ديوان المحاسبة يوعز الجهات الحكومية بجمع بيانات موظفي الدولة..

الكويت: "البدون".. صندوق أسود يواجه الضبابية في كل الدوائر الحكومية

يرى نشطاء أن تحرك جهاز ديوان المحاسبة بشأن حصر أعداد عديمي الجنسية الذين يشتغلون في الوظيفة العمومية، يعكس نوايا مبيتة لطرد هؤلاء الذين تقدر أعدادهم بالمئات، ما يهدد بفقدان عائلاتهم لمصادر رزقها.

البدون في الكويت - أرشيف

الكويت

تحولت خيبة الأمل التي تشعر بها فئة البدون، أو عديمي الجنسية في الكويت من عهد جديد ينصفها بعد أن تولى الشيخ أحمد نواف الأحمد الجابر الصباح رئاسة الحكومة في أغسطس الماضي، إلى نوبة خوف من مصير قاتم ينتظرها في ظل مؤشرات سلبية توحي بنهج حكومي أكثر تشددا حيالها.

وأوعز ديوان المحاسبة الكويتي لعدد من الجهات الحكومية، مؤخرا، بجمع بيانات موظفي الدولة من فئة المقيمين بصورة غير قانونية في كل الدوائر الحكومية، مطالبا تلك الجهات بتزويده بأسماء هؤلاء الموظفين ووظائفهم وصلاحية بطاقاتهم.

ترافق ذلك مع حملة اعتقالات واسعة لنشطاء من البدون ومواطنين كويتيين مساندين لقضيتهم، على خلفية مشاركتهم في تحركات احتجاجية تطالب بإنهاء الجهاز المركزي المسؤول عن متابعة ملف البدون.

ونقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر مطلعة قولها إن الطلب الذي تقدم به ديوان المحاسبة يأتي في إطار متابعة سلامة إجراءات التعيينات، مشيرة إلى أن الديوان يتابع إجراءات التعيين للتأكد من صحتها، وِفق اللوائح والقرارات الخاصة بالجهات المعنية، ومنها توافر بطاقة مراجعة الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية سارية المفعول.

وأكدت المصادر أن متابعة الديوان لإجراءات التعيين والتأكد من صحتها تشمل جميع الموظفين وليس فئة المقيمين بصورة غير قانونية فقط، من منطلق دوره الرقابي على الجهات.

وأشارت إلى أن الديوان خاطب الجهات الحكومية عبر فريق التدقيق التابع لديوان المحاسبة، تمهيداً لإعداد قوائم بالموظفين البدون، مطالباً بتزويده باسم الموظف وتاريخ الالتحاق بالعمل، والراتب، إضافةً إلى رقم بطاقة المراجعة وصلاحيتها الصادرة من الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية. وطلب الديوان كذلك تحديد النوع وبند الميزانية التي تُصرف وفقها مستحقات هؤلاء الموظفين، سواء كانوا معينين بالاستعانة أو التعيين أو أي سبل أخرى.

وذكرت المصادر أن الأمر ما زال في مرحلة جمع البيانات، ثم التأكد من سلامة إجراءات التعيين، مضيفة أنه في حال تبيَّن وجود مخالفة في التعيينات، فسيجري إخطار الجهة، ويعد تقرير في هذا الشأن.

ويرى نشطاء أن تحرك جهاز ديوان المحاسبة بشأن حصر أعداد عديمي الجنسية الذين يشتغلون في الوظيفة العمومية، يعكس نوايا مبيتة لطرد هؤلاء الذين تقدر أعدادهم بالمئات، ما يهدد بفقدان عائلاتهم لمصادر رزقها.

ويقول النشطاء إن هذا الإجراء يندرج في سياق محاولات السلطات الكويتية التضييق على هذه الفئة ودفعها إلى الموافقة على "ادعاءات" الجهاز المركزي التي تقول إن الغالبية العظمى منهم ليسوا كويتيين. وتعتبر الكويت أن معظم البدون هم مهاجرون من دول أخرى قاموا بإخفاء جنسياتهم الأصلية، وتصنّفهم على أنهم مقيمون بصورة غير قانونية.

وكثفت السلطات الكويتية خلال السنوات الأخيرة من ضغوطها على هذه الفئة "للكشف عن بلدانهم الأصلية" أو قبول الجنسية التي يتم وضعها على هوياتهم، من قبل الجهاز المركزي، وكان من بين الإجراءات التي جرى اتخاذها إيقاف الحسابات المصرفية للكثير منهم الأمر الذي حال دون وصولهم إلى رواتبهم أو مدخراتهم.

ولا توجد بيانات رسمية متاحة للجمهور عن العدد الدقيق للبدون الذين تم تجميد حساباتهم المصرفية بسبب الهوية الأمنية، لكن وسائل إعلام محلية قالت إن من بينهم موظفين حكوميين وعسكريين وعاملين في القطاع الخاص. ويرى مراقبون أن وضع مجتمع البدون في الكويت يزداد تعقيدا مع ما يبديه رئيس الوزراء، وهو ابن أمير البلاد الحالي، والذي يرجّح أن يجري التجديد له بعد الانتخابات التشريعية المقبلة.

ويقول المراقبون إن الشيخ أحمد النواف، يبدي عزما على قطع أشواط كبيرة في مسار إنهاء قضية البدون، التي شكلت على مدار عقود طويلة مصدر إزعاج للقيادة الكويتية، وأن كل الخطوات التي يجري الإعداد لها تصب في هذا الاتجاه. وتقول البيانات الحكومية الرسمية إن 85 ألفا على الأقل من البدون يعيشون في الكويت، لكن النشطاء يقولون إن العدد قد يصل إلى 200 ألف.

وتعود أزمة البدون إلى نشأة الدولة الحديثة في الكويت في الستينات من القرن الماضي، حيث لم يتقدم الكثيرون من "أهل البادية" بطلب للحصول على الجنسية، إما لأنهم كانوا أميين وإما لأنهم لا يستطيعون تقديم وثائق، وإما لأنهم لم يعرفوا مدى أهمية المواطنة.

وتقول منظمات حقوقية دولية إن وضع البدون يمثل عقبة أمام حصولهم على الوثائق المدنية والخدمات الاجتماعية ويضعف الحق في الصحة والزواج والتعليم والعمل.

وأفرجت النيابة العامة في دولة الكويت، يوم الخميس الفائت، عن 10 متهمين من فئة غير محددي الجنسية ”البدون“ بكفالة 300 دينار لكل منهم (نحو ألف دولار)، بعد مشاركتهم في تجمعات غير مرخصة في ساحة تيماء.

وبحسب صحيفة ”القبس“ المحلية، ستحيل النيابة العام القضية إلى محكمة الجنايات.

وقبل نحو أسبوع، أفرجت النيابة ،أيضا، عن 4 من المشاركين من الجنسية الكويتية في وقفة تضامنية مع البدون.

والمتهمون الكويتيون هم المحامي هاني حسين، والكاتب صلاح الفضلي، ومبارك النجادة، والناشط طلال العنزي.

وإثر التجمع، كانت النيابة أمرت بحجز 14 متهما (الكويتيين والبدون)، لاستكمال التحقيقات معهم بتهمة المشاركة في ”تجمعات غير مرخصة“.

وأكد مصدر أن ”وزارة الداخلية كانت طالبت المتهمين بفض التجمع إلا أنهم استمروا فيه؛ ما دفعها لإحالتهم إلى النيابة العامة بتهمة مخالفة القانون“.

وذكرت حسابات إخبارية محلية أن البلدية قامت بإزالة خيمة اعتصام ”البدون“ من مكانها في ساحة تيماء.