القوات الأوكرانية.

أدت الحرب في الجنوب إلى استعادة القوات الأوكرانية السيطرة على عدة قرى خلال الشهر الماضي

واشنطن

تناولت أبرز الصحف العالمية الصادرة الجمعة، آخر تطورات الحرب في أوكرانيا، وسط حديث عن انتصار لكييف ونكسة لموسكو في ”جزيرة الثعبان“ المطلة على البحر الأسود، وذلك بعدما أعلنت روسيا انسحابها من هناك، وزعمت أوكرانيا أنها أجبرت القوات الروسية على الرحيل.

وناقشت صحف أخرى، التحذيرات القائلة بأن ”معركة خيرسون“ جنوب أوكرانيا، قد تسير على خطى ما حدث في مدينة ماريوبول، وسلطت صحف الضوء على قمتي ”السبع“ و“الناتو“، قائلة إن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ”يحتاج للذخيرة وليس الخطابات“.

انتصار لأوكرانيا.. و“نكسة“ لروسيا

 

اعتبرت صحيفة ”نيويورك تايمز“ الأمريكية أن طرد القوات الروسية من ”جزيرة الثعبان“ في البحر الأسود، ”انتصار“ لأوكرانيا و“نكسة“ لروسيا، ربما تقوض سيطرتها على ممرات الشحن الحيوية للحبوب، وذلك بعد هجمات مكثفة من قبل القوات الأوكرانية.

وقالت الصحيفة إن ”الانسحاب الروسي جاء بعد هجمات أوكرانية متواصلة – بما في ذلك بأسلحة غربية قوية وصلت حديثًا – جعلت من المستحيل على القوات الروسية الاحتفاظ بالجزيرة، وهي بقعة صغيرة من الأرض على بعد 20 ميلا من ساحل أوديسا والتي لعبت دورا بارزا طوال الحرب“.

وأشارت إلى أن ”السيطرة على الممرات الملاحية لها تداعيات تتجاوز المعركة من أجل سيادة أوكرانيا، حيث قامت البحرية الروسية بقطع الشحن فعليًا من الموانئ الأوكرانية على البحر الأسود، مما أوقف تدفق الحبوب والبذور الزيتية إلى بقية العالم، ورفع تكلفة الغذاء وخلق احتمالية حدوث نقص وحتى المجاعات في بعض البلدان، خاصة في أفريقيا“.

وأضافت: ”الجزيرة المحصنة ليست بالقيمة الكبيرة كما يعتقد البعض، باستثناء كونها قاعدة لعمليات البحر الأسود وكانت هدفًا للروس منذ اليوم الأول للغزو“.

ورأت الصحيفة أن ”الانسحاب الروسي، مثال آخر على تقليص موسكو لطموحاتها العسكرية في مواجهة المقاومة الأوكرانية“.

ووفقا للصحيفة، سعت وزارة الدفاع الروسية إلى وصف الانسحاب بأنه ”بادرة حسن نية“ من شأنها تجنب أزمة غذاء وشيكة؛ لأن السيطرة على الجزيرة أمر حيوي لتأمين ممرات الشحن.

في المقابل، ذكرت صحيفة ”واشنطن بوست“ الأمريكية أن أوكرانيا قدمت رواية مختلفة حول عملية الانسحاب الروسي، حيث كتب القائد العام للقوات المسلحة الأوكرانية، فاليري زالوغني، في منشور عبر ”فيسبوك“ أن“ نيران المدفعية والصواريخ والضربات الجوية الأوكرانية هذا الشهر أجبرت الروس على الانسحاب“.

ونشر المسؤول لقطات فيديو لصواريخ تضرب الجزيرة والمياه المحيطة بها.

ونقلت الصحيفة عن القيادة الجنوبية للجيش الأوكراني قولها: ”إن القوات الروسية حاولت دون جدوى إحباط الهجوم بهجمات ليلية بطائرات مقاتلة على ساحل منطقة أوديسا“، مضيفة أنه مع استمرار العملية العسكرية الأوكرانية، قامت القوات الروسية المتبقية على الجزيرة ”بإجلاء“ أنظمتها الدفاعية على زورقين سريعين على عجل.

خيرسون.. معركة مماثلة لماريوبول

ذكرت مجلة ”نيوزويك“ الأمريكية أنه مع استمرار الجيش الروسي في إحراز تقدم منهجي في منطقة ”دونباس“ الشرقية بأوكرانيا، أدت الحرب في الجنوب إلى استعادة القوات الأوكرانية السيطرة على عدة قرى خلال الشهر الماضي.

وأشارت المجلة إلى أن التقدم هذا قد أدى إلى التلميح في كييف إلى عملية عسكرية محتملة لطرد القوات الروسية من مدينة خيرسون بجنوب البلاد، وربما أبعد من ذلك.

وقالت المجلة: ”يمكن أن تأتي مثل هذه الدفعة بتكلفة عالية لصراع استمر 4 أشهر تسبب بالفعل في خسائر فادحة لسكان أوكرانيا، مكررة الفظائع التي اندلعت في ماريوبول الجنوبية، التي أصبحت في حالة خراب نتيجة الحصار الروسي المطول الذي أدى في النهاية إلى انتصار القوة الغازية الشهر الماضي“.

وأضافت: ”تنتظر خيرسون، الواقعة على الجانب الآخر من شبه جزيرة القرم التي تحتلها روسيا، معركة أخرى قد تكون مدمرة بينما تستعد القوات الأوكرانية لشن هجوم على إحدى مناطقها، وذلك بعدما ألمح أحد المسؤولين إلى أن القوات تحركت على بعد 18 كيلومترًا من المدينة“.

ونقلت المجلة عن مستشار الرئاسة الأوكرانية، أوليكسي أريستوفيتش، قوله: ”أعتقد أن الروس سيكونون في موقف دفاعي بحلول نهاية آب/ أغسطس. وبالنسبة لسكان خيرسون سيتمكنون قريبًا من العودة“.

من جهتها، قالت الخبيرة في الشأن الأوكراني، مارغريتا كوناييف، لمجلة ”نيوزويك“: ”حرب المدن مكلفة للغاية، سواء من حيث الأضرار المادية للمباني والبنية التحتية أو الخسائر البشرية“.

ورأت الخبيرة أنه ”إذا تم شن هجوم أوكراني لاستعادة المدينة، سيتسبب ذلك في معركة دامية طويلة لا مفر منها“.

وتابعت: ”القوات الروسية أمضت الأشهر الماضية في تعزيز مواقعها بالمدينة وحولها.. لن ينسحب الروس ما لم يجبروا على ذلك تمامًا، ومقدار القوة النارية الذي يتطلب القيام بذلك قد يمحي المدينة من على الخريطة“.

وقالت المجلة الأمريكية إن التحرك الأوكراني لاستعادة السيطرة على خيرسون أمر معقد أيضًا بسبب الجغرافيا، فمعظم المنطقة تقع على الجانب الشرقي من نهر دنيبر، فيما تقع المدينة نفسها على الجانب الغربي.

وأضافت: ”هذا الواقع يجعل من الصعب على القوات الروسية الحفاظ على خطوط الإمداد في حالة حدوث حصار أوكراني، لكن هذا يتطلب من أوكرانيا تنفيذ ضربات في عمق الأراضي التي تسيطر عليها روسيا“.

وقال جورج باروس، من ”معهد دراسة الحرب“ الأمريكي، لـ“نيوزويك“ إن ”من أجل تنفيذ حصار، ستحتاج أوكرانيا إلى تلقي أنظمة مدفعية وصواريخ غربية بعيدة المدى قادرة على تعطيل الأنظمة الروسية، وهي أشياء لا يمكن اعتراضها أو لمسها حتى من قبل الأنظمة الأوكرانية الحالية“.

”الذخيرة وليس الخطابات“

رأت صحيفة ”الغارديان“ البريطانية أنه بالرغم من أن قادة العالم قد كثفوا من جهودهم على مدار 5 أيام في قمتي مجموعة الدول الصناعية السبع في ألمانيا، وحلف شمال الأطلسي ”الناتو“ في إسبانيا بشأن إظهار الدعم لأوكرانيا، إلا أن زيلينسكي ”يحتاج إلى الذخيرة وليس الخطابات“.

وقالت الصحيفة: ”على مدار 5 أيام، ينتقل قادة مجموعة السبع من ألمانيا إلى قمة الناتو في إسبانيا، واعدين بمليارات الدولارات لأوكرانيا، ظاهرين العزم المطلق على مساعدة كييف.. ولكن مع عودة القادة إلى بلدانهم لمواجهة تحدياتهم الداخلية المشتعلة، فسيكون السؤال هو إلى أي مدى ستستمر هذه الوعود“.

وأضافت: ”لم يكن أي من القمتين مجلسا حربيا كان يحتاج إليه زيلينسكي، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن الرئيس الأمريكي جو بايدن، لم يكن يريد أن يلعب في الدعاية الروسية من خلال تصوير الناتو، على أنه أي شيء آخر غير كونه تحالفا دفاعيا فقط، وليس مشاركا في الحرب بأوكرانيا“.

وتابعت: ”كانت قمة الناتو تدور حول عواقب الغزو الروسي، ليس بالنسبة لأوكرانيا ولكن بالنسبة للبلدان الموجودة بالفعل داخل الناتو أو التي على وشك الانضمام إليها.. كان الأمر يتعلق بالدفاع عن كل شبر من أراضي الناتو، على حد تعبير بايدن“.

وقالت: ”لا تستفيد أوكرانيا بشكل مباشر من انضمام السويد وفنلندا للحلف.. وينطبق الشيء نفسه على زيادة قوات الناتو 7 أضعاف في حالة التأهب القصوى، وإنشاء أول مقر عملياتي أمريكي دائم على الجناح الشرقي للتحالف في بولندا، وزيادة عدد القوات الأمريكية في المنطقة، أو إستراتيجية جديدة مدتها 10 أعوام“.

وأشارت الصحيفة إلى أنه ”على الورق، فإن الخطط الجديدة تعد أكبر تغيير إستراتيجي في نهج الناتو منذ نهاية الحرب الباردة، ولكن ليس له أي تأثير على معركة دونباس الطاحنة.. وبالنسبة لزيلينسكي، فهو لا يحتاج إلى مفهوم إستراتيجي جديد للناتو، بل هو بحاجة إلى الذخيرة“.

وقالت: ”بالنسبة للتمويل، تطالب أوكرانيا بمبلغ 5 مليارات دولار شهريًا مع تدهور اقتصادها وصادراتها.. وفيما يتعلق بالأسلحة، قدمت أوكرانيا قائمة بألف مدفع هاوتزر من عيار 155 ملم، و300 نظام صاروخي متعدد الإطلاق، و500 دبابة، وألفي مركبة مدرعة، وألف طائرة بدون طيار“.

واختتمت الغارديان: ”قبل كل شيء، هم بحاجة لذخيرة أو مدفعية، حيث تطلق المدفعية الروسية حوالي 60 ألف قذيفة يوميًا، بينما ترد أوكرانيا بـ 5 أو 6 آلاف صاروخ فقط“.