الحرب المفتوحة..

عودة حماس إلى العمليات الانتحارية: خيار أخير للهروب من مأزق الحرب بلا نهاية

مخاوف من إدخال عبوات ناسفة إلى قلب إسرائيل ما يسبب أضرارا كثيرة، لكن ذلك يزيد الضغط الدولي على حركة حماس

زعيم حماس الجديد يحيى السنوار

القدس

في تطور خطير يعكس تصاعد التوترات بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية المسلحة، تبنت حركتا حماس والجهاد الإسلامي محاولة تفجير انتحاري استهدفت كنيسًا يهوديًا في تل أبيب يوم الأحد. هذه العملية، التي تم إحباطها قبل وقوعها، تشير بوضوح إلى أن الحركة لا تزال تمتلك القدرة على التسلل إلى داخل إسرائيل وتنفيذ عمليات نوعية، ما يطرح تساؤلات حول فعالية الإجراءات الأمنية الإسرائيلية ويعيد إلى الأذهان مشاهد الانتفاضة الفلسطينية الثانية.

ويظهر وصول الانتحاري إلى قلب تل أبيب أن حماس تمتلك قدرة على التسلل إلى داخل إسرائيل إما مباشرة من خلال اجتياز إجراءات العبور من الضفة إلى إسرائيل أو عبر تجنيد فلسطيني من عرب 48 الذين نأوا بأنفسهم عن حرب غزة والمواجهات في الضفة.

وإلى حد الآن لم تتضح هوية المنفذ، هل هو من سكان الضفة أم من عرب 48، ويأتي ذلك ضمن سلسلة من العمليات المحدودة التي تستهدف مستوطنين أو مدنيين عن طريق أسلحة بيضاء أو عمليات دهس أو إطلاق نار فردي سرعان ما تتم تصفية منفذه.

ويؤشّر تبنّي حماس محاولة التفجير الانتحاري، الذي أحبطته إسرائيل، على أن الحركة التي لم تحقق مكاسب من عملية طوفان الأقصى بفعل الفارق في الإمكانيات مع الجيش الإسرائيلي تريد أن تنقل معاناة غزة إلى قلب إسرائيل عن طريق تنفيذ عمليات لا تقتصر على المستوطنين والجنود الإسرائيليين وإنما تستهدف أيضا المدنيين.

وفي حال نجحت حماس في تنفيذ عمليات نوعية في قلب إسرائيل فإن ذلك سيزيد الضغط الدولي عليها، خاصة أن كفة ميزان التعاطف الدولي تميل لصالح إسرائيل التي تمتلك شبكات ضغط ونفوذ في الغرب.

وغيرت العمليات الانتحارية طبيعة الانتفاضة من بعدها الاحتجاجي السلمي الذي لقي تعاطفا كبيرا في العالم، إلى ما يصفه الفلسطينيون بعسكرة الانتفاضة، ما أفقدها التعاطف وأعطى لإسرائيل مبررا لاعتماد المزيد من القوة.

وأعلن الجناحان العسكريان لحركتي حماس والجهاد الإسلامي الاثنين مسؤوليتهما عن تفجير قنبلة كانت قد وصفته الشرطة الإسرائيلية وجهاز الأمن الداخلي (الشاباك) بأنه هجوم إرهابي.

وذكرت الشرطة من موقع الحادث أن الشخص الذي كان يحمل القنبلة التي انفجرت الأحد بالقرب من كنيس يهودي قُتل وأن أحد المارة أصيب.

وقال ديفيد مينسر المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية إن الرجل كان يحمل حقيبة ظهر محملة بمتفجرات انفجرت “قبل أن يستطيع الوصول إلى منطقة أكثر ازدحاما”.

وقالت كتائب القسام وسرايا القدس في بيان مشترك “العمليات الاستشهادية بالداخل المحتل ستعود إلى الواجهة طالما تواصلت مجازر الاحتلال وعمليات تهجير المدنيين واستمرار سياسة الاغتيالات”، في إشارة إلى الهجوم الإسرائيلي في قطاع غزة واغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية بطهران في 31 يوليو الماضي.

ووقع انفجار الأحد بعد نحو ساعة من وصول وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى تل أبيب للدفع من أجل التوصل إلى اتفاق يوقف إطلاق النار في قطاع غزة لإنهاء الحرب المستمرة منذ عشرة أشهر بين إسرائيل وحماس.

ووفق القناة “12” العبرية (خاصة)، نقلا عن أجهزة الأمن، نجم تفجير تل أبيب الأحد عن “عبوة ناسفة قوية يبلغ وزنها 8 كيلوغرامات من المتفجرات”.

وتابعت “في نهاية تقييم الوضع تقرر رفع درجة التأهب وإجراء عمليات مسح واسعة النطاق في كل كتلة غوش دان”، أي منطقة تل أبيب الكبرى.

وقال قائد منطقة أيالون في شرطة لواء تل أبيب حاييم بوبليل لهيئة البث (رسمية) “لحسن الحظ لم يؤد الانفجار إلى كارثة”.

وأضاف أنه “كان من الممكن أن ينتهي الحادث بشكل مختلف تماما لو انفجرت العبوة في أحد الأماكن المزدحمة القريبة، فهي عبوة قوية كان من الممكن أن تسبب أضرارا جسيمة”.

وأبرزت وسائل إعلام إسرائيلية تهديد حماس بالعودة إلى التفجيرات، وطفت على السطح مخاوف من مشاهد الانتفاضة الثانية التي بدأت عام 2000.

وقال موقع “واينت” الإخباري العبري “الجيش والمستوطنون واجهوا تحدي العبوات الناسفة في الضفة الغربية، ولكن إدخالها إلى إسرائيل أخطر ويعيد إلى الأذهان مشاهد الانتفاضة الثانية”.

وأردف أن “موضوع المتفجرات اكتسب زخما في السنوات الأخيرة، ويشمل بشكل رئيسي تحضيرها في مختبرات تصنيع بالضفة الغربية”.

و”في أغلب الأحيان لا تواجه قوات الأمن عبوات ناسفة يتم إلقاؤها عليها فحسب، بل تواجه أيضا عبوات ناسفة مدفونة في الأرض على طول الطرق”، وفق الموقع.

وتابع “قبل خمسة أيام فقط انفجرت سيارة مفخخة في منطقة الخليل (جنوبي الضفة)، ويشتبه في أنها كانت معدة لتنفيذ هجوم”.

واعتبر أن “الأجهزة الأمنية تخاف كل الخوف من العودة إلى أيام الانتفاضة الثانية، عبر إدخال عبوات ناسفة إلى قلب المدن الكبرى في إسرائيل؛ ما يسبب أضرارا كثيرة ويخلق خوفا وذعرا”.

وتضغط الفصائل الفلسطينية عبر عمليات ميدانية، منها تفجير تل أبيب وقبله قصف المدينة، لدفع إسرائيل نحو التراجع عن شروط تحول دون التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى.

في المقابل تمارس إسرائيل ضغطا ميدانيا في الاتجاه المعاكس؛ إذ كشف إعلام عبري الأحد عن توجيهات صدرت للجيش، وتقضي بزيادة حدة القتال في مدينتي خان يونس ورفح (جنوب) لزيادة الضغط على حماس.