مقتل 19 شخصاً في بلوشستان..
آخر تطورات الاحتجاجات الإيرانية في الأسبوع الثالث.. "نساء لا يقبلن الأَسْر"
رددت الأفغانيات، بأمل: «إيران انتفضت... حان دورنا الآن»، و«الموت للديكتاتور سواء في طهران أو كابل».

من تظاهرات طهران ضد مقتل الشابة مهسا أميني (تويتر)
في 16 سبتمبر (أيلول)، نفخ وفاة الشابة الإيرانية مهسا أميني النار من تحت الرماد بعدما تم توقيفها وتعنيفها من قبل شرطة الأخلاق بسبب ارتدائها لباساً دينياً «غير ملائم». نار استدعت ثورة بقيادة الإيرانيات، أحرقن فيها الحجاب الإلزامي بعد خلعه، والشعر بعد قصّه، في كافة أنحاء البلاد.
فبين إكراه المرأة على تغطية شعرها بالطريقة التي تريدها «شرطة الأخلاق» في إيران، وإرغامها على تغطية وجهها في أفغانستان، الأسْر واحد... نساء تُسلب حقوقهن ويجبرن على الرضوخ لـ«طاغية ما»، فتتفجر «الانتفاضة النسائية» من رحم القمع بقيادتهن، هن اللواتي يتنزعن حقوقهن الواحدة تلو الأخرى في هذين البلدين، بدءاً من حرية اللباس مروراً بالتعليم وصولاً إلى الحق في العمل.
وفي أفغانستان المجاورة، تتواصل احتجاجات نسائية ضد ازدياد أوضاع المرأة الأفغانية صعوبة منذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم قبل عام.
هناك، فقدت المرأة الكثير من المكتسبات التي حققتها خلال عشرين عاماً منذ (الاجتياح الأميركي عام 2001 وحتى سيطرة (طالبان) مجدداً على أفغانستان)، فأصبح ممنوعاً على المراهقات متابعة تعليمهن في المدارس الثانوية، كما أجبرت الموظفات الحكوميات على ترك أعمالهن. كذلك منعت النساء من السفر بمفردهن. وأجبرت النساء على تغطية حتى وجوههن في الأماكن العامة. كما فرضت «طالبان» على مذيعات التلفزيون ارتداء النقاب على الشاشة، ولكن عدداً منهن تحدين القرار في البداية وظهرن بوجوه مكشوفة.
وقاومت أفغانيات كثيرات القيود التي وضعتها «طالبان» خرجن في مظاهرات، مطالبة بالحق في التعليم والعمل، لكن المتشددين سرعان ما قمعوا التجمعات وأوقفوا قادتها واحتجزوهن سراً، فيما نفت الحركة بأنه تم اعتقالهن. ولزم معظمهن الصمت منذ إطلاق سراحهن.
في البلدين الصرخة واحدة، والهتافات متشابهة: ففي مظاهرة شهدتها العاصمة الأفغانية كابل الشهر الماضي لقرابة أربعين امرأة هتفن «خبز وعمل وحرية» و«العدل العدل، سئمنا الجهل» أمام وزارة التعليم. أما في إيران فتهتف النساء في المظاهرات «امرأة، حياة، حرية» بينما يلوحن ويحرقن حجابهن ويقصن شعرهن.
والخميس، تجمعت مجموعة من الأفغانيات أمام سفارة إيران في كابل في مظاهرة داعمة لانتفاضة الشعب الإيراني. وكتبن على اللافتات، التي كن يحملنها شعارات منها «نساء إيران وأفغانستان لا يقبلن الأَسْر».
ورددت الأفغانيات، بأمل: «إيران انتفضت... حان دورنا الآن»، و«الموت للديكتاتور سواء في طهران أو كابل».
وشهدت محافظة بلوشستان في جنوب شرق إيران مواجهات مسلحة، أسفرت عن مقتل 19 شخصاً وجرح 21 آخرين، تزامناً مع دخول «انتفاضة المرأة» التي تعصف بالبلاد أسبوعها الثالث في أعقاب وفاة الشابة الكردية مهسا أميني 22 عاماً في ظروف غامضة أثناء احتجازها لدى الشرطة غضباً عاماً بين الإيرانيين.
وتجددت الاحتجاجات أمس في مدن الأحواز وزاهدان ومشهد وعبادان وأردبيل ومدن أخرى، وذلك بعدما هتف محتجون في سنندج عاصمة محافظة كردستان (غرب البلاد) شعار «المرأة، الحياة، الحرية». وأظهرت تسجيلات فيديو استخدام الشرطة الغاز المسيل للدموع في الأحواز.
وبعد ساعات من إعلان محافظ طهران، محسن منصوري الخميس «انتهاء الاضطرابات»، أظهرت مقاطع فيديو مساء الخميس أن حشوداً شوهدت «تهتف بشعارات وتواجه قوات الأمن» في جميع أنحاء البلاد، خصوصاً في المدن الرئيسية في طهران وأصفهان ويزد في وسط البلاد.
وفي مدينة مشهد (شمال شرق)، اندلعت اشتباكات بين عناصر قوات الأمن ومتظاهرين رشقوهم بالحجارة وكانوا يصرخون: «من قتل أختي يُقتل». ونزل المحتجون الجمعة مجدداً في شوارع مشهد.
وكانت مدينة قم، أبرز معقل المحافظين في إيران، حيث عشرات المدارس التي تخرج رجال الدين في البلاد، مسرحاً للمناوشات بين قوات الأمن والمحتجين الذين رددوا شعار «بالمدفعية، أو الدبابة، والمغرقات، يجب طرد الملالي».
وفي محافظة بلوشستان جنوب شرقي البلاد، أكدت وكالة «إرنا» الرسمية مقتل قائد جهاز استخبارات «الحرس الثوري» علي موسوي خلال المواجهات مع المسلحين.وقال محافظ بلوشستان، مدرس خياباني في تصريح للتلفزيون الرسمي إن أعمال العنف التي شهدتها مدينة زاهدان خلّفت 19 قتيلاً و21 جريحاً متهماً «جماعات انفصالية» بالوقوف وراء «الهجوم الإرهابي».
وقال خياباني: «هاجم عدد من مثيري الشغب مركزاً للشرطة تحت غطاء صلاة الجمعة». وأضاف: «هاجم الإرهابيون الانفصاليون عدة بنوك ونهبوا عدة محلات تجارية». وأضاف: «قوات الشرطة تدخلت بحزم». ودعا أهالي محافظة بلوشستان إلى «عدم دعم هؤلاء الأشخاص».
وقالت مواقع تابعة لـ«الحرس الثوري» إن عبد المجيد ريغي من أعضاء منظمة «جيش العدل» البلوشية المعارضة من بين القتلى.
كما قالت الشرطة في محافظة بلوشستان إن مسلحين مجهولين هاجموا مصلين وعدداً من قوات «الحرس الثوري».
وبدوره، أشار موقع «نور نيوز» التابع للمجلس الأعلى للأمن القومي إلى أن هناك مواجهات عنيفة بين مسلحين وقوات الشرطة.
وقال ناشطون على تويتر إن «قوات الشرطة أطلقت النار على مشاركين في صلاة الجمعة»، وأشارت المعلومات الأولية إلى «مقتل وجرح العشرات».
وتصاعدت ألسنة الدخان في أنحاء المدينة. وقالت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» إن الهدوء عاد إلى زاهدان، مشيرة إلى أن «الدخان تسبب به بعض المعادين لإظهار انعدام الأمن في المدينة». ونشرت الوكالة تسجيل فيديو من تحليق مروحية عسكرية في سماء زاهدان.
وتصاعدت وتيرة الاحتجاجات في المحافظة التي تعاني من التهميش والحرمان، بعدما دعا أمام جمعة راسك الأثنين الماضي إلى محاسبة مسؤول أمني بتهمة اغتصاب فتاة.
ودعا إمام جمعة زاهدان ومفتي أهل السنة في إيران، عبد الحميد ملازهي، أهل المحافظة إلى الهدوء. ونقلت وكالة «إرنا» الرسمية إن «الحادث مؤلم ولكن يجب القيام بتحقيق حول الأيادي التي تدخلت في حادث زاهدان».
وأفادت منظمة «حقوق الإنسان لإيران» ومقرها أوسلو عن مقتل ما لا يقل عن 83 شخصاً، وقالت منظمة العفو الدولية أمس إنها تحققت من مقتل 53 شخصاً. وكانت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» قد أعلنت الخميس عن مقتل 60 شخصاً. وتشير المعلومات التي وردت على لسان مسؤولين في بعض المحافظات وكذلك منظمات حقوق الإنسان عن تخطي الاعتقالات ألفي شخص. ولم تعلن الجهات المسؤولة حتى أمس الجمعة عن العدد الإجمالي للمعتقلين في البلاد.
وقالت وزارة الاستخبارات الإيرانية في بيان عن الاعتقالات إنها اعتقلت 49 شخصاً من أعضاء منظمة مجاهدي خلق المعارضة. كما أشارت إلى اعتقال 77 عضواً في أحزاب كردية معارضة، وقالت إن قيادياً بارزاً من أعضاء اللجنة المركزية في أحد الأحزاب بين المعتقلين.
كما أشارت إلى اعتقال خمسة وصفتهم بأعضاء جماعات «متشددة» خططت لعمليات في مشهد وشيراز. وشملت قائمة وزارة الاستخبارات الإيرانية الإشارة إلى اعتقال ثلاثة من أتباع النزعة «البهائية». وقالت أيضاً إنها اعتقلت 92 شخصاً من أنصار نظام الشاه.
وأضاف بيان وزارة الاستخبارات أن 9 من أتباع ألمانيا وبولندا وإيطاليا وفرنسا وهولندا والسويد بين الموقوفين. وقالت: «تم تحديد دورهم في أعمال الشغب». وأشار بيان الوزارة إلى أن ضباطها رصدوا تحركات دبلوماسيين في السفارة الألمانية وفرنسا وبريطانيا والسويد. يأتي بيان وزارة الاستخبارات، غداة بيان مماثل لجهاز استخبارات «الحرس الثوري» أعلن فيه عن توقيف 50 شخصاً في أعضاء شبكة تنشط في مدينة قم.
وبثت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» مقطع فيديو من ملاحقة القوات الخاصة في الشرطة محتجين عبر مسيرة في مدينة سنندج. وقالت إنها من عملية اعتقال شخصين من «قادة الاضطرابات».
وقالت منظمة مراسلون بلا حدود إن الاعتقالات طالت 23 صحافياً. وأوضحت لجنة حماية الصحافيين ومقرها في واشنطن بأنه جرى اعتقال 29 صحافياً على الأقل في إطار أعمال القمع.
ونددت منظمة العفو الدولية باستخدام قوات الأمن للعنف «بلا رحمة»، مشيرة إلى استخدام الذخيرة الحية والضرب في قمع التظاهرات.
وقالت المنظمة إن إيران تستخدم عمداً وسائل قاتلة لقمع الاحتجاجات، مؤكدة أنه بدون تحرك دولي يمكن أن يُقتل أو يُعتقل مزيد من الأشخاص. وقالت منظمة العفو في بيان إن «السلطات الإيرانية حشدت جهازها القمعي الجامح المكلف بإنفاذ القانون لقمع الاحتجاجات بلا رحمة في جميع أنحاء البلاد، في محاولة لسحق أي تحدٍ لسلطتها». وقالت إنها حصلت في 21 سبتمبر (أيلول) على وثيقة رسمية مسربة تطلب من الضباط الذين يقودون القوات المسلحة في المحافظات «التصدي بعنف» للمتظاهرين.
وفي وثيقة أخرى مؤرخة في 23 سبتمبر، أمر قائد القوات المسلحة في محافظة مازندران - حيث وقعت بعض أعنف الاشتباكات - قوات الأمن «بالتصدي لأي تظاهرة لمثيري الشغب بلا رحمة، وحتى التسبب في الموت» حسب المنظمة غير الحكومية. وأكدت المنظمة أنها فحصت صوراً ومقاطع فيديو تظهر أن معظم «الضحايا قتلوا على يد قوات الأمن التي أطلقت الذخيرة الحية».
في المقابل، نددت عدة عواصم غربية بقمع التظاهرات وشهدت تنظيم مسيرات تضامن مع الحركة الاحتجاجية. ومن المتوقع تنظيم تظاهرات جديدة السبت في 70 مدينة حول العالم.
وتواصلت الردود في إيران أمس على الاحتجاجات. وقال المتحدث باسم اللجنة الثقافية في البرلمان الإيراني النائب أحمد راستينه إن «هناك تياراً يطلق اسم المرأة على أعماله لإثارة الشغب». وقال: «قادتهم جعلوا ندا آقا سلطان رمزاً لأعمال الشغب، واليوم يحاولون أن يجعلوا مهسا أميني رمزاً لأعمال الفوضى». وكان يشير إلى ندا آقا سلطان التي قتلت برصاصة أصابتها في الرأس في الساعات الأولى من احتجاجات الحركة الخضراء لعام 2009.
أما النائب محمد رضا ميرتاج الديني فقد دعا بدوره إلى ما سماه «الاجتثاث الثوري». وقال النائب لوكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري»: «يجب القيام باجتثاث ثوري في هذا البلد مرة أخرى»، معرباً عن دعمه لملاحقة رياضيين وفنانين أعلنوا تأييدهم للاحتجاجات، مشبهاً من يشاركون بالحراك الاحتجاجي بتنظيم «داعش» المتشدد. وقال: «إلى جانب المجموعات المعادية لإيران وبعض الشخصيات في الداخل التي تنعم بأربعين عاماً في ظل أمن النظام، تتعرض البلاد لخيانة من بعض الفنانين والمشاهير والرياضيين».
ومع ذلك، قال بيان منسوب إلى عدد من طلبة ومدرسي الحوزات العلمية في قم وطهران ومشهد إن «التعاون مع الحكومة حرام»، مشدداً على «حق الدفاع عن النفس» للإيرانيين، مطالباً المسؤولين بوضع حد لقتل المحتجين.
وبحسب البيان الذي تناقلته وسائل إعلام إيرانية في الخارج فإن الموقعين على البيان اعتبروا «الحجاب الإلزامي مخالفاً لشرائع الإسلام». وقالوا إن «إصرار الحكومة على تطبيق قوانين الحجاب الإلزامي يعود إلى اعتقاد السلطة أن هويتها وبقاءها رهن بقاء مظاهر الحجاب...»، معتبرين الحجاب «أداة سياسية». ويشكك هؤلاء في أهلية المرشد الإيراني ورجال الدين المؤيدين له بأصول الفقه. وقال البيان إن خامنئي «ليس مجتهداً أو مرجع تقليد».
ووصف البيان المسؤولين الإيرانيين بـ«أشخاص حقراء، ووقحين وغير عقلانيين، وشبه أميين». وقال: «لا شك أن مستوى ثقافة وفهم وعلم وذكاء الناس أعلى بكثير من المسؤولين الإيرانيين».
في غضون ذلك، وقع أكثر من 800 طبيب إيراني بياناً، لدعم الاحتجاجات. ويؤكد البيان على أن «الناس هم أصحاب البلد الرئيسيون، ومن يقرر مصير البلاد». ويدين الموقعون على البيان «استخدام العنف تحت أي ذريعة ضد الناس»، كما يدعو البيان إلى إجراء تحقيق حول أسباب وفاة الشابة مهسا أميني، بحضور خبراء مستقلين وتوفير أرضية آمنة لإعلان نتائج التحقيق.
ونقلت رويترز عن ثلاثة محللين ومسؤول أن رجال الدين الذين يحكمون في إيران حريصون للغاية على سحق احتجاجات مناهضة للحكومة، لكن المناورات حول خلافة المرشد الإيراني علي خامنئي والانقسامات بشأن الأساليب والخطط الأمنية تعقد جهود احتواء الاحتجاجات.
وأشار المحللون والمسؤول إلى أن الاحتجاجات الجريئة، «وضعت الزعماء الإيرانيين في موقف دفاعي، وبدا أن المسؤولين غير قادرين على توحيد مواقفهم فيما يتعلق بكيفية الرد على الاحتجاجات».
وبحسب رويترز تشكل الاحتجاجات تهديداً بالغاً وخطراً للأولوية التي حددت ملامح حكم خامنئي 83 عاماً، وهي استمرار المؤسسة الحاكمة القائمة منذ أربعة عقود ومؤسستها الدينية الحاكمة بأي ثمن. لكن حقيقة أن الاحتجاجات تزامنت مع أنباء عن تدهور صحته، زادت من سوء الموقف، إذ يرى المحللون والمسؤول أن النخبة الحاكمة المنقسمة منشغلة بالفعل بمسألة من قد يخلفه.
ورغم أن الاختيار يقع نظرياً على عاتق مجلس الخبراء المؤلف من 86 عضواً، فإن مفاوضات على مستوى رفيع وتحركات لبسط النفوذ بدأت بالفعل ما جعل من الأصعب على المؤسسة الحاكمة توحيد موقفها فيما يتعلق بمجموعة من التكتيكات الأمنية.
وقال مسؤول إيراني محسوب على المحافظين: «هذا التسابق أدى لتخبط في أوساط القيادة. الانقسام العميق هو آخر ما نحتاجه الآن في وقت تشهد فيه البلاد اضطرابات... المسألة الأساسية الآن هي بقاء النظام».
والتزم خامنئي نفسه الصمت بشأن الاحتجاجات، التي تنامت سريعاً لتمرد على ما يصفه المحتجون بأنه ديكتاتورية متزايدة من رجال الدين الحاكمين.
وقال كريم سجادبور وهو زميل بارز بمؤسسة كارنيجي للسلام الدولي إن الاسمين اللذين يطرحان عادة في التكهنات بشأن من سيخلف خامنئي هما إبراهيم رئيسي الرئيس الإيراني ومجتبى الابن الثاني لخامنئي. وتابع قائلاً: «لا يملك أي منهما تأييداً شعبياً، لكن ما يبقي على الجمهورية الإسلامية في السلطة ليس التأييد الشعبي بل القمع، والرجلان متمرسان جداً في القمع».
غضب أبيه الذي يملك كل النفوذ في البلاد. ويمكن سماع المحتجين في مقاطع فيديو نشرت على تويتر وهم يقولون مجتبى... نتمنى أن تموت ولا تتولى منصب المرشد».
وقال مسؤول إيراني بارز سابق لرويترز: «جزء من المؤسسة الحاكمة يخشى من أن استخدام القوة المفرطة هذه المرة قد يدفع الجمهورية الإسلامية لنقطة اللاعودة». لكن كبار المسؤولين مثل رئيسي المنتمي للمحافظين قالوا إن الاحتجاجات «لن تؤدي لتغيير النظام».
وبحسب رويترز، يبدو أن خيار القمع دون قيود غير مطروح على الطاولة في الوقت الراهن. ويقول سعيد جولكار الأستاذ المساعد للعلوم السياسية في جامعة ينيسي إن «تراجع الشرعية التي يتمتع بها النظام» يمكن أن يكون السبب وراء قرار المؤسسة الحاكمة في إيران اختيار «القمع بطريقة الاستنزاف بدلاً من استراتيجية القبضة الحديدية التي لجأت إليها في 2019».
وشكلت الاحتجاجات في 2019 على ارتفاع أسعار الوقود، والتي قالت رويترز إنها شهدت مقتل 1500 أكثر مواجهة دموية في تاريخ إيران.
وأعلن «الحرس الثوري» الإيراني في بيان اليوم (السبت)، أن ضابطا ثانيا كبيرا توفي متأثرا بجروح أصيب بها في اشتباكات جنوب شرقي البلاد.
ولم يعرف ما إذا كانت هذه الاشتباكات مرتبطة بالتظاهرات التي اندلعت في جميع أنحاء البلاد منذ مقتل الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر (أيلول)، بعدما اعتقلتها شرطة الأخلاق.
وقال البيان إن «العقيد حميد رضا هاشمي وهو عضو آخر في جهاز استخبارات الحرس الثوري توفي متأثرا بجروح أصيب بها في اشتباكات الجمعة مع إرهابيين»، حسبما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وانضم المغني والملحن شرفين حاجي بور، إلى رموز «انتفاضة المرأة» في إيران، بعد 48 ساعة من إطلاق أغنية «من أجل...»، ما أدى إلى اعتقاله مساء الخميس.
واقتبس شرفين كلمات أغنيته من 32 تغريدة كتبها المحتجون على «تويتر». ويعبرون فيها عن الدوافع التي دفعت بهم إلى النزول للشارع، أو تأييد الحراك الاحتجاجي أو يعبرون عن مشاعرهم.
وتتطرق التغريدات إلى حقوق المرأة واعتقال النخب ومشكلات اقتصادية وبيئية وإسقاط الطائرة الأوكرانية والحريات العامة.
وتمتد الأغنية دقيقين و12 ثانية، ويظهر حاجي بور في مقطع فيديو يردد كلمات كل تغريدة في أغنيته مع ظهور صورة من تلك التغريدة.
وتبدأ بتغريدة تقول: «من أجل الرقص الحر في أزقة بلادي»، وتقول تغريدة أخرى: «من أجل أختي وأختك وأخواتنا». وتذكر تغريدة أخرى: «من أجل ذلك الأب الذي يخجل من أسرته، وانحى ظهره تحت عبء المشكلات». و«من أجل الطفل الذي يبحث في النفايات وأمنياته». و«من أجل اقتصاد الدولة الذي يدار بأوامر الدولة»، وتشير تغريدة أخرى إلى محنة الأطفال المهاجرين الأفغان.
وبعد اعتقاله تدويلت تسجيلات فيديو، تظهر بث أغنية «من أجل...» بصوت عالٍ من مبانٍ سكنية في بعض أحياء العاصمة طهران.
وجرى تداول نبأ اعتقال حاجي بور، بالتزامن مع الإعلان عن اعتقال الشاعر مُنا برزويي (38 عاماً) التي كتبت قصيدة عن مهسا أميني الشابة التي توفيت في ظروف غامضة أثناء احتجازها لدى شرطة الأخلاق، بسبب سوء الحجاب ونشرت برزوي في 22 سبتمبر (أيلول) مقطع فيديو أثناء قراءتها للقصيدة كما اعتقلت السلطات الناشطة دنيا راد التي تُدول صورة لها من دون حجاب أثناء تناولها الفطور في أحد المقاهي الشعبية في العاصمة طهران.
وقالت شقيقتها دينا راد عبر «إنستغرام»، إن السلطات استدعت شقيقتها للتحقيق بسبب تداول الصورة، قبل أن تعتقلها وتنقلها إلى سجن «إفين». وأضافت: «أسرتنا قلقة للغاية بشأن صحة وسلامة دنيا».