الإنتاج الأدبي للكاتب ظل مختزلا برواية واحدة فقط..
"آيات شيطانية".. لماذا أهدرت دم الكاتب البريطاني سلمان رشدي عام 1989؟
لم ترفع الفتوى بحقّه وتعرض العديد من مترجمي روايته لهجمات أصيبوا فيها أو حتى قتلوا على غرار الياباني هيتوشي إيغاراشي الذي قضى طعنا بخنجر عام 1991.
منذ إصدار مؤسس الجمهورية الإسلامية آية الله خميني فتوى بهدر دمه عام 1989 بعد صدور روايته الشهيرة "آيات شيطانية"، سعى الكاتب البريطاني الهندي الأصل سلمان رشدي حتى لا يُختصر بهذه القضيّة التي حرّكت العالم الإسلامي.
وقال هذا المفكّر الحرّ الذي يحدد نفسه ككاتب وليس كرمز وأصيب بجروح بالغة في هجوم طعنا بسكين الجمعة في ولاية نيويورك، إن "مشكلتي هي أن الناس ما زالوا ينظرون إليّ من منظار الفتوى فقط".
لكن مع صعود التطرف الإسلامي في السنوات الأخيرة، ترسّخت صورته كرمز للكفاح ضدّ التطرف ولحرية التعبير، وهي صورة لطالما لازمته بنظر الغرب.
وهو اعتبر عام 2005 أن الفتوى بحقّه كانت مقدمة لاعتداءات 11 أيلول/سبتمبر 2001. وكتب في 2016 "لم تكن حالتي سوى تمهيد لظاهرة أوسع بكثير باتت تعنينا جميعا".
وروى في مذكراته بعنوان "جوزيف أنطون" الصادرة عام 2012 كيف انقلبت حياته رأسا على عقب في 14 شباط/فبراير 1989 حين دعا خميني مسلمي العالم إلى قتله إذ اعتُبرت روايته "آيات شيطانية" مسيئة للقرآن وللنبي محمّد.
وانطلاقا من ذلك التاريخ، اضطر إلى التواري والعيش في السريّة تحت حماية الشرطة، متنقّلاً من مخبأ إلى مخبأ تحت اسم مستعار هو جوزيف أنطون، اختاره تكريما لكاتبيه المفضّلين جوزيف كونراد وأنطون تشيخوف.
عانى من العزلة، واشتدت وحدته مع انفصاله عن زوجته الروائية الأميركية ماريان ويغينز التي أهدى إليها روايته "آيات شيطانية".
وكتب "إنني مكموم الفم ومسجون. أودّ أن ألعب كرة القدم مع ابني في المتنزه. حياة طبيعيّة، عاديّة، حلم مستحيل عليّ".
لكن اعتبارا من العام 1993، ضاعف السفر والظهور العلني وقد سئم أن يكون "رجلا خفيّا"، فيما أبقت الحكومة البريطانية على مراقبته.
ومع انتقال الكاتب للإقامة في نيويورك، استعاد حياة شبه طبيعية واصل فيها الدفاع في كتبه عن الحق في التهكم وفي انتقاد الأديان.
ولم ترفع الفتوى بحقّه وتعرض العديد من مترجمي روايته لهجمات أصيبوا فيها أو حتى قتلوا على غرار الياباني هيتوشي إيغاراشي الذي قضى طعنا بخنجر عام 1991.
ورغم ذلك قال رشدي في خريف 2018 "مضت ثلاثون سنة. الآن كلّ شيء على ما يرام. كان عمري 41 عاما في ذلك الوقت (عند صدور الفتوى)، عمري اليوم 71 عاما. نعيش في عالم تتبدّل فيه المواضيع ذات الاهتمام بسرعة كبيرة. هناك الآن دوافع أخرى تبعث على الخوف، أشخاص آخرون مطلوب قتلهم".
وإذ يقول إنه غير سياسي، يؤكّد أن روايته "أسيء فهمها إلى حدّ بعيد" موضحا "إنها في الواقع رواية تتحدث عن المهاجرين الآسيويين في جنوب لندن، ولم تكن ديانتهم سوى جانبا من تلك القصّة".
وللمفكّر الواسع الثقافة الذي يعتبر من كبار أدباء الواقعيّة السحريّة، حوالي 15 مؤلّفا ما بين رواية وقصص للأحداث وقصص قصيرة ومقالات وكتابات نقدية، كتبها بالإنكليزيّة في حين أن لغته الأم هي الأردو.
ولد سلمان رشدي في 19 حزيران/يونيو 1947 في بومباي بالهند في عائلة من المثقفين المسلمين غير الممارسين للشعائر الدينية، عائلة ثرية وتقدميّة ومثقفة. قرأ بنهم الملاحم الهندية وشارك في الأعياد الهندوسية كما الاسلامية والمسيحية.
في الثالثة عشرة، توجه إلى إنكلترا لإتمام دراساته. وبعد تخرّجه من جامعة كامبريدج، عمل منتجا تلفزيونيّاً في باكستان غير أنه اصطدم برقابة متواصلة، فعاد إلى لندن حيث كسب عيشه في مجال الإعلانات.
اشتهر مع صدور روايته الثانية "أطفال منتصف الليل" التي فازت بجائزة بوكر عام 1981. وتلتها "العار" التي حازت جائزة افضل كتاب أجنبي في فرنسا عام 1985، و"تنهيدة المغربيّ الأخيرة" و"الأرض تحت قدميها" و"شاليمار المهرّج" و"ساحرة فلورنسا" وغيرها.
غالبا ما يتحدث رشدي الذي يهوى الملاحم الخارقة، في مؤلفاته التخييليّة عن الهند وعلاقاتها مع الغرب، مندّدا بسقوط العالم الذي يبلبل الغرب برأيه منذ سنوات.
كان رئيسا سابقا لمركز "بين" الأميركي للدفاع عن حرية التعبير. تزوج وطلّق أربع مرات آخرها مع الممثلة وعارضة الأزياء الهنديّة الأصل بادما لاكشمي التي طلقها عام 2007.