"اليوم الثامن" تنشر لمحة تأريخية عن ثاني أقدم إذاعة عربية..

إذاعة الجنوب العربي.. حين كان للإعلام هويته الوطنية الأصيلة

عند قيام الجنوب العربي تم تغيير اسم الإذاعة من (محطة عدن للإذاعة) لتصبح (إذاعة الجنوب العربي) وشهدت زيادة في مساحة الإرسال وساعاته، وفي عشية الاستقلال 30 نوفمبر 1967م طلب من علوي السقاف تسليم الإذاعة لعبدالملك إسماعيل ومحمد ناصر محمد، وهما مواطنان من أصول يمنية.

مبنى محطة عدن للإذاعة وفي الأعلى بوستر لإذاعة الجنوب العربي - أرشيف

فريق التحرير
فريق تحرير صحيفة اليوم الثامن
عدن

في الفاتح من أغسطس (آب) المنصرم، كانت صحيفة "اليوم الثامن" تقدم قراءة تحليلية في خطاب الإعلام المحلي، بعنوان "مزالق إعلامية" تهدد الهوية الثقافية الجنوبية (نظرة فاحصة)، ورغم القضية التي ناقشتها تلك القراءة، الا انه بات من المهم ضروري ان يتم استعراض "الهوية الوطنية للإعلام الجنوبي"، في محاولة لإعادة تذكر القيادة السياسية بأهمية الارتقاء بالإعلام الوطنية ومنحه الصفة الوطنية كأن يطلق عليه "تلفزيون الجنوب العربي، إذاعة الجنوب العربي"، الهوية السياسية التي ينشها العرب الجنوبيون.

الإعلامية بحيرة قاسم نشرت بوستر من الأرشيف لإذاعة الجنوب العربي، وكيف يطلب المستمعون سماع الأغاني من خلال ارسال طلب سماع أغنية عن طريقة البريد قبل ان تستجيب الإذاعة لطلب مستمعيها.

وقد أعاد هذا البوستر الى الاذهان الهوية الوطنية التي كانت تطلق على الاعلام الوطني في الجنوب، وتغيرت حتى أصبحت الاعلام بأسماء مدن او مناطق جنوبية.

وعلى الرغم من الأهمية الوطنية إن يكون الإعلام الوطني يحمل الهوية الوطنية كأن يطلق عليه "إذاعة صوت الجنوب العربي من عدن"، أو هنا عدن "إذاعة الجنوب العربي"، كما كانت عليه قبل حرب صيف 1994م، وبعد الحرب، "هنا عدن إذاعة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية".

" محطة عدن للإذاعة.. ثاني إذاعة في الوطن العربي، وأحدى المؤسسات أو المنجزات التي سبق فيها الجنوب غيره من الدول العربية، ذلكم هو إنشاء ثاني إذاعة في الوطن العربي (إذاعة عدن).

في السابع من أغسطس (آب) 1954م انطلق صوت المذيع (هنا عدن، كنداء لمحطة عدن للإذاعة)، بإشراف مكتب العلاقات العامة والنشر التابع للإدارة البريطانية في عدن.

يقول مؤرخون "كانت الإذاعة في البداية متواضعة في بثها لا يزيد عن ساعة و 45 دقيقة، ثم ارتفع البث إلى 7 ساعات في اليوم وعمل فيها 3 مذيعين مساهمين وهم: الشيخ عبدالله حاتم والأستاذ لطفي أمان والأستاذ محمد سعيد جرادة، وعين الأستاذ حسين الصافي أول مذيع معين رسمياً، فيما عين توفيق إيراني مديراً للإذاعة.

 اقتصر مكون الإذاعة في بدايتها على إستوديوهين صغيرين وثلاث مسجلات عادية ومجموعة من الأشرطة، ولم يزيد عدد الموظفين عن (25) موظفاً فقط، واعتمدت الإذاعة على شركة البرق واللاسلكي البريطانية لتشغيل أجهزة الإرسال بموجة متوسطة 5 كيلوات وموجه قصيرة 7,5 كيلوات واقتصرت تغطيتها على المناطق القريبة من مستعمرة عدن. 

وفي عام 1957 زودت الإذاعة ببعض الأجهزة الحديثة نسبياً، وفي عام 1960م افتتح فيها أول قسم هندسي واستحدث أستوديو ثالث وتولى أحمد زوقري عام 1958م إدارة الإذاعة وخلفه حسين الصافي إلى مايو 1967م حينها تولى الإدارة علوي السقاف، لقد أسهمت الإذاعة في تنمية الوعي الثقافي وتطوير الدراما والموسيقى من خلال إشراك عدد كبير من المثقفين في الإعداد والتقديم.

وعند قيام الجنوب العربي تم تغيير اسم الإذاعة من (محطة عدن للإذاعة) لتصبح (إذاعة الجنوب العربي) وشهدت زيادة في مساحة الإرسال وساعاته، وفي عشية الاستقلال 30 نوفمبر 1967م طلب من علوي السقاف تسليم الإذاعة لعبدالملك إسماعيل ومحمد ناصر محمد، وهما مواطنان من أصول يمنية.

وقد عينا مشرفين للإذاعة والتلفزيون نيابة عن الجبهة القومية والحكومة الجديدة وتغير اسمها إلى إذاعة جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية ومن ثم عين جعفر علي عوض مديراً للإذاعة والتلفزيون وكلف علوي السقاف بالمهام الفنية والإدارية.

 وفي أعقاب الاقتتال الأهلي في 22 يونيو (حزيران) 1969م كلف كل من أحمد قعطبي ومحمد سعيد عبدالله (محسن الشرجبي) وعبدالله شرف (وهم يمنيون شماليون) بإدارة الإذاعة والتلفزيون.

وقد اتسع مدى الإرسال نهاية السبعينات على النطاقين المحلي والخارجي ليغطي جميع البلدان العربية وشمال شرق أفريقيا وعدد من مناطق آسيا وأوروبا ووصل زمن الإرسال إلى 15 ساعة يومياً.

وتم نقل الإذاعة عام 1972م من مبناها القديم الكائن في قاعدة القوى البحرية في التواهي الى مبنى (إذاعة خدمة القوات البريطانية) الذي يقع قريباً من المبنى القديم، وفي عام 1982 تم تجهيز أستوديوهات الإذاعة الجديدة في مبنى (شركة البينو) بالتواهي وعددها أربعة أستويديوهات وزودت بأحدث الأجهزة وتكونت عدد من الأقسام.

 ويشير الأستاذ جميل محمد أحمد في كتابه القيم (الإذاعة اليمنية) إلى أن الإذاعة زودت عام 1972م بجهازي إرسال بموجتين قصيرتين قوة كل منهما (100) كيلووات وكان آنذاك يوجد جهاز للموجة المتوسطة بقوة (50) وآخر بقوة (5) كيلووات وجهاز آخر للموجة القصيرة بقوة (7,5) كيلووات، وفي نوفمبر 1977م تم تشغيل جهاز جديد على الموجة المتوسطة بقوة (200) كيلووات وتم إضافة جهاز آخر للإرسال بقوة (200) كيلووات وتم إضافة جهاز آخر للإرسال بقوة(200) كيلووات عام 1979م. حيثة أعطى طاقة إجمالية قدرها (400) كيلووات وجميع هذه الأجهزه تم تركيبها في محطة الأرسال الإذاعي بالحسوة بدلاً من منطقة خورمكسر الذي كان يقع فيها جهاز الإرسال الإذاعي عند أفتتاح الإذاعة عام 1954م. 

وفي مايو 1987م جرى تشغيل جهاز إرسال إذاعي للموجة المتوسطة بطاقة (750) كيلووات الأمر الذي ساعد على توسيع إنتشار البث الإذاعي لإذاعة عدن إلى مناطق جديدة وبوضح أكبر. 

وفي عام 1994م، تعرضت محطة الإرسال في الحسوة لتدمير شامل جراء الحرب العدوانية التي شنها تحالف اليمن الشمالي أدى إلى توقف الإرسال الإذاعي إلى خارج العاصمة عدن كما تعرضت الاستوديوهات للنهب والتدمير.

 وفي يوليو 1994م أعيد الإرسال بقوة (2) كيلووات وفي اكتوبر 1996م تم تشغيل جهاز إرسال إذاعي جديد للموجة المتوسطة بقوة (750) كيلووات بدلاً من الذي تم تدميره وتم تجهيز إستوديوهين كما تم تزويد الإذاعة بأجهزة مكبرات واجهزة قياسات مختلفة وجهاز مؤثرات صوتية وميكرفونات وعدد من آلات التسجيل، ولكن الإذاعة ظلت تدار من قبل إدارة يمنية شمالية.