عناقيد من الجدل حول عرفات ورابين وبيريز..
ثلاثة عقود من الجدل: كيف أثرت جائزة نوبل على الصراع الإسرائيلي الفلسطيني؟
في سياق الجدل المستمر حول جوائز نوبل للسلام، يتجدد الحديث عن الجائزة التي مُنحت لياسر عرفات وإسحق رابين وشيمون بيريز قبل ثلاثين عامًا. فقد اعتُبرت هذه الجائزة واحدة من أكثر الجوائز إثارة للجدل في تاريخها، خاصة في ظل استمرار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، الذي لم تُحل مشكلاته الأساسية رغم الآمال التي كانت معلقة على اتفاقات أوسلو.
من بين جميع جوائز نوبل للسلام التي تم توزيعها على مدار السنوات، تظل تلك التي منحت لياسر عرفات وإسحق رابين وشيمون بيريز قبل ثلاثين عامًا من أكثر الجوائز إثارة للجدل.
في أكتوبر 1994، بعد عام من التوصل إلى اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية، ممثلةً بزعمائها ياسر عرفات، وإسرائيل، ممثلةً برئيس حكومتها إسحق رابين، مُنحت جائزة نوبل للسلام إلى عرفات ورابين ووزير خارجيته شيمون بيريز “لجهودهم في تحقيق السلام في الشرق الأوسط”. حينها، اعتُبرت اتفاقات أوسلو حلاً تفاوضيًا للقضية الإسرائيلية الفلسطينية المعقدة.
وأشارت لجنة نوبل النرويجية إلى أن “عرفات وبيريز ورابين قدموا مساهمة كبيرة في عملية من الممكن أن تحل فيها السلام والتعاون محل الحرب والكراهية”، غير أن هذا الأمل ظل بعيد المنال عن الواقع.
بعد مرور ثلاثة عقود، لا تزال الأسلحة هي اللغة السائدة في الشرق الأوسط، حيث أسفرت الصراعات عن مقتل عشرات الآلاف، بينما يظل التوتر قائمًا بسبب الاشتباكات بين إسرائيل والجماعات المدعومة من إيران، خصوصًا حركة حماس في قطاع غزة وحزب الله في لبنان.
تُظهر العناصر الأساسية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني أنها لم تُحل بشكل نهائي وفق ما تم الاتفاق عليه في اتفاقية أوسلو. وقد قوبل منح جائزة نوبل للسلام لعرفات ورابين وبيريز بجدل واسع وانتقادات، خصوصًا من قبل من اعتبروا أن عرفات، الذي اتُهم بممارسة العنف والإرهاب، لا يستحق الجائزة.
بعد ساعة من إعلان الجائزة، استقال أحد أعضاء لجنة نوبل، كاري كريستيانسن، مؤسس مجموعة أصدقاء إسرائيل في البرلمان النرويجي، معبرًا عن أسفه لاختيار عرفات. وأكد النائب السابق أن “ماضي عرفات مشوب بالعنف والدم”، مما جعله غير مؤهل لجائزة نوبل للسلام. وقد طالب كريستيانسن لاحقًا بالاعتذار من لجنة نوبل، لكن لم يُستجب لطلبه.
بصفته رئيسًا لمنظمة التحرير الفلسطينية، جسد ياسر عرفات مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، بما في ذلك الأفعال العنيفة، رغم أنه بعد فترة من الزمن، تمكن من التخلص من تهمة الإرهاب علنًا.
في 14 أكتوبر 1994، اضطر رابين للتعامل مع أزمة اختطاف جندي إسرائيلي على يد حركة حماس. وفي نفس اليوم، شن الجيش الإسرائيلي هجومًا في الضفة الغربية، حيث عُثر على الجندي مقتولًا، مما أدى إلى مقتل الضابط المسؤول عن العملية وثلاثة من الخاطفين. وقد أعرب رابين عن أسفه قائلًا إنه “يفضل أن يكون الجنديان القتيلان على قيد الحياة بدلاً من الحصول على الجائزة”.
أما شيمون بيريز، فقد واجه انتقادات عدة من أعضاء لجنة نوبل بعد أن كان جزءًا من حكومة أرييل شارون خلال الهجوم على الضفة الغربية في العام 2002. وقد توفي بيريز في العام 2016.
تم توقيع اتفاقات أوسلو في 13 سبتمبر 1993، خلال مصافحة تاريخية في حديقة البيت الأبيض، بحضور الرئيس الأميركي آنذاك، بيل كلينتون. وقد نصت هذه الاتفاقات على الاعتراف المتبادل بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، وحددت أسس الحكم الذاتي الفلسطيني على مدى خمس سنوات، مع هدف ضمني لإنشاء دولة مستقلة.
ومع ذلك، فقد أشارت بعض الآراء إلى أن هذه الاتفاقات كانت تحتوي على “نقاط ضعف هيكلية”. وفقًا ليوغن جينسيهوغن، الباحث في معهد أبحاث السلام في أوسلو، فإن “اتفاقات أوسلو ليست اتفاقات سلام”، بل هي مجرد إعلان مبادئ وجدول زمني ينبغي أن يؤدي إلى اتفاق سلام، لكنها انهارت تحت وطأة الأحداث، مشيرًا إلى اغتيال إسحق رابين ووصول بنيامين نتنياهو إلى السلطة في العام 1996، وما تلاه من هجمات انتحارية من حماس.