"تفشي ظاهرة الطلاق"..

"طلبت منه شراء ساعة حائط فعاد بـ"ساعة السودة".. الزوجة الثانية تكتسح محاكم العراق

الظروف الاقتصادية التي يعاني منها البلد والتي اجبرت بعض العائلات المتعففة الى تزويج بناتها حتى لو كان الرجل متزوج مسبقا لعدم قدرتهم على تحمل المسؤولية

تزايد ظاهرة الطلاق في العراق - قناة الحرة الأمريكية

رند علي الأسود
صحافية عراقية حاصلة على البكالوريوس من قسم التاريخ في كلية المأمون الجامعة وتعمل حالياً في مؤسسة المدى للثقافة والفنون .. تكتب لدى صحيفة اليوم الثامن
بغداد

تعلمت وداد عمل اكلة جديدة عن طريق برامج الطبخ، ولأنها تحاول قدر استطاعتها ارضاء زوجها للأخذ بمقولة قلب الرجل في معدته، هيأت المنزل من تنظيف وعناية بانتظار عودته الى المنزل، وفي خضم هذه العناية اتصلت وداد على زوجها لتطلب منه شراء ساعة حائط لتعلقها في غرفة الضيوف، ولكن لم يكن في خلدها بانه سياتي ممسكا بيد زوجته الثانية بدل الساعة التي اصبحت على حد قولها "ساعة السودة"..

على الرغم من سوء الأوضاع الاقتصادية في العراق، وزيادة حالات الطلاق بأرقام قياسية إلا ظاهرة الزوجة الثانية زادت كثيراً في الآونة الأخيرة، حيث سجلت مكاتب البحث الاجتماعي -وفقاً لبيانات رسمية- ما مجموعة 3801 حجة إذن بالزواج الثاني خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري. فماهي الأسباب التي تدفع بعض افراد المجتمع رغم كل الظروف الصعبة التي يمر بها المواطن العراقي إلى زيادة مسؤولياته بزواج ثاني؟. 

 "ضرة" 

عندما سألنا (م. ع) وهو متزوج سابقاً من زوجتين عن سبب انتشار الزواج الثاني في العراق كان جوابه: "ان الزواج لمرة اخرى ليس بظاهرة جديد،  لكنها موجودة منذ القدم وربما تنشط في فترة من الفترات وتهفو في أخرى ولكل حالة وضع خاص وظرف استثنائي". 

يضيف" ما دفعني للزواج مرة أخرى هو عدم تمكن الزوجة الاولى من الانجاب لأسباب مرضية، ودام هذا الوضع لعدة سنوات انفقت خلالها كل ماأملك على المعالجات لكن دون جدوى فتملكني اليأس ولجأت إلى الزواج الثاني دون علم الزوجة الأولى، وبالرغم من أستمراره لمدة ٨ أشهر الا انه قد تم الأنفصال لعدم التوافق بين الطرفين خاصةً اننا كنا من بيئتين مختلفتين".

وفيما إذا كان  ينصح بالزواج الثاني او لا أجابنا "من لديه عائلة وحياة مستقرة لا أنصحه ابداً الزواج باخرى كونه تشتيت للعائلة، خاصة أغلب الذين يقدمون على هذه الخطوة يكونون غير مقتدرين مادياً، عندما أقدمت على هذه التجربة كنتُ متمكن من الأمر، لكن مايحصل اليوم جداً مخزي ويدفع إلى القصور مع العائلتين". 

الحاج متولي العراقي 

تشير السيدة (ب ، أ) الى ظاهرة الزواج الثاني بلقب ظاهرة الحاج متولي، ويرجح أسباب انتشارها بكثرة هذه الأيام بسبب التخلف الاجتماعي وهو المشكلة الكبرى التي يعاني منها المجتمع والنظرة الدونية للمرأة، كذلك الظروف الاقتصادية التي يعاني منها البلد والتي اجبرت بعض العائلات المتعففة الى تزويج بناتها حتى لو كان الرجل متزوج مسبقا لعدم قدرتهم على تحمل المسؤولية، وللأسف فإن وجود زوجة ثانية في حياة الزوج يؤدي الى مشاكل عديدة داخل الأسرة لأن الزوج مهما حاول ان يعدل بين زوجاته لا يستطيع خصوصاً في زمننا هذا، فشخصية الحاج متولي هي شخصية درامية غير موجودة على ارض الواقع". 

قارورتان

 يؤكد الشيخ سليم الكعبي "لا يختلف اثنان على ما منحه الله تعالى للزوج في مسألة تعدد الزوجات ولكن بشروطها الصحيحة ومنها حالات العقم عند النساء، أو لغرض تعدد زيادة الأولاد، وبطبيعة الحال فإن تلك المنحة قد استغلت في هذا الوقت على الرغم من توفر هذين الشرطين، والشريعة الإسلامية اشترطت موافقة الزوجة الأولى مع مراعاة أحكام الزوجية العادلة، ولكننا لمسنا الكثير من حالات العنف الأسري نتيجة تعدد الزوجات وزيادة نسبة الطلاق، ولذا يجب تشريع جديد يضمن حقوق الزوجات جزائيا وشرعياً بغية الحفاظ على هذه العلاقة المقدسة".

للقانون كلمة

القانون العراقي له حصته في تنظيم مسألة تعدد الزوجات حيث أكدَ المحامي زيد ليث  إلى ان "نَظم قانون الأحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 1959 مسألة تعدد الزوجات، ونص على عدم الزواج بأكثر من واحدة إلا بإذن من القاضي وتحقق شرطين لإعطاء الإذن بالزواج، والشرط الأول أن تكون للزوج مقدرة مالية لإعالة أكثر من زوجة وتهيئة متطلبات المعيشة الضرورية، وأمّا الشرط الثاني فهو توفر المصلحة المشروعة، ومعنى المصلحة المشروعة هنا ينحصر  في حالات إصابة الزوجة بمرض ما أو عدم قدرتها على الإنجاب وما شابه، وأي مصلحة يراها القاضي".

 فيما يلاحظ  علي الزبيدي (25 عاما) وهو شاب اعزب رافض لفكرة التعدد "ان الزواج الثاني ينتشر بين المجتمعات السياسية و المجتمعات التي ترتفع بها قيم القبلية والبداوة على قيم حياة المدنية والطبقة الدينية في العراق، وهذا يأخذنا الى نتيجة ان الزواج الثاني ينتشر لدى الطبقات الي تتمتع بوضع اقتصادي ممتاز وتمتلك النفوذ".

" أبو كلبين"

ويبقى الرجل العراقي رغم كل الظروف التي يمر بها البلد من كل النواحي ورغم محدودية دخل أغلب الرجال يندفع نحو عنائه فـ(ابو كلبين) مثل زوج حانا ومانا في المثل الشعبي عندما يتزوج من الزوجة الثانية، فهو يدمر كلا العائلتين بينما هو قادر على اسعاد احداها والاكتفاء بزوجة واحدة، والطريف في الأمر إن بعض الرجال حينما يشعرون بالورطة الناجمة عن الزواج الثاني وثقل المسؤولية والمشاكل العائلية يبدأون بتهديد كلا الزوجتين بالزواج من امرأة ثالثة وهذا المضحك المبكي.

  • - عن صحيفة الصباح العراقية