الانتخابات الجزائرية..

انتخابات عبدالمجيد تبون: هل تكرس الولاية الثانية ضعف الشرعية الشعبية في الجزائر؟

أثار تضارب الأرقام حول نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية الجزائرية شكوكاً واسعة حول مصداقية سلطة الانتخابات، حيث أعلنت الهيئة المستقلة عن ارتفاع مفاجئ في نسبة المشاركة خلال الساعات الأخيرة من يوم الاقتراع، مما أثار تساؤلات حول شفافية العملية الانتخابية. ووسط مطالب بتوضيح الحقائق، يرى مراقبون أن هذا التضارب يعمق أزمة الثقة بين السلطة والشعب، ويزيد من الغموض حول شرعية النتائج المعلنة.

تبون يمر إلى ولاية ثانية وسط أزمة شرعية

الجزائر

تمكن الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون من العبور إلى ولاية رئاسية ثانية بعد فوزه في الانتخابات التي جرت يوم السبت الماضي. ورغم هذا الفوز، لا يزال هاجس الشرعية الشعبية يطارده، إذ حصل تبون على دعم أكثر من خمسة ملايين ناخب فقط، من أصل أكثر من 24 مليون جزائري مسجلين في اللوائح الانتخابية، على الرغم من الحملات الإعلامية والسياسية المكثفة التي سبقت الانتخابات.

وفي إعلان رسمي يوم الأحد، أكد رئيس السلطة المستقلة للانتخابات، محمد شرفي، فوز تبون بنسبة تفوق 94%، ما يعادل نحو خمسة ملايين و300 ألف صوت. أما منافساه عبدالعالي حساني شريف، المرشح عن حركة مجتمع السلم، ويوسف أوشيش، مرشح جبهة القوى الاشتراكية، فقد تقاسما نسبة الـ5% المتبقية، حيث حصل حساني شريف على أكثر من 3%، وأوشيش على أكثر من 2%، بمجموع أصوات لم يتجاوز 300 ألف صوت.

ما أثار الجدل في الإعلان هو تجاهل شرفي الحديث عن نسبة المشاركة الشعبية بشكل واضح، مما زاد من الغموض حول البيانات الرسمية المعلنة. فمن أصل أكثر من 24 مليون ناخب مسجل، لم يصوت إلا حوالي خمسة ملايين و600 ألف، أي بنسبة لا تتجاوز 25%، في تناقض واضح مع إعلان السلطة الانتخابية أن نسبة المشاركة بلغت 48% بنهاية يوم الاقتراع.

هذه الأرقام تشير إلى تراجع كبير في عدد المصوتين مقارنة بانتخابات 2019، التي شهدت مشاركة أكثر من تسعة ملايين ناخب، وهو ما يعتبر انخفاضاً كبيراً في حجم الوعاء الانتخابي، على الرغم من جهود الحشد والتعبئة، مما يعمق أزمة الشرعية الشعبية للمؤسسة الرئاسية.

الشكوك حول بيانات المشاركة تضاعفت بعد إعلان شرفي عن قفزة مفاجئة في نسبة المشاركة خلال الساعات الثلاث الأخيرة من يوم الاقتراع، حيث ارتفعت من 26% إلى 48%، ما أثار تساؤلات حول مصداقية البيانات المعلنة.

وجاء أول انتقاد رسمي من المرشح الإخواني عبدالعالي حساني شريف، الذي أصدر بياناً وصف فيه هذه النتائج بأنها تضخيم مبالغ فيه لنسبة المشاركة، متحدثاً عن تدخلات من السلطة المستقلة لتضخيم الأرقام بشكل لا يعكس حقيقة الأجواء التي سادت يوم الانتخابات، حيث كانت علامات نفور الشارع الجزائري من العملية الانتخابية واضحة رغم محاولات الإعلام المحلي إظهار حشود انتخابية.

وانتقد حساني شريف أيضاً أداء السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، مشيراً إلى ما وصفه بممارسات غير مقبولة، مثل التحيز الإعلامي وعدم ضبط التغطية الإعلامية للمرشحين، مما أضر بنزاهة العملية الانتخابية.

في المقابل، أعرب مؤيدو الرئيس تبون عن فرحتهم بفوزه بولاية ثانية، معتبرين أن نسبة المشاركة المعلنة تمثل ورقة شرعية قوية بيد الرئيس في مواجهة انتقادات المعارضة، رغم الفجوة الواضحة بين ما أعلنته السلطة الانتخابية وما تظهره الأرقام الفعلية من دعم محدود في الشارع الجزائري.