استهداف الصحفيين وتضارب الروايات..

التغطية الإعلامية في غزة: بين شجاعة الصحفيين وتناقض المعايير الغربية

تتباين وجهات النظر حول مصداقية وأهداف هذه التغطية، وسط اتهامات متبادلة بالتحيز وعدم الموضوعية، في ظل منع السلطات الإسرائيلية للصحافيين الأجانب من الوصول إلى غزة، وتزايد الاعتماد على المعلومات المقدمة من مصادر محلية متأثرة بالأطراف المتحاربة.

نشر معلومات دقيقة ومحايدة في ضباب الحرب ليس بالأمر السهل.

غزة

يتجاوز الصراع في غزة حدودها الجغرافية ليجذب اهتماماً إعلامياً عالمياً، ويهيمن على عناوين الأخبار بشكل مستمر، مما يسلط الضوء على القيم الصحفية المختلفة. وقد كشفت التطورات الأخيرة عن تناقضات كبيرة في معايير الإعلام الغربي.

خلال العام الماضي، غطى الصحفيون المحليون الصراع بشجاعة، وفقاً لمحللين، حيث لم تسمح السلطات الإسرائيلية للصحافة الأجنبية بالدخول إلى الأراضي المحتلة، باستثناء زيارات قصيرة مصحوبة بالجيش. وفقًا لمنظمة "مراسلون بلا حدود"، قُتل أكثر من 130 صحافيًا فلسطينيًا على أيدي القوات الإسرائيلية، 32 منهم كانوا مستهدفين. وقدمت المنظمة أربع شكاوى إلى المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب.

من أبرز التحديات التي ظهرت خلال الحرب هو صعوبة الوصول إلى المعلومات. وفي الوقت الذي قد تنشر فيه بعض وسائل الإعلام معلومات مضللة، يسعى مدققو الحقائق إلى ضمان الدقة بدلاً من الإثارة، ويعاملون جميع الادعاءات كمواضيع للتحقق الجاد، بغض النظر عن سرعة الأخبار العاجلة.

تتنافس وسائل الإعلام لتقديم روايات تتماشى مع وجهات نظرها السياسية، ويظهر ذلك في العرض الانتقائي للمعلومات. ومع ذلك، تمكنت بعض المؤسسات مثل هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) وآي تي إن (ITN) والقناة الرابعة وسكاي من إبقاء الصراع في دائرة الاهتمام عبر تقاريرها، خصوصاً مع توسع الصراع إلى لبنان.

ورغم جهود هيئة الإذاعة البريطانية لتغطية الصراع، تعرضت لانتقادات من كافة الأطراف بتهمة التحيز. ففي غضون أسبوع واحد من هجوم حماس في أكتوبر 2023، تلقت BBC أكثر من 1500 شكوى، وزعت بالتساوي تقريباً بين من يزعمون التحيز ضد إسرائيل أو الفلسطينيين. كما أشار معلقون إلى أن هيئة الإذاعة البريطانية تواجه تحديات في تغطية الحرب بسبب القيود اللوجستية وظروف غزة المعقدة.

وسلط تقرير نشره فيليب سيب، الأستاذ الفخري بجامعة جنوب كاليفورنيا، الضوء على التحديات التي تواجه الصحفيين في تغطية الحروب، حيث اعتبر أن الجيش الإسرائيلي غالباً ما يحد من وصول الصحافة حفاظاً على سلامة قواته. وأكد أن المنافذ الدولية تعتمد بشكل كبير على المعلومات الفلسطينية، التي قد تسيطر عليها حماس.

وفي هذا السياق، نبه سيمون بلوسكر، مدير "أونست ريبورتينغ"، إلى خطورة المعلومات التي تروجها حماس، مشيراً إلى أن بعض الصحفيين قد ينخرطون في الروايات التي يغطونها، مما يعقد مصداقية التغطية.

وفيما يتعلق بالتغطية البريطانية، وجد تحليل أن 30% إلى 40% منها محايد، بينما أكثر من 90% من المحتوى المتحيز كان معادياً لإسرائيل. وتواجه BBC اتهامات بأنها تركز على غزة وتغفل الجبهات الأخرى التي تهدد المدنيين الإسرائيليين.

ختاماً، يشير التقرير إلى أن تغطية الصراعات ليست مسألة سهلة، وتحتاج المؤسسات الإعلامية إلى الحفاظ على التوازن، رغم الصعوبات اللوجستية والسياسية التي تواجهها.