بزشكيان في مرمى نيران التيار المتشدد..
صراع داخلي مشتعل في إيران: تهديدات ومحاكمات تزيد من هشاشة نظام الملالي
التوترات بين الأجنحة الحاكمة لا تقتصر فقط على الصراع حول المناصب، بل تعكس المخاوف من تدهور الأوضاع الاستراتيجية للنظام. في ظل هذه التوترات، حذر الإصلاحيون من العواقب الوخيمة التي قد تترتب على مواصلة نفس السياسات.
في ظل تصاعد الحرب في الشرق الأوسط واشتداد الصراع على السلطة داخل النظام الإيراني، تزداد حدة التوتر بين الأجنحة المتنافسة، مما يعكس هشاشة هذا النظام. مع وصول ألسنة اللهب إلى من أشعلها، يشتعل الصراع الداخلي داخل النظام بشكل غير مسبوق.
يوم الخميس 17 أكتوبر، وفي مدينة مشهد، أشار قاليباف إلى نقطتين رئيسيتين تمثلان ضعف النظام وهما: “الصراع” الداخلي (اقرأ: الصراع بين الذئاب) والخوف من انهيار القوات. من أبرز مظاهر هذا الصراع هو التهديد بمحاكمة بزشكيان وعزله من منصب الرئاسة. وقد ذكر موقع “رويداد 24” تصريحات كامران غضنفري، عضو مجلس الشورى من طهران، الذي قال: “بزشكيان يرتكب جريمة علنية، وإذا لم يتم إلغاء هذا التعيين غير القانوني [لظريف] قريبًا، سنقدم شكوى إلى القضاء، وعلى بزشكيان الرد. ويعتقد غضنفري أن بزشكيان لن يستطيع الدفاع عن موقفه، وسيتم الحكم عليه بالسجن من 5 إلى 15 عامًا مع حرمانه من حقوقه الاجتماعية، مما يعني عزله الفعلي من الرئاسة”.
في وقت سابق، وفي جلسة علنية لمجلس الشورى في 10 أكتوبر، قال حميد رسائي: “بخلاف النص الصريح للقانون، قام بزشكيان بتعيين ظريف، الذي يحمل ابنه الجنسية الأمريكية، نائباً له. هذا التعيين مخالف للقانون، والقضية ستتم إحالتها إلى القضاء”.
صحيفة “شرق” الموالية لجناح الإصلاحيين أثارت الجدل حول هذه الهجمات الشرسة من الجناح المنافس، وكتبت في عددها الصادر في 17 أكتوبر: “‘ظريف يجب أن يرحل’ هو الشعار الرمزي للهجمات الجديدة التي تشنها التيارات المتشددة بهدف تدمير بزشكيان والحكومة الرابعة عشر. هذه الهجمات التي بدأت بكلمات وتهديدات رسائي، واستمر فيها غضنفري وكوثري، وصلت حد التهديد بمحاكمة الرئيس بسبب تعيين ظريف”.
ولكن الصراع بين الأجنحة الحاكمة لا يتوقف عند هذا الحد. ففي ظل الأزمة الخارجية والتخوف من هزيمة استراتيجية، يحذر الإصلاحيون في النظام، خوفًا من اندلاع غضب شعبي عارم، بزشكيان من العواقب التي قد تواجه النظام إذا واصل نفس النهج الذي سار عليه رئيسي في ولائه لخامنئي.
سعيد حجاريان، أحد منظري الإصلاحيين في التسعينيات، صرح في مقابلة مع “شرق” قائلاً: “في الانتخابات الثلاث الأخيرة، 2019 و2021 و2023، تم تدمير الساحة السياسية. النظام يشهد تغيرات على المستوى الإقليمي والعالمي، لدرجة أنه لم يعد بإمكانه الاستمرار بنفس الطريقة في انتخابات 2024. حكومة رئيسي كانت تابعة ولكنها غير فعالة. الآن، إذا حاول بزشكيان وحكومته القضاء على أي إبداع أو مبادرة تحت شعار ‘الوفاق’، فسوف يواجهون نفس المصير”.
وأضاف حجاريان مشيراً إلى تأثير “قرار البنزين الصلب” على المجتمع وتداعيات السياسة الإقليمية: “في ظل الوضع الدولي الراهن، من الممكن أن تنشأ حركات فرعية وتصبح أحداث مثل فوز ترامب، وقودًا لأحداث جديدة. في مثل هذه الظروف، ستتحد الفئات الضعيفة وتضغط على الحكومة، وسيكون من الصعب جداً مواجهة مجتمع جائع يائس”.
في مقال آخر بعنوان “في انتظار المجانين”، كتب عباس عبدي، أحد الداعمين المتحمسين لبزشكيان: “إذا اعتبرت الطريقة السابقة جنونًا، فلا تنسَ أن معظم القوى التنفيذية في هذه الحكومة هم امتداد للطرق التقليدية التي أوصلت المجتمع إلى هذه النقطة”. وأشار عبدي ضمناً إلى محاولات التيار المتشدد لإقصاء ظريف وتعيين مدراء جدد تحت شعار “الوفاق”. وأضاف: “هذا ليس وفاقًا، بل هو محاولة مبتذلة للاستيلاء على المزيد من السلطة باسم الوفاق. دافعوا عن مديريكم الأكفاء، ولا تسمحوا لهم بالسقوط فريسة لهذه الذئاب المفترسة. أغلقوا الطرق غير المشروعة لترشيح الأشخاص للمناصب”.
إن احتمال خسارة خليفة النظام المروج للحرب وتزايد خطر اندلاع انتفاضة جديدة يزيد من حدة الأزمات الداخلية، حيث تواصل الأجنحة الحاكمة تمزيق بعضها البعض في صراع على البقاء.