نزوح واسع وخوف من حرب شاملة..
أعنف غارات على لبنان منذ سنوات.. مئات القتلى وتفاقم المواجهات مع حزب الله
شهد جنوب لبنان موجة نزوح واسعة مع تزايد حدة التوتر والخوف بين السكان، في أعقاب قصف إسرائيلي مكثف استهدف مواقع تابعة لحزب الله. وذكرت السلطات اللبنانية أن الهجمات أسفرت عن مئات القتلى والجرحى، وسط تحذيرات من اندلاع حرب شاملة.
شهد جنوب لبنان، يوم الاثنين، موجة نزوح جماعي للعائلات، التي هرعت لجمع أغراضها والتوجه شمالاً بسياراتها وشاحناتها ودراجاتها النارية، بينما استهدف الجيش الإسرائيلي مواقع تابعة لحزب الله، وفقاً لما أعلنه. وتلقت بعض الأسر تحذيرات على شكل رسائل نصية وتسجيلات صوتية من الجيش الإسرائيلي تطالبهم بمغادرة المناطق القريبة من مواقع الحزب المدعوم من إيران.
خلفت مئات الغارات الإسرائيلية التي ضربت مناطق متعددة في لبنان يوم الاثنين 492 قتيلاً، بينهم 35 طفلاً، حسب السلطات اللبنانية، مما يجعلها أعنف موجة قصف جوي تتعرض لها البلاد منذ بدء تبادل إطلاق النار على الحدود على خلفية الحرب في غزة قبل عام.
شهادات من قلب الأحداث
وصفت زهراء صولي، طالبة من مدينة النبطية الجنوبية، في تصريح لـ"بي بي سي" مشاهد القصف العنيف الذي بدأ منذ ساعات الصباح الأولى، قائلة: "استيقظت في الساعة 6 صباحاً على صوت القصف. بحلول الظهر، أصبح القصف مكثفاً جداً، وشاهدت الضربات بالقرب من منزلي". وأضافت أنها، على الرغم من الخوف، لم تغادر المنزل كما فعل الكثيرون، متسائلة: "إلى أين نذهب؟ لا يزال الكثير من الناس عالقين في الشوارع بسبب الزحام الشديد".
ووفقًا لتقارير إعلامية، شهدت الطرق المؤدية إلى بيروت ازدحامًا كبيرًا بحركة المرور، بينما أظهرت صور أخرى تجمعات للأشخاص على طول الشاطئ في مدينة صور الجنوبية، وسط تصاعد الدخان من الغارات الجوية.
تصاعد المواجهات بين حزب الله وإسرائيل
منذ الأسبوع الماضي، تزايدت حدة المواجهات بين حزب الله وإسرائيل عقب سلسلة من التفجيرات التي استهدفت أجهزة اتصال يستخدمها عناصر حزب الله، مما أسفر عن مقتل 39 شخصاً وإصابة 2931 آخرين، وفقاً لتقرير وزارة الصحة اللبنانية.
استمرت الغارات الجوية الإسرائيلية في استهداف مواقع لحزب الله، بما في ذلك غارة استهدفت اجتماعاً لقيادة قوات النخبة في الضاحية الجنوبية لبيروت، مما أدى إلى مقتل نحو 50 شخصاً، بينهم قائدان عسكريان.
في غضون 24 ساعة فقط، أعلن الجيش الإسرائيلي عن تنفيذه لأكثر من 1300 غارة جوية، من بينها ضربة استهدفت قيادياً كبيراً في حزب الله، علي كركي، قائد الجبهة الجنوبية، إلا أن الجماعة أكدت في وقت لاحق أنه نُقل إلى مكان آمن.
توتر في بيروت والنزوح نحو الشمال
في بيروت، كانت الأجواء مشحونة بالخوف، حيث وصل النازحون من الجنوب إلى العاصمة، في وقت كان سكان المدينة أنفسهم يستعدون للمغادرة. وأرسلت إسرائيل تحذيرات إلى سكان أحياء في بيروت، بما في ذلك الحمرا، مطالبة بإخلاء المناطق التي يُعتقد أن حزب الله يخزن فيها أسلحته.
وعقب تلك التحذيرات، هرع العديد من الأهالي لاصطحاب أطفالهم من المدارس. وقال أحد الآباء، ويدعى عيسى، لوكالة رويترز: "تلقينا اتصالات تهددنا، ولذلك جئت لأخذ ابني من المدرسة".
من جهة أخرى، أعرب محمد، وهو رجل فلسطيني يعيش في بيروت، عن قلقه قائلاً: "لا يوجد مكان آمن في لبنان. إسرائيل تقول إنها ستقصف كل مكان، فإلى أين نذهب؟"
تداعيات على البنية التحتية والمجتمع
تحولت العديد من المدارس إلى ملاجئ مؤقتة للنازحين، بناءً على قرار حكومي. كما أمرت المستشفيات بإلغاء جميع العمليات الجراحية غير الطارئة والاستعداد لموجة من الإصابات.
في ظل هذا التوتر المتزايد، أكد بعض سكان بيروت تمسكهم بالبقاء. وقال أحدهم لـ"بي بي سي": "إذا حدثت حرب شاملة، علينا أن نقف كلبنانيين معاً، بغض النظر عن انتماءاتنا السياسية، لأن بلدنا هو المستهدف".
في الوقت نفسه، صرح محمد سباعي، صاحب متجر في الضاحية الجنوبية لبيروت: "إذا أرادوا الحرب، فليس هناك ما نفعله. نحن مجبرون على التعامل معها".
التوقعات بزيادة التصعيد
وفقاً لمصادر أمنية، من المتوقع أن تشهد لبنان جولة أخرى من الهجمات، حيث أوضح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن التصعيد مستمر، وأن الضربات الإسرائيلية ستتواصل.
في سياق متصل، عبّر موظف حكومي لبناني، جوزف غفاري، عن قلقه من احتمالية رد حزب الله على الهجمات الإسرائيلية. وقال: "إذا قام حزب الله بعملية كبيرة، فإن إسرائيل سترد بعنف أكبر. نحن لا نستطيع تحمل ذلك". وأضاف: "إسرائيل تضغط على حسن نصر الله لبدء الحرب".
الأوضاع في لبنان تتجه نحو مزيد من التصعيد، وسط مخاوف من اندلاع حرب شاملة، مع استمرار حركة النزوح والخوف من القادم.