النووي الإيراني..
إيران ترفض المفاوضات النووية تحت الضغط والترهيب عقب لقاء عراقجي وغروسي
أكد وزير الخارجية الإيراني أن بلاده ترفض التفاوض بشأن برنامجها النووي تحت أي شكل من أشكال "الضغط أو الترهيب"، وذلك عقب اجتماع في طهران مع المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافايل غروسي.
أكد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أن إيران ترفض الدخول في أي مفاوضات بشأن برنامجها النووي تحت ضغوط أو تهديدات، وذلك عقب اجتماعه في طهران مع المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافايل غروسي. تأتي هذه التصريحات في ظل تصاعد التوترات الإقليمية والدولية حول الملف النووي الإيراني، حيث شدد عراقجي على أن طهران لن تقبل بأي تسويات مفروضة، داعياً إلى حوار مبني على الاحترام المتبادل والشروط العادلة.
وكتب عراقجي على موقع إكس بعد محادثاته مع جروسي في طهران "الكرة الآن في ملعب الاتحاد الأوروبي/الترويكا الأوروبية. نحن على استعداد للتفاوض على أساس مصلحتنا الوطنية وحقوقنا غير القابلة للتنازل، لكننا غير مستعدين للتفاوض تحت الضغط والترهيب".
والترويكا الأوروبية هي فرنسا وألمانيا وبريطانيا.
وقال عراقجي إن المحادثات مع غروسي كانت "مهمة ومباشرة"، في حين قال رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي إنها كانت "بناءة".
وأضاف عراقجي "بصفتنا عضوا ملتزما بمعاهدة حظر الانتشار النووي، فإننا نواصل تعاوننا الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. من الممكن حل الخلافات من خلال التعاون والحوار".
ومن ناحيته، اعتبر غروسي أن التوصل إلى "نتائج" مع إيران ضرورة لتجنب "الحرب". وكان وصف الاجتماع على منصة "إكس"، بأنه "ضروري".
كذلك نُقل عن رئيس منظمة الطاقة النووية الإيرانية، محمد إسلامي، أن أي قرار يصدر عن مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ضد برنامج طهران النووي سيقابل بإجراءات مضادة.
وقال محمد إسلامي في مؤتمر صحافي مشترك مع غروسي في طهران الخميس، إن "أي قرار تدخلي في الشؤون النووية للجمهورية الإسلامية سيقابل بالتأكيد بتدابير مضادة فورية".
وكان عراقجي استقبل الخميس في طهران المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية لإجراء محادثات مفصلية في شأن برنامج طهران النووي، وفق صور بثتها وكالة "إرنا" الرسمية.
وذكرت إرنا أن "رافايل غروسي الذي وصل إلى طهران الليلة الماضية (الأربعاء) على رأس وفد للتفاوض مع كبار المسؤولين النوويين والسياسيين في البلاد، في زيارة تستمر يومين، التقى وزير الخارجية عباس عراقجي"، الذي كان في عام 2015 كبير المفاوضين عن الجانب الإيراني في المحادثات النووية مع القوى العظمى.
وذكر دبلوماسيون الأربعاء أن القوى الأوروبية تسعى إلى استصدار قرار جديد ضد إيران من مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأسبوع المقبل للضغط على طهران بشأن ما تعتبره ضعف تعاونها، في وقت يترقب فيه العالم عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب.
ويسعى غروسي منذ أشهر إلى تحقيق تقدم مع طهران بشأن قضايا من بينها الدفع نحو مزيد من التعاون في مجال المراقبة في مواقعها النووية وتفسير لآثار اليورانيوم التي تم العثور عليها في مواقع غير معلنة.
وتهدد القرارات الأوروبية بمزيد من التوتر الدبلوماسي مع إيران. فقد ردت إيران على قرارات سابقة وانتقادات أخرى وجهت إليها من جانب مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية المكون من 35 دولة بتكثيف أنشطتها النووية ومنع كبار مفتشي الوكالة من دخول البلاد، الأمر الذي زاد من المخاوف الغربية بشأن أهدافها.
وكثفت إيران نشاطها النووي منذ عام 2019، بعد أن تخلى ترامب خلال ولايته الأولى عن اتفاق عام 2015 الذي توصلت إليه إيران مع القوى العالمية، والذي بموجبه فرضت طهران قيوداً على التخصيب.
وأعاد ترامب فرض العقوبات الأميركية الصارمة على طهران. وينظر الغرب إلى عمل إيران في التخصيب على أنه جهد مستتر لتطوير القدرة على صنع الأسلحة النووية.
وتخصب طهران الآن اليورانيوم إلى درجة نقاء انشطارية تصل إلى 60 في المئة، وهي نسبة قريبة من 90 في المئة المطلوبة لصنع قنبلة نووية. لكن إيران نفت منذ فترة طويلة أي طموحات لصنع قنبلة نووية، قائلة إنها تخصب اليورانيوم لاستخدامات تتعلق بالطاقة المدنية فقط.
ومن شأن القرارات الأوروبية أن يكلف الوكالة الدولية للطاقة الذرية بإصدار ما يسمى "تقريراً شاملاً" عن الأنشطة النووية الإيرانية بالإضافة إلى تقاريرها الفصلية المنتظمة. وستتضمن التقارير وصفا مفصلا وتركيزا أكبر على المشاكل مثل فشل إيران المستمر في تفسير آثار اليورانيوم التي عثر عليها في مواقع غير معلنة.
والهدف هو إجبار إيران على العودة إلى طاولة المفاوضات للموافقة على قيود جديدة على أنشطتها النووية مقابل تخفيف العقوبات، وكلاهما أقل شمولا مما ورد في الاتفاق النووي لعام 2015 مع القوى الكبرى الذي سحب ترامب بلاده منه في عام 2018، مما أدى إلى انهياره.
وفي ذلك الاتفاق وافقت إيران على قيود صارمة على أنشطتها النووية وعلى عمليات تفتيش دولية أكثر صرامة، حيث سعت القوى الغربية إلى تخفيف خطر الصراع بين إيران ومنافسيها الإقليميين من خلال تقليص قدراتها النووية.
وقال دبلوماسي أوروبي، وهو أحد خمسة دبلوماسيين قالوا إن فرنسا وبريطانيا وألمانيا تدفع باتجاه التوصل لقرار "مخاوفنا بشأن النشاط النووي الإيراني معروفة جيدا. يبدو من الطبيعي أن نطلب من الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريرا شاملا. وهذا يوفر أساسا للتعامل مع السلوك الإيراني".
وكانت الجهود الغربية لإجراء مفاوضات مع إيران، بحيث يتم التوصل لاتفاق جديد قبل "يوم انتهاء" اتفاق عام 2015 في أكتوبر من العام المقبل، تستند إلى حد كبير على افتراض فوز كامالا هاريس بالانتخابات الرئاسية، نظرا لرفض ترامب التفاوض مع إيران.
وقال دبلوماسيون إن الولايات المتحدة ليست القوة الدافعة وراء القرار ولكن من المتوقع أن تدعمه، كما حدث مع القرار السابق ضد إيران في يونيو. وتناقش القوى الأوروبية التي تسعى إلى الحصول على قرار، والمعروفة باسم "إي3"، المسودة مع الإدارة الأميركية المنتهية ولايتها.
كما لم يكن غروسي حريصا على تقرير شامل لأنه منخرط في دبلوماسية دقيقة تهدف إلى الحصول على تفسيرات أكثر مباشرة لآثار اليورانيوم من إيران وإقناعها بتوسيع إشراف الوكالة على أنشطتها النووية.
وقال غروسي في مؤتمر صحافي في سبتمبر عندما سئل عن إمكانية تقديم تقرير شامل "نحن نطرح هذا بالفعل".
وأضاف "نهجي يتلخص في محاولة حل المشكلات الآن وعدم التفكير في اتخاذ إجراء عقابي في مرحلة ما في المستقبل. وتتلخص فكرتي في محاولة إنجاح التعاون الآن".
وفي تسليط للضوء على التوتر بين هدف غروسي المتمثل في التنازلات الفورية وهدف القوى الغربية الضغط على إيران لإجراء محادثات بشأن القيود النووية العام المقبل، قال مسؤول إيراني كبير "قد يترتب على صدور قرار رد فعل من طهران يتمثل في فرض قيود على التعاون الدبلوماسي والفني (مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية)."
ولا يزال السؤال القائم هو ما إذا كانت إدارة ترامب القادمة ستكون منفتحة على المفاوضات بشأن ما أطلق عليه بعض الدبلوماسيين صفقة "الأقل مقابل الأقل"، مقارنة بصفقة عام 2015.
وسيجري مراقبة التنازلات والوعود التي يحصل عليها غروسي من إيران عن كثب بحثا عن مؤشرات على انفتاح إيران على المحادثات.
ونقلت وسائل إعلام رسمية الثلاثاء عن بزشكيان قوله إن طهران لن يكون بمقدورها تجاهل عدوها اللدود الولايات المتحدة وتحتاج إلى "التعامل مع أعدائها بصبر".
وفي حين لم ترد تقارير عن خطط إدارة ترامب لإجراء محادثات مع طهران بعد توليها السلطة في يناير كانون الثاني، قال الرئيس المنتخب خلال الحملة الانتخابية "لا أريد أن ألحق الضرر بإيران ولكن لا يمكنهم امتلاك أسلحة نووية".