قراءة في الأهداف السياسية والاقتصادية..

أهداف زيارة مسعود بزشکیان: تعزيز العلاقات الإيرانية العراقية في ضوء المستجدات الإقليمية

پزشکیان هو أداة مخلصة لخامنئي، وأعلن بوضوح أنه بذوب تماماً في ولاية الفقيه وليس لديه أي برنامج سوى تنفيذ أجندة خامنئي. ولكن النظام يجد نفسه عالقًا في مستنقع الأزمات الداخلية والخارجية دون وجود مخرج.

الرئيس الإيراني الجديد مسعود پزشکیان

ضياء قدور
كاتب وباحث بالشأن الإيراني
طهران

تهدف زيارة مسعود پزشکیان، الرئيس الجديد للنظام الإيراني، إلى العراق التي بدأت يوم الأربعاء 11 سبتمبر، إلى تحقيق المزيد من الإيرادات على حساب الشعب العراقي، وزج العراق في الحروب المدمرة في المنطقة لخدمة مصالح النظام الإيراني. يسعى النظام إلى استغلال العراق بشكل أكبر لإنقاذ نظام الملالي من أزماته الداخلية والإقليمية والدولية.
أدرك علي خامنئي، الولي الفقيه للنظام الإيراني، الذي شهد رفضاً شعبياً واسع النطاق في انتفاضة عام 2022، حجم المقاطعة الواسعة للانتخابات البرلمانية في مارس 2024، وأصيب بالذعر من احتمالية سقوط نظامه. ولذلك، مهد الطريق لوصول مسعود پزشکیان إلى السلطة ليستمر في تنفيذ خطط النظام داخل إيران وعلى مستوى المنطقة بوجه جديد. 

پزشکیان هو أداة مخلصة لخامنئي، وأعلن بوضوح أنه بذوب تماماً في ولاية الفقيه وليس لديه أي برنامج سوى تنفيذ أجندة خامنئي. ولكن النظام يجد نفسه عالقًا في مستنقع الأزمات الداخلية والخارجية دون وجود مخرج. يعترف المسؤولون ووسائل الإعلام التابعة للنظام بأن الأزمات الاقتصادية والاجتماعية الكبرى التي تعصف بإيران هي نتيجة 45 عامًا من حكم الملالي، وأن هذه الأزمات لا يمكن حلها ضمن إطار النظام الحالي والمجتمع الإيراني أشبه ببرميل بارود قد ينفجر في أي لحظة، وهناك بوادر انتفاضات أكبر من تلك التي شهدتها البلاد في عام 2022 تلوح في الأفق. 

وفي هذا الصدد، قال موسوي لاري، وزير الداخلية الأسبق للنظام، إن «پزشكيان هو آخر سهم في جعبة النظام». بينما قال تقي آزاد، أحد خبراء النظام، في 12 أغسطس أي بعد مهزلة الانتخابات الرئاسية للنظام: «الوضع الاجتماعي سيئ، الوضع السياسي سيئ، والرئيس في حالة سيئة أيضًا. هذا الوضع خلق أزمة جديدة. إذا لم يتصرف السيد پزشكيان بشكل صحيح، أعدكم بأنه بعد أربعة أشهر سنشهد احتجاجات كبيرة في شوارع طهران، وستحدث مذابح في البلاد». 

ومع ذلك، فإن واقع النظام أكثر سوءًا. ففي هذا الأسبوع، خالف پزشكيان وعوده الانتخابية ورفع أسعار الخبز في 90% من المدن، الذي يُعد الغذاء الأساسي للشعب الإيراني. كما أعلن أنه يحتاج إلى 200 مليار دولار للخروج من الأزمة الاقتصادية، نصفها يجب أن يأتي من الخارج.
إقليميًا، يجد النظام الإيراني نفسه في مأزق. في العام الماضي، أشعل خامنئي الحرب في الشرق الأوسط للهروب من الأزمات الداخلية ولإنقاذ نظامه من السقوط. لكنه الآن عالق بين خيارين: إذا صعّد الحرب، فسوف تمتد إلى داخل إيران، مما سيؤدي إلى خروج الناس إلى الشوارع وسقوط النظام. وإذا تراجع عن شعاراته الزائفة بشأن تحرير فلسطين وتدمير إسرائيل، فسوف تنهار عناصره في الداخل وبالتالي ينهار النظام. لذلك، على الرغم من التهديدات المتكررة بالانتقام لاغتيال إسماعيل هنية في طهران، لم يُظهر النظام أي رد فعل لحد الآن.
في ظل هذه الظروف، يحاول النظام الإيراني استغلال العراق بشكل أكبر، بعدما أصبح تحت سيطرة الملالي، لخدمة مصالحه الخاصة. بالطبع، لا يمكن لأي مناورات يقوم بها خامنئي داخل إيران أو الإجراءات التي يتخذها في العراق والدول الأخرى أن تنقذ النظام من السقوط بيد الشعب الإيراني، لأن النظام وصل إلى نهايته. 

في 10 سبتمبر 2024، ذكر موقع “ديدار” التابع للنظام أن «الريال الإيراني هو العملة الأقل قيمة في العالم». وفي 8 سبتمبر، نشرت صحيفة “هم ميهن” الحكومية أن «92% من الإيرانيين يحتجون على الوضع الحالي». وفي نفس اليوم، صرح وزير التعاون والعمل والرفاه الاجتماعي بأن «30% من السكان يعيشون تحت خط الفقر»، بينما يشير الخبراء إلى أن النسبة الحقيقية قد تصل إلى 80%. وفي 22 أغسطس، قال محمد تقي أكبر نجاد، أحد أساتذة الحوزة الدینیة في قم، مخاطبًا خامنئي ومسؤولي النظام: «لقد انتهت فرصتكم». 

وبالتالي، فإن نظام الملالي يتجه نحو السقوط، لكنه لن يتوقف حتى آخر يوم من وجوده في السلطة عن قمع ونهب الشعب الإيراني واستغلال الدول التي يسيطر عليها مثل العراق.
سيواصل النظام تحميل تكلفة بقائه من جيوب شعوب إيران والعراق وسوريا ولبنان واليمن وفلسطين، وسيتاجر بدماء الأبرياء في فلسطين لتحقيق مصالحه. ولكن الحرب في المنطقة لن تنقذ النظام، والشعب الإيراني يعارضها بشدة. من المثير للاهتمام أن المتقاعدين في تظاهراتهم في مختلف المدن الإيرانية كانوا يرددون شعارات مثل: «كفى إشعالاً للحروب، مائدتنا فارغة». 

وحول زيارة بزشكيان للعراق، ذكرت الصحف الرسمية التابعة للنظام بعض الأهداف المعلنة للزيارة، التي تتمحور حول تعزيز السيطرة الإيرانية على العراق واستغلاله لتحقيق مصالح النظام. 

أهداف الزيارة السياسية والاقتصادية والأمنية 

تهدف زيارة مسعود پزشکیان، الرئيس الجديد للنظام الإيراني، إلى العراق إلى تحقيق أهداف اقتصادية وسياسية وأمنية يمكن تلخيصها كالتالي: 

الأهداف الاقتصادية: 

• تحرير الأموال المجمدة: يسعى النظام الإيراني إلى تحرير 11 مليار دولار من الأموال المجمدة في العراق، والتي تعود لعائدات تصدير الكهرباء والغاز. 

• إبرام عقود تجارية: تشمل الأهداف تعزيز التبادل التجاري وتنفيذ مشاريع مثل توسيع شبكة السكك الحديدية، ومد خطوط أنابيب الغاز والنفط، واستغلال الحقول الغازية المشتركة. يرافق پزشکیان ممثلو الشركات التابعة للحرس الثوري للتفاوض حول هذه المشاريع. 

الأهداف السياسية والأمنية: 
3. تنظيم وضع الميليشيات: تهدف الزيارة إلى تنظيم وضع الميليشيات الموالية للنظام الإيراني في العراق، وكذلك الأحزاب والجماعات السياسية العراقية الخاضعة لسيطرة طهران. 
4. توحيد الفصائل الموالية: يسعى النظام إلى توحيد الأحزاب والفصائل الموالية له في الحكومة العراقية، مثل نوري المالكي وهادي العامري، في ظل تصاعد الخلافات بينهم. 

5. تعزيز الهيمنة الإيرانية: تهدف الزيارة إلى إعادة تعريف العلاقة بين النظام والميليشيات التابعة له في العراق، بهدف تعزيز سيطرتها على البلاد وزيادة استغلالها في زعزعة الاستقرار وإشعال الحروب في المنطقة. 

6. قمع المعارضة: يسعى النظام إلى استغلال الحكومة العراقية والميليشيات الموالية له في قمع وإخراج الجماعات المعارضة للنظام الإيراني في إقليم كردستان. 

7. إخراج القوات الأمريكية: يضغط النظام على الحكومة العراقية لإخراج القوات الأمريكية من العراق، ما سيمكنه من بسط سيطرته الكاملة على البلاد. 

8. التعاون الأمني: يركز النظام على التعاون الأمني بين إيران والعراق، استنادًا إلى اتفاقية أمنية تهدف إلى ضمان الأمن على الحدود الشمالية الغربية لإيران مع العراق. 

الوضع الداخلي في إيران: بعد انتخابه، لم يتمكن پزشکیان من حل أي من تناقضات النظام، بل زادت الخلافات الداخلية بين الفصائل الحاكمة. ارتفعت الأسعار، وازدادت معدلات قمع النساء، وعمليات القتل والإعدام، كما شهدت البلاد توسعًا في التظاهرات والاحتجاجات من مختلف فئات المجتمع.