الاحتجاجات الإيرانية..

اقتراب الذكرى السنوية لانتفاضة نوفمبر 2019 في إيران.. الاحتجاجات تتصاعد

هاجمت صحيفة جوان المقربة من الحرس الثوري الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على خلفية استقباله للناشطة الإعلامية المعارضة مسيح علي نجاد في قصر الإليزيه

الاج

طهران

مع اقتراب الذكرى السنوية لانتفاضة نوفمبر 2019 في إيران، يستعد المتظاهرون لمزيد من المواجهات مع قوات الأمن الديكتاتورية الدينية في الشوارع. تنص الكتابة على الجدران في المدن الإيرانية على ما يلي: "أنا أكتب أبان (شهر التقويم الفارسي من 23 أكتوبر إلى 22 نوفمبر)، أنت تقرأ بايان (تعني النهاية باللغة الفارسية)"، رسالة حول نهاية نظام علي خامنئي الديني الفاشي.
اندلعت انتفاضة آبان أو تشرين الثاني (نوفمبر) 2019 في البداية بسبب زيادة أسعار الوقود بنسبة 50-200٪، ولكن سرعان ما تحولت المظاهرات إلى دعوات للإطاحة بالحكومة في إيران والمرشد الأعلى علي خامنئي. قُتل ما يصل إلى 1500 متظاهر إيراني معظمهم بنيران قوات الأمن في أقل من أسبوع.

ودعت وحدات المقاومة ونشطاء في إيران لإحياء ذكرى تلك الانتفاضة ومقتل 1500 شخص على يد قوات الأمن في تشرين الثاني / نوفمبر 2019، داعين إلى مظاهرات حاشدة الأسبوع المقبل.
وعلى الصعيد الدولي أيضًا، كانت هناك دعوات للاحتجاجات في العديد من المدن، من أستراليا إلى أمريكا الشمالية في نهاية الشهر.
وستبدأ المظاهرات من المدارس الثانوية والجامعات والأسواق، وتستمر بالتجمعات التي تركز على الأحياء للانتقال إلى الساحات الرئيسية في المدن.
وفي سيرجان، جنوب وسط إيران، كتب على الجدران بالقرب من مكتب النائب المحلي في مجلس شورى الملالي، "الموت للنائب القاتل"، ردًا على دعوة من 227 نائباً يطالبون بإعدام المتظاهرين المعتقلين مؤخرًا.
وشارك طلاب المدارس الثانوية والجامعات في العديد من الجامعات في طهران، بابل وسنندج وزاهدان ومدن أخرى مرة أخرى في مظاهرات ومسيرات واعتصامات وأنشطة احتجاجية أخرى اليوم.
وهاجم المتظاهرون العديد من المراكز القمعية الليلة الماضية في جميع أنحاء إيران بزجاجات المولوتوف، كما هو الحال في مدينة بابلسر.
وتُظهر اللقطات التي تم الحصول عليها مؤخرًا من سبزوار، شمال شرق إيران، متظاهرين يهاجمون مسؤولًا قضائيًا كبيرًا (المدعي العام مير علم سيدي) في هذه المدينة. ويؤكد المتظاهرون أن المدعين العامين للنظام وقعوا على أحكام الإعدام والاعتقالات مع التعذيب لرفاقهم.

وفي ضوء استمرار المظاهرات الشعبية في إيران، تحاول بعض الصحف بشتى السبل والأدوات إعادة الأمور إلى ما كانت عليه، فتلجأ تارة إلى التهديد والوعيد، وتعود تارة أخرى إلى الترغيب والوعود المغرية.

وهذه صحيفة "آرمان ملي" تعنون اليوم الأحد 13 نوفمبر (تشرين الثاني)، بـ"النظام يعطي الضوء الأخضر للإصلاحات"، مدعية أن النظام قد حسم أمره فيما يتعلق بخلق واقع تتعدد فيه الأصوات ووجهات النظر، في محاولة لاستعادة ثقة الشارع الإيراني ويأسه من إصلاح الأوضاع في ظل هذا النظام. كما كتبت صحيفة "جمهوري إسلامي" حول أزمة فقدان الثقة وعنونت مقالها الافتتاحي بـ"استعادة الثقة المفقودة".

وعلى صعيد الأزمة وتداعيات الاحتجاجات أيضا لفتت بعض الصحف مثل "ستاره صبح" إلى دعوة 227 نائبا في البرلمان الإيراني إلى إعدام المتظاهرين في الشوارع، وعنونت في صفحتها الأولى: "دعوة 227 نائبا لإعدام المتظاهرين". كما أشارت "اعتماد" إلى أنه وبعد كثرة الانتقادات الداخلية والخارجية على هذا البيان ممن يفترض أنهم يمثلون الشعب ومطالبه اضطر البرلمان إلى التراجع عن هذا البيان وادعى أنه لم يصدر بيانا من هذا النوع بالرغم من أن البيان قد قُرأ صوتا وصورة من منصة البرلمان ووصف المتظاهرين بـ"محاربي الله ورسوله" مطالبا القضاء بإنزال عقوبة "القصاص" لمن يدانون بهذه التهمة التي سيترتب عليها الموت والإعدام.

كما نقلت صحيفة "شرق" عن مصدر مطلع في البرلمان أن النواب البرلمانيين الذين كانوا يسعون في السابق إلى تقييد الإنترنت في إيران قد حققوا الآن ما كانوا يصبون إليه وتجاوزوا حاليا هذه الغاية وأصبحوا يسعون إلى وضع قوانين "تجرم" في الشهور القادمة النشاط في العالم الافتراضي.

وفي شأن دولي أشارت بعض الصحف مثل "ابتكار" و"آرمان امروز" إلى المساعي والجهود الغربية الرامية إلى استصدار قرار من الوكالة الدولية للطاقة الذرية ضد إيران وقال الدبلوماسي السابق فريدون مجلسي لصحيفة "آرمان امروز" إنه وفي حال فشلت إيران في تقديم الإيضاحات اللازمة للوكالة الدولية للطاقة الذرية حول آثار اليورانيوم في المواقع الثلاثة المشبوهة فإننا سنكون أمام حالة شبيهة بما كانت قبل إبرام الاتفاق النووي عام 2015، وعنونت "مردم سالاري" في مانشيت اليوم وكتبت: "مثلث الضغوط القصوى ضد إيران" في إشارة إلى تحركات الترويكا الأوروبية والولايات المتحدة لفرض مزيد من الضغوط على طهران عبر إصدار قوانين من قبل الوكالة الدولية للطاقة تدين نشاطاتها النووية.

وهاجمت صحيفة "جوان" المقربة من الحرس الثوري الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على خلفية استقباله للناشطة الإعلامية المعارضة مسيح علي نجاد في قصر الإليزيه وذكرت أن هذا اللقاء كشف فيه ماكرون عن وجهه الحقيقي مدعية أن الرئيس الفرنسي يدعم "تقسيم" إيران عبر استقباله لمعارضي النظام الإيراني في الخارج.
وعلى صعيد متصل هاجمت الصحيفة قناة "إيران إنترناشيونال" واتهمتها بـ"الإرهابية" والعمل على "تقسيم إيران" كونها تستضيف وجوها وشخصيات سياسية يعتبرهم نظام طهران "انفصاليين" كمحاولة لتشويه صورتهم والتأثير على الرأي العام متغافلة عن أن الشارع الإيراني لم تعد هذه المصطلحات الفضفاضة ترهبه وهو ما يؤكده الإقبال الكبير من المواطنين على تغطية القناة وإدارتها المهنية للاحتجاجات الشعبية في إيران.
وفي العودة إلى الموقف الفرنسي أشارت الصحيفة إلى تصريح الرئيس ماكرون حول احتجاجات إيران ووصفه ما يجري في البلاد بـ"الثورة" منتقدة بشكل غير مباشر الموقف الضعيف من الحكومة الإيرانية تجاه هذا الدعم الصريح لفرنسا للاحتجاجات في إيران، وقالت إن اتخاذ موقف دبلوماسي قوي ومحاسبة فرنسا على تدخلها في شؤون إيران يمكن أن يكون درسا مفيدا للرئيس الفرنسي.

وقالت صحيفة "كيهان" التابعة للمرشد علي خامنئي فقد هاجمت الاحتجاجات تحت وصف "أعمال الشغب" وزعمت أن الهدف الرئيسي من وراء هذه الاحتجاجات والمظاهرات هو تشويه إنجازات الحكومة الشعبية ونشاطاتها لتخليص البلاد من المشاكل والأزمات التي خلقتها الحكومة السابقة.
واتهمت الصحيفة وسائلَ الإعلام والصحف الإصلاحية بمسايرة التيار الذي يحاول تشويه إنجازات الحكومة وذلك عبر تطرقها إلى أخبار وقضايا مختلفة مثل التهديدات الغربية ضد إيران أو الانتخابات الأميركية وتأثيرها على الوضع الإيراني، مطالبة هذه الصحف بالتركيز والاهتمام بالإنجازات التي تقوم بها الحكومة، أو التغطية الواسعة لصناعة إيران صواريخ جديدة وما شابه ذلك من قضايا وأخبار تصب في مصلحة البلاد وتحسن من سمعتها حسب الصحيفة.

وقال الناشط السياسي الإصلاحي عباس عبدي في مقاله بصحيفة "اعتماد" إن أكبر خطأ تقع فيه الحكومة هو تجاهلها لوجود الجمهور الصامت تجاه الأوضاع وما يجري في البلاد، مؤكدا أن هذا التجاهل هو أقسى أشكال الوجع بالنسبة للمواطنين حتى إنه يكون أكثر إيلاما من وجع القمع والبطش.
وأضاف عبدي أن "مشكلة الحكومة اليوم هي أنها لا ترى الصامتين بل تعتبرهم داعمين لها، وترى الاحتجاجات أعمال شغب وتخريب في حين أن العكس هو الصحيح ويجب على الحكومة أن لا تخدع نفسها وترى الحقيقة بشجاعة".

وفي شأن اقتصادي، لفتت صحيفة "دنياي اقتصاد" إلى أن حكومة رئيسي وبعد فشل الاتفاق النووي قد تعتمد على سياسة التحول نحو الشرق (الصين) للتعويض عن هذه الأضرار والخسائر التي حلت بها جراء العزلة الدولية، موضحة أن حكومة رئيسي تعوّل كثيرا على دعم الصين. وتضيف الصحيفة: في حين أن إبرام الاتفاق النووي وإحياءه كان سيساعد على إمكانية تصدير نسبة أكبر من البترول للصين نفسها مما يضاعف عائدات الحكومة ومصدر تمويلها.