"ندوة نقاشية تكشف حجم الفساد الإداري والمالي في القطاع"..
خارطة طريق من المجلس الانتقالي الجنوبي لإصلاح قطاع الكهرباء
تحقيق الأهداف المنشودة من هذه المقترحات والتوصيات يتطلب تضافر الجهود وتوفر الإرادة السياسية الحقيقية. يجب أن تكون هناك قرارات حاسمة تضع مصلحة المواطن والوطن في صدارة الأولويات، وتعمل على معالجة أسباب أزمة الكهرباء في عدن بشكل جذري، سواء على المدى القصير أو الطويل.
نُفذت صباح الثلاثاء دوة نقاشية حول أزمة منظومة الكهرباء في العاصمة عدن، تناولت أسبابها وحلولها الآنية والمستقبلية. شارك في الندوة نخبة من الباحثين والمختصين، وأدارها الدكتور عديل الطهيش، عضو مركز البحوث ودعم القرار.
وقد افتتح الندوة الدكتور محمد جعفر، نائب رئيس مركز البحوث ودعم القرار في المجلس الانتقالي الجنوبي، مرحباً بالحضور. وأكد الدكتور جعفر على أهمية هذه الندوة التي تتناول قضية تشغل بال المواطن الجنوبي، مشيراً إلى أن أزمة الكهرباء تتفاقم يوماً بعد يوم نتيجة مجموعة من الأسباب السياسية والإدارية، بالإضافة إلى غياب الرؤية الاستراتيجية لدى الحكومات المتعاقبة."
لقد تراكمت هذه المشكلات لتخلق واقعًا مأساويًا في قطاع الكهرباء، حيث تعطلت معظم مشاريع التنمية الخدمية. تهدف هذه الندوة إلى وضع رؤية واضحة لحل أزمة الكهرباء في عدن، وذلك من خلال الأوراق المقدمة ومداخلات المشاركين. نسعى من خلال هذه الندوة إلى تشخيص دقيق لحالة منظومة الكهرباء، واقتراح حلول عملية على المدى القصير والطويل، والعمل على إنقاذ هذا القطاع الحيوي من الانهيار التام.
وفي الورقة البحثية المعنونة "سياسة الحرب الاقتصادية على الجنوب وآثارها على خدمة الكهرباء في عدن"، قدم الدكتور عديل الطهيش، عضو مركز البحوث بالمجلس الانتقالي، تحليلاً عميقاً لأبعاد الأزمة الكهربائية المستمرة في عدن. أشار أن الورقة تهدف إلى ربط هذه الأزمة بالسياسات المتبعة من قبل القوى اليمنية المختلفة منذ حرب صيف 1994، مروراً بحرب الحوثيين، وصولاً إلى الأطراف الشريكة في إدارة الوضع الحالي. وقد سلطت الورقة الضوء على الدور الكبير الذي لعبته هذه السياسات في تفاقم معاناة سكان عدن جراء انقطاع التيار الكهربائي المتكرر، والذي شل الحركة التجارية وأثر سلباً على الخدمات الأساسية.
قد شملت هذه الورقة عدد من المحاور أبرزها:
أولاً: أبعاد سيطرة القوى اليمنية على الجنوب بعد حرب 1994م
ثانياً: حرب المليشيا الحوثية وتأثيرها على الجنوب:
ثالثاً: أبعاد الحرب الاقتصادية للقوى اليمنية في الشرعية على الجنوب
رابعاً: دور المجلس الانتقالي الجنوبي في وضع حلول لأزمة الكهرباء في عدن:
وأشارت هذه الورقة إلى جملة من الحلول التي قدمها المجلس في مصفوفة الحلول الاقتصادية لأزمة الكهرباء في ظل الحرب، بالإضافة إلى التدخلات الطارئة، قدم المجلس الانتقالي الجنوبي خطة شاملة لحل أزمة الكهرباء بشكل مستدام. هذه الخطة تضمنت:
1- تنويع مصادر الطاقة: استثمار المجلس في مشاريع الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية، لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري المهدد بسبب الصراع.
2- إصلاح شامل لشبكة الكهرباء: إطلاق مشاريع طويلة الأمد لتحديث شبكة الكهرباء وتوسيعها، بما يضمن تلبية احتياجات المواطنين وتحسين جودة الخدمة.
3- تعزيز الشراكات الدولية: المجلس الانتقالي يسعى إلى تعزيز التعاون مع دول التحالف والدول المانحة لتأمين التمويلات اللازمة لإعادة بناء البنية التحتية للكهرباء.
4- تحديث وصيانة البنية التحتية الكهربائية: وضع المجلس الانتقالي خططًا لتحديث محطات الكهرباء وصيانة الشبكات الكهربائية المهترئة في الجنوب، حيث تدهورت البنية التحتية للكهرباء منذ حرب 1994م ومن هذه المشاريع إعادة تأهيل المحطات القديمة وبناء محطات جديدة كما تشمل هذه الخطط استخدام تمويلات المنح السعودية والإماراتية لتحديث شبكات الكهرباء في عدن والمناطق المحيطة، بالإضافة إلى تحسين نظام التوزيع الكهربائي لتقليل الفاقد أثناء نقل الكهرباء.
5- تعزيز الشفافية والمساءلة في إدارة قطاع الكهرباء: في ظل الفساد الذي يُعيق تقديم الخدمات بشكل فعال، قام المجلس الانتقالي بوضع سياسات لتعزيز الشفافية والمساءلة في إدارة ملف الكهرباء والتي تهدف إلى مكافحة الفساد وضمان توزيع الوقود والمساعدات بشكل عادل ومباشر إلى محطات الكهرباء، دون تدخلات سياسية.
6- تأسيس هيئة مستقلة لإدارة قطاع الكهرباء: اقترح المجلس إنشاء هيئة مستقلة لإدارة قطاع الكهرباء في الجنوب، تكون مسؤولة عن الإشراف على التوزيع والتمويل وإجراء الصيانة الدورية، وذلك لضمان تحسين استدامة خدمات الكهرباء بعيدًا عن النزاعات السياسية.
وفي نهاية الورقة تحدث الدكتور عديل عن التوصيات المقترحة وهي:
1. إطلاق مشاريع طاقة طارئة: تقديم حلول سريعة لتحسين إمدادات الكهرباء بشكل مؤقت، مثل استئجار مولدات إضافية وإعادة تأهيل المحطات القديمة لتخفيف الانقطاعات، خصوصًا في فترات الذروة الصيفية.
2. استيراد الوقود بشكل مستمر: تسهيل وصول شحنات الوقود المخصصة لتشغيل محطات الكهرباء، وضمان التنسيق مع الجهات الدولية لضمان استمرارية إمدادات الوقود للجنوب.
3. الاستثمار في الطاقة المتجددة: تعزيز مشاريع الطاقة الشمسية خصوصًا في المناطق الريفية والنائية، حيث يمتلك الجنوب إمكانات كبيرة في هذا المجال نظرًا لساعات الشمس الطويلة على مدار السنة.
4. تحديث وصيانة البنية التحتية الكهربائية: إعادة تأهيل المحطات القديمة، بناء محطات جديدة، وتحسين شبكات التوزيع لتقليل الفاقد من الطاقة وضمان استمرارية الخدمة.
5. تعزيز الشفافية والمساءلة: وضع سياسات لمكافحة الفساد في إدارة قطاع الكهرباء، وضمان التوزيع العادل للمساعدات والوقود لمحطات الكهرباء دون تدخلات سياسية.
6. إنشاء هيئة مستقلة لإدارة قطاع الكهرباء: اقتراح إنشاء هيئة مستقلة تكون مسؤولة عن الإشراف على توزيع التمويل والصيانة في الجنوب بعيدًا عن النزاعات السياسية، لضمان تحسين استدامة الكهرباء.
في الورقة البحثية الموسومة بـ "حاضر ومستقبل منظومة عدن الكهربائية"، أكد الدكتور عمر عبد العزيز باحيدرة على ضرورة قيام الحكومة بتوفير الدعم المالي اللازم لإجراء دراسات جدوى شاملة، والبدء في مشاريع توليد الطاقة الشمسية على نطاق واسع لتعزيز منظومة الكهرباء العامة. كما دعا إلى إشراك المواطنين في هذه الجهود من خلال وضع آليات واضحة ومشجعة للاستثمار في الطاقة الشمسية، مثل ما هو معمول به في العديد من الدول. واقترح الدكتور باحيدرة على الحكومة توفير التسهيلات اللازمة لتشجيع استخدام الطاقة الشمسية، بما في ذلك مراقبة جودة الألواح الشمسية والمستلزمات المرتبطة بها، وإعفاء هذه المنتجات من الرسوم الجمركية والضرائب.
وأشار إلى أهمية إجراء دراسات متكاملة ومتعددة الأجال لتطوير قطاع الكهرباء في عدن. تشمل هذه الدراسات تقييم الوضع الحالي لمنظومة توليد ونقل وتوزيع الكهرباء، وتحديد الاحتياجات المستقبلية، ووضع الخطط الاستراتيجية للتوسع في محطات التوليد وتحسين كفاءة الشبكات. كما شدد على ضرورة إجراء دراسات مستمرة لتقدير الأحمال الكهربائية، وذلك لتحديد حجم الاستثمارات المطلوبة وتجنب أي نقص في الطاقة. من شأن هذه الدراسات أن تساهم في وضع خطط مستدامة لقطاع الكهرباء، وتضمن توفير خدمة كهرباء موثوقة ومستمرة للمواطنين."
وقدمت عدد من المقترحات والمعالجات والتوصيات:
- إعداد دراسات والأخذ في الاعتبار الدراسات الموجودة وتطويرها بهدف إعادة تأهيل مكونات منظومة كهرباء عدن في مجال التوليد النقل والتوزيع وتطبيق وتنفيذ هذه الدراسات سوى على المدى القريب أو المستقبلي طويل المدى.
- العمل على تخفيض الفاقد إلى الحد المسموح به. يمكن تقسيم خسائر الفاقد في نظام الطاقة إلى فئتين : الخسائر الفنية و الغير فنية الخسائر الفنية تحدث بشكل طبيعي وتتكون أساسا من تبديد الطاقة في مكونات النظام الكهربائي وعند إعادة تأهيل المنظومة الكهربائية ستنخفض إلى الحدود المسموح بها. الأسباب الأكثر.
وفي ختام الورقة، أكد الباحث أن تحقيق الأهداف المنشودة من هذه المقترحات والتوصيات يتطلب تضافر الجهود وتوفر الإرادة السياسية الحقيقية. يجب أن تكون هناك قرارات حاسمة تضع مصلحة المواطن والوطن في صدارة الأولويات، وتعمل على معالجة أسباب أزمة الكهرباء في عدن بشكل جذري، سواء على المدى القصير أو الطويل. كما يجب أن تتجاوز هذه الحلول الحسابات السياسية الضيقة على المستويات المحلية والإقليمية والدولية.
في ورقة بحثية قيمة قدمها الأستاذ عبدالرقيب الكلدي، عضو الجمعية الوطنية لمكافحة الفساد، سلط الضوء على تفشي الفساد المستشري في قطاع الكهرباء. وأوضح أن هذا الفساد، الذي تجلى في أشكال متعددة مثل الرشوة والمحسوبية والهدر في الإنفاق، كان له دور كبير في تدهور الخدمات الكهربائية وتفاقم معاناة المواطنين. يعود تاريخ هذا الفساد إلى ما بعد حرب صيف 1994، حيث استغل متنفذون سيطرتهم على القطاع لتحقيق مكاسب شخصية على حساب المصلحة العامة، مما أدى إلى تدمير البنية التحتية للقطاع وتدهور كفاءته. ونتيجة لذلك، أصبح قطاع الكهرباء عبئًا على الميزانية العامة للدولة بدلاً من أن يكون مصدراً للإيرادات، مما زاد من حدة الأزمة الاقتصادية.
وقدد حددت الورقة أوجه الفساد في الاتي:
- في مجال عقود الشراء
- في مجال توفير المشتقات النفطية عبر لجنة المناقصات
- الوقود من مخصصات المنحة المقدمة من البرنامج السعودي فبراير – ابريل 2023م.
وفي قطاع الكهرباء نجد الفساد في كل المجالات من حيث التكليف المباشر بشراء الوقود للتجار شركات الطاقة دون إجراء أي مناقصة، وعقد صفقات شراء وقود بأسعار خيالية (1400) دولار للطن) . فمن خلال الاطلاع على عدد من التقارير الصادرة عن الجهاز المركزي نلاحظ الكم الهائل من العبث في هذا القطاع الهام، وعليه فقد قمنا بتلخيص بعض جوانب الفساد في هذا القطاع حتى تتمكن الهيئات التابعة للمجلس الانتقالي من الضغط على الحكومة لإصلاح ما يمكن إصلاحه ويعود بالنفع على مصلحة الوطن والمواطن.
وفي سياق جهودها المكثفة لمكافحة الفساد في كافة القطاعات، بما فيها قطاع الكهرباء، قامت لجنة مكافحة الفساد في الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي بجمع وتحليل كم هائل من البيانات. تكشف هذه البيانات عن حجم الفساد المالي الكبير في قطاع الكهرباء، حيث بلغ إجمالي الإنفاق على شراء الوقود في محافظات الجنوب حوالي 3,104,800 دولار أمريكي يوميًا، أي ما يعادل 93,144,000 دولار أمريكي شهريًا، و1,117,628,999 دولار أمريكي سنويًا.
ونرى بأن مجمل الحلول السابقة كانت آنية وتصب في اتجاه واحد وهو كيفية توفير الوقود لمحطات التوليد وكما أوضحنا أن ذلك يتسبب في استنزاف الخزانة العامة، ولذلك تطرح توصيات نراها مناسبة وهي
-1. الاستغناء التدريجي عن شراء الطاقة من القطاع الخاص وإيقاف العمل بالمولدات الحكومية التي تعمل بالوقود ديزل - مازوت وتستبدل من خلال إلى 500 ميغاوات
2- العمل على رفع إنتاجية محطة الطاقة الشمسية الإماراتية الى قدرتها القصوى من 120 ميغاوات.
3-إنشاء محطات الطاقة الشمسية في كل المحافظات وبحسب الاحتياج.
4-الابقاء على محطات التوليد العاملة بالغاز، وبناء الجديد منها عند الحاجة. ويمكن الاستفادة من مياه الأمطار والسيول ومن خلال بناء السدود مثل سد وادي حسان أو مشاريع السدود في محافظتي شبوة وحضرموت في توليد الطاقة الكهربائية وبذلك يكون حل واحد لمشكلتي الكهرباء والجفاف.
5-الاتجاه إلى مصادر أخرى للطاقة النظيفة والمتجددة مثل الرياح وحركة الامواج ولاسيما أن هناك دراسات متعددة في هذا المجال.
وفتح باب النقاش والاسئلة والمداخلات من قبل المشاركين والذي تحدثوا عن جملة من التحديات والفرص التي تسهم في إدارة هذا الملف الشائك والمتداخل في قضاياه ما بين السياسية والإدارية والفنية والمالية مطالبين في مجمل مداخلاتهم في إبعاد هذا الملف من الصراع السياسي وتشكيل هيئات وطنية مستقلة لإدارته وتشكيل هيئات رقابية مجتمعية وطالبوا المجلس الانتقالي الجنوبي بمتابعة تنفيذ المصفوفة المقدمة في هذا المجال.