صفقة الأسرى في مهب الريح..

مظاهرات إسرائيلية وضغوط خارجية: هل يتراجع بنيامين نتنياهو عن مواصلة الحرب في غزة؟

يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحديات متزايدة، خاصة مع تصاعد الإحباط داخل الإدارة الأميركية تجاه نهجه في المفاوضات المتعلقة بصفقة الأسرى. وتُظهر مؤشرات حديثة أن واشنطن قد تراجع موقفها الداعم غير المشروط لنتنياهو، وذلك بسبب التفافه المستمر على المقترحات التي تهدف إلى التوصل لحل للأزمة الراهنة.

الإدارة الأميركية وبريطانيا تزيدان الضغوط مع استمرار الحرب في غزة

واشنطن

يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضغوطًا متزايدة من الداخل الإسرائيلي ومن الإدارة الأميركية، التي تتهمه بعدم بذل الجهود الكافية للتوصل إلى اتفاق ينهي أزمة الرهائن. تأتي هذه الضغوط وسط تسريبات تشير إلى أن واشنطن تفكر جديًا في الانسحاب من المفاوضات إذا لم يتم إحراز تقدم خلال الأيام المقبلة.

أعرب الرئيس الأميركي جو بايدن يوم الاثنين عن أن التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى حركة حماس في غزة بات قريبًا للغاية، لكنه أبدى استياءه من أن نتنياهو لا يبذل الجهود الكافية لضمان التوصل إلى هذا الاتفاق. عندما سُئل عن إمكانية التوصل إلى اتفاق، قال بايدن: "ينبوع الأمل لا ينضب."

هذه التصريحات تُعد من المرات النادرة التي يحمّل فيها بايدن نتنياهو مسؤولية عدم إحراز تقدم. يرى مراقبون أن هذه التصريحات تعكس شعورًا بالإحباط لدى الإدارة الأميركية وحلفائها الغربيين من تعامل نتنياهو مع المفاوضات، التي لم تحقق حتى الآن أي اختراق يُذكر.

وفي خطوة غير مسبوقة، أعلنت بريطانيا يوم الاثنين تعليق 30 من أصل 350 ترخيصًا لتصدير الأسلحة إلى إسرائيل، مشيرة إلى "خطر واضح" من إمكانية استخدامها في انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي. وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي صرح أمام البرلمان بأن الحظر الجزئي يشمل أسلحة "يمكن استخدامها في النزاع الحالي في غزة" بين إسرائيل وحركة حماس، لكنه لا يشمل مكونات لطائرات "أف – 35" المقاتلة.

في الوقت ذاته، وصلت مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة إلى مرحلة حرجة بسبب إصرار نتنياهو على مواصلة الحرب على القطاع، ورفضه الانسحاب من محوري نتساريم وفيلادلفيا وسط وجنوب القطاع. في المقابل، تصر حركة حماس على إنهاء الحرب وعودة النازحين والانسحاب الإسرائيلي من كامل القطاع.

الاثنين، شهدت مدن إسرائيلية، بما في ذلك تل أبيب، مظاهرات عارمة تطالب بإبرام صفقة تبادل الأسرى والضغط على الحكومة، بعد الإعلان عن مقتل 6 محتجزين إسرائيليين في نفق بمدينة رفح جنوبي القطاع. ادعت حماس أنهم قتلوا بنيران الجيش الإسرائيلي، بينما اتهم الجيش الإسرائيلي الحركة بتصفيتهم. تزامنت المظاهرات مع إضراب في إسرائيل لاتحاد نقابات العمال (الهستدروت) الذي بدأ صباح الاثنين، لكن محكمة تل أبيب قضت بإنهائه لاحقًا استجابة لطلب الحكومة.

يرى متابعون أن الضغط الداخلي والدولي، خاصة من الحليف الأميركي، قد يدفع نتنياهو لإعادة النظر في موقفه وقبول الاتفاق الجاري التفاوض عليه، وإن كان ذلك ليس مؤكدًا بعد. يشير المراقبون إلى أن انضمام قوى غربية أخرى، مثل بريطانيا، إلى الضغوط على إسرائيل قد يزيد من تعقيد الأمور بالنسبة للحكومة الإسرائيلية.

وفي الوقت ذاته، نقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن مسؤول رفيع بالإدارة الأميركية قوله إن الولايات المتحدة تجري محادثات مع مصر وقطر بشأن تفاصيل "صفقة نهائية" لوقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح المحتجزين. وأوضح المسؤول أن الولايات المتحدة تخطط لتقديم هذه الصفقة إلى إسرائيل وحركة حماس خلال الأسابيع المقبلة، مع تحذير بأن فشل الطرفين في قبولها قد يشكل "نهاية للمفاوضات التي تقودها واشنطن".

على الرغم من الدعم الأميركي الكامل لإسرائيل في حربها على قطاع غزة، لم تكن العلاقة بين نتنياهو وبايدن مستقرة دائمًا، وغالبًا ما سادها التوتر. ويرى مراقبون أن إدارة بايدن بدأت تمل من مراوغات نتنياهو، وتسعى بجدية نحو التوصل إلى هدنة، خاصة مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي الأميركي الذي قد يتأثر بما يجري في المنطقة.