مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات..
ظاهرة البَلْطَجِيّة في الوطن العربي.. مفهومها - أسبابها - نشأتها - ومخاطرها على المجتمع (دراسة تحليلية)
"على الرغم من أن بداية ظهور مصطلح البَلْطَجِيّة قديمة، قد أنتشر هذا المصطلح كثيراً بعد ثورات الربيع العربي حيث أستخدمتهم الأنظمة العربية كأدوات لقمع المتظاهرين والمعارضين لهم"
المقدمة: تقدم مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات عرضًا لورقة بحثية قدّمها القاضي انيس جمعان وهو باحث في القنانون؛ ولأهمية هذه الظاهرة وحداثتها في المجتمع العربي ولكونها أحد الظواهر الاجتماعية التي أفرزتها المرحلة حاولنا إعادة نشرها،
وقد تناولت تلك الدراسة ظاهرة البلطجية التي رافقت الربيع العربي، فقد حاولت الدراسة تتبع مفهوم تلك الظاهرة لغة واصطلاحا، وكذلك تتبع مواضيعها في القرآن والسنة ونشوؤها وتسمياتها الحديثة في الأوطان العربية التي تجلت فيها ثورة الربيع العربي مبينة خطورتها على المجتمع وكذلك أسباب انتشارها.
تعرَّف من هم البَلْطَجِيّة ومواضع صُورَهم في القرآن الكريم والسنة وتسمياتهم الحديثة
▪️البَلْطَجِيّة هي كلمة تركية معناها حامل السلاح، ومع الأيام تطور معنى الكلمة، إلى أن أصبح أي شخص يستولي على شيء بقوة السلاح بَلْطَجِيّ، وتعني فرض الرأي بالقوة والسيطرة على الآخرين، وإرهابهم والتنكيل بهم، وهي نوع من النشاط الإجرامي يقوم من يمارسه بفرض السيطرة على فرد أو مجموعة، وإرهابهم وتخويفهم بالقوة عن طريق الاعتداء عليهم أو على آخرين والتنكيل بهم، وأحياناً قتلهم لغرض السرقة أو قمع الرأي وإحراق الدواليب وإغلاق الطرق وترهيب المناطق الآمنة، ورمي الحجارة وإحراق الأبنية، والبلطجة سلوك مشين يقوم فرض الرأي بالقوة والسيطرة على الآخرين، وإرهابهم والتنكيل بهم، وأن فرض القوة الآجبارية على الغير يترتب عليه من أثار سلبية من أرهاب يتمثل في أزهاق أرواح أناس أبرياء وسرقة ونهب وتعذيب الآخرين، ودائماً البَلْطَجِيّ لا يخضع لأي قيم إنسانية أو ضمير ..
مفهوم البَلطجة لغةً وإصطلاحاً :
▪️كلمة بَلطجة في اللغة وهي لفظ دارج في العامية وليس له أصل في العربية، ويعود أصله إلى اللغة التركية، ويتكون من مقطعين "بلطة" و"جي"؛ أي حامل البلطة، و"البلطة" كما هو معروف هي الأداة الحادة المعروفة التي تستخدم لقطع الأشجار وتكسير الحطب والذبح التي تستعمل في تقطيع عظام الذبيحة لدى الجزارين وتعني العنف والقسوة، والتي يرجع تاريخ نشأتهم إلى الدَّوْلَةُ العُثمَانِيَّة، حيث كان البَلْطَجِيّة يمثلون فرقة مشاة منظمة في الجيش العُثمَانِي تتقدم القوات الغازية لقطع الأشجار بالبلط وشق الطريق أمامه، ووجدت فرق في الجيوش سلاحها البلطة وسميت بفرقة البَلْطَجِيّة، ومع مر العصور وانحلال الدَّوْلَةُ العُثمَانِيَّة أنتشر الفساد بين جنود وفرق الجيش العُثمَانِي فصار يرمز للشخص الفاسد بالبَلْطَجِيّ نسبة إلى هذه الفرقة من الجيش العُثمَانِي والتي تحمل البلاطي وصارت علماً في مصر للإنسان المنحرف أو اللص أو الحرامي والذي يستخدم القوة والعنف ضد الناس الآمنين ..
▪️البَلْطَجِيّ في العهد العُثمَانِي هو الذي يحمل البلطة في حضرة السلطان إذا أراد أن يؤدب بها أحد العصاة، وفي الدَّوْلَةُ العُثمَانِيَّة، كان البلطه أحد أصناف العمال في القصر، لديه أسماء عديده "عربجي، سرسجي، سبرسي، وعندما سيطر العثمانيون على مصر في العام 1517م كان بعض المجرمين يستخدمون البلطة، تشبهاً ببلطجي السلطان، لإرهاب الناس وفرض الاتاوات عليهم وقد أطلق عليهم لقب بَلْطَجِيّة، والظرف المناسب لعمل البَلْطَجِيّة هو عندما يغيب القانون وتنهار الدولة وينتشر الفساد وتسيطر على البلاد ظاهرة الفلتان الأمني ..
مواضع وصُور البَلطجة في القرآن والسنة :
▪️جاءت هذه الكلمة في القرآن الكريم والسنة المطهرة في مواضع عديدة وأهمها:
(١) محاربة الله والرسول والإفساد في الأرض، قال تعالى: " إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ " [المائدة:33] وقال تعالى: " فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ "[محمد:22] " وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ " [ البقرة:205] " أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا " [المائدة: جزء من الآية 32] "الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ ، فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ الفساد" [الفجر:11،12] " إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ " [الكهف: جزء من الآية 94]، وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۗ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ ۖ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا " [الإسراء:33]، وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا " [النساء:93]
(٢) عن أبي هريرة رضي اللَّهُ عنه قال: قال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إن اللَّه قال: مَن عادى لي وليًّا فقد آذنتُه بالحرب [رواه البخاري]
(٣) وعن جابر بن عبدالله رضي اللَّهُ عنه أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " اتَّقُوا الظُّلمَ؛ فإنَّ الظُّلمَ ظُلُماتٌ يومَ القيامةِ، واتَّقُوا الشُّحَّ؛ فإنَّ الشُّحَّ أهلكَ مَن كانَ قبلَكُم ، حملَهُم على أنْ سَفكُوا دِمائَهم، واستَحَلُّوا مَحارِمَهم " [رواه مسلم]
(٤) وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " «لَتُؤَدُّنَّ الحقوق إلى أهلها يوم القيامة، حتى يُقادَ للشاة الجَلْحَاءِ من الشاة القَرْنَاءِ" [رواه مسلم]
(٥) وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لَا يُشِيرُ أَحَدُكُمْ إِلَى أَخِيهِ بِالسِّلَاحِ ، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَحَدُكُمْ لَعَلَّ الشَّيْطَانَ يَنْزِعُ فِي يَدِهِ فَيَقَعُ فِي حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ " [متفق عليه]. وفي رواية لمسلم قال: قال أبو القاسم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَن أشارَ إلى أخِيهِ بحَدِيدَةٍ، فإنَّ المَلائِكَةَ تَلْعَنُهُ، حتَّى يَدَعَهُ، وإنْ كانَ أخاهُ لأَبِيهِ وأُمِّهِ" أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم ..
▪️هذه هي أهم صور البَلطجة كما وردت في القرآن الكريم والسنة المطهرة، ومن هنا يتبين لنا أن البَلطجة تتعدد مظاهرها فهي إما قتل أو تهديد، أو استيلاء على حقوق الناس من غير حق، أو عن طريق البَلطجة السياسية والإعلامية بفرض الرأي على الغير من غير مراعاة لحقوقه ..
نشوء مصطلح البَلطجة في مصر :
▪️في عهد محمد علي باشا انتقل نظام البَلْطَجِيّة إلى مصر حيث أنشأ في عام 1834م مدرسة المهندسخانة ببولاق وهى مدرسة خاصة بالمهندسين العسكريين ألحقها بمدرسة المدفعية بطره قبل أن تستقل بذاتها وأتخذ من قصر ابنه الأمير إسماعيل باشا ببولاق مقرا لها، وقد أسسها على غرار مدرسة المهندسين العسكريين بباريس وكان الهدف من إنشاء هذه المدرسة تخريج ضباط للخدمة في سلاح المدفعية وضباط مهندسي الأشغال العامة والمناجم ومديرين لمصانع البارود وملح البارود وضباط يعرفون علم هيئة الأرض ومساحتها لأعمال أركان الحرب وأساتذة في علوم الرياضيات والطبيعة، وكان خريجي هذه المدرسة نوعين من الطلبة وهم اللغمجية الذين يقومون بزرع الألغام، وفرق البَلْطَجِيّة الذين يحملون البلط والفئوس حيث لم يكن للجيش في بادئ الأمر قوات، مستقلة من المهندسين، فكان لكل واحد من المشاة بضعة بلوكات من حاملي البلط والتي كان يطلق عليها أحياناً أيضًا كلمة الطبرزين وهي كلمة فارسية بمعنى البلطة أو الفأس، فعندما أنشأ محمد على أول مدرسة لتعليم البنات في مصر، وكانت مخصصة لتعليمهن التمريض، كان مشهد الطالبات الذاهبات إلى المدرسة بالزى الأبيض الموحد، كاشفات عن وجوههن، جديداً على المصريين ومثيراً لانتباههم، وهو ماحرض على قيام العامة من الناس بمعاكستهن لدى مرورهن في الشوارع، وهذا ما أثار غضب محمد علي، فأمر على الفور بتخصيص بَلْطَجِيّة من الجيش لحماية الطالبات من المعاكسات والمضايقات والفضول، وكان كل بَلْطَجِيّ يتقدم طالبة ساحباً الدابة التي تمتطيها إلى المدرسة، وأدى هذا الأمر إلى ضبط سلوك الشارع المصرى وهدوئه، وتشجيع الفتيات على الاستمرار في التعليم، وتحفيز غيرهن على الالتحاق بالمدرسة ..
البَلْطَجِيّة وتسمياتهم الحديثة :
▪️على الرغم من أن بداية ظهور مصطلح البَلْطَجِيّة قديمة، قد أنتشر هذا المصطلح كثيراً بعد ثورات الربيع العربي حيث أستخدمتهم الأنظمة العربية كأدوات لقمع المتظاهرين والمعارضين لهم، فقد ابتدعت كتائب بطش شعبية تفتك بالبلاد والعباد، من دون أن تبدو القوات الرسمية متورطة في جرائمها، وبحيث يبدو الصراع بين طرفين مدنيين، من هؤلاء جيوش البلطجة ويُمارسها البَلْطَجِي وجمعها بَلْطَجِيّة في مصر أو بلاطجة في اليمن أو التَشْبيح ويُمارسها الشَبّيح وجمعها شَبّيحة في سوريا، إلا أن ظهورها بشكل كبير في وسائل الإعلام بدأ مع الثورة المصرية في 25 يناير 2011م، والتي لم تكن وحدها التي شهدت ظهور البَلْطَجِيّة، وكان هدفها تعطيل الثورات وتشويهها، وإن حملت التسميات أسماء ومرادفات أخرى وهي البلاطجة في مصر، وتسمية المرتزقة والمليشيات في ليبيا، والبَلْطَجِيّة في الجزائر، والشَبّيحة في سوريا، والشماكرية أو الشباب الملكي والعياشة في المغرب، والبراكاجات وميليشيات النظام في تونس، والرباطة في السودان، والزعران في الأردن، وأسم البلاطجة في اليمن ..
▪️إن تسميات البَلْطَجِيّة والشَبّيحة والرباطة والشماكرية والعياشة والزعرانات والمرتزقة والمليشيات والبراكاجات وغيرها من المسميات في الدول العربية ليست بالظاهرة الجديدة لأن هؤلاء نتاج تخطيط من أنظمة معينة وبعض الجهات الخفية بهدف تكوين أفرع أمنية لا انتماء لها إلى وطن ولا هدف لها إلا قتل كل إنسان يرفض الظلم والفساد، وخلال فترة ثورات الربيع العربي تم أستخدام هذه العصابات إستخداماً سياسياً من قبل الأنظمة والأيدي الخفية لتعطيل الثورات وتخويف الثوار والمنتفضين ضد ديكتاتورية الزعماء، ومحاولة أعداء الثورة أستخدام العصابات في سبيل الوصول لأهدافهم السياسية أو الدينية ..
البَلْطَجِيّة وتفشيها في المجتمع المصري :
▪️ظهر مصطلح البَلطجة والبَلْطَجِيّة في عقود ماضية بمصر، وأول ما ظهر كمصطلح أجتماعي وأقتصادي مرتبطاً بنشاط ماعرف عند المصريين بمصطلح الفُتُوّات وظهور بعض العصابات، ليصبح الفُتُوّه باللهجة المصرية، وكمصطلح سياسي برزت البَلطجة في أحداث الثورة المصرية في عام 2011م، ويقصد بها دخول مندسين من قبل النظام أو السلطة أو موالين للرئيس أو منتفعين إلى صفوف المحتجين في ميدان التحرير أو المسيرات الشعبية لتفريقهم أو قتلهم أو إيقاع الأذى بهم، لهذا في مصر يربطونهم بالنظام السابق وأجهزته الأمنية المختلفة، التي تستعمل بعض المجرمين السابقين، وبائعي ومستهلكي المخدرات، أو مرتزقة من أجل القيام بأعمال شغب ضد المتظاهرين والمعارضة في الساحات العامة وحتى داخل الجامعات مقابل مبالغ مالية، وقد أستخدمت تسمية البَلْطَجِيّة أثناء ثورة 25 يناير 2011م ضد نظام الرئيس حسني مبارك عندما حصلت أعمال سلب ونهب ألقيت تبعاتها على مجاميع من البَلْطَجِيّة، وقد أساء ظهور البَلْطَجِيّة على مسرح الأحداث في الثورة المصرية إلى صورة الحزب الحاكم ويعتقد أن ضباط مباحث أمن الدولة في مصر أستخدموا هؤلاء البَلْطَجِيّة في التعامل مع النشطاء السياسيين مستغلين حاجتهم إلى المال، حيث تنتمي غالبيتهم إلى مناطق وأحياء توصف بأنها هامشية أو عشوائية، ويتم تخييرهم بين أمرين، إما الاعتقال في حال عدم تنفيذ المهام التي توكل إليهم، أو منحهم بضعة جنيهات في حال القبول والقيام بهذه المهام، وعادة ما يعرف المصريون البَلْطَجِيّة من شكلهم العام، حيث أنهم عادة ما يكونون ذوي خدوش وجروح عميقة في وجوههم، ولهم طريقة مميزة في أرتداء ملابسهم وأسماء شهرة غريبة من نوعها .
▪️لقد أرتبطت شخصية البَلْطَجِيّ في مصر راهناً بالنظام السابق وأجهزته الأمنية المختلفة، التي تستعمل مجرمين سابقين، بائعي ومستهلكي المخدرات، أو مرتزقة من أجل القيام بأعمال شغب ضد المتظاهرين والمعارضة، في الساحات العامة وحتى داخل الجامعات، والنيل من الخصوم السياسيين، وذلك مقابل مبالغ مالية، وحسب بعض التقديرات، يبلغ عدد البَلْطَجِيّة في مصر 450 ألف بَلْطَجِيّ، وكان نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك يستخدمهم في انهاء أية موضوعات تهمه من تزوير انتخابات مجلس الشعب والشوري، أو ترويج المخدرات، أو متابعة اية موضوعات لإشعال فتيل الفتنة بين الأقباط والمسلمين، أو تهديد أية شخصية مقلقة للنظام أو حتى للشهادة في المحاكم لمصلحة أصحاب الحظوة من المقربين للنظام، كما كان يتم أستخدامهم للحراسة الخاصة لبعض الشخصيات العامة، وقد كانت خريطة هؤلاء البَلْطَجِيّة معلومة لدى جميع ضباط «جهاز مباحث أمن الدولة» على مستوى مصر، بالاسم والصوت والصورة والعنوان ..
▪️لقد تفشت ظاهرة البَلطجة في المجتمع المصري في السنوات الأخيرة بكل أنواعها وباتت أحد الهواجس في الشارع بصورة علنية فجة، وشكلت خطراً مرعباً على المجتمع، وتشهد معظم محافظات الجمهورية أرتفاعاً في معدلات الجريمة بدرجة كبيرة، خاصة جرائم القتل والسرقة بالإكراه وسرقة السيارات وحوادث الاغتصاب والتحرش، وتجارة المخدرات والمشاجرات وقيام مجموعة من البَلْطَجِيّة بتنظيم عدة تشكيلات عصابية تخصصت في قطع الطرق، وخطف الرجال والنساء والأطفال، الحوادث الجنائية بصفة عامة ..
▪️وفي هذا الصدد كشف موقع النبأ الستار عن خفايا عالم البَلطجة والمسجلين خطر في مصر، وأعدادهم، وأعداد القضايا الموجودة داخل أدراج القضاء لشخصيات معروف عنها الإجرام، ومكاتب تأجير البَلْطَجِيّة، وسعر البَلْطَجِي، وأماكن تدريباته، ووفقاً لتقرير صادر عن المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، أظهر أرتفاع معدلات الجريمة في مصر بدرجة كبيرة، خاصة جرائم القتل والسرقة بالإكراه وسرقة السيارات وحوادث الاغتصاب والتحرش، والحوادث الجنائية بصفة عامة في عدد من محافظات الجمهورية، وقد كشف التقرير عن وجود أكثر من 500 ألف بَلْطَجِيّ ومسجل خطر فى محافظات مصر، يرتكبون كل يوم شتى أنواع الجرائم بمقابل مادي، حيث تحولت «البَلطجة» إلى مهنة ولديها قوة وعتاد لبث الخوف فى نفوس الآمنين، وأضاف التقرير، أن هناك مكاتب موجودة في عدد من المحافظات، خاصة القاهرة والجيزة والقليوبية والإسكندرية، تحت مسمى «شركات تصدير وأستيراد»، لكنها في الحقيقة مكاتب لتأجير البَلْطَجِيّة مقابل 500 جنيه في الساعة الواحدة وأن العاصمة تصدرت أعلى نسبة في أنتشار «البَلطجة»، وأنها لم تعد مقصورة على الأحياء الشعبية، بل أنتشرت في «الأحياء الراقية» كمناطق المعادى والمهندسين والدقي، مشيراً إلى قيام الأغنياء بتأجير بَلْطَجِيّة لحمايتهم من السرقة والتعديات .. ..
البَلْطَجِيّة في ليبيا :
▪️في ليبيا يطلق على البَلْطَجِيّة المرتزقه، والمليشيات وهم تنظيم مسلح أو جماعة مسلحة، تشكله عادة من قوات غير نظامية، وهم مواطنون يعملون باسلوب حرب العصابات، يمكن أن يكونوا قوات تابعه للجيش النظامي، أو منظمات مسلحه تابعه للاحزاب، أما معظم أفراد المرتزقة في ليبيا حالياً هم أفارقه من تشاد، مالي، الصومال، النيجر، الجزائر، تونس، من دارفور السودان وكذلك من سوريا وأفغانستان وغيرها تشكل عصابات مسلحه متشدده ومرتزقة للقضاء علي أي إنتفاضه في ليبيا، وتتجول في كل مكان فيها، وقد وردت معلومات بإنه تم جلب كل المرتزقه من كل أنحاء العالم وتقبع في ليبيا، ويعتبر المرتزقة في الجيش الليبي جزءاً أساسياً من معادلة الصراع الحاصل في ليبيا وتنسب إليهم الكثير من الجرائم في حق المتظاهرين الليبيين منذ عهد الرئيس معمر القدافي، الذي شكل أول فيلق مسلح من المرتزقة خلال حربه مع تشاد في 1986م وسماه الفيلق الإسلامي الليبي، وأستعان به في حربه ضد تشاد، وكان أغلب جنوده من جنسيات لبنانية وسورية، أضافة قد أكدت مصادر تونسية أن ميليشيات الرئيس التونسي بن علي التي هربت من تونس بعد فشل مخططها في إدخال البلاد في حرب أهلية، لجأت إلى ليبيا وأستعان بها الرئيس معمر القذافي في حربه ضد شعبه، بالإضافة إلى تونسيين عاطلين عن العمل تم تجنيدهم كمرتزقة، وحالياً المليشيات في ليبيا تسعى لتجنيد المرتزقة من كل الجنسيات، وهناك مطالبة أممية بالتحقيق في أستخدام المرتزقة في ليبيا من كافة أطراف النزاع الليبي، وقد حذر خبراء الأمم المتحدة لحقوق الإنسان من أستخدام المقاتلين الأجانب الذي يؤدي إلى تصعيد النزاع في ليبيا ويقوّض أحتمال التوصل إلى حل سلمي، وأثر ذلك المأساوي على الشعب الليبي ..
الشَبّيحة في سوريا :
▪️في سوريا تُوجد ظاهرة التَشْبيح والتي تُشبه إلى حد ما كلمة البَلطجة أو بَلْطَجِيّة التي أستخدمت لوصف جماعات موالية للنظام في مصر، ومشابهه كلمة زعران في الاردن، وكلمة البلاطجة في اليمن، لكن الطبيعة التنظيميّة والتعبويّة والعملياتيّة للشبّيحة وما نفّذوه من أعمال دمويّة ضدّ المتظاهرين والمعارضين في سوريا أثناء الثورة السورية تجعل البعض يُطلقون عليهم أسم فِرَق المَوت، وقد بدأ ظهور الشبّيحة عام 1975م بعد دخول القوات السوريه إلى لبنان، وهم مجرد عصابة من المافيا للحصول علي أموال بمختلف الطرق من سوريه إلى لبنان مثل الديزل، الحليب، الاجهزه الإلكترونيه، يستطيع القيام بكل انواع الجريمه بمعرفه السلطات الرسميه ولكنها تتجاهله عمداً .
▪️الشَبّيحة مفردها شَبّيح هو مصطلح دارج في سوريا كان في البداية يُطلق على العصابات والأفراد الخارجة عن القانون والتي كانت تستخدم العنف والتهديد بالسلاح لخدمة شخص نافذ (ينتمي إلى عائلة الأسد الحاكمة في سوريا)، وذلك من أجل إبتزاز وإرهاب الناس وممارسة نشاطاتهم خارج إطار القانون كالتهريب والتجارة بالممنوعات، والعمل الذي يقومون به يدعى التشبيح (أي الابتزاز والسرقة عن طريق العنف والتهديد بالسلاح)، ثم توسع مدلول هذه الكلمة بعد اندلاع الثورة السورية عام 2011م حتى أصبح يطلق على الأفراد أو الميليشيات الداعمة لنظام بشار الأسد ورفع هؤلاء الشَبّيحة شعار (شَبّيحة للأبد لأجل عيونك يا أسد) وكذلك (الأسد أو نحرق البلد) ..
▪️جاءت تسمية الشَبّيحة لأنهم كانوا مشهورين بقيادة سيارات المرسيديس S600) السوداء المعتمة النوافذ المشهورة بهيكلها الفخم (Mercedes S600)، والتي كانت تعرف باسم (الشَبَح) التي كانوا يمتلكونها، وكانت تتمّيز بأنها كانت بمقعد واحد، الذي هو مقعد السائق لتتسع لأكبر كمية ممكنة من المهربات القادمة من لبنان، وكانوا يهربون كل ما هو ممنوع، من البسكويت الأجنبي المنشأ إلى الأسلحة، ليأتي الشَبّيحة ليسدوا النقص في السوق، وظلت الحال على ما هي عليه حتى خروج القوات السورية من لبنان، فبات الشَبّيحة عاطلين عن العمل وأصبحت حياتهم كلها في السهر واللهو لينشروا ثقافتهم المتدنية في ربوع سورية، ليرتبط بالسهرات الماجنة، وأنتشرت ثقافة التشبيح بشكل مخيف وأغانيهم الساقطة ونمط حياتهم حتى بات البعض يتصنع اللهجة الساحلية ليتمسح بثقافتهم، لكن بعد أشتعال فتيل الثورة كان واجبهم حماية مصالح النظام، الذي صنعهم بالأساس وجعل لهم وزناً وقيمة من مخربين ومهربين إلى ثقافة عامّة في المجتمع وقدوة لكل تافه وصغير، فتحولوا إلى ميليشيات مسلّحة وأصبح حينها السوريون يطلقون كلمة شبّيح على كل شخص يبطش ويضرب ويتكلم نيابةً عن النظام الحاكم، وبعد أندلاع الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد في مارس عام 2011م تم تنظيم أعداد كبيرة من الشَبّيحة للدفاع عن النظام السوري ومساندته، فاكتسب مصطلح الشَبّيحة معنى أوسع وصار يطلق على مؤيدي النظام الذي دعموا النظام في قمع الثورة، بدءاً من "اللجان الشعبية" وصولاً إلى "جيش الدفاع الوطني"، فضلا عن مرتزقة "الدفاع الذاتي"، وآخرون منضوون ضمن تجمعات لايستطيع حتى النظام أن يسيطر عليها، رغم أنه أول من شجعها وأغراها وسهل لها أرتكاب شتى أنواع الجرائم والانتهاكات ..
البَلْطَجِيّة في المغرب :
▪️لم يظهر مصطلح البَلْطَجِيّ في لغة المغاربة إلا بعد الثورة المصرية، لكنه مفهوم كان رائجاً من قبل تحت مسميات وسمات أخرى، والبَلْطَجِيّة شباب من ذوي السوابق الأمنية أو ممن يُعرَفون بشغبهم وفظاظتهم وإمكانية قيامهم بكل الأدوار التي قد لا تكون مشروعة مقابل منفعة أو مصلحة مادية أو غيرها، ويطلق على البَلْطَجِيّة في المغرب الشماكريه أو حركة الشباب الملكي، أو العياشة، والشمكار هو الشخص الذي يؤذي الاخرين، يسمي الشمكاره، يرون أنه شخص يعاني من امراض سيكولوجيه وسوسيولوجيه، فئات الشمكار توجد في الموظف، السياسي، النقابي، في البرامج التلفزيونيه، الكتابه، وهو البَلْطَجِي بحي شعبي في ضواحي الرباط، يلجأ إليه المرشحين ليفوزوا في الإنتخابات المحلية ، ويلعب البَلْطَجِيّة في المغرب دوراً كبيراً في القيام بمهام كثيرة من طرف بعض المُرشحين خاصة الذين ليست لديهم شعبية وقاعدة جماهيرية، فيوظفون لديهم شباباً معروفين ببلطجيتهم ليساعدوهم في تقريب الناس إليهم من خلال الصراخ في الحملة الانتخابية، وأيضاً من خلال توزيع المنشورات الانتخابية أو الاتصال المباشر بالسكان ومحاولة التأثير عليهم ليصوتوا لمرشح ما، ويعتمد مرشحون كُثر على شباب بَلْطَجِيّة ليكسبوا أصواتاً عديدة تضمن لهم الفوز بمقعد في مجلس البرلمان أو في الانتخابات البلدية، وذلك عبر حثهم على أن يخلقوا حالة من الحركية الدؤوبة كل يوم طيلة زمن الحملة الانتخابية، وأيضاً عبر ترديد الشعارات والذهاب في المسيرات حاملين صور رموز الحزب السياسي أو المرشح وألوانه، ويقوم البَلْطَجِيّة بكل المهام حتى غير المشروعة منها، مثل العمل وسيطاً لتقديم المال إلى الناخبين أو ترهيبهم في بعض الحالات، مقابل مبالغ مالية يومية، أو نظير وعود بالتشغيل، أو لقضاء مآرب ومصالح شخصية أخرى ..
▪️مصطلح العياشة، هو ظاهرة التي برزت بشكل كبير خلال حراك الريف في المغرب، وباتت محل متابعة من قبل الرأي العام الوطني، حول دورها في المشهد الاحتجاجي العام، وعلاقتها برجال السلطة، المتهمة بتوظيف قسم من هذه الفئة من المواطنين في كسر الحراك الشعبي، يعود أصل التسمية إلى عبارة "عاش الملك"، وهو الشعار الذي ترفعه عادة مجموعة من الناس المصطفين مع السلطة في وجه مختلف الأشكال الاحتجاجية، بما فيها المسيرات ذات المطالب الاجتماعية، وفي العادة تضم مجموعات العياشة، أفرادا من ذوي السوابق الجنائية ومتعاطي المخدرات، والمهمشين، يحملون الأعلام الوطنية وصور الملك في خرجاتهم، مرددين شعارات تمجد الوطن والملك، وأخرى تقدح في المحتجين، وكثيراً ما يتخذ سلوكهم منحى عدوانياً يظهر من خلال اللجوء للعنف في مواجهة المتظاهرين وكيل السباب لهم، كما أن عامتهم يفتقدون للقدرة على النقاش السياسي، وأغلبيتهم تنحدر من طبقات اجتماعية هشة وغير مثقفة، وظاهرة "العياشة" ليست بالحديثة مع حراك الريف في المغرب، إذ ظهرت بشكل ملفت إبان احتجاجات 2011م، عندما نشأت فجأة حركة تضم مجموعة من الشباب أطلقت على نفسها "حركة الشباب الملكي"، وكانت تنظم مسيرات شعبية مضادة لمظاهرات حركة 20 فبراير (وهي النسخة المغربية من الربيع العربي)، ويشير بعض المراقبين بأصابع الاتهام إلى السلطة في كونها وراء دعم حركة "العياشة"، من أجل بث الخوف في نفوس المتظاهرين، وإيقاف المسيرات الشعبية في الريف ..
البَلْطَجِيّة في السودان :
▪️في السودان البَلْطَجِيّة يقومون باعمال العنف والتخريب في البلد، كما إنهم يطلق عليهم لفظ الشَبّيحة، الرباطه، وقد أنتشر الأسم في المجتمع السوداني باكمله، والتسميات التي أستخدمتها أنظمة الدول المذكورة لقمع المواطنين حركت مخيلة الشعب السوداني لاختيار أسم الرباطة على شاكلة قطاع الطرق لإطلاقه على مجموعة قالوا إنها شبه رسمية تمارس ذات صلاحيات الشرطة بل تتعداها لضرب المواطنين المتظاهرين ضد النظام، وبدأ أن الأسم السوداني آخذ بالانتشار لتداوله بين كافة فئات المجتمع كونه أسلوباً دخيلاً على الشعب السوداني وفق متابعين، ويؤكد رئيس الهيئة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات فاروق محمد إبراهيم في حديثه للجزيرة نت: أن بعضاً ممن يرتدون لباساً مدنياً يحملون الأسلحة البيضاء أو حتى النارية أمام المتظاهرين يسلكون ذات طريق تلك الفئات بدول الربيع العربي، ويقول إن أسم الرباطه وقع على من يتصدون للمتظاهرين والمحتجين من غير رجال الشرطة، مشيراً لارتكاب بعضهم أعمالاً وحشية ضد كثير من الطلاب والمواطنين الأبرياء ..
البَلْطَجِيّة في الأردن :
▪️تعني كلمه زعران اي بَلْطَجِيّ في الأردن، مفردها أزعر ومساويه لكلمة بَلْطَجِيّ، شبيح، وهم من يقوموا باختطاف، قتل، تهديد وغيره، لايحكمهم الحلال والحرام ولا العرف، ويعرف في أغلب الحالات المتزعرنه بلقب الازعر، الاهوج، الحفرتلي، كاطورزا ..
▪️في الأردن قوة العصابة والبَلْطَجِيّة أكبر من قوة المجتمع، هذه حقيقة تتأكد كل يوم في الأردن، من مشاجرات وعمليات سطو وتسلح لعصابات بَلْطَجِيّة، وحتى إن البَلطجة في البلاد صارت تورث، ومظاهر البَلطجة لا تختفي من المجتمع، وتظهر بشكل منتظم ومتقطع، وتغيب وتغيب، ولتعود بحوادث فاجعة وبشعة، وتضع العدالة على المحك، والبَلْطَجِيّة يعيشون فرادى ومجموعين، ويعيشون عبر شبكات عابرة للمخدرات والتهريب وغسيل الاموال، وقد حذرت صحيفة "الإيكونوميست" البريطانية من خطر "البَلْطَجِيّة" في الأردن على استقرار النظام، مشيرة إلى أنه يكفي وقوع حادثة قمع قاتلة لتضع الامور في مهب الريح، وتلفت إلى أعتماد النظام على "المخابرات" لإحكام قبضته، منوهة إلى استشراء الفساد وتعالي الأصوات المطالبة بالمحاسبة حتى بين كبار المسؤولين الذين يتململون من تردي الأوضاع وسطوة المفسدين ..
▪️تحت عنوان: (سماسرة البَلْطَجِيّة من يحاسبهم): كتب المهندس هاشم نايل المجالي في موقع الأردن العربي بتاريخ 10 سبتمبر 2017م بأن البَلْطَجِيّة يصادرون حق المواطنين في قوتهم ومالهم وعرضهم حتى في أبداء رأيهم الانتخابي وهم يزدادون يوماً بعد يوم باستقدام اعداد من المطلوبين وأصحاب الاسبقيات ليصبحوا جحافل مسلحة من الكائنات الطفيلية التي تقتات من الاقتصاد الشعبي الهامشي من اصحاب المحلات بانواعها وهؤلاء ذوي سوابق وأصبحوا عبيداً عن البرلمانيين وبعض المسؤولين حيث تم تجنيدهم بكل انواع الاسلحة على أنهم البدي جارد لهم يستعين بهم وقتما يشاء ولهم مخصصات مالية ثابتة ويرافقونه بالمناسبات العامة وبسيارات وكأنهم المافيا الايطالية في عهدها القديم منتظرين أشارات التدخل، فهم متنصلون من انسانيتهم وأصبحوا أدواتاً منفذة أيضاً لرغبات مسؤولين يعتبرون أنفسهم أسياد الاحياء الشعبية حيث إنهم يتمركزون في أعلى نقطة في ترتيبه الهرم الاجتماعي للمناطق الشعبية الفقيرة فلقد أصبحوا أداة قمع في دائرة تزداد بالاتساع لتغطية مساحات أكبر يوماً بعد يوم يتقاسمون النفوذ فيما بينهم ومستعدون لسحق أي مواطن لا يخضع لطلباتهم ورغباتهم وشهواتهم، ففي كثير من المناطق يقدمون البَلْطَجِيّة عروضاً للاستثمار مثل أرصفة للايجار أو شوارع للبيع (غسيل سيارات وغيرها) ..
البَلْطَجِيّة في تونس :
▪️البَلْطَجِيّة في تونس يتم تسميتها أيضاً
البراكاجات أو مليشيات النظام، فقد نشر موقع افراسيانت بتاريخ 2 نوفمبر 2015م خبرا بإن الخلافات داخل الحزب الحاكم في تونس تبلغ ذروتها والاستعانة بـ "البَلْطَجِيّة" اخر تجلياتها، وفاجأ عدد من البَلْطَجِيّة وهم يحملون العصي أجتماعاً كان مقررا للمكتب التنفيذي للحزب بمدينة الحمامات لكنه سرعان ما أنفض مع تهجم العناصر المجهولة على مقر الاجتماع، وقال المكتب التنفيذي في بيان له إن هذا الهجوم والاعتداء الفاشي من طرف ميليشيات غريبة عن الحزب، هدفه الوحيد هو منع أنعقاد هذا الاجتماع بإيعاز من بعض قياديي الحزب الذين قرروا السطو على هياكله والانقلاب عليه، وقد كشفت دراسات وتقارير للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، حول ظاهرة العنف في تونس نشر في موقع العربي الجديد 20 سبتمبر 2020م إلى تنامي ظاهرة العنف الإجرامي في تونس بمختلف أشكاله من البراكاجات (البَلطجة)، والسرقات، والاغتصاب، والقتل لتبلغ 93 في المائة من مجموع القضايا المسجّلة سنة 2018م، وفي قراءة للمستوى التعليمي للأشخاص الذين تورّطوا في قضايا العنف، خلال 10 سنوات، من 2007 إلى 2017م، نجد أنّ 66 في المائة منهم لم يتجاوزوا التعليم الأساسي، في حين أنّ 34 في المائة منهم، لديهم مستوى ثانوي أو جامعي ..
البَلْطَجِيّة في اليمن :
▪️لم يكن مشهوراً مصطلح البَلْطَجِيّة في اليمن كثيراً، ولكن مع ظهور الثورات العربية في عام 2011م وظهور مصطلح البَلْطَجِيّ في مصر، أنتشر هذا المصطلح في اليمن مع تحريف الأسم إلى بلاطجة، وهكذا أنتقل أستخدام هذا المصطلح في اليمن في المسيرات والأعتصامات من قبل أطراف الصراع الحزب الحاكم (المؤتمر الشعبي العام) من جهة وأحزاب اللقاء المشترك من جهة أخرى في العاصمة صنعاء، دون أن يكون هناك تعريفاً واضحاً و موحداً لدى مستخدميه، لأنه قبل ذلك لم يكن معروفاً لدى اليمنيين سواء مصطلح المرتزقة والمأجورين، حتى أنك تحتار أمام المعاني والاستخدامات المختلفة والمتباينة لمفهوم البَلطجة للأسف الشديد مما يدل على أننا إنما نقلد الآخرين وهذا يعتبر تقليد أعمى حتى وصل الأمر ببعض الأشخاص إلى إطلاق هذا المصطلح على كل من يعارض الرأي أو الفكر أو الانتماء الحزبي السياسي والطبقي والطائفي في اليمن ..
▪️على الرغم من أن مصطلح بَلْطَجِيّة، أطلق على من يهاجمون المتظاهرين في مصر، إلا أنه في اليمن بات هذا التعبير أشبه بقناع يخفي الحقيقة بقدر ما يثير الالتباس، فالحاصل أن بلاطجة اليمن ليسوا عناصر مأجورة أو مرتزقة، كما في مصر أو ليبيا مثلاً، بل هم خليط من أفراد يعتقد أنهم رجال أمن وأستخبارات بملابس مدنية، وبعضهم بمعاطف عسكرية يخفون تحتها أسلحة، وبينهم قناصة يتبعهم أفراد القبائل وفتوات الحارات، وبين هؤلاء جميعاً من يتمنطق بالجنبية (الخنجر اليمني)، ويحمل مسدسات أو عِصِياً، في حين يقتصر حمل الأسلحة الأخرى مثل الكلاشنكوف وبنادق القنص على عدد محدود، ويخفي المسلحون أسلحتهم تحت المعاطف ولا يظهرونها إلا حين يتطلب الأمر إطلاق النار، وفي هذه الحالات يتخذون مواضع جانبية محاذية للجدران وأبواب الدكاكين المغلقة، كي لا ترصدهم عدسات التلفزيون المنصوبة في المكان ذاته الذي يتمركز فيه المتظاهرون، ويبدي أفراد هذه الجماعات، التي تناصر النظام، نفوراً كبيراً من آلات التصوير ويصادرون أو يحطمون الكاميرات التي تقع في أيديهم، ويرشقون بالحجارة كل من يحاول التصوير، حتى أولئك الهواة من صغار السن الذين يحاولون تصوير ما يجري بواسطة هواتفهم المحمولة من أسطح منازلهم وشرفاتها، وعلى الرغم من أن حركة الاحتجاجات، التي يشهدها اليمن، لم تصل في بداية الثورة إلى درجة التهديد الحقيقي لنظام الرئيس المقبور علي عبدالله صالح، يؤكد الاتجاه العنيف الذي اظهرته مجموعات البلاطجة عند مهاجمتها الشبان المحتجين سقوط الكثير من الضحايا، وبالتالي تزايد حدة التظاهرات والمواجهات، التي قد تؤدي بدورها إلى مزيد من العنف والقتل، وقد كشفت مصادر مطلعة أن عمليات القمع التي مارست من قبل البلاطجة ضد المحتجين، لاسيما في العاصمة صنعاء، تتم إدارتها من خلال غرفة عمليات، تم إنشاؤها لإدارة الأزمات التي تمر بها البلاد، وقالت المصادر إن هذه الوحدة تتبع جهاز الأمن القومي إدارياً، وترفع تقاريرها الى رئاسة الجمهورية مباشرة، وأكد محتجون تعرضوا للاعتداء، أن بعض من يسمونهم البلاطجة أو (البَلْطَجِيّة)، كانوا يعتدون عليهم بهراوات كهربائية، لا تمتلكها سوى قوات مكافحة الشغب التابعة للامن المركزي، وأكد عدد من المعارضين وجود تنسيق بين وزارة الداخلية والبلاطجة، عبر قيادات المناطق ومديريات أقسام الشرطة بصورة يومية، بهدف توزيعهم وانتشارهم في الأماكن المهمة لحفظ النظام، إلى جانب مهمتهم في القيام بأعمال البَلطجة، وحسب ما قاله شهود عيان، فإن رجال الأمن باللباس المدني، الذين أطلق عليهم البَلْطَجِيّة، كانوا يحاصرون دائما مداخل ساحة الحرية كافة، ويشاهدون بعصيهم وبعضهم يحمل مسدسه الشخصي، وهم إلى جوار رجال الأمن الموجودين على مدار الساعة بجوار الجامعة، وما يؤكد وجود مثل هذا التنسيق بين البلاطجة والأمن المركزي، أنه على الرغم من حالات القتل التي تعرض لها المحتجون، في مختلف أماكن أحتجاجهم، فإنه لم يتم أعتقال أي واحد من البلاطجة، مع أن اعتداءاتهم المتواصلة على المحتجين بالعصي والرصاص الحي تعد مشهدا مألوفاً للكثيرين ..
▪️والبلاطجة في اليمن حالياً هم من يقوموا بتولي مهمات غير قانونية سواء إختطاف أو قتل أو قنص أو تهديد وترويع، وقد يستعين البلاطجة بوسائل الإعلام المختلفة لدعم الجبهة التي يساندوها وتخويف الناس البسطاء وإقلاق الأمن وغيرها من الأعمال التخريبية، ولازالوا يمارسون البَلطجة على الشعب اليمني في الشمال والجنوب في كافة أنواعها، وخاصة في مدينة عدن حيث يمارس بلاطجة الأراضي فيها شتى أنواع البَلطجة مستغلين قوتهم العسكرية، المزودة أحياناً بالأطقم المسلحة وذلك بالسيطرة على الأراضي والبناء على المعالم التاريخية والأثرية والمحميات الطبيعية ونحت الجبال وتدمير البيئة البحرية وذلك بردم البحار للبناء فيها وغيرها من الأعمال البَلْطَجِيّة غير المشروعة التي لم تعرفها مدينة عدن الحضارية من قبل ..
خطورة البَلْطَجِيّة على المجتمع :
▪️تتمثل خطورة هؤلاء البَلْطَجِيّة على المجتمع في كونهم أدوات عنف بلا عقل، فهي قد تفسد خطط من يستعين بها، حيث لا يقوم ضباط الأمن وكبار قيادات الداخلية بتقديم معلومات حقيقية لهؤلاء البَلْطَجِيّة، بل يعرضونهم إلى عمليات غسيل الدماغ بحيث يتم إقناعهم بأن الخصوم هم أعداء يجب ردعهم، وأن ما يقومون به سوف يحمي البلاد من أخطار الفتنة الكبيرة المحدقة بها، ولذا فإن الإستعانة بهؤلاء البَلْطَجِيّة تبقى محفوفة بالمخاطر، وخاصة مع تزايد في ظاهرة العنف ولجوء بعض الشباب لحمل السلاح، وأصبحت البَلطجة والعنف جزء لا يتجزأ من حياتهم قد يرتبط مستقبلاً بالأرهاب، وكانت للسينما في مصر نصيب من الاتهامات وذلك بما يقدمه أبطال الأعمال التي تظهر العنف والبَلطجة، والآثار السلبية لهذه النوعية من الأعمال على المجتمع، وظهور ماتسمى بأفلام البَلطجة، هذه الأعمال التي تظهر العنف البَلطجة، مما أدى إلى أنتشار البَلطجة في الشوارع وتفشيها بشكلٍ كبير، هو صفارة إنذار لانتشار الإرهاب، ففي الجامعات والشوارع والمدارس نجد بأن البَلطجة( لاترتبط بالرجال فقط وإنما نجِد بعضَ الفتيات اللاتي يستخدمنَ العنف خلالَ تعاملهنَّ مع المعلِّمات والطالبات، وهذا نابعٌ من تأثير وسائل الإعلام؛ حيثُ يعتقد الكثيرون أنَّ البَلطجة هي مصدر القوَّة ..
أسباب إنتشار البَلطجة :
(١) التنشئة الأسرية الخاطئة، أهمها التفكك الأسري، سوء أخلاق من قاموا بتوجيه البَلْطَجِيّ وهو طفل على أمور البَلطجة، يعتقد أن لا أحد يستطيع أن يرده بقوة سلاحه الذى يحمله، وتهوره واندفاعه، وبنيانه الجسمانى وأخلاقه الفظة، زرع فيه أهله إرهاب خلق اللَّهُ، وأحياناً يكون الشخص البَلْطَجِيّ أنه نشأ بدون توجيهه من الأساس من أسرته، فالأب دائماً مشغول بحياته، والأم لا تفتش عن أولادها، ولا تقوم بتقويم سلوكياتهم، مما جعل أبنائنا عرضة لهذه الظواهر تجتذبهم نحوها، فيصبحون من أربابها، فإذا أختفي الرقيب ضاعت الأخلاق، وأنتشرت أعمال البَلطجة بأشكالها، لهذا يجب أن نهتم بالتربية الصحيحة منذ الطفولة، والحرص على تربية نشء ينبذ هذه الظواهر ويرفضها، وكذلك مواجهتها بالقانون بكل حزم وشدة، وهناك أيضاً الكثير مِن الآباء والأمهات لا يهتمُّون بفحص أنواع الألعاب الإلكترونيَّة التي يلعبها الأولاد، فهناك العديدُ مِن الألعاب التي تعتمد على البَلطجة والعنف؛ وهذه الألعاب تؤثِّر على الأطفال بشكل كبير، فتوجد بداخلهم عندما يَكْبَرون بعدُ نزعات البَلطجة والعنف، ولو فطن المربون إلى الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر رضي اللَّهُ عنهما عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ" متفق عليه ..
(٢) إنعدام الثقافة التعليمية حيث أن معظم أصحاب هذه الأعمال الذين يتم القبض عليهم في وقائع عدة نجدهم غير متعلمين، ومن هنا نجد أن التعليم له دور هام في تغيير سلوك الفرد ..
(٣) غياب الوعي الديني في البيت والمدرسة حيث تلعب الثقافة الدينية دوراً كبيرًا في جعل الشخص يمتنع عن اللجوء لهذه الطرق، وغياب معني المراقبة لله عز وجل، عن عبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ أَن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “مَنْ حَمَلَ عَلَيْنا السِّلاَحَ فَلَيْسَ مِنّا” رواه البخاري ومسلم، وقولهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “ مَن أشارَ إلى أخِيهِ بحَدِيدَةٍ، فإنَّ المَلائِكَةَ تَلْعَنُهُ، حتَّى يَدَعَهُ، وإنْ كانَ أخاهُ لأَبِيهِ وأُمِّهِ " رواه مسلم، وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “لا يحلُّ لمسلمٍ أن يروِّعَ مُسلِمًا "رواه أبو داود وأحمد، وصححه الألباني؛ فإن ترويع المسلم ظلماً وعدواناً حرام بكل حال من الأحوال ..
(٤) غياب القدوة الصالحة فنجد بعض الشباب يتخذ قدوته فنّاناً، وبعضهم يتخذ قدوته لاعباً، وبعضهم يتخذ قدوته مليونيراً فاسداً سرق أموال البلاد والعباد، أو مسئولاً مرتشياً تسلق على أكتاف الشعب؛ ولن تجد الكثير من الشباب يتخذ قدوته رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع أن اللَّه عز وجل يقول في كتابه بوضوح: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (الأحزاب: 21) ..
(٥) بطء إجراءات التقاضي في المحاكم والتأخير في توقيع العقاب الرادع، أحد أهم أسباب إنتشار العقاب الشعبي الذي دفع بالمواطنين إلى أن يقوم كل مواطن بالحصول على حقه بيده، ويتحول الأهالي إلى مبتزّين وبَلْطَجِيّة لتحصيل حقوقهم، هرباً من طول فترة التقاضي، أو ضعف إجراءات التنفيذ القضائي؛ ويقدّم نماذج على أساليب عمل هذه العصابات، مثل الهجوم على الطرف الآخر، أو إيقاعه في قضايا وتهديده بها للحصول على حقوق الطرف الأول، ويكون نصيب البَلْطَجِيّ والوسيط “عمولة” من المبلغ والقيمة المالية التي يتم تحصيلها، أو مبلغاً معيناً إذا كان الدافع هو الانتقام، فتحقيق العدالة الناجزة يعمل على الحد من هذه الظاهرة؛ فالوقاية هنا أهم من العلاج ..
(٦) غياب دور الإعلام الأكثر مهنية وذلك بعرض نوعية من الدراما والمسلسلات التليفزيونية التى ساعدت على تفشي تلك الظاهرة، فلقد منحت الأعمال الدرامية الفرصة للبَلْطَجِيّ بأن يكون نموذجاً سائداً في المجتمع، وأصبح الأطفال يقلدون صورة البَلْطَجِيّ في هذه الأعمال الدرامية بالرقص بالسيوف في الشوارع، وأصطحاب الكلاب بطرقة استعراضية واستفزازية تؤذي الآخرين وتسبب حالة من الخوف والهلع، فلابد من الرقابة لتقديم فن راقٍ يقدم رسالة ومضمون وأعمال تتحدث عن القيم الجميلة ..
•في حوار للإعلامي والاستشاري النفسي د.أحمد شوكة مع صحيفة القدس العربي الصادرة في لندن بتاريخ 9 يناير 2016م وصف بشكل تحليلي أسباب الظاهرة وحلولها المستقبلية وقال يجب النظر للظاهرة من عدة محاور، فهل هي محور اجتماعي بحت أم اقتصادي فقط، هل اجرامي عنفواني فقط أو سلوكي عنفواني أم هو مجموعة من العوامل نتيجة تركيبة أي مجتمع من المجتمعات أو حدث خلل في هذه التركيبة الاجتماعية المتوازنة لتنشأ هذه الفئة أو الطبقة التي تسمى «البَلْطَجِيّة»؟
مضيفاً: لا يولد الإنسان بلطجياً بطبعه ولا توجد جينات وراثية تقول ان الإنسان سوف يولد بلطجياً أو غير بَلْطَجِيّ لكن توجد أنماط اجتماعية أو أنواع من السلوكيات داخل المجتمع تشكل وتهيئ وتساعد على ذلك، فمثلاً لو أن المجتمع تشوبه ثقافة العنف وعن طريقه يحصل الفرد على ما يريد والناس تخاف منه وترتجف عند رؤيته وهو عنده الشعور بالقوة فيستخدم العنف للحصول على كل ما يريد، هناك أنواع وأنماط كثيرة جداً من البلطجة مثلاً:
• الشائع بَلطجة أستخدام العنف والقوة من أجل الترهيب والترويع والتخويف للحصول على مكاسب.
• بَلطجة معنوية يعني شخص يبتزك وانت تشرب القهوة ويهدد بالكلام ليحصل منك على غرض ما.
•بَلطجة إعلامية وبدأنا نلحظها بشكل كبير هذه الأيام من خلال مقدمي البرامج الذين يعملون على تحريض الناس على البَلطجة ويستعملون لغة البَلطجة لإيصال رسائل إلى الجمهور هدفها التخويف والترويع خاصة في الحملات الانتخابية وغيرها.
• وعن أستخدام البَلْطَجِيّة من قبل بعض الأنظمة العربية لقمع المظاهرات قال د.شوكة: تعتمد بعض الدول على مثل هؤلاء لقمع الناس وقد أصبحوا صفوة يقال في بعض الأبحاث ان أكثر من 400 ألف بَلْطَجِيّ موجود في مصر لهم علاقة بطريقة أو بأخرى بالحزب الحاكم قبل قيام ثورة 25 يناير وما زالت له بعض الجذور حتى اللحظة، ويؤكد ان البَلطجة ظاهرة قديمة تنتعش في كل المناسبات وأسبابها عديدة منها الحرمان الاقتصادي والاجتماعي والعوز، ويشير إلى ان التركيبة الاجتماعية اختلت، فالطبقة الاجتماعية الوسطى التي كانت تحافظ على توازن المجتمع وتناغمه انتهت أو هاجرت ليس لها تواجد على الساحة فأصبحت هناك فجوة كبيرة جداً بين الطبقات ومن هنا انفجرت العشوائيات حيث الكثافة السكانية العالية والحرمان الاقتصادي والاجتماعي والبطالة وغياب الوازع الديني والقانوني أدى إلى نوع من اللامبالاة حيث يتم استغلال المهمشين وقد يدفع لهم مرتبات في بعض الأحيان خيالية جدا للقيام بأعمال منافية ضد القانون، فالعمل يتم في فترة قصيرة من الزمن من أجل تحقيق خبطة أو مردود مادي كبير جدا في فترة قصيرة جداً .
▪️إن الدولة والمجتمع العربي بشكل عام مطالبان برفض ونبذ كل من يُمارس البَلطجة والعنف، خاصة أنها تتطور وتظهر أشكال وأنماط جديدة علينا، ففي مصر وباكستان مثلاً أصبح أستئجار بَلْطَجِيّة عملاً منظماً في البلاد (الدفع نقداً فقط)، إذ يعمد منظمو البَلْطَجِيّة إلى تقديم أي خدمة عامة أو أي شئ متاح لمن يدفع السعر المناسب، وأصبحت أعمال العنف التي ينظمها البَلْطَجِيّة شكلاً من الأشكال المألوفة للاضطهاد، لاسيما ضد الأقليات الدينية في باكستان، ويعتقد خبراء علم النفس أن الاضطرابات الاجتماعية تزداد أمام تراجع التسامح في بلد يتعامل مع آثار عقود من الإرهاب والتشدد الديني المتنامي، ومع تآكل الثقة العامة في قدرة الحكومة لمواجهة المشكلات الاجتماعية والاقتصادية المتفشية، تظهر مشاعر الاحباط والغضب، وتسخير هذا الغضب لخدمة دوافع خفية يستغل كنشاط أعمال كبير من الآخرين، وهناك صور أكثر تطوراً في البَلطجة القانونية إن جاز التعبير وصل إليها أشخاص أصبحوا يمتلكون جاهاً اجتماعياً، فيقومون بتوقيع عقود مع شركات وأفراد لتقديم خدمات وهمية، لكنّ الهدف الحقيقي من تلك الأموال هو الأمان من البَلْطَجِيّة نفسه، الذي أصبح يمتلك في بعض المدن والأحياء قاعدة علاقات اجتماعية واسعة مع نواب أو أعيان أو تجار، في حالة أشبه بالمافيات الاجتماعية غير المعلنة، وتبادل المنافع بين هؤلاء الأشخاص، ما يوفر شبكة حماية في حال تمّ استدعاؤه أمنياً؛ إذ تتدخل الوساطات والمحسوبيات في الدفاع عن البَلْطَجِيّ، أصبح هناك أشخاص معروفون تماماً لدى الأجهزة الأمنية، يعمل لديهم أصحاب سوابق، ولهم شبكة من المصالح الاقتصادية، ويمتلكون معرفة بالقوانين والثغرات التشريعية والإدارية ويتفنون في التعامل معها، لذلك يهربون في الأغلب من العقوبات، فضلاً عن تجنّب المجتمع وأصحاب المصالح الاقتصادية سيناريو المواجهة معهم، ما يجعلهم بمثابة سلطة غير مرئية خارجة على القانون، تتمتع بوضع غير قانوني وغير أخلاقي، لكنّه معروف للمجتمع والسلطات الأمنية على السواء، وتعتبر الانتخابات السياسية، والمظاهرات، ونزاعات الظل بين الأثرياء، وحتى طرد المستأجرين وتسديد ديون الفقراء، هو طيف واسع من الأعمال التي ينأى أصحابها عن الزجّ بأنفسهم إليها، إما خوفاً على سمعتهم وإما لعجزهم عن الإتيان بها، في مصر تقوم بها جماعات البَلطجة النسائية، التي ظهرت الآن كأي جماعة وظيفية تتقن عملها، لتقوم بالمهمة مقابل أجرها المتفق عليه، والبَلطجة النسائية على أنها سلوك مهني منحرف ومنظم تقوم به جماعة من النساء، تنتمي إلى عائلات أو جماعات تحترف مهنة البَلطجة، وتُعد البَلطجة مهنة مأجورة ذات قيم ومعايير سلوكية مميزة لها، وهي بهذا تندرج تحت بند الجريمة المنظمة بما فيها من تفاعل داخلي بين أعضائها لحفظ أستقرار الجماعة ونفوذها ..
▪️في الختام لانريد أن تكون البَلطجة أن تصبح وكأنها سلوك عادي أو يومي في المجتمع، الذي يجب علينا أن نجعله أكثر نظاماً، وأكثر أنصياعاً للقوانين، فالبَلطجة مرفوضة تحت أي شكل وبأي تسمية، ولن يفلت من يمارسها معاقبتها قانوناً، وتوقيع الجزاءات عليها، وهي وقتية تستخدم لأغراض معينة ثم يرمى مصيرها للمجهول، وعلى المجتمع أن يقف صفاً واحداً أمام هذه الظاهرة، وإحياء روح التضامن والمروءة والشهامة، والتعامل الإيجابي مع الظاهرة، والتوعية بخطورة البَلطجة على مستقبل الوطن بشتى الطرق ..
المصادر:
------------
(١) بلطجة (الموسوعة الحرة ويكيبيديا)
(٢) ظاهرة البلطجة وكيف عالجها الإسلام/حسام العيسوي إبراهيم/ موقع شبكة الألوكة بتاريخ 2013/3/24م
(٣) (تاريخ الفرق البلطجية في عهد محمد علي بمصر) صفية الدمرداش/موقع الوفد بتاريخ 14مايو 2020
(٤) «تفاصيل مرعبة عن عالم البلطجة» في مصر (ملف شامل) أحمد عمران/ موقع النبأ بتاريخ 6 يونيو 2018
(٥) شبيحة (الموسوعة الحرة ويكيبيديا)
(٦) (العياشة.. بلطجية المغرب الذين يهددون سلمية حراك الريف) خالد بن الشريف/موقع الترا صوت ( ultrasawt) بتاريخ 9 يونيو 2017
(٧) (في تعريف البلطجي الأردني) فارس الحباشنة/موقع كل الأردن بتاريخ 2020/10/17
(٨) (بلطجية وبلاطجة وشبيحة.. الأيــدي الضاربة في زمن الربيع العربي) سمير سعيد وحسن عبده حسن/ موقع الأمارات اليوم بتاريخ 28 فبراير 2012
(٩) (أسباب إنتشار البلطجة والعنف في المجتمع) صفوت عمارة/موقع النهار مصري
بتاريخ 12 نوفمبر 2019
(١٠) أبعاد نفسية وسياسية واجتماعية معقدة في بعض البلاد العربية: تفاقم ظاهرة البلطجة ..آفة خطيرة أبطالها مهمشون / وجدان الربيعي/ لندن القدس العربي مهمشون بتاريخ 9 يناير 2016
(١١) بلطجية فوق القانون! محمد أبورمان موقع الغد alghad.com بتاريخ 9 أكتوبر 2016م
(١٢) البلطجة النسائية في مصر.. ضحايا في الخفاء وجناة في العلن/الجزيرة نت aljazeera.net بتاريخ 2020/5/11