وضع أمني متوتر..

تصاعد الصراع بين إسرائيل وإيران: هل تنجح دول الخليج في الحفاظ على الحياد؟

في ظل تصاعد التوترات الإقليمية بين إسرائيل وإيران، تسعى دول الخليج إلى تحقيق توازن دقيق في سياساتها للحفاظ على الحياد. تدفع المصالح الاستراتيجية والاقتصادية لهذه الدول إلى النأي بنفسها عن المواجهة المحتملة، محاولة تفادي الانجرار إلى صراع قد يهدد استقرار المنطقة.

مساع خليجية للبقاء على مسافة واحدة من طرفي النزاع لتجنب أن تصبح جزءا من نزاع إقليمي.

تل أبيب

في ظل تهديدات إسرائيلية متزايدة بالردّ على هجوم صاروخي إيراني استهدفها في بداية الشهر الجاري، تعكس سلسلة من الاجتماعات الدبلوماسية الأخيرة بين إيران ودول الخليج حرص هذه الدول على النأي بنفسها عن أي تصعيد قد يشمل منطقة الشرق الأوسط. تسعى دول الخليج، التي لطالما كانت من الحلفاء التقليديين للغرب، إلى الحفاظ على علاقات أكثر توازنًا مع الجمهورية الإسلامية بعد سنوات من التوترات.

وترى المحللة في مجموعة الأزمات الدولية، آنا جايكوبس، أن "دول الخليج تحاول الاستفادة من تحسن العلاقات مع إيران لتجنب الانخراط في تصعيد محتمل بين إسرائيل وإيران".

وفي الأول من أكتوبر، أطلقت إيران حوالي مئتي صاروخ على إسرائيل، في هجوم اعتبرته ردًا انتقاميًا على اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، الذي قُتل في ضربة إسرائيلية في بيروت في 27 سبتمبر، إلى جانب قيادي في الحرس الثوري الإيراني ورئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في يوليو.

وتدرك دول الخليج أنه على الرغم من تعزيز علاقاتها مع إيران وحلفائها، فإنها لا تزال عرضة للخطر. وفي ضوء هذه التوترات، زار الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الدوحة بعد ساعات فقط من الهجوم، حيث التقى بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ووزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان.

في الوقت ذاته، وفي ظل التهديدات الإسرائيلية برد قاتل، قام وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بزيارة إلى السعودية وقطر، وسط توقعات بأن دول الخليج لن تسمح لإسرائيل باستخدام مجالها الجوي لشنّ هجوم على إيران. وتؤكد جايكوبس أن دول الخليج "تحاول البقاء خارج الصراع من خلال التأكيد على عدم السماح لإسرائيل باستخدام أجوائها للهجمات".

قبل زيارة عراقجي، أشار المحلل السعودي علي الشهابي إلى أن السعودية ستؤكد رفضها لاستخدام مجالها الجوي لأي هجوم على إيران، وستؤيد دعوات لوقف إطلاق النار في لبنان أو غزة.

مع استمرار تهديدات الجماعات المسلحة المدعومة من إيران، مثل الحوثيين، يتزايد القلق في الخليج. ففي الأشهر الأخيرة، أطلق الحوثيون طائرات مسيّرة وصواريخ على إسرائيل في ما وُصف بأنه دعم لغزة في الصراع الدائر هناك. ورغم الهدوء غير المعلن بين الحوثيين والرياض، إلا أن الخطاب العدائي ضد السعودية ودول الخليج لا يزال قائمًا.

محمد الباشا، كبير محللي الشرق الأوسط في مجموعة "نافانتي"، يحذر من خطورة التهديدات الحوثية للسعودية، معتبرًا أن هذه التهديدات يجب أن تؤخذ على محمل الجد. ويشير توربيورن سولتفيدت، كبير محللي الشرق الأوسط في مؤسسة "فيريسك مابلكروفت"، إلى أن التهديد الأكبر لدول الخليج يأتي من احتمال تعرّض منشآتها النفطية والغازية لهجمات انتقامية إيرانية.

دول الخليج، التي تستضيف العديد من القواعد العسكرية الغربية، تجد نفسها في وضع دقيق. فالأسطول الخامس الأميركي يتخذ من البحرين مقرًا له، فيما تستضيف قطر مقر القيادة المركزية الأميركية في الشرق الأوسط (سنتكوم). ومع تصاعد التوترات، تواصل دول الخليج محاولاتها للحفاظ على توازن دقيق بين الأطراف المتصارعة.

وفي حين أدانت الدول الغربية بشدة الهجوم الإيراني على إسرائيل، فضلت دول الخليج عدم التعليق على الحادث، سعياً للحفاظ على موقف محايد. وحدها سلطنة عُمان انتقدت مواقف الدول الغربية، معتبرة أن الإدانة دون اتخاذ خطوات لحل الأزمة لن تجدي نفعاً.

وتختتم الباحثة حفصة حلاوة بتأكيد أن "النأي بالنفس هو الخيار الأنسب لدول الخليج"، مشيرة إلى أن هذه الدول، رغم علاقاتها المتينة مع إيران، تظل عرضة للخطر في ظل الوضع الأمني المتوتر.