مهسا أميني رمز الانتفاضة التي غيرت إيران للأبد..

من الاحتجاج إلى المطالبة بالتغيير: صعود المعارضة في إيران بعد 2022

شهدت إيران تحولاً سياسيًا غير مسبوق بعد اندلاع انتفاضة عام 2022، والتي أشعلتها وفاة الشابة مهسا (جينا) أميني أثناء احتجازها لدى شرطة الأخلاق. الاحتجاجات التي اجتاحت البلاد من المدن إلى القرى، كشفت عن استياء شعبي واسع النطاق، مع تصاعد المطالبات بتغيير النظام في مواجهة القمع الحكومي العنيف.

تحول سياسي لا رجعة فيه في إيران بعد انتفاضة 2022

طهران

شهدت إيران تحولاً سياسيًا عميقًا مع اندلاع انتفاضة عام 2022، التي أشعلتها وفاة مهسا (جينا) أميني في 16 سبتمبر أثناء احتجازها من قبل شرطة الأخلاق. هذه الانتفاضة، التي انتشرت بسرعة في المدن والقرى، غيرت بشكل جذري العلاقة بين الشعب والنظام، حيث لم يعد بإمكان الحكومة استعادة الوضع السابق.

على مدى ما يقارب نصف قرن، حكم النظام الإيراني بالقمع والتخويف، متجاهلًا مبادئ الإسلام والجمهورية على حد سواء. الآن، يواجه النظام أزمة وجودية غير قابلة للتجاهل. تنوع واتساع نطاق الاحتجاجات، التي ضمت نساءً، شبابًا، أقليات عرقية، وعمالاً، كشفت عن استياء عميق داخل المجتمع الإيراني. بدأت الاحتجاجات بمطالب تتعلق بالحجاب الإجباري، لكنها سرعان ما تحولت إلى دعوات لتغيير النظام، مع ترديد شعارات مثل "الموت للديكتاتور" و"الموت لخامنئي".

ردت الحكومة بعمليات قمع عنيفة، شملت الاعتقالات الجماعية والإعدامات وقطع الإنترنت. ومع ذلك، فشلت هذه التدابير في إخماد الحركة، بل عمقت عزيمة الشعب على مواجهة النظام. أثبتت الاحتجاجات أن شرعية النظام قد تآكلت وأن الإصلاحات الطفيفة لم تعد كافية.

المرأة في الطليعة: جبهة موحدة ضد القمع

من أبرز نتائج انتفاضة 2022 هو ظهور جبهة موحدة ضمت مختلف فئات المجتمع الإيراني. لطالما حاول النظام تفريق المجموعات الاجتماعية والعرقية، لكن هذه المرة كانت الحركة مختلفة. قادت النساء هذه الاحتجاجات، متحديات قوانين النوع الاجتماعي القمعية بشجاعة، بينما استمرت الأقليات العرقية مثل الأكراد والبلوش في المقاومة رغم العنف الشديد.

الشعب الإيراني تجاوز مرحلة الخوف. النساء، الشباب، المثقفون، العمال والأقليات لم يعودوا يطالبون بالإصلاحات، بل بتفكيك النظام الديني الديكتاتوري بشكل كامل. وحتى إن هدأت الاحتجاجات في بعض الأحيان، فإن الرغبة في التغيير أصبحت جزءًا لا يتجزأ من الوعي الوطني.

زخم المعارضة يزداد قوة

ساعدت انتفاضة 2022 في تقوية الحركات المعارضة داخل إيران وخارجها. المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ومنظمة مجاهدي خلق دعوا منذ فترة طويلة إلى إقامة جمهورية ديمقراطية تفصل بين الدين والدولة. وأثبتت الانتفاضة أن رؤيتهم تتوافق مع طموحات الشعب الإيراني. النقاط العشر للمجلس التي تتعلق بالديمقراطية والمساواة بين الجنسين وإلغاء عقوبة الإعدام تتماشى مع تطلعات الإيرانيين.

رغم القمع العنيف، الذي أدى إلى اعتقال الآلاف، تمكنت وحدات الانتفاضة من التوسع والانتشار بشكل أكبر، مما يبرز قوة المعارضة وتحديها المتزايد.

نظرة العالم تتغير تجاه إيران

انتفاضة 2022 غيرت بشكل دائم الطريقة التي ينظر بها العالم إلى إيران ونظامها. لم يعد بإمكان الحكومة التظاهر بأنها شرعية أو مستقرة، خاصة بعد قمعها الوحشي للمحتجين. الدول التي كانت تسعى لحلول داخل الجمهورية الإسلامية باتت تدرك الآن أن استقرار المنطقة يتطلب تغيير النظام في إيران.

إيران على أعتاب حقبة جديدة

انتفاضة 2022 وضعت إيران على طريق لا رجعة فيه نحو التغيير. لم يعد بإمكان النظام الاعتماد على القمع للحفاظ على السيطرة، وأثبت الشعب الإيراني أنه لن يتراجع حتى يتم إحداث تغيير حقيقي. هذه الانتفاضة تمثل بداية النهاية للدكتاتورية الدينية، وتمهد الطريق نحو إيران ديمقراطية، علمانية، وحرة.