خلافات عميقة وراء الكواليس..
الخرطوم وواشنطن على حافة الهاوية: خرق بروتوكولي يهدد العلاقات الثنائية
في دراما جديدة تضاف إلى المشهد السياسي السوداني، تم تأجيل اللقاء المرتقب بين الوفدين السوداني والأمريكي في الساعات الأخيرة.
أصابت حالة من الجمود المفاوضات السودانية الأمريكية، حيث تم تأجيل اللقاء المقرر في الساعات الأخيرة. وتشير الأنباء إلى وجود اعتراضات قوية على تشكيلة الوفد السوداني، خاصةً تضمين عناصر من الحركات المسلحة، مما يعكس عمق الخلافات بين الطرفين حول مستقبل السودان.
وأعلن المبعوث الأميركي الخاص للسودان توم بيرييلو، مساء الأربعاء، إلغاء لقاء مع وفد للحكومة السودانية كان مقررا بالقاهرة لمناقشة رؤية تنفيذ اتفاق جدة، بسبب خرق للبروتوكول.
ولم يحضر وفد الحكومة السودانية إلى مصر، وعاد المبعوث الأميركي إلى سويسرا، لاستكمال جهود الإغاثة للمتضررين داخل السودان، ما يعكس تعثر مفاوضات حل الأزمة السودانية.
وشهدت الساعات الأخيرة حالة من التضارب، بشأن موعد مشاورات القاهرة التي أعلنت الحكومة السودانية المشاركة فيها استجابة لاتصالات من الحكومة المصرية والجانب الأميركي.
وقبل ساعات من الاجتماع، الذي رتبته الولايات المتحدة ومصر، أُجريت إضافات على وفد الحكومة السودانية بضم مسؤول في جهاز الاستخبارات العسكرية وشخصين من الحركات المسلحة، بحسب موقع "سودان تربيون" نقلا عن مصادر وصفها بالموثوقة.
وأرجعت المصادر عدم حضور الوفد السوداني للقاهرة إلى أن الجانبين المصري والأميركي اعترضا على تشكيل الوفد الذي كان من المقرر أن يغادر الأربعاء إلى القاهرة، برئاسة وزير المعادن محمد بشير أبونمو.
وأضافت أن الجيش تراجع عن إرسال الوفد قبل ساعات من مغادرته، بسبب الطريقة التي قدم بها المبعوث الأميركي الدعوة للحضور دون تحديد موعد بوقت كافٍ.
وذكرت مصادر دبلوماسية للموقع ذاته أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، والمبعوث الأميركي، والمسؤولين المصريين أبلغوا الحكومة بملاحظاتهم على طبيعة تشكيل الوفد، ورفضوا عقد الاجتماع.
لكن مسؤول حكومي سوداني أكد لوسائل إعلام محلية عدم وجود أسباب واضحة لتأجيل المشاورات، مشيرًا إلى أن الحكومة تلقت إخطارا من القاهرة بتأجيلها.
ورأى المسؤول أن عدم التنسيق والترتيب المناسبين للمشاورات من الجانب المصري ربما كان سببًا في التأجيل، إضافة إلى وجود وزير الخارجية المصري في السعودية بذات الوقت.
ويأتي ذلك في وقت أعلن فيه المبعوث الأميركي للسودان، الأربعاء، عودته إلى سويسرا مرة أخرى لاستكمال الجهود الإغاثية للمتضررين من الحرب في السودان.
وقال بيرييلو عبر حسابه الرسمي على منصة إكس "كجزء من شراكتنا الوثيقة المستمرة مع مصر في محاولة إنقاذ الأرواح في السودان، أُقدر الفرصة التي أتيحت لي (الأربعاء) للقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي، ووزير الخارجية بدر عبدالعاطي".
وأضاف "كانت الحكومة المصرية حددت أيضا موعدا (لم يذكره) لعقد اجتماع مع وفد للحكومة قادم من مدينة بورتسودان (شرقي السودان)، لكن قيل لنا إنه سيتم إلغاء الاجتماع بعد أن خرق الوفد البروتوكولات"، دون تقدم أي توضيحات أخرى بالخصوص.
وأردف "نحن متحمسون لمواصلة رؤية نتائج جهودنا مع مصر والشركاء الدوليين في جنيف لتوسيع نطاق الوصول الإنساني والبرامج الأخرى لتخفيف معاناة الشعب السوداني".
ومن جانبه، قال مجلس السيادة، الذي يدير السلطة في السودان، إن الاجتماع التشاوري في القاهرة لم ينعقد لـ"سبب يتعلق بوفد الولايات المتحدة"، دون توضيح هذا السبب.
وذكر المجلس، عبر بيان، أن حكومة السودان قررت إرسال وفد حكومي للقاهرة للقاء الوفد الأميركي، ووصل اثنان من أعضاء وفدنا بالفعل إلى القاهرة منذ الاثنين، وما زالا هناك في انتظار التحاق باقي أفراد الوفد بهما".
وأردف "هذا تأكيد على جديتنا ورغبتنا الصادقة في استمرار التشاور السابق الذي ابتدرناه مع الولايات المتحدة بمدينة جدة".
والأحد الماضي، أعلن مجلس السيادة اعتزامه إرسال وفد حكومي إلى القاهرة، بناءً على اتصالات مع الولايات المتحدة ومصر لمناقشة تطبيق "إعلان جدة".
جاء ذلك على خلفية غياب وفد الحكومة السودانية التفاوضي عن محادثات بشأن الأزمة في بلاده بدأت بجنيف، في 14 أغسطس الجاري، استجابة لدعوة أميركية صدرت في 23 يوليو الماضي.
وبينما يشارك في هذه المحادثات وفد قوات الدعم السريع، رفض الوفد الحكومي المشاركة فيها، متمسكا قبل الجلوس في أي مفاوضات جديدة بتنفيذ "إعلان جدة"، الذي صدر في مايو 2023، في ختام مباحثات استضافتها مدينة جدة السعودية.
ونص هذا الإعلان على التزام طرفي الحرب (الجيش والدعم السريع) بـ"الامتناع عن أي هجوم عسكري قد يسبب أضرارًا للمدنيين"، و"التأكيد على حماية المدنيين"، و"احترام القانون الإنساني والدولي لحقوق الإنسان".
وفي منتصف أبريل 2023، اندلعت الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وخلّفت نحو 18 ألفا و800 قتيل وقرابة 10 ملايين نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة.
وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء هذه الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع الملايين إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء.