دراسة الظاهرة بين الواقع والافتراضات..

أبحاث سعودية تكشف عن دور "هرمون الكورتيزول" في تسريع شيب الشعر

أثبتت دراسة سعودية حديثة أن هرمون التوتر الكورتيزول، بالإضافة إلى أدوية الصحة العقلية، قد تتسبب في حدوث التهابات ضارة في فروة الرأس.

القلق والاكتئاب يتداخلان مع بصيلات الشعر

واشنطن

كشفت دراسة سعودية حديثة، نُشرت في مجلة الأمراض الجلدية التجميلية، أن الإجهاد يمكن أن يضاعف احتمالية ظهور الشعر الرمادي قبل بلوغ سن الثلاثين. وأشارت الدراسة إلى أن الأسباب غير واضحة تمامًا، ولكن هرمون التوتر الكورتيزول وأدوية الصحة العقلية قد تسهم في حدوث التهاب ضار في فروة الرأس، مما يؤدي إلى تسريع ظهور الشيب.

ويظهر الشعر الرمادي بشكل طبيعي مع التقدم في العمر، ولكن يمكن أن يبدأ بالظهور مبكرًا نتيجة لعوامل مثل التوتر والقلق. ورغم التقدم الطبي، يبقى الشيب والصلع من المشكلات التي تؤرق الكثيرين. وقد أظهرت شركات الأدوية اهتماماً متزايداً بتقديم علاجات لتخفيف هذه المشاكل، ولكن غالباً ما تكون النتائج محدودة.

أجرى فريق من جامعة الملك سعود استطلاعاً عبر الإنترنت بين يوليو 2023 وفبراير 2024 شمل 1193 شخصًا تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عامًا، ووجد أن نصف المشاركين ظهر لديهم شعر رمادي في العشرينات من العمر. كما أشار 12% منهم إلى أن لديهم أكثر من 100 شعرة رمادية.

وأظهرت النتائج أن القلق يزيد من احتمال ظهور الشيب بمقدار 2.24 مرة، بينما يزيد الاكتئاب هذه النسبة إلى 2.56 مرة. وكان العامل الوراثي هو الأبرز بين أسباب ظهور الشيب المبكر، كما أن التدخين زاد من المخاطر، في حين أن النظام الغذائي الصحي يمكن أن يقلل من تلك المخاطر بنسبة 32%.

وقال تركي البنهار، مؤلف الدراسة: "التغييرات في نمط الحياة مثل الإقلاع عن التدخين، اتباع نظام غذائي صحي، وإدارة التوتر يمكن أن تساعد في تقليل مخاطر الشيب المبكر".

على الصعيد العالمي، وجدت دراسات أجرتها جامعة هارفارد أن الجهاز العصبي الودي، المسؤول عن استجابة "المواجهة أو الهروب" عند التعرض للخطر، قد يلعب دوراً رئيسياً في تسريع ظهور الشيب نتيجة التوتر الشديد، وهو ما يدعم صحة الأدلة القصصية حول ارتباط التوتر بالشيب المبكر.

وتشير العديد من الفرضيات إلى أن التوتر قد يلعب دورًا في تسريع ظهور الشيب، إلا أن الأبحاث العلمية تقدم صورة أكثر تعقيدًا. وفقًا لتقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، ورغم وجود دراسات تربط التوتر بالشيب، إلا أن هذه العلاقة لم تثبت بشكل قاطع حتى الآن.

على سبيل المثال، دراسة أُجريت في عام 2016 على 1100 شاب تركي أظهرت أن 315 منهم يعانون من الشيب المبكر، وكان لديهم مستويات توتر مرتفعة، لكن الدراسة لم تثبت أن التوتر هو السبب المباشر. وفي عام 2020، أُجري بحث على الفئران، أظهر أن التوتر يؤدي إلى إفراز هرمون النورإبينفرين، الذي يستنزف الخلايا الجذعية المسؤولة عن تلوين الشعر، مما يؤدي إلى الشيب. إلا أن تطبيق هذه النتائج على البشر يواجه تحديات أخلاقية.

وفي دراسة أخرى نُشرت عام 2021، حاول العلماء ربط لحظات التوتر بظهور الشيب من خلال تحليل خصلات شعر 14 متطوعًا. النتائج أظهرت ارتباطًا بين التوتر والشيب، لكن هذه النتائج لم تكن كافية لتأكيد هذا الارتباط بشكل قاطع.

ورغم هذه الدراسات، يظل العامل الوراثي هو السبب الرئيسي لظهور الشيب المبكر. فإذا كان أحد الوالدين يعاني من الشيب المبكر، فمن المحتمل أن يعاني الأبناء من الأمر نفسه. كما أن بعض الحالات الطبية مثل البهاق، وداء الثعلبة، ومشاكل الغدة الدرقية، ونقص الفيتامينات قد تسهم في ظهور الشيب.

في النهاية، لا يمكن الجزم بأن تقليل التوتر سيمنع أو يبطئ ظهور الشيب المبكر. ومع ذلك، فإن فهم العوامل التي تؤدي إلى الشيب، والتعامل معه كجزء طبيعي من عملية الشيخوخة، قد يساعد في قبول هذه الظاهرة بشكل أكثر إيجابية.