"رحلة المشقة اليومية"..

العزلة والفرص الضائعة: كيف يؤثر غياب الطريق على حياة سكان عبر لسلوم بلحج؟

"أثناء دراستي في عدن، كنت أضطر للذهاب سيراً على الأقدام لمدة نصف ساعة حتى أصل إلى الحوطة ومنها إلى عدن بالباص. أربع سنوات من المشقة لتحقيق حلمي في دراسة الأدب الإنجليزي." – دعاء الأهدل.

غياب الطرق المعبدة يحرم طلاب عبر لسلوم من التعليم الآمن - الكاتبة

وفاء سيود
الحوطة

تعاني العديد من القرى الريفية من مشاكل البنية التحتية، لا سيما في ما يتعلق بغياب الطرق المعبدة التي تسهم في ربط المناطق الريفية بالمراكز الحضرية. تعتبر قرية عبر لسلوم في محافظة لحج إحدى هذه القرى التي تعاني من هذا النقص، حيث يعيش سكانها في عزلة نسبية عن المدن المحيطة بهم بسبب غياب الطريق الأسفلتي.

مشكلة غياب الطرق المعبدة

سفلتة الطرق أمر ضروري لربط القرى بالمدن وتسهيل عملية تبادل السلع والخدمات. بالإضافة إلى تسهيل الوصول إلى الأسواق والمدارس والمستشفيات، فإن الطرق المعبدة تساهم في تحسين جودة الحياة للسكان المحليين. معظم سكان عبر لسلوم يعتمدون على الزراعة كوسيلة رئيسية للعيش، وسهولة الوصول إلى الأسواق تسهم في تسويق منتجاتهم الزراعية وتحقيق دخل يساهم في تحسين معيشتهم.

صالحة، إحدى سكان القرية، تحدثت عن معاناتهم اليومية: "نتخذ طريق المزارع أو التراب لأنها أسهل من حيث نوعية الطريق، لكنها تبقى غير آمنة، ومدة المشي قد تصل إلى نصف ساعة." تروي لنا أيضًا كيف أن الغياب التام للطرق المعبدة يعرضهم لخطر الاعتداءات والحيوانات البرية مثل الكلاب والضباع، خاصة في الليل أو وقت الظهيرة.

تأثير غياب الطرق على التعليم

يشكل الغياب المستمر للطرق المعبدة عبئاً إضافياً على الطلاب. دعاء الأهدل، الكاتبة والأديبة، تروي تجربتها الشخصية: "أثناء دراستي في عدن، كنت أضطر للذهاب سيراً على الأقدام لمدة نصف ساعة حتى أصل إلى الحوطة ومنها إلى عدن بالباص. أربع سنوات من المشقة لتحقيق حلمي في دراسة الأدب الإنجليزي."
تعكس هذه القصة ما يواجهه العديد من الطلاب الذين يعيشون في القرى البعيدة عن مراكز التعليم، حيث يتكبدون مشقة السفر اليومي للوصول إلى مدارسهم وجامعاتهم.

مطالبات دون جدوى

منذ بداية مشروع شق الطريق في عام 2000، لم يُستكمل بعد رغم مرور سنوات. **المهندس فارس خالد فضل صالح** أشار إلى أنه تم ردم الطريق بالحجارة في عام 2002، ولكن العمل توقف بعدها، مما أدى إلى بقاء الوضع على ما هو عليه. ورغم الاحتجاجات والمطالبات المتكررة للجهات المعنية، لم يتم اتخاذ أي إجراءات تذكر.

"نحن نعيش في عزلة. لا نستطيع الوصول إلى المدارس أو المستشفيات بسهولة. نطالب بإكمال سفلتة الطريق الذي يربط قرى لسلوم، جول اليماني، مقيبرة والشضيف. هذا الطريق يخدم آلاف السكان، ويجب أن يكون هناك تدخل عاجل."

الطريق يضيع الفرص

دعاء الأهدل تضيف بعدًا آخر للمشكلة: "الطريق أضاع مني فرصًا لحضور فعاليات أدبية وندوات مهمة. الأجرة المرتفعة للتنقل تحول دون المشاركة، فالتنقل من القرية إلى عدن قد يصل إلى 4000 ريال يمني، بينما التنقل داخل المدن الأخرى أقل بكثير."

الطريق لا يمثل فقط وسيلة للتنقل، بل هو فرصة للحياة والمشاركة في المجتمع الأكبر. بالنسبة لدعاء، الطريق المعبد كان يمكن أن يفتح أبوابًا عديدة لتطوير مواهبها الأدبية، ولكنه أصبح عائقًا أمام طموحاتها.

حاجة ماسة للتدخل

أصبح من الواضح أن غياب الطرق المعبدة في قرية عبر لسلوم يترك أثرًا عميقًا على حياة سكانها. لا يقتصر الأمر على المشقة الجسدية، بل يمتد ليشمل العزلة الاقتصادية والاجتماعية. سفلتة الطرق ليست فقط مطلبًا، بل ضرورة لتحسين جودة الحياة وضمان حقوق المواطنين في التنقل بحرية وأمان.

من هنا، توجه دعوات السكان والمسؤولين المحليين إلى الجهات المعنية للنظر في معاناتهم وحل مشكلة الطريق التي طال أمدها.