الصراع الفلسطيني الاسرائيلي..

تقديرات إسرائيلية تتوقع استمرار الحرب في قطاع غزة إلى نهاية 2024

بلغ عدد سكان رفح 350 ألف نسمة ما قبل الحرب، ومع بدء القصف الإسرائيلي بلغ عدد سكانها نحو مليون ونصف، مع توقعات بزيادة العدد في ظل عمليات النزوح المتواصلة بسبب الاستهدافات الإسرائيلية.

الجيش الإسرائيلي (أرشيف اليوم الثامن)

غزة

أثارت الحكومة الإسرائيلية المخاوف من اجتياح مدينة رفح جنوب قطاع غزة الأكثر اكتظاظاً بالسكان حالياً، بعد أن خرج عضو مجلس الحرب الإسرائيلي بيني جانتس بتصريح مفاده أن "الجيش سيصل للمدينة قريباً"، وسط تقديرات إسرائيلية باستمرار الحرب إلى نهاية 2024، مع فشل إسرائيل في تحقيق هدفها المعلن بـ"القضاء على حركة حماس"، وتصفية قادتها بعد نحو 118 يوماً من الحرب، وسعيها إلى السيطرة على خان يونس ورفح. وأصبحت مدينة رفح الجنوبية تضم التجمع الأكبر للنازحين الفلسطينيين، بعد أن صنفها الجيش الإسرائيلي "ملاذاً آمناً" للفلسطينيين من العمليات العسكرية، ودعا المواطنين للنزوح إليها. 

وأثارت تصريحات ونوايا الجيش الإسرائيلي مخاوف النازحين في رفح الذين عانوا وما زالوا يعانون عذابات النزوح المتواصل في ظل نقص مقومات الحياة وشح المياه والغذاء والقصف والأجواء الباردة، ليكون السؤال الأبرز أين نذهب؟ ورغم أن مصر أبلغت الفصائل الفلسطينية، قرارها الحاسم بعدم السماح للجيش الإسرائيلي باجتياح الحدود الفلسطينية المصرية في رفح، واعتبارها هذا الأمر "اعتداءً على الأمن القومي المصري"، إلا أن تخوفات النازحين لا تزال حاضرة. رئيس بلدية رفح أحمد الصويفي، أكد أن لا خيارات أمام النازحين، حال نفذ الجيش الإسرائيلي تهديداته بدخول رفح. وأضاف: "في حال نفذ الجيش الإسرائيلي تهديداته، فإن الخيارات ستكون محدودة أمام النازحين، إما أن يتوجهوا إلى خان يونس أو مصر أو باتجاه البحر، فلا خيارات ولا سيناريوهات يمكن الحديث عنها في ظل هذه الحرب والعدد الكبير من النازحين في رفح". 

وتابع الصويفي: "الوضع في رفح مأساوي تكدس سكاني كبير وقدرات محدودة وأي هجوم إسرائيلي سيخلف عشرات الآلاف من الضحايا، فبعد نزوح المواطنين من خان يونس وصلت الكثافة السكانية في رفح إلى المليون ونصف". المواطن محمد أيمن أعرب عن تخوفه من اجتياح الجيش الإسرائيلي لمدينة رفح، قائلاً: "هذا أمر لا نتمنى حدوثه، نحن متخوفون من هذا الأمر بعد ما سمعناه من تصريحات إسرائيلية. نعيش في أوضاع مأساوية داخل الخيام، وليس أمامنا مكان نذهب له في حال دخول الجيش سوى سيناء، ولن نقبل ذلك. سنموت في رفح، ولن نخرج ولن نقبل أن نهجر مرة أخرى". وقال النازح نور الغلبان، الذي خرج من خان يونس إلى رفح: "قلقون من اجتياح رفح براً بعد تلك التهديدات، لا نريد النزوح مجدداً.

 تعبنا ولن نقبل أن نهجر إلى سيناء لا نريد نزوحاً آخر". وقال النازح أنس رياض: "غزة وطننا ولن نتحرك منها. هذه الحرب متعبة لم يعد هناك مكان لنذهب له، ولن نذهب إلى سيناء. سنبقى صامدون". المتحدث باسم الهلال الأحمر الفلسطيني في قطاع غزة، رائد النمس، أشار إلى أن محافظة رفح جنوب القطاع، ذات مساحة صغيرة نسبياً، وكان عدد سكانها قبل عمليات النزوح يبلغ نحو 300 ألف نسمة، وقد تضاعف هذا الرقم حالياً إلى 1.4 مليون شخص مع استمرار عمليات النزوح. وتابع النمس: "الموارد في رفح محدودة وهذا الأمر فاقم من الوضع الإنساني، وبخاصة فيما يتعلق ببرامج الإغاثة وتفشي الأمراض". 

وأضاف: "في حال نفذت إسرائيل تهديداتها، واجتاحت رفح، سيكون هناك عشرات آلاف الضحايا من المدنيين بسبب تكدس النازحين بمراكز الإيواء أو المتواجدين في منازل العائلات التي تستضيفهم في رفح". وأردف: "أي استهداف بالوقت الحالي سيؤدي إلى عدد كبير من الإصابات؛ بسبب الاكتظاظ في رفح، كما أن موجات النزوح مستمرة، والعدد يزداد بشكل يومي، ولا مكان يذهب له النازحون، فرفح الملاذ الأخير لهم، من الشرق البحر، ومن الجنوب الحدود المصرية المغلقة تماماً، ومن الشمال النزوح مستمر لرفح وهناك تواجد لآليات الجيش الإسرائيلي فلا مكان آمناً". ووفقاً لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، فإن النسبة الأكبر من النازحين الفلسطينيين تتركز في مدينة رفح، خاصةً بعد نزوح الآلاف من خان يونس. وبلغ عدد سكان رفح 350 ألف نسمة ما قبل الحرب، ومع بدء القصف الإسرائيلي بلغ عدد سكانها نحو مليون ونصف، مع توقعات بزيادة العدد في ظل عمليات النزوح المتواصلة بسبب الاستهدافات الإسرائيلية. 

ومع التحذيرات الإسرائيلية الأخيرة للسكان والنازحين في خان يونس بدأت عملية نزوح جديدة إلى رفح من منطقة المواصي، التي تقع على ساحل خان يونس، ولا تزيد مساحتها عن 5 آلاف دونم، كما باتت مأوى لمئات آلاف النازحين الذين يقيمون في خيام بالمنطقة التي تفتقر لكل مقومات الحياة. وبحسب "أونروا"، فإن ملاجئ النازحين في رفح مكتظة بشكل لا يطاق وتعاني القليل من الخصوصية أو غيابها، خاصة بالنسبة للنساء والفتيات، كما أن أكثر من 480 شخصاً يتشاركون مرحاضاً واحداً، إذ وصلت الأوضاع الإنسانية في رفح إلى نقطة الانهيار. وفي السياق، أكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن منطقة رفح "غير مهيأة" لاستقبال هذا العدد الكبير، سواءً من ناحية البنى التحتية، أو الخدمات الإغاثية المقدمة من جانب الوكالة أو غيرها من المؤسسات العاملة لتقديم الخدمات الإغاثية، حيث يتقاسم الخيمة الواحدة ما يزيد على 20 شخصاً، مع معاناة للعثور على الغذاء والمياه، حيث يواجه جميع سكان القطاع خطر المجاعة الذي يزداد. 

قال الناطق باسم وكالة "أونروا" كاظم أبو خلف، إن "100 شاحنة يومياً أو أقل أحياناً، ومن بينها 4 شاحنات وقود، تعد عدداً غير كاف في ظل الوضع الكارثي والمأساوي على الأرض". وباتت محافظة رفح الآن الملجأ الرئيسي للنازحين، حيث يعيش أكثر من مليون شخص في منطقة مكتظة للغاية، في أعقاب تكثيف القصف في خان يونس ودير البلح، وأوامر الإخلاء التي أصدرها الجيش الإسرائيلي، حيث اضطر المواطنون للتوجه إلى رفح، ما زاد العبء على المؤسسات كافة في المحافظة، وتحديداً الصحية. وإثر ذلك، توجه النازحون إلى منطقة المواصي غير المؤهلة لاستقبالهم، سواءً من حيث كفاءة البنية التحتية وتوافر الخدمات، أو من حيث كفاية المباني السكنية، إذ تكدسوا في مناطق قاحلة ضيقة في العراء، وفي ظروف تفتقر للشروط الأساسية للحياة البشرية، حيث لا تتوفر مياه أو كهرباء أو دورات مياه، فضلاً عن أن المساعدات الإنسانية لا تكفي الأعداد المتزايدة من النازحين.

 وتقع منطقة المواصي على الشريط الساحلي الفلسطيني للبحر الأبيض المتوسط، جنوب غربي قطاع غزة، وتبعد عن مدينة غزة نحو 28 كيلومتراً، كما تمتد بطول 12 كيلومتراً وعرض نحو كيلومتر واحد، جنوب شرقي وادي دير البلح شمالاً، مروراً بمحافظة خان يونس، حتى محافظة رفح جنوباً. وتقدر مساحتها الإجمالية بنحو 12 ألف دونم، وتمثل نحو 3% من مساحة قطاع غزة، وتتكون المنطقة من كثبان رملية، يطلق عليها محلياً "السوافي"، وهي عبارة عن رمال صحراوية بيضاء، تتخللها منخفضات زراعية خصبة غنية بالمياه الجوفية. وتقسم المواصي إلى منطقتين متصلتين جغرافياً، تتبع إحداهما خان يونس، وتقع في أقصى الجنوب الغربي من المحافظة، في حين تتبع الثانية لمحافظة رفح، وتقع في أقصى الشمال الغربي منها.

 ومع بدء الحرب الإسرائيلية على غزة، تتابعت بيانات عسكرية إسرائيلية منذ 18 أكتوبر الماضي، تدعو سكان القطاع بالتوجه جنوباً نحو المناطق المفتوحة غرب خان يونس، وتحديداً إلى المواصي، التي قالت إسرائيل إنها "منطقة آمنة"، ستُرسل إليها المساعدات الدولية عند الحاجة. وبدأ النازحون بالوصول إلى المنطقة التي وجهوا إليها، ولكنهم لم يجدوا عند وصولهم مأوى أو مساعدات إنسانية. وقال الجيش الإسرائيلي إنه يخوض أعنف قتال حتى الآن في قطاع غزة بمدينة خان يونس في جنوب القطاع، حيث يأمل في قتل أو أسر قادة حماس الذين يفترض أنهم يختبئون في أنفاق مع رهائن.

 وأشارت تقديرات ضابط استخبارات إسرائيلي إلى أن إسرائيل قتلت نحو تسعة آلاف مقاتل من حماس من أصل قوة تقدر بنحو 35 ألفاً، على حد قوله. واعتبر أن إسرائيل لا تزال على بعد عدة أشهر من تحقيق أهدافها، والتي تشمل الاستيلاء على الذخائر والأسلحة أو تدميرها، وجعل القواعد العسكرية والأنفاق التابعة لحماس غير صالحة للعمل. 

وقال إن تحقيق ذلك سيستغرق عام 2024 بأكمله وربما أطول. وأشار ضابط المخابرات إلى أنه لا يزال يتعين على القوات الإسرائيلية مواجهة هيكل قيادة لوائي حماس المتبقيين، أحدهما في وسط غزة والآخر في مدينة رفح في الجنوب، اللذان لا يزالان على حالهما. وقدر أن كل لواء يقوده ما بين 70 و150 شخصاً، مشيراً إلى أن "قتلهم أو أسرهم أمر حيوي لتفكيك هذه الوحدات". وقال إن الاعتقاد بأن تدمير حماس، "لن يحدث بسرعة"، هو أحد الأسباب التي تجعل المسؤولين الإسرائيليين يعارضون وقف إطلاق النار طويل الأمد أو الدائم مقابل إطلاق سراح الرهائن.