الميزانية العسكرية والأمنية للنظام الإيراني..
ولاية الفقيه وتضخيم ميزانية الحرس الثوري: أولوية القمع على حساب الشعب
تأتي هذه الخطوة لتؤكد استحواذ القوات المسلحة، وخاصة الحرس الثوري، على جزء كبير من الثروات الوطنية، بما في ذلك تخصيص النفط الخام لدعم نفوذها الاقتصادي والأمني في الداخل والخارج.
أعلن رئيس النظام الإيراني، مسعود بزشكيان، أثناء تقديمه مشروع قانون موازنة عام 1404 للبرلمان الرجعي، قائلاً: “في أرقام الميزانية، تم التأكيد على أن تعزيز القدرة الدفاعية يشكل إحدى الأولويات الأساسية للحكومة”.
بدورها أوضحت مهاجراني، المتحدثة باسم حكومة بزشكيان، مفهوم “الأولوية” بقولها: “بُذلت جهود قصوى لتلبية الاحتياجات الدفاعية للبلاد، ولذلك شهدنا زيادة هائلة تجاوزت 200 في المائة في الميزانية العسكرية”.
إن هذه الزيادة التي تفوق 200 في المائة في الميزانية العسكرية والأمنية تبرز بشكل أوضح عندما نقارنها بزيادة تبلغ 20 في المائة فقط في رواتب موظفي الحكومة، وذلك في ظل معدل تضخم رسمي يقارب 40 في المائة.
إلا أن هذه ليست الصورة الكاملة. فقد نقلت صحيفة “اعتماد” (26 أكتوبر) عن خبير اقتصادي حكومي قوله: “تم تخصيص ما يعادل 510,000 مليار تومان لتوريد النفط الخام للقوات المسلحة و126,000 مليار تومان لوكالات تنفيذية مرخصة أخرى” ضمن الموازنة.
بمعنى آخر، فإن القوات المسلحة (وتعني في الأساس الحرس) بالإضافة إلى زيادة ميزانيتها الرسمية بنسبة 200 في المائة، تحصل أيضًا على كميات كبيرة من النفط الخام لتبيعه بالطريقة التي تراها مناسبة لجني الإيرادات. بينما حصة “الوكالات التنفيذية الأخرى” مثل الشرطة ووزارة المخابرات تبلغ ما يعادل 126 تريليون تومان من النفط الخام.
تسليم النفط الخام للقوات المسلحة: استراتيجية ولاية الفقيه
إن تسليم النفط الخام إلى القوات المسلحة يُعد من الابتكارات التي تميز فاشية ولاية الفقيه، ويُقال إن حكومة بزشكيان قد ضاعفت حجم هذا التسليم ثلاث مرات مقارنة بحكومة رئيسي. لا يوجد مثيل عالميًا، حتى في الديكتاتوريات العسكرية، لأن تقوم القوات المسلحة ببيع النفط أو المواد الخام المعدنية بشكل مستقل عن الجهة المختصة (مثل وزارة النفط). وعلق تاج كردون، رئيس لجنة الدمج في البرلمان، قائلاً: “لماذا نتعامل مع القوات المسلحة بهذه الطريقة، بحيث تصبح مسؤولة عن بيع البنزين وشرائه، وبيع النفط؟” (برلمان النظام، 29 أكتوبر).
السبب وراء ذلك واضح: الحرس، بصفته الذراع الرئيسي لقمع الشعب وحماية ديكتاتورية خامنئي المتزعزعة، لديه الدافع الكافي للقيام بدوره المحدد، وهو قمع الشعب في الداخل وتصدير الحرب والإرهاب إلى الخارج.
إن شراء وبيع جزء كبير من النفط الخام بواسطة الحرس يمثل فقط الجانب الرسمي من نهب هذه الثروة الوطنية. ونقلت صحيفة “أرمان ملي” الرسمية (14 أكتوبر 2024) عن محلل حكومي قوله: “نستهلك 120 مليون لتر من البنزين يوميًا، منها 70 مليون لتر فقط للاستهلاك الفعلي، فيما يُهرّب الباقي… أي نحو 50 مليون لتر يوميًا. ما يعادل تهريب نصف البنزين المنتج في البلاد، وهو رقم يتجاوز بكثير تقديرات وزارة النفط والأجهزة الرقابية والأمنية… هذه الكمية الهائلة من الوقود، التي تعادل مئات أو حتى آلاف الشاحنات، يُعتقد أنها تُهرّب عبر قنوات الكلبار أو شبكات تهريب الوقود المنظمة”.
بالإضافة إلى ذلك، يسيطر الحرس على نحو 70 في المائة من اقتصاد البلاد، حيث يدير نيابة عن خامنئي العديد من المشاريع المربحة مثل البتروكيماويات والصلب والمناجم، ما يحقق له عائدات بمليارات الدولارات دون دفع ضرائب أو خضوع للمحاسبة.
بهذه الطريقة، يصبح الحرس “دولة داخل الدولة”، وفقًا للرئيس السابق حسن روحاني، إذ يمتلك المال والأسلحة ووسائل الإعلام. حكومة تستغل القنوات الرسمية وغير الرسمية، من تهريب النفط إلى تبييض العملة، وتستنزف أموالًا طائلة من أجساد وحياة الشعب الإيراني، لتمويل عمليات القمع والتنكيل بالشعب المحروم.