عون يرفض تحديد جدول زمني لإنهاء عمل القوة الأممية..

الغموض يخيّم على مستقبل قوات اليونيفيل في جنوب لبنان

يواجه مصير قوات حفظ السلام الأممية في جنوب لبنان (اليونيفيل) مرحلة حاسمة، مع اقتراب انتهاء ولايتها نهاية أغسطس الجاري، وسط ضغوط إسرائيلية لإنهاء مهمتها فورًا، ومطالب لبنانية بتمديدها لضمان الاستقرار في الجنوب، فيما يناقش مجلس الأمن مشروعًا فرنسيًا يقضي بالتمديد لعام إضافي تمهيدًا لانسحاب تدريجي.

مجلس الأمن يناقش مشروعًا فرنسيًا لتمديد ولاية اليونيفيل حتى 2026

بيروت

يواصل مجلس الأمن الدولي مناقشاته حول مشروع قرار قدّمته فرنسا يقضي بتمديد ولاية قوات حفظ السلام الأممية (اليونيفيل) في جنوب لبنان حتى 31 أغسطس 2026، مع التمهيد لانسحاب تدريجي يتيح للحكومة اللبنانية أن تصبح "الضامن الوحيد للأمن". ومن المقرر أن يحسم القرار في 25 أغسطس الجاري، أي قبل أيام من انتهاء التفويض الحالي للقوة في نهاية الشهر.

الرئيس اللبناني جوزيف عون شدد على ضرورة استمرار اليونيفيل طوال المدة اللازمة لتطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته، بما يشمل نزع سلاح حزب الله وانسحاب إسرائيل من الأراضي التي تحتلها. وأكد خلال لقائه قائد القوة الدولية ديوداتو أبانيارا أن أي تحديد زمني قصير سيؤثر سلبًا على استقرار الجنوب، لافتًا إلى اتصالات لبنانية مع أعضاء مجلس الأمن لتأمين التمديد.
كما أشار إلى قرار الحكومة اللبنانية زيادة عديد الجيش في الجنوب إلى 10 آلاف عسكري لمواكبة مهام القوة الأممية.

في المقابل، تضغط إسرائيل لإنهاء مهمة اليونيفيل بشكل فوري، معتبرة أنها فشلت في منع حزب الله من ترسيخ وجوده جنوب الليطاني. وكشفت صحيفة يسرائيل هيوم أن وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر بعث برسالة إلى نظيره الأميركي ماركو روبيو طالب فيها بإنهاء المهمة، أو على الأقل تمديدها لفترة انتقالية قصيرة لا تتجاوز عامًا واحدًا كمرحلة انسحاب منظم.
وبرر ساعر الموقف الإسرائيلي بالقول إن تقارير اليونيفيل "قدمت صورة غير صحيحة عن الواقع"، مؤكدًا أن استمرار عملها لا يخدم أهداف الأمن.

الولايات المتحدة، وفق دبلوماسيين، أبلغت مجلس الأمن أنها تؤيد التمديد لسنة واحدة فقط كمرحلة أخيرة، ما يفتح الباب أمام انسحاب تدريجي. ورغم رفض واشنطن التعليق رسميًا على تفاصيل المفاوضات، فإن موقفها يميل إلى تقييد أفق استمرار اليونيفيل على المدى الطويل.

تضم اليونيفيل نحو 11 ألف عنصر، وتلعب منذ 1978 دورًا محوريًا في مراقبة وقف إطلاق النار، ومنع التصعيد بين لبنان وإسرائيل، عبر آلية اتصال وتسيير دوريات جنوبية محايدة. وبعد حرب 2006، وسّع مجلس الأمن مهامها لتشمل مساعدة الجيش اللبناني في ضبط السلاح جنوب الليطاني. لكن هذا التفويض ظل مصدر توتر مع حزب الله الذي يسيطر فعليًا على الجنوب.

يرى مراقبون أن السيناريو الأرجح هو التمديد لعام واحد فقط، انسجامًا مع الموقف الأميركي والإشارات الفرنسية، على أن تبدأ بعدها عملية انسحاب تدريجية ومنظمة. ويطرح هذا المستقبل تساؤلات حول قدرة الجيش اللبناني، في ظل أزماته المالية والسياسية، على ملء الفراغ الأمني إذا غابت اليونيفيل.

بين ضغوط إسرائيلية لإنهاء المهمة فورًا، ومطالب لبنانية بالتمديد للحفاظ على الاستقرار، يقف مجلس الأمن أمام معادلة صعبة. مصير اليونيفيل لن يحدد فقط مستقبل الجنوب اللبناني، بل أيضًا مسار التوازن الهش بين إسرائيل وحزب الله، ودور المجتمع الدولي في ضمان الاستقرار الإقليمي.