"اليوم الثامن" تقدم قراءة تحليلية حول التحول في تونس..

الأزمة السياسية التونسية.. "قيس سعيد" يدشن مرحلة جديدة بدون «الإخوان»

"يظل الرئيس قيس سعيد هو ما يحتاج إليه التونسيون، على اعتبار انه الرجل القوي القادر على استخدام العصا من أجل استعادة تونس وفرض الانضباط"

تونس تبدأ عهدا جديداً بعد القضاء على جماعة الإخوان التي تمثلها حركة النهضة - الصورة عن بوابة العين الإخبارية

محرر الشؤون الإقليمية
محرر الشؤون الاقليمية والملف الإيراني
تونس

تدخل الأزمة السياسية التونسية مرحلة جديدة، في اعقاب إعلان الرئيس قيس سعيد عن إقرار دستور جديد، عزز من دوره كصاحب سلطة مطلقة في تونس، مما يبشر بعهد سياسي جديد بدون جماعة الإخوان المصنفة على قوائم الإرهاب[1].

وكانت أزمة سياسية قد بدأت في تونس بين الرئيس قيس سعيد وجماعة الإخوان، حيث انفجرت الأزمة في 25 يوليو (تموز) 2021، بعد إعلان الرئيس التونسي إقالة الحكومة وتجميد عمل البرلمان، بعد سلسلة من الاحتجاجات ضد حركة النهضة الإخوانية والصعوبات الاقتصادية والارتفاع الكبير في حالات كوفيد -19 في تونس الذي أدى إلى تهاوي المنظومة الصحية التونسية[2].

وكان زعيم حركة النهضة الإخوانية راشد الغنوشي قد هاجم الرئيس قيس سعيد، ودعا إلى اسقاطه من خلال التظاهرات الشعبية، زاعما ان ذلك يأتي في اطار ما عرف بثورات الربيع العربي التي أطاحت بالرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، الأمر الذي دفع الرئيس قيس الى القيام بإجراءات، حيث أصدر قرارًا بحظر التجول لمدة شهر. 

وفي الـ 13 من ديسمبر (كانون الأول) 2021، أعلن سعيد في خطاب توجه به للشعب التونسي عن تنظيم انتخابات تشريعية مبكرة في الـ 17 ديسمبر (كانون الأول) 2022 مع استمرار تجميد البرلمان حتى ذلك التاريخ. 

وفي الـ30 من مارس (آذار) 2022، عُقدت جلسة «عن بُعد» أصدر فيها البرلمان القانون عدد 1 لسنة 2022 والذي يقضي بـ«إلغاء الأوامر الرئاسية والمراسيم الصادرة بداية من 25 يوليو (تموز) 2022»، وفي أعقاب ذلك أصدر الرئيس سعيد قرارًا بحل البرلمان.

واستند الرئيس التونسي قيس سعيد، في 25 يوليو 2021، إلى الفصل 80 من الدستور التونسي، مُعلنًا في خطاب بثه التلفزيون الحكومي إنهاء مهام رئيس الحكومة هشام المشيشي وتجميد عمل مجلس نواب الشعب، ورفع الحصانة عن نوابه، عقب ترؤسه اجتماعا طارئا جمع قيادات عسكرية وأمنية بقصر قرطاج.

وينص الفصل 80 من الدستور التونسي[3] على :« إن لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها، يتعذر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وإعلام رئيس المحكمة الدستورية، ويعلن عن التدابير في بيان إلى الشعب.  

 

الإرهاب يضرب تونس برعاية الإخوان

 

في يناير كانون الثاني 2011 – ترك الرئيس زين العابدين بن علي السلطة وفر إلى السعودية، عقب تصاعد الانتفاضة الشعبية في تونس التي انفجرت في ديسمبر كانون الأول 2010، بعد ان أقدم بائع الخضروات محمد بوعزيزي[4] على اشعال النار في نفسه بعد أن صادرت الشرطة عربته، وقد تسببت عملية انتحار بوعزيزي في انطلاق شرارة احتجاجات على البطالة والفساد والقمع، استثمرها تنظيم الإخوان الدولي في الإطاحة بأنظمة عربية عدة، فيما عرف بثورات الربيع العربي.

في أكتوبر (تشرين الأول) 2011 – تسلم تنظيم الإخوان في تونس والمعروف بـ"حزب النهضة" السلطة بعد ان كان محظورا في عهد الرئيس المتنحي والهارب بن علي، لكنه دخل في صراع مع قوى الإسلاميين المعتدلين والعلمانيين، خاصة فيما يتعلق بحقوق المرأة.

وعلى اثر هذا الصراع دشن تنظيم الإخوان مسلسلا دمويا بتصفية المعارضين للتنظيم كما يفعل التنظيم عادة في مختلف الأقطار العربية، ففي فبراير شباط 2013 - اغتال متشددون رجح انهم مدعومون من النهضة "شكري بلعيد" زعيم المعارضة العلمانية، وهو ما تسبب باندلاع تظاهرات كبيرة في الشوارع، استقال على اثرها رئيس الوزراء.

ورغم الاستقالة إلا ان العناصر الإرهابية المحسوبة على الإخوان استمرت في تنفيذ هجمات إرهابية ضد مراكز الشرطة، لكن الشعب التونسي سرعان ما خرج للتظاهرة ضد حركة النهضة على اعتبار انها الراعي الرسمي للتنظيمات الإرهابية والمتطرفين الذين يستهدفون البلد، وفي ديسمبر كانون الأول 2013 – اجبر الشارع التونسي حزب النهضة على التنازل.

وفي يناير كانون الثاني 2014 – أقر البرلمان التونسي دستورا جديدا يضمن الحريات الشخصية وحقوق الأقليات ويقسم السلطة بين الرئيس ورئيس الوزراء، وفي ديسمبر كانون الأول 2014 - فاز الباجي قائد السبسي في أول انتخابات رئاسية، ليعود حزب النهضة الإخواني إلى الائتلاف السلطة الحاكمة.

وفي مارس آذار 2015، عادت الهجمات الإرهابية لتضرب تونس، حيث أعلن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)[5] مسؤوليته عن هجوم استهدف متحف باردو في العاصمة التونسية، وأسفر الهجوم عن مقتل 22 شخصا. وفي يونيو حزيران 2015، أطلق عنصر ارهابي مسلح النار على منتجع شاطئي في سوسة فيقتل 38 شخصا، وفي نوفمبر تشرين الثاني2015 عن مقتل 12 جنديا، وقد تسببت تلك الهجمات في ضرب الاقتصاد التونسي العائد من قطاع السياحة.

ودخل الجيش التونسي في مواجهة مع التنظيمات الإرهابية، حيث نجح الجيش في مارس آذار 2016 من ألحاق هزيمة مذلة بتنظيم داعش الإرهابي.

لكن ظل تونس تعاني من الازمات الاقتصادية، ففي ديسمبر كانون الأول 2017 - يقترب الاقتصاد التونسي من نقطة الأزمة مع ارتفاع حاد في العجز التجاري وتراجع العملة.

 

دعوات تونسية لمحاسبة الإخوان

 

في مايو أيار الماضي، طالب حزب التيار الشعبي في تونس بضرورة محاسبة الإخوان على خلفية ملف اغتيال المعارضين وغيرها الكثير من الهجمات الإرهابية والفساد والتخابر لجهات اجنبية معادية.

وكشف الناطق الرسمي باسم حزب التيار الشعبي، محسن النابتي[6]، ازدياد ثقته بأن محاسبة جماعة الإخوان قادمة بخصوص قضايا الإرهاب واختراق الأمن القومي.

وشدد النابتي على أن المحاسبة الجادة هي الممر الإجباري للجمهورية التونسية الجديدة، مشيرا إلى أنها ستكشف تورط حركة النهضة في الاغتيالات السياسية والإرهاب.

وأكد متحدث حزب التيار الشعبي على ضلوع حركة النهضة الإخوانية في تجنيد الشباب التونسي وارسالهم كإرهابيين إلى بؤر التوتر، إلى جانب سنوات طويلة من الفساد.

 وفي مايو (أيار) الماضي، إصدار القضاء التونسي قراراً يقضي بمنع سفر المتهمين في قضية ما يعرف بـ"الجهاز السري" لحركة النهضة، الذي يشتبه في وقوفه وراء عمليات الاغتيالات السياسية التي شهدتها البلاد عام 2013 وتهديد أمن الدولة، ومن بينهم زعيم النهضة راشد الغنوشي.

فقد صدر القرار، مساء الجمعة الماضي، عن قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بمحافظة أريانة، المتعهد بهذا الملف، وفقاً للمتحدثة الرسمية باسم المحكمة فاطمة بوقطاية.

ومنذ شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، بدأ القضاء تحقيقاً بخصوص ما يعرف بـ"الجهاز السري" لحركة النهضة، إثر شكوى قدمت إلى وزيرة العدل ليلى جفّال، بوصفها رئيسا لجهاز النيابة العمومية، من فريق الدفاع عن المعارضين السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي.

وأعلنت هيئة الدفاع عن المعارضين التونسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، وجود وثائق تكشف عن تورط رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي بالتخابر مع جهات أجنبية.

وأوضحت الهيئة في شباط/فبراير الماضي، وجود وثائق أيضاً تورط الغنوشي بالاعتداء على أمن الدولة التونسية.

وسبق لقوات الأمن التونسي أن استمعت في هذا الملف إلى 123 شخصا، من بينهم الغنوشي، الذي تم استجوابه مطلع شهر نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2019، غير أن قيادات حركة النهضة ظلت تتمسك ببراءتها، وتؤكد عدم وجود أي علاقة لها بهذا الملف الإرهابي، فيما لم يحسم القضاء أمره في هذه القضية.

 

تأسيس دولة جديدة في تونس 

 

في الـ25 من يوليو (تموز) أدلى التونسيون بأصواتهم في استفتاء على دستور جديد وضع من خلاله الرئيس قيس سعيد "نهاية النهاية" لجماعة الإخوان المصنفة على قوائم الإرهاب العربية.

وقالت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات[7] إن 13.6 بالمئة ممن تحق لهم المشاركة أدلوا بأصواتهم، ويعيد الدستور الجديد السلطة للرئاسة بعد أن كانت في يد البرلمان الذي أصبح تحت سيطرة حزب النهضة الإخواني أكبر تكتل فيه منذ الإطاحة بزين العابدين بن علي، وصار في السنوات القليلة الماضية مرادفا للمشاحنات والشلل السياسي.

ولدى إدلائه بصوته، أشاد سعيد بالاستفتاء باعتباره أساسا لجمهورية تونسية جديدة. ويجرى التصويت في ذكرى مرور عام على التحرك المفاجئ الذي أقدم عليه سعيد عندما حل البرلمان المنتخب وأطاح بالحكومة وفرض حالة الطوارئ وبدأ الحكم بمراسيم.

وقال سعيد بعد أن أدلى بصوته في الاستفتاء بمركز في حي النصر "سنؤسس لجمهورية مختلفة عن جمهورية السنوات السوداء السابقة.. نريد أن نؤسس لدولة تقوم على القانون".. متعهدا بـ "حماية الحريات".

ولم يصدر بعد تعليق عن الدول الغربية، التي أشادت بتونس باعتبارها قصة النجاح الوحيدة في انتفاضات الربيع العربي، بخصوص الدستور الجديد المقترح رغم أنها حثت تونس على العودة إلى المسار الديمقراطي خلال العام الماضي.

وعبر التونسيون عن دعمهم لكل إجراءات الرئيس قيس سعيد، الهادفة الى وضع نهاية النهاية لحركة النهضة الإخوانية.

وأيد كثير من التونسيين سيطرة سعيد على السلطة العام الماضي باعتبارها تصحيحا للمسار بعد سنوات من المشاحنات السياسية وفشل الحكومة، لكن منذ استيلائه على السلطة، لم يفعل سعيد شيئا يذكر لمواجهة الصعوبات الاقتصادية المتفاقمة[8] وتسعى تونس إلى الحصول على حزمة إنقاذ من صندوق النقد الدولي لتفادي انهيار ماليتها العامة.

ويقول تونسيون إنهم "يحتاجون إلى رجل قوي يستخدم العصا من أجل استعادة تونس وفرض الانضباط".

وهتف المئات محتفلين في العاصمة بشعارات منها «الشعب يريد تطهير البلاد» وانتهت اللعبة.. السيادة للشعب، ورددوا شعارات مناهضة لجماعة الإخوان وحزب النهضة، من بينها «يا غنوشي يا سفاح يا قتال الأرواح» ولا خوف لا رعب السلطة ملك الشعب وتونس حرة حرة والغنوشي على بره.

وقال نجيب البرهومي الناشط والمحلل السياسي[9]، إن الشعب التونسي متعطش لغد أفضل ولدحر المنظومة السابقة عبر امتحان شعبي وعبر طريق صندوق الاقتراع.

وأضاف «سعيد يسعى من خلال هذا الدستور الجديد لتأسيس دولة ذات سيادة وإنهاء كل الثغرات التي كانت في دستور 2014 التي عملت على تنامي الإرهاب والفساد»، مضيفا أن حركة النهضة استغلت هذا الدستور لخدمة مصالحها.

وينهي الدستور التونسي الجديد مسارا إخوانيا كبل الحقوق والحريات ووضع قانونا على مقاس أطماع تنظيم استنزف الدولة وشعبها.

ويجمع في القانون الدستوري على أن الدستور الجديد، يصحح ما صاغه الإخوان وأصدروه في 2014، ويكتب انعطافة إيجابية بمسار إصلاحي بدأه سعيد منذ 25 يوليو (تموز) 2021، ويستكمل لمساته باستفتاء حول دستور جديد يضبط شؤون الدولة ويخرج شعبها من الضيق.

ومنذ نحو عام يواصل الرئيس التونسي قيس سعيد، قصف ما تبقى من نفوذ ومكاسب لدى حركة النهضة التابعة للتنظيم الدولي للإخوان، بعدما قرر حل البرلمان المعلق ليطوي بذلك 10 سنوات جثمت فيها حركة النهضة على صدر تونس.

وقال سعيد في كلمة بثها التلفزيون الرسمي التونسي: «بناء على الفصل 72 من الدستور، أعلن في هذه اللحظة التاريخية عن حل المجلس النيابي حفاظاً على الشعب ومؤسسات الدولة»[10].

وعقد أكثر من 120 نائباً في البرلمان التونسي اجتماعاً افتراضياً في تحد للرئيس الذي جمد أعمالهم وأقال رئيس الحكومة، وصوت 116 بنعم وبدون رفض أو تحفظ على مشروع قانون يلغي التدابير الاستثنائية التي اتخذها الرئيس.

وجاء قرار سعيد خلال ترؤسه اجتماعاً لمجلس الأمن القومي. وفي معرض انتقاده لاجتماع النواب، قال الرئيس التونسي، إنها: محاولة فاشلة للانقلاب وتآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي وسيتم ملاحقتهم جزائياً.

ويرى المحلل السياسي التونسي نزار الجليدي، أنه كان من الواضح أن سعيد سيتخذ هذا القرار؛ بعد تعنت الإخوان وبرلمانهم الذي جثم على صدر تونس لعشر سنوات. وأضاف الجليدي في تصريحات خاصة، أن القرار جاء بروح الدستور والديمقراطية، ولا يمكن للنهضة وأتباعها نقده، لأنهم من وضعوا هذا الدستور، والقرار الذي جاء موافقاً للفصل 72 متطابق مع قرارات 25 يوليو الماضي وفق الفصل 80 من الدستور. وحول التداعيات التي قد تترتب على قرار حل البرلمان التونسي، توقع الجليدي حملة إيقافات من الحجم الثقيل، تتماشى مع جرائم التآمر على الدولة، والمساس بهيبتها، لافتاً إلى أن كل هذه المسوغات تخول الرئيس التونسي محو آثار الإخوان وهدم خيمتهم في تونس.

وأكد أن القرار له ظهير شعبي قوي وواضح، وحتى الاتحاد التونسي للشغل أكد أنه لا حياد في مثل هذه القرارات، فضلاً عن تمهيد رئيس الحزب الدستوري الحر، عبير موسى، عبر تعبئة الشارع ضد الإخوان باستخدام أساليب ديمقراطية بناءة. 

وتكن عبير موسي [11]العداء والكره الشديدين للجماعات الإسلامية وأبرزهم جماعة الإخوان المسلمين التي تصفها بالجماعة «الإرهابية». كما باركت الإطاحة بحكم الجماعة عام 2013 في مصر أكدت على أن «إسقاط المصريين لجماعة الإخوان شكّل ضربة قوية وموجعة لتنظيمهم الدولي». 

رفضت موسي أي شكل من أشكال الحوار مع حركة النهضة التونسية التي تتهمها بأنها «فرع للتنظيم الدولي للإخوان في تونس». بسبب هذه المواقف من جماعة الإخوان المسلمين..

وقال المحلل السياسي التونسي باسل ترجمان[12] إنه: لا توجد أي تداعيات على الأمن التونسي بعد قرار الرئيس حل البرلمان، وطي صفحة الإخوان المسلمين ومجلسهم، وأن الوضع الأمني في تونس هادئ جداً، والحياة طبيعية، وليس هناك أثر لهذه القوى التي اجتمعت افتراضياً، أو وجود في الشارع. 

وأشار إلى أن هناك قطيعة سياسية كاملة بين الشارع وبين الإخوان، وبالتالي لا يوجد أي خطر يمكن أن يهدد الأمن، وهم لا يملكون الشجاعة أن يجتمع 10 منهم في الشارع؛ لأنهم يعلمون أنه لا شعبية ولا ظهير لهم، فضلاً عن كونهم منبوذين من الناس. 

 

تونس الخضراء تنهي حقبة الإخوان إلى النهاية 

 

يقول الكاتب في صحيفة الاهرام المصرية محمد إبراهيم الدسوقي[13] "إن الغنوشي وأتباعه من جماعة إخوان الشياطين كانوا يطبقون كتالوجًا صور لهم غباؤهم المغلف بغرور واستعلاء أنه سيُمكنهم من اختطاف تونس الخضراء، وأن مستقبلها سيبقى مرهونًا لديها توجهه حيثما شاءت، وأن مَنْ يقبل دخول بيت طاعتها سينعم بخيرات ومميزات لا حصر لها".

وأضاف "إن قلبت في صفحات هذا الكتالوج الملعون المعادي والكاره للدولة الوطنية ومؤسساتها ستجدها تشتمل على ما يلى:

أولا: العداء السافر والمعلن للجيش الوطني والشرطة المدنية، لأنهما يشكلان معًا الدرع الواقية والآمنة للدولة الوطنية، وهما الأقدر على تصحيح المسار والسير نحو بر الأمان والسلامة، عندما يختل الميزان بجلوس شخص من هذه الجماعة لا يعي ولا يقدر قيمة الدولة الوطنية وبذل الجهد للمحافظة عليها وحمايتها من عبث العابثين.

ثانيًا: محاولة اختراق الأجهزة الأمنية المنوط بها تأمين الجبهة الداخلية، والسهر على أمن البلاد من الدخلاء، ومن أي طرف يسعى للإضرار به، وزعزعة الاستقرار، ويعلم الإخوان قبل غيرهم أن المحرك الأول والأخير للعاملين بتلك الأجهزة هو ولاؤهم للوطن، وليس مبدأ السمع والطاعة الذي يعد شرطًا أساسيًا للانضمام لهذه الجماعة الإرهابية البغيضة.

ثالثًا: السيطرة على القضاء، حتى يسير وفقًا للهوى الإخواني، وضمانًا لعدم فتحه ملفاتهم القذرة من فساد ونهب للأموال العامة، لذا كان من بين قرارات قيس سعيد توليه رئاسة النيابة العمومية، للتأكد من عدم التستر على فساد النهضة وقادتها، وأن تتم التحقيقات بالسرعة المنتظرة في جرائم بحق تونس.

رابعًا: أخونة مؤسسات الدولة، من خلال الدفع بعناصرها داخلها، ليصبحوا هم المتحكمين في كل كبيرة وصغيرة فيها، وهؤلاء يعملون منِ منطلق الولاء الأعمى والكامل لما يتلقونه من تعليمات وتوجيهات من مكتب الإرشاد وأفرعه، وليس توخيًا للمصلحة العامة وخدمة المواطن، فهم مخاصمون لكل ما يمت بصلة للوطن والتعايش بين مكوناته ومفرداته بوئام وسلام.

خامسًا: ترهيب الخصوم والمعارضين، ويتمادون لحد اغتيالهم، فعلوا ذلك مع عدد معتبر من منتقديهم في تونس، منهم شكرى بلعيد، والأداة المنفذة لعمليات الاغتيال والتحريض كانت من بين المنتسبين للجهاز السرى للجماعة الإرهابية، وتكشفت تفاصيل مرعبة ومخيفة عما يفعله هذا الجهاز، لكن حزب النهضة أعاق التحقيق بشأنه، وانظروا مثلا إلى استهدافهم لرئيسة الحزب الدستورى الحر عبير موسى، التي لعبت دورًا مشهودًا في فضح أفعال الإخوان ومخططاتهم تحت قبة البرلمان، وبلغ بهم الانحطاط أن ضربوها داخل قاعة البرلمان.

سادسًا: التحالف مع قوى الإرهاب والظلام، من أجل إحراق الأوطان، فشعارهم إما أن تقبلوا بحكمنا، أو نحرقكم بالسيارات الملغومة، وقنابل المولوتوف، ومهاجمة أكمنة الجيش والشرطة، والتاريخ يخبرنا بأن الجماعات الإرهابية التي ظهرت على الساحة، منذ نشأة الجماعة الإرهابية في عشرينيات القرن العشرين خرجت من رحمها، وأحدثهم تنظيم داعش الإرهابي.

سابعًا: المتاجرة بالدين، وتطويعه لتسويغ وتبرير جرائمهم المنكرة، وأبرز مَن يقوم بذلك شيخ الإرهاب يوسف القرضاوي، الذي عز عليه رؤية رفيقه الغنوشي يلفظه الشعب التونسي، فأوعز لكيان مريب أسسه وأسماه الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي أصدر فتوى تنص على أن إجراءات قيس سعيد حرام من الناحية الشرعية، لكن حلال للإخوان تقسيم تونس، وابتزاز الدولة بطلب تعويضات مالية، والتفرغ لتدبير المؤامرات والدسائس للتخلص من قيس سعيد، لأنه تصدى لهم ولخططهم الهدامة التخريبية، وإصابة البلد بالشلل السياسي.

ويضيف الكاتب د. عبدالله جمعة الحاج في صحيفة الاتحاد الإماراتية[14] "إنه لم تطأ قدم «الإخوان» بقعة من أراضي العرب، إلا وعملت فيها كمعاول للهدم والتخريب السياسي والاقتصادي والاجتماعي. فمن مصر إلى السودان إلى سوريا الأردن وليبيا، ودول الخليج العربي وأخيراً تونس، عملوا على تخريب النظم القائمة طمعاً في الوصول إلى السلطة والثروة".

وأضاف "في جميع الدول التي أطلوا برؤوسهم فيها قطعت تلك الرؤوس، لكن الفلول والأذيال باقية، ولا زالت تعيث فساداً ما استطاعت، وآخر تلك التجليات هي الحالة التونسية هذه الأيام، حيث ينطلق ما يُطلق عليه الحوار الوطني، الذي يأتي ضمن خارطة الطريق التي وضعها الرئيس التونسي قيس سعيد لمحاربة آفات تونس الحالية الثلاث: «الإخوان» والفساد، والإرهاب، لكن «الإخوان» ممثلين في واجهتهم السياسية بما يسمى بـ«حركة النهضة التونسية»، ترفض الإصلاح وتحاول جاهدة إفشال جميع المحاولات المخلصة والبناءة لإصلاح أحوال البلاد المتردية وإخراجها مما هي فيه من خراب ودمار وفساد إداري ومالي واقتصادي وأخلاقي.

ولفت الحاج إلى أن «حركة النهضة» في تونس هي حزب سياسي يسعى الوصول إلى السلطة عن طريق صندوق الانتخابات كما يدعى أصحابه، لكنه في حقيقته هو حزب ذو امتدادات أخطبوطية تعمل في الظلام، ويمثل واجهة سياسية للإخوان، والكل يعلم من هم «الإخوان»، وما الذي يمارسونه بسرية تامة من خلال أجهزتهم الخافية التي تعيش في المناطق المعتمة والأقبية المظلمة.

وقال الكاتب إن نشاط «الإخوان» في تونس كان ضعيفاً في بداية ظهوره، ولم يكن مؤثراً في الحياة السياسية، لكن منذ نهاية ستينيات القرن العشرين قادت منظومة من العوامل حرب يونيو 1967 وبعد ذلك الثورة في إيران التي زادت من زخم المد الديني في المنطقة والأزمات الاقتصادية العويصة التي ألمت بتونس وتكرر المظاهرات والاضطرابات التي اندلعت في أنحاء عدة من البلاد، إلى عودة الإسلام السياسي إلى الساحة وقيام الحركات الإسلامية، ومن ضمنها «الإخوان» بإعادة تقييم أوضاعها ومساراتها والبحث لنفسها عن مخارج جديدة وسبل للعودة إلى الحياة السياسية بقوة.

"وفي هذه المرحلة من تطور الحياة السياسية التونسية التي يحاول فيها الرئيس قيس سعيد إعادة الأمور إلى نصابها، وإصلاح ما يمكن إصلاحه من دمار سياسي واقتصادي واجتماعي تسبب فيه «الإخوان» في تونس، من خلال وجودهم في العديد من مفاصل الدولة والمجتمع كالبرلمان وسلك القضاء والأجهزة الإدارية المتنفذة بحيث يعم الفساد والمحسوبية والفوضى بها، يقوم «الإخوان» بحركة التفاف واسعة لإجهاض عملية الإصلاح الجارية".

يقول الكاتب إنهم يقومون في سبيل ذلك بتكتيكات ومناورات مكشوفة، قوامها تحريك الشارع من خلال تأليب فئات معينة من تلك التي تساهم في الفساد ونصرة «الإخوان» ودعم الإرهاب، وبالتأكيد إن هذه التكتيكات والمناورات التي يقومون بها لا تنطلق من فراغ، بل هي ضمن استراتيجية مدروسة الهدف منها الوصول إلى السلطة والثروة عن طريق استخدام الديمقراطية التعددية كمطية سهلة يركبون على ظهرها ويستخدمونها كمعول يهدمون به كل ما توصل إليه التونسيون من مكاسب وطنية على كافة الصعد، لكن ألاعيبهم تلك مكشوفة والشعب التونسي لهم بالمرصاد.

احتجاج قطري على استحياء على مصير الإخوان في تونس

عبرت منصات وصحف قطرية عن احتجاجها على ما قام به الرئيس التونسي الشرعي قيس سعيد ضد جماعة الإخوان، لكن لم يكن الاحتجاج على استحياء، فالدوحة لا ترغب في تبني قضايا الاخوان المسلمين، خاصة بعد الربيع العربي واتخاذ دول عربية عديدة مواقف رافضة لسياسة نظام تميم بن حمد ضد الشعوب العربية، وقد أدت تلك المواقف الى اعلان اربع دول "الإمارات والسعودية ومصر والبحرين"، مقاطعة[15]، لكن قطر عادت الى اصلاح علاقتها "تدريجياُ"[16]، مع جيرانها خاصة مصر التي وقفت فيها الدوحة بشكل واضح ضد القاهرة منذ العام 2013م.

وهاجمت صحيفة القدس العربي القطرية[17]السعودية ومصر، بدعوى دعم الرئيس التونسي قيس سعيد.. حيث زعمت الصحيفة ان الثورات التي دعمتها الدوحة تعثرت عبر الانقلابات العسكرية في مصر، والسعودية في البحرين، وأخيرا عبر الدعم الخليجي للحكومة السورية، إلا أن تونس ظلت الأمل الوحيد بين هذه الحركات لإعادة ضبط العقد بين المواطنين والدولة، وإعادة تعريف طريقة إدارة السياسة في الشرق الأوسط.

وبحسب زعم القدس العربي فقد ظهرت السعودية والإمارات كأكبر الداعمين للرئيس قيس سعيد، والذي قالت إنه يريد تغيير طريقة إدارة البلاد من نظام برلماني يتم فيه تقاسم السلطات، إلى نظام رئاسي يعطيه السيطرة الكاملة على تونس.

وأشاروا الصحيفة القطرية إلى أن المشاركة كانت أعلى من التوقعات، مما يعني أن سعيد لا يزال يتمتع بشعبية بعد ثلاثة أعوام من انتخابه. واتهم تحالف المعارضة يوم الثلاثاء، هيئةَ الانتخابات بتزوير النتائج. وقال أحمد نجيب الشابي، زعيم جبهة الخلاص الوطني، إن الأرقام “مبالغ فيها ولا تتناسب مع ما سجله المراقبون على الأرض”.

وسيطر الرئيس على هيئة الانتخابات في نيسان/ أبريل، ومنح نفسه السلطة لتسمية ثلاثة أعضاء في اللجنة بمن فيهم رئيسها. وحذر النقاد من أن الدستور سيدخل تونس في نظام رئاسي قد يعيد البلاد للديكتاتورية.

وزعمت القدس العربي القطرية أن النص الجديد يعطي للرئيس، سلطةَ قيادة الجيش ويسمح له بتعيين الحكومة بدون موافقة البرلمان ويمنع عزله. وقد يقدم قوانين للبرلمان الذي يجب عليه التعامل معها كأولوية.

المصادر

[1]تحليل- سعيد يتذوق السلطة المطلقة في تونس لكنه يواجه اختبارا اقتصاديا وشيكا - رويتر ( 26 يوليو 2022)

[2]الأزمة السياسية التونسية 2021–2022 - ويكيبيديا

[3]الفصل 80، دستور تونس 2014 - ويكيبيديا

[4]محمد البوعزيزي .. بائع الخضار الذي غير تاريخ الشعوب والدول – التغيير (21-1-2014م).

[5]تسلسل زمني- طريق تونس الوعر من الثورة إلى الاستحواذ على السلطات الرئاسية – رويترز (25 يوليو 2022)

[6]"التيار الشعبي" في تونس: نثق بأن محاسبة الإخوان قادمة - قناة العربية السعودية (31 مايو ,2022)

[7]الرئيس التونسي ينظم استفتاء ومنتقدوه يخشون تقويض الديمقراطية – رويترز

[8]الرئيس التونسي ينظم استفتاء ومنتقدوه يخشون تقويض الديمقراطية – رويترز

[9]تونس تدق المسمار الأخير في نعش الإخوان – صحيفة مكة (26 يوليو 2022)

[10]هل ينهي قيس سعيد وجود الإخوان في تونس؟ - صحيفة الرؤية (31 مارس 2022)

[11]عبير موسى رئيس الحزب الدستوري الحر - ويكيبيديا

[12]هل ينهي قيس سعيد وجود الإخوان في تونس؟ - صحيفة الرؤية (31 مارس 2022)

[13]التونسيون يطيحون بجماعة الإخوان الذين اعتقدوا ان بإمكانهم اختطاف تونس الخضراء "محمد إبراهيم الدسوقي" - صحيفة الاهرام (27-7-2021)

[14]«الإخوان».. معول الهدم في تونس د. عبدالله جمعة الحاج - صحيفة الاتحاد الإماراتية (25 يونيو 2022)

[15]مقاطعة قطر حق سيادي - صحيفة اليوم الثامن (09‏/09‏/2019)

[16]الصراع السعودي القطري.. قطر تصعد ضد السعودية مجدداً.. "استغلال مناسك الحج سياسياً" - صحيفة اليوم الثامن

[17]استفتاء تونس يكمل عهد الثورات المضادة للربيع العربي - القدس العربي القطرية (27/7/2022م)