تقرير حقوقي يوثق ضحايا القاتل الخفي في شبوة..

"الأمم المتحدة".. ماذا عن أخر جرائم الحوثيين فظاعة في "جنوب اليمن"؟

الحوثيون زرعوا كميات كبيرة من الألغام تصل إلى مليون لغم في مدن الجنوب، لا يمكن مقارنتها بالألغام القليلة والضئيلة جدا التي زرعت في مدن اليمن الشمالي وخاصة في تهامة حيث تقاتل قوات الجنوبية الى جانب المقاومة التحالفية وقوات حراس الجمهورية اليمنية.

الناشطة الحقوية وداد الدوح رئيس منظمة فرونت لاين البريطانية لحقوق الإنسان خلال نزولها وفريقها الحقوقي الى محافظة شبوة لتوثيق الانتهاكات - أرشيف

فريق التحرير
فريق تحرير صحيفة اليوم الثامن
عتق

تقول الأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن السيد "هانس غروندبرغ"، انها تعمل على وضع نهاية للحرب المدمرة التي شنها الحوثيون الموالون لإيران على مدن اليمن والجنوب، غير ان الحرب على المدن الجنوبية، لا تزال تحمل طابعا خاصاً، فالحوثيون الذين يقولون انهم على وفاق مع الإخوان بعد ان تقاطعت مصالح الطرفين في مسألة تتعلق بمنابع النفط في الجنوب.

ولم تشهد مدن اليمن الشمالي أي مواجهات مسلحة، اذا ما تم مقارنتها بالحروب في مدن الجنوب والتي كان أخرها القتال في بيحان شبوة، وهي الحرب الأخيرة التي خاضها الحوثيون في محاولة لإيجاد موطئ قدم في المحافظة النفطية.

وسيطر الحوثيون على بيحان وعسيلان وعين في سبتمبر أيلول من العام 2021م، وفي الفاتح من يناير  كانون الثاني الماضي، تصدرت عملية "إعصار الجنوب" المنصات الإعلامية الإقليمية والدولية، على وقع القتال بين قوات العمالقة الجنوبية الحكومية المدعومة من القوات المسلحة الإماراتية، وميليشيات جماعة الحوثي المدعومة من إيران، وذلك بعد اشهر منذ تسليم تنظيم إخوان اليمن لجزء من المحافظة النفطية لأذرع إيران، قبل ان يشترط المجلس الانتقالي الجنوبي على التحالف العربي الذي تقوده السعودية، لقتال الحوثيين، تمثل الشرط في إزاحة سلطة إخوان اليمن بقيادة محمد صالح بن عديو الموالي للسلطات التركية.

 

الحروب والالغام الأرضية في بيحان 

 

النزول الميداني إلى مديرية عين :هي إحدى مديريات محافظة شبوة في اليمن. بلغ عدد سكانها 22051 نسمة حسب إحصائيات عام ٢٠٠٤

 

 في الـ20 من فبراير (شباط) بعد نحو 20 يوما من إعلان القوات الحكومية وقف القتال والعمليات العسكرية، عقب دحر الحوثيين بعيدا عن مديريات "بيحان وعسيلان وعين"، كانت الناشطة الحقوقية وداد الدوح رئيس منظمة فرونت لاين البريطانية لحقوق الإنسان، تقف على أرض زرع فيها الحوثيون نحو مائة ألف لغم وفق إحصائيات متعددة.

كان أخر تمركز للحوثيين في عقبة القنذع الرابطة بين شبوة والبيضاء، وثقت الناشطة وداد الاعمال العسكرية والالغام الأرضية وما خلفته من ضحايا في صفوف المدنيين، لكن الضحايا لا يزالوا يتساقطون جراء أدوات القتل التي لا تزال مدفونة في كل مكان. 

 وتوقفت العمليات العسكرية فعلياً، الحوثيون باتوا بعيدا عن بيحان بعشرات الكيلو مترات، تأمين شبوة كانت خطة عسكرية هدفها حماية المدنيين من أي أعمال إرهابية أو قصف عشوائي ينفذه الحوثيون، لكن الموت لا يزال يختبئ بين الرمال والازقة والطرقات، إنها حرب الألغام الأرضية والعبوات الناسفة التي يجري إعادة تصنيعها محليا في اليمن.

الحوثيون هم جماعة مسلحة نشأت في صعدة[1]، على بعد (110 ميلا)، إلى الشمال الغربي من العاصمة اليمنية صنعاء في مطلع تسعينات القرن الماضي، تقول الحكومة اليمنية والتحالف الذي تقوده السعودية إنهم جماعة أسست على أساس ديني وطائفي، وتتلقى دعما من إيران.

واحتل الحوثيون شبوة للمرة الثانية، في سبتمبر (أيلول) من العام 2021م، كانت الأولى في العام 2015م، حاول المسلحون الذين تشرف عليهم قيادات إيرانية في صنعاء، نشر أفكاراً دينية على سكان الجزء الاستراتيجي من شبوة، غير أن الحاضنة الشعبية الرافضة لهم في الجنوب دفعتهم إلى القيام بخطوات انتقامية من السكان، وهو ما يتضح من خلال أدوات الحرب التي يواجهها السكان بشمل يومي، على العكس لم يزرع الحوثيون بكل هذه الكمية من الألغام والعبوات الناسفة في المدن اليمنية الشمالية بما في ذلك محافظة مأرب وتعز وغيرها من المدن التي يحاصرها الانقلابيون في اليمن.

لقد حول الحوثيون الأراضي الزراعية إلى حقول إلغام وعبوات ناسفة، تحصد المدنيين وخاصة الأطفال بشكل يومي.

تم توثيق عشرات القصص الإنسانية لعدد من ضحايا الألغام الأرضية من بينهم أطفال دون الـ15، قال هؤلاء الأطفال "انهم لم يتلقوا أي رعاية من قبل حكومة عبدربه منصور هادي السابقة او مجلس القيادة الرئاسي.

كل الدعم الذي يقدم في شبوة تنفرد به دولة الإمارات العربية المتحدة، التي انسحبت عسكريا من اليمن في العام 2019م، غير ان دعمها الإنساني لا يزال متواصلاً، لقد مولت انشاء مستشفى ميداني في مدينة عتق مركز محافظة شبوة في مطلع العام الجاري، بالتزامن مع إطلاق عملية إعصار الجنوب لطرد الحوثيين من بيحان.

ضحايا الحروب والالغام الأرضية يسقطون تباعا على الرغم من مرور أكثر من ستة اشهر على تحرير بيحان

الألغام الأرضية والعبوات الناسفة لا يزال الكثير منها مزروعا في باطن الأرض يتربص بضحايا جدد في حرب قد تمتد لسنوات، رغم وجود بعض الاعمال لنزع الألغام الأرضية والعبوات الناسفة التي يتفنن خبراء يمنيون وأجانب مع الحوثيين في إعادة تصنيعها، على مختلف الأشكال والأنواع.

 يحكي فتى في الثلاثينات من عمره يقول إنه من القلائل الذين عشقوا ممارسة كرة القدم، لكن لحرب والالغام الأرضية التي زرعت مؤخراً، مزقت قدمه في محاولة منعه من مواصلة اللعب مع اقرانه.

طفل دون الـ15، فقد هو الآخر قدمه لكنه اليوم لا يشكو من الإصابة وفقدانه قدمه جراء الألغام الأرضية بقدر ما يشكو من التنمر، يقول إنه لا يريد أي شيء، فقد "يريد ان أعيش مثل الناس".

قرابة 16 ألف لغم تم نزعها من بلدة عسيلان وحدها، وهناك عشرات الالاف التي زرع الكثير منها في الحقول الزراعية، فكل ما مررنا بمكان كان السكان يحذرونا من الألغام الأرضية والعبوات الناسفة، وعلى الرغم من صعوبة المهمة وغياب الدور الحكومي، في نزع الألغام مع وجود فريق من التحالف العربي يقول: مواطنون أنه بحاجة إلى جهود أكبر، فحجم الكارثة لا يصدق، وعدد الألغام يساوي ضعف عدد السكان بنحو ضعفين، وأكثر من مائة وخمسة عشر ضحية نتيجة الألغام الأرضية، فيما دمرت الحرب والصواريخ التي اطلقها الحوثيون على عسيلان، أكثر من 80 منزلا بين تدمير كلي وجزئي.

وفي بيحان وثقت منظمة فرونت لاين البريطانية لحقوق الإنسان تدمير أكثر من 38 منزلا بعضها اصابتها صواريخ ومقذوفات أطلقها الحوثيون خلال محاولة منع القوات الحكومية من التقدم صوب مركز بيحان، أما ضحايا الألغام الأرضية فقد تم توثيق 46 حالة إصابة توزعت بين بتر القدم واليد، البعض يشكو من عدم وجود الرعاية الصحية من قبل الحكومة المحلية الغائبة عن معاناة ضحايا الحرب في بيحان.

نفذ الحوثيون عمليات قصف بواسطة طائرات مسيرة "درون"، وأوقعت بين بيحان 31 ضحية جميعهم مدنيون واستهدفت منازلهم بقصف مباشر.

خلال سيطرة جماعة الحوثي على بيحان أواخر العام المنصرم، تم اعتقال وتعذيب 29 مدنياً، وقد تعددت وسائل التعذيب وتنوعت بين الضرب المبرح والصعق بالكهرباء، في حين إن ثمانية مدنيين لا يزال مصيرهم مجهول لكن على الأرجح تم اختطافهم ونقلهم الى صنعاء وإيداعهم السجن هناك بتهمة التواطؤ مع القوات الحكومية.

أما في المناطق الأخرى فقد تم توثيق 52 ضحية للألغام الأرضية وقد توزعت الإصابات بين بتر اليد والقدم.

وتم تدمير أكثر من 41 منزلا، بين تدمير كلي وجزئي، وتدمير واحراق خمس محطات للتزود بالوقود بالإضافة إلى إحراق ناقلات مشتقات نفطية من خلال استهدافها بشكل مركز.

قال مواطنون ان ميليشيات الحوثي قامت بعملية الاستحواذ والسطو على مواشي يمتلكونها، حيث تم توثيق نهب أكثر من ثلاث ناقات بالإضافة إلى 97 من الأغنام، فيما لا يزال أكثر من تسعة مدنيين مختفين، يعتقد أنه تم نقلهم من شبوة إلى محافظة البيضاء المجاورة.

تقول وداد الدوح لصحيفة اليوم الثامن "لا شك أن مهمة توثيق ضحايا الحرب، ستظل صعبة ما لم تكون هناك إجراءات سريعة وفاعلة في نزع الألغام الأرضية ومعالجة وتعويض الضحايا وكل من تضرر من هذه الحرب التي تختفي بين الطرقات والرمال، الأمر الذي قد يضاعف من أعداد الضحايا ويلقي بظلاله على حياة الناس الذين تعطلت أعمالهم في الزراعة ورعي الأغنام، التي يعتمد عليها السكان كمصدر دخل وحيد في مواجهة شظف العيش".

 

منظمة فرونت لاين البريطانية لحقوق الإنسان يرصد مأساة الغام شبوة

في الـ٢٢ فبراير (شباط) ٢٠٢٢م نفذ فريق منظمة فرونت لاين البريطانية لحقوق الإنسان بالنزول إلى مديريات غرب شبوة الثلاث (بيحان، عسيلان ، عين ) وهي آخر المديريات التي كانت تسيطر عليها جماعة أنصار الله المعروفة بالحوثيين أي ان النزول نفذ بعد شهر ونصف من تحريرها من قبل قوات العمالقة الجنوبية المحسوبة على حكومة الشرعية في العاشر من يناير ٢٠٢٢م. 

الألغام هي مواد صممت لتوضع تحت أو فوق أو بالقرب من الأرض وتنفجر بسبب وجود أو اقتراب أو تماس شخص لها (في حالة الألغام الأرضية المضادة للأفراد) أو مركبة في حالة الالغام الأرضية المضادة للدبابات والمركبات.

"إن المعاناة والإصابات الناتجة عن الألغام المضادة للأفراد[2] التي تقتل أو تشوه، كل أسبوع، مئات الأشخاص، معظمهم من الأبرياء والمدنيين العزل وبخاصة الأطفال، وتعيق التنمية الاقتصادية والتعمير، وتمنع اللاجئين والمشردين داخلياً من العودة إلى الوطن، وتتسبب في نتائج أخرى وخيمة بعد سنوات من زرعها"، وفق ما اشارت إليه اتفاقية حظر استعمال وتخزين و إنتاج ونقل الألغام المضادة للأفراد و تدمير تلك الألغام- اتفاقية أوتاوا ١٩٩٧.

كما يحظر القانون اليمني واتفاقية حظر الألغام لعام [3]١٩٩٧ استخدام الألغام المضادة للأفراد والتي صادق عليها اليمن في 1998، بالإضافة إلى حظر الاستخدام في معاهدة حظر الألغام، تجوز محاكمة الأفراد المسؤولين عن استخدام الأسلحة المحظورة أو شن هجمات عشوائية على أنها جرائم الحرب.

فقد استخدام جماعة أنصار الله (الحوثيون ) للمتفجرات والعبوات الناسفة والالغام الأرضية بشكل واسع وعشوائي في مديريات غرب شبوة الثلاث بيحان وعسيلان وعين والذي تسبب في قتل وجرح مئات المدنيين من أبناء محافظة شبوة ومن خلال النزول الميداني لفريق المنظمة قمنا برصد وتوثيق الانتهاكات والجرائم التي ارتكبتها جماعة أنصار الله في محافظة شبوة عبر مقابلات الضحايا والشهود بالصوت والصورة و جمع الاحصائيات وتفويضات الضحايا لمقاضاة ومسائلة مرتكبي هذه الجرائم أمام المحاكم والهيئات الدولية.

في ٢٢ من فبراير ٢٠٢٢ اي بعد شهر ونصف من تحرير مديريات شبوة بيحان و عسيلان وعين قام فريق منظمة فرونت لاين البريطانية لحقوق الإنسان بتنفيذ النزول الميداني وذلك بعد الوصول إلى مدينة عتق عاصمة محافظة شبوة و الالتقاء بمحافظ محافظة شبوة الشيخ عوض بن الوزير الذي سهل للمنظمة إجراءات النزول والتنقل وبعدها تم الانطلاق إلى كل من مديرية عسيلان وبعدها مديرة بيحان ومن تم مديرية عين وقد استغرغ النزول الميداني لفريق المنظمة أكثر من أسبوعين.

 

النزول الميداني إلى مديرية عسيلان

 

.

هي مدينة ومركز مديرية عسيلان بمحافظة شبوة اليمنية، غرب عتق و يبلغ تعداد سكانها 3695 نسمة حسب الإحصاء الذي أجري عام 2004

حرص فريق المنظمة الى زيارة مكتب مدير عام مديرية عسيلان وتحدث إلينا امين عام المجلس المحلي في المديرية الأستاذ أحمد محسن كرده  حيث اطلع فريق المنظمة على الاضرار التي تعرضت لها المديرية ولازالت تعاني من انتشار الألغام فيها بشكل واسع وهو ما يهدد حياة الأهالي هناك بشكل كبير. 

وأثناء النزول الميداني اطلعت المنظمة إلى حجم الدمار هناك والتقت بالعديد من ضحايا الألغام واستمعت إليهم ووثقت ذلك 

فقد اعتمدت جماعة أنصار الله (الحوثيون) إلى استخدام المتفجرات والالغام الأرضية المضادة للأفراد في الأماكن العامة التي يرتادها المدنيين كالطرقات والمزارع والمرافق الحكومية والمراكز الصحية وملاعب الأطفال والمساجد وكذلك قام بإستخدام الألغام المضادة للمركبات المعدلة لكي تنفجر على وزن الشخص والالغام الحسية المموهة على شكل احجار بناء وصخور وعلى شكل أجزاء من جدوع الأشجار كما وصل به الأمر إلى استخدام الغام على شكل العاب الاطفال وعلب العصائر وعلب السجائر وفي خزانات المياه وفي مكبرات المساجد .

يقول (أصيل ) وهو إحدى ضحايا الألغام التي زرعها الحوثي بينما كان في طريقة إلى ملعب الكرة في المنطقة التي يقطن بها ويرتدي ملابس كرة القدم ليمارس هواية المفضلة ،انفجر فيه اللغم وترتب على ذلك فقدان رجلة اليمنى ونقل إلى المستشفى وتلقى العلاج لمدة ٦ أشهر، أصيل لم يجد طرف صناعي ومع هذا يصر بعزيمة وقوة أن يستمر في ممارسة هواية المفضلة ولازال أصيل يشارك أصدقائه لعب كرة القدم وهو ممسك بعكازة المعدني. وهناك حالات كثيرة مشابهه لحالة أصيل .

أما الطفل (عثمان) من أبناء مديرية عسيلان كان يبلغ من العمر ١٢ سنه عندما انفجر فيه لغم زرعته جماعة أنصار الله في إحدى المزارع وتسبب ببتر إحدى قدمية وإصابة وتشويه في يده. 

صورة حديثة لكل من عثمان و أصيل ضحايا الغام الحوثي الذي فقد كل منهما قدمه اليمنى 

كما فقد الكثير من أبناء مديرية عسيلان منازلهم التي عمد الحوثي على تفخيخها بعد هزيمته وانسحابه من المديرية وتعرفت مساحات واسعه من الأراضي الزراعية للتلف نتيجة لخوف الأهالي هناك من الدخول إليها بسبب الألغام التي زرعها الحوثيين في مزارعهم وتسبب ذلك ايضا بأضرار كبيرة لحقت بالمواشي والجبل والاغنام التي يعتمد عليها الأهالي في حياتهم هناك بشكل كبير.

أما ضحايا الصواريخ والمتفجرات الذين فقدوا منازلهم نفذت المنظمة نزول إلى منطقة (بيوت ال دبوه ) في مديرية عسيلان وتحدث إلينا (عبدالله) إنهم يعانوا بسبب فقدان منازلهم منذ ٧ سنوات بسبب تفجير الحوثيين له ولازالوا حتى اليوم يعيشون ١٤ شخص في خيمة واحدة والخيمة الثانية يعيش فيها ٧ أشخاص وانه وبسبب عادات وتقاليد شبوة لا توجد أسر نازحه بل يوجد ضيف ومضيف في نفس المنطقة وهو ما رفضت تفهمه منظمات الإغاثة التي رفضت مساعدة الكثير من الأسر المضيفة بسبب عدم وجود مخيمات لهم وكان من باب أولى أن تتفهم منظمات الإغاثة طبيعة الحياة والعادات في المحافظة التي يرفض أهلها أن يعيشون أو ينزحون في مخيمات كباقي المناطق .

الناشط الحقوقي المهندس أحمد خيران رئيس منظمة شباب شبوة الذي رافق فريق المنظمة طيلة تواجدها في مديرية عسيلان أوضح للمنظمة أن أكثر الأمور خطرا  الخطر هو مايواجهه وفرق نزع الألغام ايضا  وهو أن الحوثيين عملوا إلى زراعة الألغام في الكثبان الرملية وانه بمجرد ان تأتي الرياح تقوم بتغطيتها وهو ما يترتب عنه سنوات لكشفها ومعرفة أماكن تواجدها من قبل فرق كشف الألغام كمشروع مسام لنزع الألغام وهو ما يبقى يعاني منه أبناء المنطقة ولسنوات طويلة، اي ان القاتل سيبقى مختبئ تحت الرمال لسنوات.

وبحسب تواصل المنظمة مع مشروع مسام السعودي لنزع الال٧الذي أوضح لنا ان المشروع يقوم بدور كبير في نزع الألغام فقد تمكن فريق مسام بعد تحرير مديريات شبوة عسيلان وبيحان وعين من نزع ما يقارب أكثر من ٢٥ ألف لغم وعبوة ناسفة خلال الثلاثة الاشهر الماضية بعد أن كانت مشروع مسام على وشك ان يعلن مديريات شبوة خالية من الألغام بعد عمل ٣ سنوات لتأمينها من الألغام حيث نزع ما يقارب ٣٥ الف لغم وعبوة ناسفة، الا ان عودة جماعة أنصار الله مرة أخرى والسيطرة على محافظة شبوة وعمدت هذه المرة على زراعة الألغام بإعداد مضاعفه وبتقنيات حديثة واستهدفت مناطق مدنية عديدة وبشكل عشوائي وهو ما يتطلب أكثر من ٣ سنوات لنزعها مرة أخرى. 

فرق مسام تعمل بشكل مستمر لتأمين المناطق الأكثر حيوية مثل فتح الطرقات وتأمين المنازل والمزارع وسوف يليها المرحلة الثانية تأمين المراعي والمناطق المفتوحة.

ويبلغ عدد فرق مسام في محافظة شبوة أكثر من ٨ فرق هندسية تعمل بشكل يومي ومستمر لتجنب وقع اي ضحايا .

كما حرصت المنظمة الى النزول إلى مناطق وجود الألغام وتصويرها والتقت بيوسف من عائلة مزيان التي تطوعت وجهود فردية إلى نزع الألغام في مديرية عسيلان ، يوسف فقد اثنين من إخوته الذين كانوا يقومون ايضا بنزع الألغام بينما فقد يوسف رجله اليمنى وأصيب يده وبترت أصبعه الصغرى اثناء قيامه بنزع الألغام ذات يوم بسبب انطفاء الشحن عن جهاز كشف الألغام اثناء عملية النزع  ، يوسف تحدث إلينا بقوة وصلاة  قائلا لن اتوقف عن مساعدة الأهالي في التطوع في نزع الألغام وان فقدت قدمي الأخرى سأواصل نزع الألغام ولو بالعكاز 



عائلة يوسف لم تلق اي دعم أو مساعدة من أي جهة ومع هذا تواصل تطوعها في نزع الألغام حيث بلغ عدد الألغام التي يقومون بنزعها في اليوم الواحد قرابة الخمسين لغم.

كما أصر فريق المنظمة الى النزول مع يوسف لمشاهدة ورصد وتصوير وتوثيق ذلك وأثناء ذلك وجدنا جثث لازالت في الصحراء لأطفال قامت جماعة أنصار الله (الحوثيون) باستخدامهم في حربها كوقود حرب وقامت المنظمة بتوثيق ذلك بالصور والفيديو. 

النزول الميداني إلى مديرية بيحان : مديرية بيحان هي إحدى مديريات محافظة شبوة في اليمن. بلغ عدد سكانها 48347 نسمة عام 2004.

حرصت المنظمة قبل تنفيذ النزول الميداني إلى المديرية بمقابلة مدير عام مديرية بيحان الأستاذ محمد الفاطمي في مكتب المديرية الأستاذ الفاطمي أوضح وشرح للمنظمة بالإحصائيات والصور حجم الدمار الذي تسببت به جماعة أنصار الله ( الحوثيون) اثناء تواجدهم وبعد هزيمتهم وانسحابهم من المديرية من وضع المتفجرات والعبوات الناسفة والالغام ذات التقنيات الحديثة والتي يصعب كشفها وقد تسببت بأضرار كبيرة في الأرواح والممتلكات. وأكد لنا الاستاذ الفاطمي أن أهالي بيحان الذين دمرت بيوتهم لم يستلموا اي تعويض يذكر حتى اللحظة وان المنظمات الاغاثية تشترط وجود مخيمات حتى تقوم بدور الإغاثة وانها رفضت أن تتفهم طبيعة شبوة الرافضة لوجود هذه المخيمات وان طبيعة شبوة تفرض عليهم نزوح الأسر المهدمة منازلهم إلى منازل اسر أخرى من نفس المنطقة كضيف ومضيف.


 

كما حدثنا الأستاذ الفاطمي حول المخاطر التي تتعرض لها المناطق التي تقع بين البيضاء وشبوة اي ان جزء منها يتبع البيضاء وجزء منها يتبع شبوة وهي تقع حاليا  تحت سيطرة الحوثي وهي أكثر المناطق خطورة حيث ان الحوثي يسمح لهم بالنقل والحركة فقط في يوم واحد في الاسبوع وهو يوم( الثلاثاء) في طريق ضيق مهدد بوجود الألغام على أطرافه وقد انفجرت من اسبوع من لقاءنا به سيارة تنقل عائلة بسبب خروج عجلة السيارة عن حدود الطريق الضيق إلى أطرافه مما أدى إلى انفجار لغم بهم ونقلوا على اثرها إلى مستشفى بيحان.. بالاضافة الى خطر التنقل فإن الحوثيين يضعون شروط أخرى وهي أن التحرك يكون مع طلوع الشمس إلى غروبها واذا لم يلتزم المسافر بهذا التوقيت فعليه أن ينتظر إلى يوم الثلاثاء القادم، هذه الشروط الصعبه والغير انسانية يضعها الحوثيين على المدنيين هناك  دون أن يراعي الحالات المرضيه وحالات الإصابة أو حالات الوضع للمرأة وهذه المناطق هي أكثر المناطق التي تعاني من سقوط القذائف عليها نظرا لأنها مناطق حدودية وبالتالي فهي تشهد الكثير من الصراعات بين الحوثيون وقوات العمالقة الجنوبية المحسوبة على حكومة الشرعية. 

كما أكد لنا أن الألغام لازالت تشكل خطر كبير على الأهالي رغم الدور الكبير الذي يقوم به فرق مشروع مسام السعودي لنزع الألغام الا ان أعداد الألغام هذه المرة كبيرة جدا وزرعه يشكل عشوائي في كل مكان وسط المزارع وفي الطرقات والوحدات الصحية وملاعب الأطفال والمرافق الحكومية .

كما تفضل الأستاذ الفاطمي باطلاعنا على جانب لا يقل خطورة عن الألغام وهي الادلجة الفكرية التي عمدها على زرعها الحوثيين بين الاطفال فقد استغل الحوثيون الاطفال في غرس أفكاره المتطرفة فيهم من خلال الحلقات وتحفيظ معتقداته وأناشيده مقابل منح الاطفال الحلويات والالعاب لكل من يحضر هذه الدروس والجلسات كما قام الحوثيين في سابقة خطيرة بأخذ ١٦٠ معلم بالقوة الى صنعاء لإعطائهم دورات تدريبية هناك واعادتهم بعد انتهاء دورتهم إلى بيحان وتوزيعهم على المدراس.
بعد ذلك توجه فريق المنظمة الى مدرسة موقس للتعليم الأساسي والثانوي ليقابل بعض الطلبه الذين فقدوا اطرافهم بسبب الألغام وكان هناك أعداد من ضحايا الألغام تحدث البعض منهم إلينا. 

يقول الطفل (علي ابوبكر) البالغ من العمر ١٣ سنة انفجر بي لغم وانا في طريقي لرعي الأغنام و أدى ذلك إلى إصابة في يدي وفي قدمي حيث اصبت بتكسير في الركبة ولا استطيع تحريكها او المشي بشكل طبيعي لذلك ينادوني زملائي في المدرسة بعلي الأعرج وانا لا احب ذلك الاسم ،و بسبب تلك الإصابة توقفت عن الدراسة لمدة ٣ سنوات وانا الان في الصف الرابع بدل أن اكون في الصف السابع مع أصدقائي. علي يحتاج الى عملية في ركبته لكي يستطيع المشي ولكنه لا يستطيع ذلك بسبب ظروفه المادية .


وعندما سألنا ( علي) ماذا تتمنى ؟ اجابنا بكل براءة أريد فقط أن أعيش مثل الناس ، بعد هذا الرد لم نستطيع بعدها ان نكمل معه اي أسئلة أخرى ....

يقول (عبدالله بن عبدالله) البالغ من العمر ١٧ سنه لقد حرمت من التعليم لمدة عامين بسبب بانفجار لغم زرعة الحوثيين بالقرب من منزلي في ٢٠١٥م  أدى إلى بتر قدمي اليسرى مما حال دون مواصلة دراستي وحين عدت للدراسة بعد انقطاع عامين عدت للدراسة مع من يصغرني بعامين وقد إثر ذلك على نفسيتي ولم استطيع التأقلم مع زملائي الأصغر مني سن.

عبدالله قام بتركيب طرف صناعي على حساب أسرته دون أن يتلقى اي مساعدة تذكر .

أما (فيصل ) البالغ من العمر ١٥ سنه في الصف الثامن توقف هو أيضا عن الدراسة لمدة عامين بسبب انفجار لغم في ٢٠١٥م اثناء ذهابه إلى منزل جدة وأدى ذلك إلى تهشم المفاصل في يده اليمنى وبتر رجلة اليمنى .

يقول (فيصل ) ان الإصابة وتوقفه عن الدراسة أثرت كثير على حالة النفسية.

لازال فيصل يستخدم العكاز المعدني وكل ما يحلم به هو أن يتمكن من تركيب طرف صناعي يستطيع من خلاله المشي دون العكاز المعدني.

بعد حديثا في مدرسة الموقس إلى الطلاب ضحايا الألغام حرصت المنظمة إلى الاستماع ايضا إلى أحد المدرسين هناك وهو الأستاذ (أحمد عبدالقادر المذب) مدرس اللغة الانجليزية في مدرسة موقس للتعليم الأساسي / بيحان

يقول الأستاذ أحمد ان هناك أعداد كبيرة من الاطفال والشباب تعرضوا للإصابات الجسدية وانقطعوا عن التعليم بسبب الإصابة والتشويه من انفجار الألغام أو المقذوفات، كما ان هناك أعداد كبيرة أيضا من الطلاب اصيبوا بحالات نفسية وقرروا الانقطاع عن التعليم وذهبوا للبحث عن عمل حتى يساعدوا أهلهم في مصاريف البيت خاصة بعدما تسببت الحرب لدى الكثير منهم  في فقدان من كان يعيلهم. 
كما أوضح الأستاذ أحمد ان مدرسة الموقس تبعد ٧ كيلو متر فقط عن مناطق سيطرة الحوثيين وان لازال هناك طلاب لم يستطيعوا الوصول إلى المدرسة بسبب إنهم لا لازالوا محاصرين في مناطق اخرى وان لديهم قائمة بأسماء الطلاب المحاصرين في مناطقهم (قائمة الطلاب الغائبين عن حضور المدرسة بعذر ) .

كما ان هناك طلاب في المستشفيات للعلاج وهناك طلاب دون أطراف صناعية تحول دون مقدرتهم للمشي والوصول إلى المدرسة لإكمال دراستهم.

الأستاذ أحمد أكد لنا وجود حالات تلعثم منتشرة بين الطلاب لم تكن موجودة قبل اندلاع الحرب وهي حالة نفسية بسبب الخوف والرعب الذي سببه الحرب لهم ، وان كثير من الطلاب يفتقدون التركيز ويسرحون كثيرا اثناء الدرس ، ومن جانب أخر أكد لنا ظهور سلوك العنف لذا عدد من الطلاب يتمثل في فصلهم عن الواقع والاتجاة إلى رسم الأسلحة والالغام و رسم مشاهد مرعبة.

الأستاذ أحمد أكد لنا مرة أخرى ما قاله مدير عام مديرية بيحان الأستاذ الفاطمي من أن هناك مدرسين زملاء تعرضوا للسجن والتعذيب من قبل الحوثيين لإجبار المدرسين على تنفيذ ما يفرضوه عليهم كتلك الدورات التدريبية التي قاموا بفرضها على ١٦٠ معلم وتم أخذهم بالقوة إلى صنعاء.

وعلى بعد كيلو مترات قام فريق المنظمة الى النزول إلى مدرسة أخرى وهي مدرسة (غنيه)  الخالية من الطلاب حيث توقفت الدراسة فيها بشكل كلي بسبب موقع المدرسة القريب من مناطق سيطرة الحوثي على يعد مسافة بسيطة في المناطق المحاذية لعقبة( القنذع) التي يتمركز عليها الحوثيون، الأستاذ علي جذنان وهو الذي رافق طاقم المنظمة طيلة فترة تواجدها في مديرية بيحان، أوضح  أن الكثير من الطلاب ترك الدراسة والبعض الآخر انتقل لمدارس أخرى .. 

 

على بعد مسافات من عقبة (القنذع ) قام فريق المنظمة بالنزول إلى منزل (ناصر عبدربه الطاهري) المدمر كلي وهناك التقينا بأحد أبناءه واسمه (عبدربه) الذي حكى لنا كيف أن جماعة أنصار الله قاموا بقصف المنزل الذي كان يتواجد به والده وأخوه البالغ من العمر ١٥ سنه وعندما قام الحوثيين بقصف المنزل بالكامل وتوفى على اثرها والده بينما بقى اخوه على قيد الحياة فقام بالخروج رافعا يديه إلى الأعلى ومستسلما لهم إلا أن الحوثيين قاموا بضربة بالرصاص وتوفى على اثرها في الحال. 

بعدها توجه فريق المنظمة الى عقبة (القنذع ) آخر منطقة لمديرية بيحان منطقة (غنيه) ومنطقة (مليب) المنطقة الحدودية على بعد أقل من ٢  كيلو من تواجد الحوثيين على الطرف الاخر من محافظة البيضاء، جبل القندع وهو الذي لازال يسيطر عليه الحوثيين حتى كتابة التقرير وقد سقط قبل اسبوع من نزول المنظمة صاروخ حوثي راح ضحيتها عدد من الأغنام والمواشي.

النزول الميداني إلى مديرية عين :هي إحدى مديريات محافظة شبوة في اليمن. بلغ عدد سكانها 22051 نسمة حسب إحصائيات عام ٢٠٠٤

قام فريق المنظمة بالنزول إلى مديرية عين المحاذية لمحافظة مأرب وقامت المنظمة بتوثيق وتصوير ما تسببت به جماعة أنصار الله ( الحوثيون) من دمار حيث قام الحوثيين بوضع الألغام في أماكن مختلفة من المديرية مما تسبب في وقع عدد من الضحايا المدنيين وسائر في الممتلكات هناك . اخبرونا الأهالي هناك أن الحوثيين قاموا بتلغيم خزان مياه تسبب في وقوع عدد من الضحايا كما وقام بتفجير محطة العقيلي وقام أيضا بقصف مدرسة ٧ يوليو و قصف بعض منازل المواطنين .

لم يتمكن فريق المنظمة من مقابلة الضحايا والاستماع إليهم كباقي المديريات حيث تفاجأ فريق المنظمة بوجود سيارة بداخلها مسلحين كانوا يسيروا خلفنا بشكل مريب وهذا ما جعلنا نقرر عدم الاستمرار في عملية الرصد ومقابلة الضحايا والبقاء لوقت طويل وذلك خوفا على سلامة طاقم فريق المنظمة الذي قرر العودة إلى مديرية بيحان مرة أخرى ..

 


 --------------------------------

مصادر
 

[1]الحوثيون وتنظيم القاعدة.. سنوات من الإرهاب المشترك في الجنوب

[2]اتفاقية حظر استعمال وتخزين وإنتاج ونقل الألغام المضادة للأفراد 

[3]الألغام الأرضية الحوثية تقتل المدنيين وتمنع المساعدات في اليمن."