تنبيه أمريكي للرياض من خطر اتفاق وشيك مع الحوثيين..

معهد واشنطن: "اتفاق مكة" المرتقب سيكون بمثابة اعتراف بهزيمة السعودية

مصادر دبلوماسية تؤكد لـ"اليوم الثامن" ان وفودا دبلوماسية سعودية ترأسها السفير لدى اليمن محمد آل جابر، زارت صنعاء في يناير/ كانون الثاني الماضي، رفقة وفد دبلوماسي من سلطنة عمان"

مسلحو الإذرع الإيرانية الإرهابية واجتماع لقيادات عسكرية سعودية ويمنية في صحراء شبوة - مركبة

سلمان صالح
مراسل ومحرر متعاون مع صحيفة اليوم الثامن
واشنطن

تحذيرات أمريكية حملها معهد واشنطن إلى الرياض التي تقود تحالفا عسكريا، لمحاربة التدخلات الإيرانية في اليمن (الجار)، وذلك في اعقاب الحديث عن قرب التوصل الى تسوية سياسية مع جماعة الحوثيين في اليمن.

وجاءت التحذيرات الأمريكية بالتزامن مع جولة دبلوماسية يقوم بها سفير السعودي لدى اليمن، المعني بإدارة المفاوضات السياسية مع الحوثيين إلى صنعاء، في يناير/ كانون الثاني الماضي، رفقة وساطة من سلطنة عمان.

وقالت ثلاثة مصادر يمنية دبلوماسية لصحيفة اليوم الثامن إن السفير السعودي زار مسقط ومنها انتقل رفقة وساطة عمانية الى صنعاء، على أمل ان يلتقي بزعيم الاذرع الإيرانية في اليمن عبدالملك الحوثي، الا ان الأخير رفض مقابلته وطلب منه لقاء مهدي المشاط الذي يرأس المجلس السياسي للحوثيين، وبات يصف على انه رئيس الجمهورية اليمنية التي لم تحصل على أي اعتراف حتى الآن.

وأكدت المصادر "ان مهمة السفير السعودي في صنعاء بفشل برفض الحوثيين للمقترحات التي تقدم بها، وكذلك الجانب السعودي على ما يبدو انه رفض المقترحات التي تقدم بها الحوثيون له، الأمر الذي دفع مسقط الى الاستعانة بجهود موسكو في تقريب وجهات النظر أكثر".

وقد زار وفد دبلوماسي روسي العاصمة العمانية مسقط والتقى بالقيادة الحوثية، وفي موسكو عقد سفير السعودية لدى اليمن محمد ال جابر لقاءات في الجانب الروسي بحثا لاستئناف المفاوضات والتوصل الى صيغة اتفاق في ابريل نيسان المقبل".

وعلى الرغم من ان الحديث عن خيارات السلام في اليمن أصبحت مطروحة، الا ان القائد العسكري العميد طارق صالح، أكد استعداد قواته للمرحلة القادمة، من خلال في حال لم يتم التوصل الى سلام يرضي جميع الأطراف اليمنية، فخيار الحرب أصبح مطروحا بقوة، كما قال في تصريحات متلفزة، بثت على هامش لقاء عقده مع القيادة العسكرية للمقاومة الوطنية اليمنية في ميناء المخأ الاستراتيجي.

وتحت عنوان "تنبيه سياسي"، حذر باحث بارز في معهد واشنطن ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في المعهد الأمريكي، من أن أي اتفاق مرتقب بين المملكة العربية السعودية والحوثيين الموالين لإيران في مدينة مكة المكرمة أواخر رمضان، سيكون بلا شك بمثابة اعتراف بهزيمة الرياض".

وقال السيد سايمون هندرسون -  في مقالة تحليلية نشرها المعهد باللغتين العربية والانجليزية -  "إذا تم التوصل إلى اتفاقية سلام، سيحافظ المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران على سيطرتهم، ولكن سيُتاح للسعوديين الخروج من حرب مكلّفة ومستعصية، مما قد يفسح المجال أمام المزيد من الاحتمالات الدبلوماسية".

اتفاق ميناء الحديدة بين الحوثيين والسعودية 

وكشف المعهد أواخر فبراير/ شباط المنصرم، شهد اليمن بوادر جديدة للتوصل الى تسوية سياسية، بالإشارة الى اتفاق ميناء الحديدة  على البحر الأحمر الخاضع لسيطرة الحوثيين، الذي استقبل سفينة الشحن العام الأولى منذ عام 2016، وذلك بعد حصول الميناء على تصريح من الأمم المتحدة. 

وتطرق المعهد الى اشادة رشاد العليمي - رئيس "مجلس القيادة الرئاسي" الذي يحكم اليمن اسمياً من السعودية - بالمحادثات الأخيرة بين الرياض والحوثيين في صحيفة بارزة تملكها السعودية.

وأكد الباحث سايمون هندرسون أنه قد تم تسهيل المحادثات المباشرة التي كان يشير إليها من قبل سلطنة عمان بالتوازي مع الجهود التي تقودها الأمم المتحدة منذ فترة طويلة لاستبدال الاتفاق الحالي وغير الرسمي لوقف إطلاق النار (الذي استمر منذ نيسان/أبريل 2022) بهدنة رسمية. وإذا تبيّن أن المسار العماني مثمر، فقد تتبعه مفاوضات سياسية شاملة في النهاية، على الرغم من تردد المسؤولين المشاركين في المحادثات في مناقشتها خوفاً من تعريض مجالات الاتفاق الناشئة للخطر".

وأشار الباحث إلى ما نشرته  صحيفة "الإيكونوميست" في 25 شباط/فبراير "يتفاوض السعوديون على اتفاق قد يسمح لهم بالانسحاب"، ومن الممكن أن يتم التوقيع على هذا الاتفاق خلال "الأشهر المقبلة" - ربما في مدينة مكة المكرمة خلال عطلة شهر رمضان"، التي تبدأ في أواخر آذار/مارس".

ومع ذلك، يقول سايمون هندرسون من الملاحظ أن الاتفاق "لن يُخرج الحوثيين من السلطة، ولن يُنهي الحرب الأهلية الداخلية الفوضوية في اليمن". وما تبحث عنه الرياض على ما يبدو هو "ضمانات بتوقف الحوثيين عن إطلاق الطائرات المسيّرة والصواريخ عبر الحدود".

وفي الواقع، أكد هندرسون أن  أي اتفاق وشيك سيكون بمثابة اعتراف بهزيمة السعودية، التي تدخلت عسكرياً في عام 2015 بعد أن وسّع رجال قبائل الحوثي من شمال غرب اليمن سيطرتهم على مناطق تمتد من العاصمة صنعاء إلى عدن. وفي ذلك الوقت، اتخذ وزير الدفاع السعودي الذي كان قد عُيّن حديثاً آنذاك محمد بن سلمان - والذي أصبح منذ ذلك الحين ولي العهد والزعيم الفعلي للمملكة - القرار بالتدخل ضمن حملة تحالف "عاصفة الحزم". ولكن سرعان ما ثبت أن الحملة ليست حازمة، وقلّص الأمير زياراته رفيعة المستوى إلى قواعد القاذفات الأمامية وسط تقارير عن تسبّب الطيارين السعوديين بسقوط ضحايا من المدنيين وفقدان المملكة السيطرة على مسافة طويلة من الحدود الجنوبية. وفي ذروة المعارك، كلف القتال الرياض ما يقدر بمليار دولار في الأسبوع".

ومن وجهة نظر الحكومة الأمريكية، قال الباحث "سيكون هذا الاتفاق خطوة إيجابية نحو التخفيف من حدة الأزمة الإنسانية المستمرة في اليمن، والتي تؤثر على ما يقدر بثلثي سكان البلاد البالغ عددهم 28 مليون نسمة. كما أنه سيساعد في تحسين علاقات واشنطن مع الرياض، التي تلقت حملة القصف التي شنتها دعماً لوجستياً أمريكياً في البداية لكنها سرعان ما واجهت معارضة كبيرة في الكونغرس الأمريكي".

ولكن عاد وحذر من اي اتفاق مع الحوثيين قائلا "من المؤكد أن ترك اليمن في أيدي الحوثيين - الذين يظهر شعارهم الرسمي بشكل بارز عبارات "الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود" - قد يكون نتيجة مؤلمة من نواح استراتيجية أخرى. والأهم من ذلك هو أنه يتعين على واشنطن تقييم كيف قد يؤثر مثل هذا الاتفاق على جهودها للحد من نفوذ إيران العدائي، خاصة وأن الصواريخ التي تزودها طهران للحوثيين قد تمتلك قريباً المدى اللازم لضرب جنوب إسرائيل". 

وقال الباحث سايمون هندرسون "في البداية كانت وجهة نظر القادة الإيرانيين بأن هجوم الحوثيين هو مجرد قضية جانبية أخرى تستحق الدعم، إلّا أن الحركة أصبحت منذ ذلك الحين أداة أكثر فاعلية لتهديد دول الخليج العربي وإسرائيل والمضيق الحيوي باب المندب الذي يفصل بين البحر الأحمر وخليج عدن، من بين أهداف أخرى. ومع ذلك، حتى الاتفاق غير الكامل في اليمن قد يكون مفيداً في المسار الدبلوماسي التدريجي نحو السلام، ويمكن أن يتضمن تقليص روابط الحوثيين مع إيران بعض الشيء.