اتفاق قطري – جزائري يستهدف ضرب السياحة التونسية..

قيس سعيد في مرمى ضغوط الحلف الثلاثي وخبراء يكشفون خبايا الأزمة التونسية

الرئيس التونسي يكشف عن تمويل أجنبي لجهات داخلية من أجل المزيد من تأجيج الأوضاع وضرب استقرار الدولة.

الرئيس التونسي قيس سعيد

تونس

أثار اتفاق ستتولى من خلاله شركة قطرية تطوير 73 فندقا في الجزائر مخاوف في تونس من أن يكون الهدف منه الضغط عليها وتطويقها في ظل تمسك الرئيس قيس سعيد بسياسة النأي بالنفس ورفضه الانضواء تحت مظلة الحلف الثلاثي المكون من تركيا والجزائر وقطر الذي يعمل على دعم الإسلام السياسي في شمال أفريقيا.

ولا تعطي الجزائر أهمية كبيرة لقطاع السياحة، ما يفتح الباب أمام الآلاف من الجزائريين للتوجه سنويا إلى تونس خلال الصيف، وهو ما ينعش حركة السياحة في تونس، ويحدث حركية في اقتصادها، خاصة في الوضع الحالي الذي تعيشه على وقع أزمة اقتصادية حادة.

وقال مراقبون تونسيون إن دخول قطر بقوة لإحياء قطاع السياحة في الجزائر، في الوقت الذي لم تفكر فيه الحكومة الجزائرية نفسها في هذا التوجه، يظهر أن الهدف يتجاوز البعد الاقتصادي المباشر، وأن الرسالة موجهة إلى تونس التي تعتمد بشكل كبير على السياحة.

وأشار المراقبون إلى أن الاستثمارات الكبيرة في مجال السياحة يفترض أن تتم في بلد سياحي مثل تونس لتحقق نتائج سريعة للجهة المستثمرة، لكن في هذه الحالة من الواضح أن هذه الجهة لا تبحث عن المكاسب المالية العاجلة بقدر ما تبحث عن مكاسب سياسية سريعة تتمثل في الضغط على تونس وتهديدها باستهداف أهم قطاعاتها الاقتصادية.

وتراجع نشاط الاستثمارات القطرية في تونس سواء الاستثمارات الحكومية أو الخاصة منذ اتخاذ قيس سعيد جملة من الإجراءات في 25 يوليو 2021، والتي من بينها تجميد البرلمان الذي كان يرأسه رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي المقرّب من قطر.

وكان واضحا أن تقليص الحضور الاستثماري لقطر في تونس جاء بمثابة رد سياسي على تنحية حركة النهضة من رئاسة البرلمان ومن الحكومة، وإمساك الرئيس سعيد بالسلطة، وخاصة رفضه أن يكون في صف التحالف التركي – القطري.

وبات الوضع أكثر تعقيدا بالنسبة إلى تونس مع انضمام الجزائر إلى هذا الحلف وهي التي تمثل بوابة مهمة لتونس. وتوسع الحلف الثلاثي ليضم عبدالحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الوطنية التي تحكم غرب ليبيا، ما جعل تونس وسط ما يشبه الطوق لدول وجهات تتعارض مصالحها مع توجهات قيس سعيد وموقفه من الإسلام السياسي.

واعتمدت الجزائر لعبة الوعود مع تونس لجلبها إلى الحلف الثلاثي. وكثيرا ما أطلق الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون وعودا صريحة بدعم تونس ومساعدتها على الخروج من أزمتها، لكن من دون أن تتحول تلك الوعود إلى أفعال.

وتسببت الجزائر في توتير علاقة تونس مع المغرب من خلال تشجيع الرئيس سعيد على لقاء زعيم جبهة بوليساريو الانفصالية إبراهيم غالي على هامش القمة الأفريقية – اليابانية.

وتقول أوساط سياسية تونسية إن الجزائر عملت ما في وسعها لجلب سعيد إلى صفّها في ملفات وتحالفات إقليمية لكن الرئيس التونسي رفض منطق التحالفات الإقليمية، وأكد للجزائريين أن ما يهمه هو تقوية العلاقات المباشرة بين تونس والجزائر على المستوى الرسمي والشعبي كدولتين جارتين، وهو أمر لم تقبل به الجزائر التي تريد أن يظهر قيس سعيد انحيازه العلني للتحالف الثلاثي والانفتاح على حركة النهضة كما تطالب بذلك تركيا وقطر.

وتشير هذه الأوساط إلى أن سعي قطر لخلق قطاع سياحي فعال في الجزائر هو رد سياسي غير معلن هدفه الضغط على قيس سعيد، بالتزامن مع تعطيل وعود الدعم الجزائري وتعهدات الدبيبة الاستثمارية التي أطلقها خلال زيارته الأخيرة إلى تونس.

وأوْرد موقع إذاعة موزاييك المحلية في تونس نقلا عن مراسله في الجزائر خبر التوقيع على اتفاقية بين الجزائر وقطر تقضي بتعزيز التعاون والاستثمار بين الجانبين في مجال تطوير وحدات فندقية وتسييرها.

وتنص هذه الاتفاقية على “تعبئة الاستثمارات اللازمة للارتقاء بالوحدات الفندقية، تماشيا مع المعايير المعمول بها دوليا والرفع من جودة الخدمات في هذا المجال”.

وستعمل الشركة القطرية للفنادق والضيافة في إطار هذه الاتفاقية على دعم الفنادق التابعة لمجمّع “فندقة، سياحة وحمامات معدنية” والبالغ عددها 73 فندقا في الجزائر في مجال التسيير والتأهيل وتحسين الخدمات لاستقطاب السياح.

وأكد وزير السياحة الجزائري ياسين حمادي على ضرورة ترقية تسيير الفنادق التابعة للمجمّع وتحسين مستوى الخدمات في الوحدات الفندقية لاستقطاب السياح، مبرزا أهمية الاستفادة من خبرات قطر وتجاربها.

وذكر بأنه سيتم “إبرام اتفاقيات وعقود أخرى مستقبلا بين البلدين للارتقاء بمستوى العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، لاسيما في القطاع السياحي”.

ولم تكن هذه هي الإشارة الأولى لتوظيف قطاع السياحة في الضغط على قيس سعيد، ففي الصيف الماضي سجلت الجزائر توافد المئات من الليبيين إلى أراضيها من أجل السياحة والتعرف على مدن الجزائر وعاداتها. وكانت رسالة من الإسلاميين في ليبيا بعد أن فشلوا في الضغط على قيس سعيد ودفعه للاعتراف بحكومة طرابلس.

يشار إلى أن الاتفاق القطري- الجزائري في مجال السياحة بما يهدد مصالح تونس تزامن مع حملة إعلامية جزائرية على تونس بعد توقيف مجموعة من التونسيين الذين ذهبوا إلى الجزائر لجلب مواد غذائية بأسعار أقل، وهي ظاهرة معروفة في تونس ليس فيها ما يدعو إلى التوقيف خاصة أنها تتم عادة بتشجيع من الجزائر منذ فترة حكم الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، ولاحقا خلال حكم حركة النهضة الإسلامية.

ويرى المراقبون في هذه الحملة إشارة إلى رغبة السلطات الجزائرية في توتير العلاقة مع تونس حتى وإن كان ذلك بسبب حادث عرضي كان يمكن تطويقه بيسر من خلال الاتصال بنظيرتها التونسية.


وتوقع محافظ البنك المركزي التونسي مروان العباسي أن ترتفع نسبة التضخم في مستوى قياسي جديد إلى 11% خلال سنة 2023، مؤكدا أن أغلب المؤشرات الاقتصادية سلبية تفرض إصلاحات ضرورية. فما الأسباب التي أدت إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية؟ وهل من وجاهة لربطها بانسداد الأفق السياسي في البلاد؟

وتمضي الأزمة الاقتصادية نحو التفاقم أكثر، منذرة التونسيين بعام أقسى سيثقل أوضاعهم المعيشية واقتصاد بلادهم بنسبة قياسية أعلى من التضخم. ذاك ما أكده محافظ البنك المركزي التونسي مشددا على أن الأوضاع الاقتصادية في البلاد ستكون صعبة إذا لم يتم الاتفاق مع صندوق النقد الدولي.

أزمة مركبة

وبالعودة إلى جذور الأزمة، أرجع الكاتب والمحلل السياسي محمد ذويب أسباب الأزمة التي تعيش فيها تونس -في حديثه لبرنامج "ما وراء الخبر"- إلى مخلفات "العشرية السوداء" التي كانت ثقيلة على التونسيين، إضافة إلى آثار الأزمة العالمية ومخلفات فيروس كورونا وكذا حرب روسيا على أوكرانيا، ثم تعاطي حكومة نجلاء بودن الذي لم يرتق -كما قال الضيف- إلى مستوى تطلعات التونسيين، خاصة في المسائل الاقتصادية التي فشلت في حلها.

واعتبر أن الأزمة سياسية أيضا وليست اقتصادية واجتماعية فقط، مشددا على أن الأحزاب التي حكمت في العشرية السابقة ليس بإمكانها أن تجد حلا مناسبا للأزمة لأنها تشكل جزءا من الأزمة، وهذا لا يعفي رئيس الجمهورية من واجبه في الحوار مع بعض الأحزاب التي لم تتورط في تلك الأزمة.

في المقابل، رأى الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي أن تونس وصلت إلى مرحلة حافة الانهيار الاقتصادي بسبب الإدارة "الغريبة" لقيس سعيّد وإضعافه لمؤسسات الدولة وعدم قدرته على الإلمام بالملف الاقتصادية وكذا فقدانه أي توجه لإنعاش الاقتصاد، وهذا ما جعل البلاد على حافة الإفلاس.

وأضاف أن تونس شهدت إضرابات في قطاعات حية يطالب أصحابها بتحسين وضعيتهم، في الوقت الذي يعمل سعيّد على تعليق الفشل السياسي على معارضيه والأنظمة السابقة.

انسداد سياسي

وفيما يبدو محاولة لاحتواء الاحتقان الاجتماعي، أكدت رئيسة الحكومة التونسية بودن خلال لقائها مع الأمين العام لاتحاد الشغل ورئيس اتحاد الأعراف على ضرورة تنقية المناخات العامة والعمل المشترك لإيجاد الحلول الملائمة. ولكن رغم الدعوات المحلية والدولية للحوار يستمر الانسداد السياسي في البلاد على وقع دعوات سياسية معارضة وأخرى نقابية لتحركات احتجاجية في المستقبل القريب.

وبلغة الأرقام، توقع محافظ البنك المركزي التونسي أن تكون الأوضاع الاقتصادية صعبة إذا لم يتم الاتفاق مع صندوق النقد الدولي. مشيرا إلى أن التضخم سيرتفع من 8.3% عام 2022، إلى نحو 11% أثناء العام الحالي.

وبين تشدد ومرونة، تصدر بين حين وآخر تصريحات عن الرئيس سعيّد الذي قال إن تونس تتسع للجميع، لكنه في المقابل نفى أن تكون هناك أزمة متهما المعارضة بالاستثمار في الحديث عنها، داعيا إلى ضرورة تطهير الدولة ممن قال إنهم استولوا على مقدراتها، رافضا أي تهديد للسلم الأهلي والاجتماعي في البلاد.

تحركات احتجاجية

وعلى وقع انتقادات سياسية وحقوقية لممارسات السلطات التونسية، دعت جهات معارضة لتحركات احتجاجية في المستقبل القريب، بينها جبهة الخلاص الوطني التي أعلن رئيسها أحمد نجيب الشابي الدعوة لتنظيم مظاهرة في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة، بالتزامن مع ذكرى الثورة التونسية في 14 يناير/كانون الثاني الجاري.

أما على مستوى النقابيين في البلاد، فأكد نقابيون في الاتحاد العام التونسي للشغل -كبرى المنظمات النقابية في تونس- أن المنظمة بصدد التشاور لإطلاق مبادرة إنقاذ في ظل أزمة خانقة تشهدها البلاد.

وأشار قياديون في المنظمة خلال مجلس جهوي بمدينة القيروان أن الاتحاد بدأ مشاورات مع هيئة المحامين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، مشيرين إلى أن الهدف منها التوصل لبلورة مبادرة تخرج البلاد من أزمتها عبر خارطة طريق واضحة. وأكدت تلك القيادات أن المنظمة النقابية لن تدخر جهدا في هذا الاتجاه وستقدم المقترحات وبدائل الإنقاذ.

وتوقفت وسائل النقل العام في العاصمة التونسية بعد أن أضرب موظفو شركة النقل الحكومية بسبب تأخر دفع الرواتب.

ونظم مئات العمال احتجاجا خارج مكتب رئيسة الوزراء. ورفع العمال المتظاهرون، بحسب وكالة رويترز، شعارات مثل "نريد حقوقنا .. لا نطلب ميزة".

ويسلط الإضراب الضوء على المشاكل التي تواجه الشركات العامة في الوقت الذي تكافح حكومة الرئيس قيس سعيد أسوأ أزمة مالية لها.

ومن المقرر أن ينظم الاتحاد العام التونسي للشغل القوي إضرابا آخر لمدة يومين يشارك فيه عمال النقل في أواخر يناير/ كانون الثاني.

ووافق الاتحاد، الذي يضم مليون عضو، على إضراب لعمال النقل الجوي والبري والبحري في يومي 25 و26 يناير احتجاجا على ما وصفه بـ"تهميش الحكومة للشركات العامة".

وقالت حياة شمتوري المتحدثة باسم شركة النقل الحكومية إن "الوضع المالي في الشركة صعب حقًا".

ونقلت رويترز عن وجيه زيدي، المسؤول في الاتحاد العام للشغل، قوله إن إضراب يوم الاثنين مفتوح وسيستمر حتى تلبية مطالب العمال.

وأضاف زيدي أن بعض الموظفين أصبحوا غير قادرين على سداد ديونهم.

وتسعى تونس للحصول على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار من صندوق النقد الدولي مقابل إصلاحات لا تحظى بقبول، تشمل خفض الإنفاق وإعادة هيكلة الشركات العامة وخفض الدعم المخصص للطاقة والغذاء.

وقال وزير الاقتصاد سمير سعيد الشهر الماضي إن تونس ستواجه عاما صعبا، إذ من المتوقع أن يرتفع التضخم فوق 10٪.

ومن شأن الإضراب أن يزيد الضغط على حكومة الرئيس سعيد، التي تواجه معارضة متنامية بعد 17 شهرا من توليه السلطات التنفيذية، في خطوة وصفها خصومه بأنها انقلاب.

وحذر الرئيس التونسي قيس سعيد من "تآمر" داخل البلاد لتعطيل مسار تنظيم الدور الثاني للانتخابات التشريعية، مشيرا إلى "تمويل خارجي" لضرب استقرار الدولة، في وقت تكاثفت الجبهات المعارضة له والتي تسعى بعضها إلى العودة إلى السلطة عبر تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة، بينما يعمل الاتحاد العام التونسي للشغل على استثمار الأزمة السياسية للضغط على السلطة من أجل الاعتراف بها كشريك سياسي قويّ ومؤثر.

وجاءت تصريحات سعيّد خلال لقائه الأربعاء مع وزير الداخلية التونسي توفيق شرف الدين، والمدير العام للأمن الوطني مراد سعيدان، بقصر قرطاج، بحسب ما أعلنت الرئاسة التونسية في بيان.

وذكر البيان أن الرئيس التونسي شدد خلال الاجتماع على أن "الحرية لا تعني الفوضى والتآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي".

وأشار الرئيس سعيّد إلى "من يقومون بتوزيع أموال طائلة على المواطنين بهدف تعطيل السير العادي للدور الثاني لانتخاب أعضاء مجلس نواب الشعب أو تعطيل السير العادي لبعض المرافق العمومية، فضلا عن تلقيهم مبالغ ضخمة من الخارج بهدف المزيد من تأجيج الأوضاع وضرب استقرار الدولة التونسية".

وشدد سعيّد "على ضرورة تطبيق القانون على الجميع"، قائلا "إن أمن الدولة والسلم الاجتماعي لا يمكن أن يترك من يسعى يائسا إلى ضربها خارج دائرة المساءلة والجزاء".

ورغم أن الرئيس التونسي لم يحدد الأطراف الساعية لعرقلة مرافق الدولة وجولة الإعادة، إلا أنه سبق وأن حذر في أكثر مناسبة من تحركات معارضيه، وفي مقدمتهم حركة النهضة الإسلامية، لضرب السلم الأهلي بالبلاد، محملا إياها المسؤولية الكاملة عن تلك الأفعال.

وكانت "جبهة الخلاص" التي يقودها السياسي المخضرم أحمد نجيب الشابي، وهي الواجهة السياسية لحركة النهضة، قد دعت قيس سعيّد إلى الاستقالة وتنظيم انتخابات رئاسية مبكرة، بعد ضعف الإقبال على المشاركة في الانتخابات التي جرت في السابع عشر من ديسمبر الماضي.

ومن خلال هذه الجبهة تحاول حركة النهضة العودة من جديد إلى الحكم، والالتفاف على مسار الخامس والعشرين من يوليو 2021، الذي أزاح برلمانا كانت تسيطر عليه.

وأعلن الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي الأسبوع الماضي استعداد الاتحاد لإطلاق مبادرة "لإنقاذ البلاد"، كما لوح بتنفيذ سلسلة من التحركات الاحتجاجية بدأت الاثنين بتنفيذ إضراب في قطاع النقل شل إقليم تونس الكبرى، الذي يضم أربع ولايات (محافظات) هي تونس العاصمة وأريانة ومنوبة وبن عروس.

ويتطلع الاتحاد العام التونسي للشغل إلى العودة إلى المشهد السياسي من جديد من بوابة الحوار الوطني، الذي يتحرك لإحيائه بالتحالف مع بعض المنظمات الحقوقية وقوى مقربة منه.

ويأتي هذا الحوار كمحاولة من الاتحاد لاستثمار النتائج الضعيفة للدور الأول من الانتخابات التشريعية التي بلغت 8.8 في المئة، من أجل الدفع نحو تسوية سياسية جديدة يكون من نتائجها إجراء انتخابات تشريعية جديدة وتشكيل "حكومة سياسية" يكون القرار المؤثر فيها للاتحاد، وفي الوقت نفسه ممارسة ضغوط على الرئيس سعيّد للتفاوض مع الأحزاب.

وسبق للاتحاد أن أنقذ حركة النهضة حينما كانت في السلطة في 2012، عندما عمت البلاد احتجاجات حاشدة على إثر اغتيال الزعيم اليساري شكري بلعيد، كما سبق للاتحاد أن ساهم في تشكيل الحكومات المتعاقبة التي فشلت فشلا ذريعا في إدارة الوضع الاقتصادي، وفي تحقيق الإصلاحات المطلوبة.

يأتي ذلك، فيما تستعد تونس لعقد جولة إعادة للانتخابات التشريعية في مارس المقبل، بعدما شهدت الجولة الأولى في ديسمبر الماضي نسبة مشاركة متدنية.

وتستعد تونس لجولة إعادة تشمل 131 دائرة انتخابيّة فقط في الداخل يتنافس فيها 262 مرشّحا، من بينهم 34 امرأة و228 رجلا.

وخلال الدور الأول من الانتخابات البرلمانية التونسية، تم حسم 23 مقعدا من أصل 154 في المجلس، فيما سيتنافس المرشحون على 131 مقعدا في الدور الثاني.

ومن المقرر إعلان نتائج الدورة الثانية في الثالث من مارس 2023 بعد النظر في الطعون إن وجدت.

والانتخابات التشريعية الأخيرة في تونس تعتبر أحدث حلقة في سلسلة إجراءات استثنائية بدأ الرئيس قيس سعيّد تنفيذها في الخامس والعشرين من يوليو 2021، سبقها حل مجلسي القضاء والبرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء الخامس والعشرين من يوليو 2022.