كيف كانت للطوابع البريدية أهمية كبيرة في إثراء الحياة الثقافية والمعرفية والعلمية بالجنوب؟

استلمت مؤسسة اليوم الثامن للأعلام والدراسات نسخة من كتاب طوابع الجنوب البريدية (هوية وطمن)، إعداد الباحث والمؤرخ الجنوبي أ. عارف عبدالله صالح الحريري، وانطلاقا من سياسة المؤسسة في تعزيز الهوية الوطنية الجنوبية الجامعة نقدم الشكر والتقدير للباحث الحريري الحريص على هذا الموروث الثقافي الذي اندثر من ثلاثة عقود، واطلعت كل المؤسسات الوطنية الجنوبية الثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية وكانت الطوابع هي الايقونة الوطنية التي تجول الأوطان العربية والعالمية معرفة بتاريخ وهوية وتراث الجنوب العربي في بوابة الجزيرة العربية.
وتكريما للدور الوطني للمؤرخ الغيور على هويته ونحن في إدارة مؤسسة اليوم الثامن للأعلام والدراسات نقدم هذه القراءة المتواضعة عن هذا الكتاب لما يمثله من أهمية وطنية وتاريخية لتراث شعبنا الجنوبي.

 
- منهجية التقديم:

تقوم منهجية هذا التقديم على تتبع الكتاب ومحتوياته ومضامينه وأهدافه مع التركيز كثيرا على التفاصيل. والهدف هو الحصول على نظرة عامة عن المادة. بينما تقرأ طبق تقنيات القراءة والفهم الموضحة في هذا الدليل، على سبيل المثال تسليط الضوء على الأفكار الرئيسية.

- تاريخ الطوابع: 

لقد أشار المؤرخ الجنوبي الحريري أن أول طابع بريدي صدر في العالم في انجلترا 6 مايو عام 1840 أصدره رولاند هيل ووقعت عليه الملكة فكتوريا، وكان يحمل صورة لوجه الملكة بالبروفيل الجانبي، وحمل هذا الطابع كلمة بريد وفي أسفله كتب كلمة بنس واحد وهو الثمن الذي كان يباع به هذا الطابع يوم ذاك.
وصدر أول طابع بريدي في الولايات المتحدة الأمريكية في 1842 وكان يحمل صورة الرئيس جورج واشنطن، وأصدره السكندر جريج الذي يعتبر الأب الشرعي للطوابع البريدية الأمريكية، وفي شهر مارس عام 1943 شهدت سويسرا أول استخدام الطوابع البريدية تلتها الدول الأوروبية.

وبعد هذا التاريخ بسبع سنوات وعلى وجه التحديد في عام 1850 كان هناك حوالي 60 طابع بريد صدرت في العديد من الدول الأوروبية والأمريكية وبلاد أخرى.
أما في العالم العربي فإن أول طابع ظهر فيها كان في مصر في العام 1966 ثم انتشر استخدامه بعد ذلك في كافة البلاد العربية. 

- الطوابع والبريد في الجنوب العربي    

يبين أن الطوابع البريدية وما تحمله من دلالات وإيحاءات وأبعاد معمارية وحضارية وإنسانية لا تخلو أحيانا من المتعة ومن التشويق أحيانا كثيرة، حيث تنقلك سلسلة منها بين صفحات التاريخ الجنوبي لاسيما المجموعات الأولى للطوابع الجنوبية في السلطنات الجنوب وكذلك الاتحاد للجنوب العربي، والتي بدت بعمرها المديد كظاهرة ثقافية وفنية وإعلامية، يذكر الحريري أن أول طابع في الجنوب العربي صدر في عام 1920م ، وغيرها من الطوابع التي توالت إصدارها منذ تلك الفترة، وبرغم بساطتها من حيث الطباعة إلا أنها من أجمل الطوابع المعبرة عن التراث والهوية والتاريخ الجنوبي لما تحمله من دلالات تاريخية.
وقد تناول المؤرخ الجنوبي التحولات التاريخية متطرقا لعدد من الطوابع في ثلاثة مراحل هي: 
المرحلة الأولى
طوابع في سلطنات الجنوب العربي من 1839م- 1962م
المرحلة الثانية: طوابع في اتحاد الجنوب العربي من 1963م- 1967

المرحلة الثالثة: جمهوريه اليمن الجنوبية الشعبية من 1967م – 1990م.

- مواضيع الطوابع البريدية الجنوبية 

لقد تضمنت الطوابع التي احتواها الكتاب التوثيقي طوابع بريدية لدولة الجنوب في مراحل تاريخية متعددة وتعد توثيق متسلسل لمراحل التطور والتنمية في الجنوب، حيث توثق تلك الطوابع البريدية لاسيما بعد القفزة الحقيقية لهذه الإصدارات من حيث الرسوم والصور والإخراج والطباعة، والمتمثل في إصدارها عام 1948م وبالتحديد ذكرى دخول دولة الجنوب عضوية الأمم المتحدة، والتي وثقت هذه المرحلة في ثمانية طوابع. 
ومن الطوابع الهامة التي تشهد إقبال لا بأس به مقارنة بالوعي العام بأهمية الطوابع البريدية وما تمثله في قائمة حفظ الهوية الثقافية الطوابع التي تصور السفينة والمعالم التاريخية والتراثية الجنوبية.

- المجال التنموي

برزت في الكتاب التوثيقي طوابع بريدية تحمل صور كالمراوح الملاحية وفنار عدن وباب القعبة في عدن وحصن الغوزيزي وشبام حضرموت وفي المجال الزراعي والحيواني كانت هناك عدد من الطوابع البريدية تحمل صور الابل والثيران والسمك بمختلف انواعه والفلاح والمنجل والفأس، وهناك بعض الطوابع التي تصور الثروة السياحية الغزلان والوعول والطيور والاصداف البحرية وشجرة دم الاخوين والحمام و غصن الزيتون، فقد جسدت تلك الصور الأعمال التنموية اليدوية والزراعية والبحرية.
- المجال الوطني والثوري

 لقد كان للثورة والوطنية نصيب من تلك الطوابع البريدية فقد جسدت صور الزعماء والمناضلين، نحو الزعيم غاندي ولينين والثائر الفلسطيني وشهداء الجنوب وشعلة ثورة أكتوبر وغيرهم.
وهناك الطوابع البريدية الجنوبية وما يحتويه من رسومات وتلوينات جعلت من بعض الطوابع تحصد تحتل مكانة عالمية نحو طوابع الصخرة ببيت المقدس مهرجانات الشبيبة والطلاب والطوابع المجسدة لقضية المرأة والطفولة والمعوقين وطوابع الجامعة العربية واتحاد البريد العربي وفعاليات كأس العالم.

- النتائج 

تبين أن معظم الطوابع البريدية في الجنوب كانت ذا أهمية كبيرة في إثراء الحياة الثقافية والمعرفية والعلمية والفنية الجنوبية وتلك الهوية الثقافية والتاريخية والسياسية والاقتصادية عرفت الشعوب بتاريخ شعب الجنوب الموغلة في القدم وتعمل على توثيقها حفاظا عليها من الاندثار أو التذكير بها من النسيان مثل الآثار والمعابد والحصون والقلاع والمساجد والنقوش والمخلوقات النادرة والطيور الجميلة والحيوانات الضخمة الأليفة والمفترسة والورود والنباتات العجيبة التي تخلق السعادة والمتعة للناظر إليها.
-  أسهم البريد والطوابع الجنوبية العربية في الكشف عن عادات ومعتقدات شعبنا وتقاليده الاجتماعية وحضاراته وأساليب حياته.
-   حرصت طوابع البريد برسم صور لرؤسائها وتخليد حياتهم ومنجزاتهم على هذه الطوابع، وتساهم في تعميق المحبة والقيم الإنسانية النبيلة والتعاريف وتشجيع التفاهم والاتصال وتشجيع التقارب بين الشعوب وتنمية التعاون في المجالات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية بينها".
- تساعد الطوابع على تنمية طاقة الهاوي وتوسع مداركه الثقافية والذهنية وتزوده بالعوم والمعارف بصورة مشوقة ومحببة إلى النفس وتعرف بأهم المناسبات الوطنية والعالمية، وكذا بأهم الانجازات والمشاريع العملية والمشاريع العلمية والفكرية والأدبية.
- كان الطابع البريدي الجنوبي سفيرا للجنوب يجوب بلدان العالم ليعطي صورة صادقة مشرقة عن أهم الأحداث التاريخية والشخصيات الهامة والانجازات الحضارية التي يشهدها البلاد ويلعب دورا إعلاميا منقطع النظير في خدمة شعبنا.
-  ساهمت الطوابع البريدية في تنمية فنون الرسم والخط والتصميم، كما يعتبر وسيلة من وسائل تحقيق الثروة سواء للهواة أو المؤسسات المختصة في هذه التجارية أو الصناعة وأصبحت استثمار مضمون الربحية فتحت لها معارض واسواق وبورصات ونوادي وجمعيات متخصصة ساهمت بفعالية في تنمية هذه الهواية.