واشنطن تطالب الدوحة بإغلاق مكتب حماس..
ترامب ونتنياهو يهددان قطر بالاتهام برعاية الإرهاب.. والدوحة تستبق الأحداث
في خطوة لافتة، بدأت قطر بتغيير موقفها تجاه حركة حماس، في ظل ضغوط دولية متزايدة وتوترات إقليمية محتدمة. يأتي هذا التوجه في وقت حساس مع انتقال السلطة في الولايات المتحدة، حيث تسعى الدوحة لتجنب تصاعد التوتر مع إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب، التي يُتوقع أن تتخذ مواقف صارمة تجاه حماس وداعميها.
استغلت قطر فترة الانتقال الرئاسي في الولايات المتحدة لاتخاذ قرارها بالتخلي عن دعم حركة حماس، بهدف عدم الظهور تحت ضغوط مباشرة من إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، وفي الوقت ذاته لتفادي التوتر المتوقع مع الرئيس المنتخب دونالد ترامب الذي يعتزم إنهاء الحرب في غزة بأسلوبه الخاص عبر فرض ضغوط قوية على حماس وداعميها.
ويتزامن هذا مع إجراءات متشددة من إدارة بايدن لإنهاء وجود حماس في قطر والمطالبة بعدم استقبال قادة الحركة الفلسطينية في أيّ عاصمة حليفة للولايات المتحدة.
ومن الواضح أن الدوحة باتت على يقين بأن إدارة ترامب لن ترضى بوساطة مهمتها تبديد الوقت والسماح لحماس بوضع شروطها مرة بعد مرة. ويعرف القطريون أن شخصية ترامب حازمة ولا تقبل بأنصاف الحلول، وأن الوساطة بالنسبة إليه محدودة بالوقت وبضوابط تسليم المحتجزين.
وعزا متابعون للشأن الخليجي اتخاذ الدوحة لقرار الانسحاب من الوساطة قبل استلام ترامب لمهامه، ثم مطالبة حماس بالبحث عن دولة أخرى لاستقبال مكتبها السياسي وقياداتها، إلى رغبة القيادة القطرية في تجنب التوتر الذي عرفته علاقة قطر بترامب، وأنها لا تريد أن تشتبك معه ما يجنبها اتهامات بالإرهاب كما حصل خلال ولايته الرئاسية الأولى.
وأشاروا إلى أن الدوحة تعرف حجم الصداقة بين ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ما يجعل قطر في مرمى الاتهامات من جديد برعاية حماس ودعمها، ويزيد من الضغوط عليها وعلى مصالحها مع الولايات المتحدة.
وقال مسؤول مطلع إن قطر ستنسحب من جهود الوساطة لوقف إطلاق النار في غزة حتى “تبدي حماس وإسرائيل استعدادا صادقا للعودة إلى طاولة المفاوضات”.
وأضاف المسؤول أن قطر خلصت أيضا إلى أن المكتب السياسي لحماس في الدوحة “لم يعد يؤدي الغرض منه”، في ضربة للحركة الفلسطينية بعد اغتيال ومقتل عدد من كبار قياداتها على يد إسرائيل.
ولا يُعرف إلى أين سيتجه قادة حماس في حال قررت قطر إخلاء المكتب في الدوحة ومطالبتهم بالمغادرة خاصة بعد رفض أكثر من دولة في السابق استضافة الحركة مثل تركيا.
لكن قياديا في حماس قال إن الحركة لم تتلق أيّ طلب من قطر لغلق مكتبها في الدوحة.
وقال القيادي “ليس لدينا أيّ شيء حول تأكيد أو نفي ما نُشر عن مصدر دبلوماسي لم تحدد هويته، ولم نتلق أيّ طلب لمغادرة قطر”.
وكان مسؤول أميركي قال الجمعة إن واشنطن أبلغت قطر بأن وجود حماس في الدوحة لم يعد مقبولا بعدما رفضت الحركة أحدث مقترح بخصوص وقف لإطلاق النار والإفراج عن الرهائن.
وأضاف المسؤول الأميركي “بعد رفض حماس للمقترحات المتكررة للإفراج عن الرهائن، لم يعد من الممكن الترحيب بقادتها في عواصم أيّ شريك للولايات المتحدة. أوضحنا ذلك لقطر في أعقاب رفض حماس قبل أسابيع لمقترح آخر للإفراج عن الرهائن”.
وأضاف المسؤول أن قطر قدمت هذا الطلب إلى قادة حماس قبل نحو عشرة أيام. وكانت واشنطن على اتصال بقطر بشأن موعد إغلاق المكتب السياسي للحركة، وأبلغت الدوحة أن الوقت قد حان الآن.
ولم يتضح بعد ما إذا كان القطريون قدموا مهلة محددة لقادة حماس لمغادرة البلاد.
وتحاول إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن القيام بآخر المساعي لوقف الهجمات الإسرائيلية على غزة ولبنان، لكن انتخاب دونالد ترامب كرئيس جديد للولايات المتحدة يقلل على نحو واضح من نفوذ واشنطن في الأسابيع الأخيرة لبايدن في السلطة.
وفي الجولات السابقة من محادثات وقف إطلاق النار، أدت الخلافات حول المطالب الجديدة التي قدمتها إسرائيل بشأن الوجود العسكري المستقبلي في غزة إلى عرقلة الاتفاق، حتى بعد أن قبلت حماس نسخة من اقتراح وقف إطلاق النار الذي كشف عنه بايدن في مايو.
واستضافت قطر القادة السياسيين لحماس منذ عام 2012 كجزء من اتفاق مع الولايات المتحدة.
وفي أعقاب الهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر من العام الماضي على جنوب إسرائيل، والذي قتلت فيه حماس 1200 شخص واقتادت 250 آخرين إلى غزة كرهائن، أبلغ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الزعماء في قطر وأماكن أخرى في المنطقة أنه “لم يعد من الممكن أن تستمر الأمور كالمعتاد” مع حماس.
وقال قطريون لبلينكن إنهم منفتحون على إعادة النظر في وجود حماس في البلاد عندما يحين الوقت.
وتعرضت الدوحة لانتقادات من مشرّعين أميركيين بسبب علاقاتها مع حماس.
ويوم الجمعة، كتب أربعة عشر عضوا جمهوريا في مجلس الشيوخ الأميركي رسالة إلى وزارة الخارجية يطلبون فيها من واشنطن تجميد أصول مسؤولي حماس المقيمين في قطر على الفور، وتسليم عدد من كبار مسؤولي حماس المقيمين في قطر ومطالبة الدوحة “بإنهاء استضافة كبار قادة حماس”.
وقال رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني مرارا وتكرارا خلال العام الماضي إن مكتب حماس موجود في الدوحة للسماح بالمفاوضات مع الحركة، وإنه طالما ظلت قناة التواصل تلك مفيدة فإن قطر ستسمح ببقاء مكتب حماس مفتوحا.
ولم يتضح بعد عدد مسؤولي حماس الذين يقيمون في الدوحة، لكن من بينهم عدد من القادة الذين يوصفون بأنهم بدائل محتملة لرئيس المكتب السياسي للحركة يحيى السنوار، الذي قتلته القوات الإسرائيلية في غزة الشهر الماضي.