موقف الخليلي من الحوثيين يثير التساؤلات..

هل يتحول المنبر الديني في عمان إلى منصة لـ "دعم الحركات المتطرفة"؟

جاءت تصريحات مفتي عمان في سياق عاطفي تعبّر عن ميول فردية، بدت متعارضة مع السياسة الرسمية للسلطنة القائمة على التوازن والحياد، ما يطرح تساؤلات حول تأثير هذه المواقف على صورة عمان كوسيط موثوق في المنطقة.

الاذرع الايرانية اليمنية

عمان

في موقف أثار جدلاً واسعاً، عبّر مفتي سلطنة عمان، الشيخ أحمد الخليلي، عن تأييده الصريح لجماعة الحوثي، مشيداً باستهدافهم خطوط الملاحة البحرية في البحر الأحمر وخليج عدن، بالإضافة إلى هجماتهم الصاروخية والطائرات المسيّرة على مواقع داخل إسرائيل. هذا الموقف يتعارض مع السياسة الرسمية العمانية التي تعتمد على الحياد والتوازن في التعامل مع الأطراف المتنازعة في المنطقة.

كرّر الخليلي موقفه الإيجابي تجاه الحوثيين، واصفاً إياهم بـ"الأبطال" الذين لقنوا الصهيونية ومن وراءها دروساً قاسية. جاءت تصريحاته عبر منشور على منصة "إكس"، حيث قال: "لله در مغاوير اليمن الأبطال، الذين واجهوا قوى الاستكبار بعزيمة تفت الصخر الصلاد". كما هاجم خصوم الحوثيين واصفاً إياهم بـ"الجبناء والخونة"، داعياً عليهم بـ"لا نامت أعين الجبناء ولا قرَّت أعين الخونة".

ويثير هذا الموقف تساؤلات حول مدى اتساق تصريحات المفتي مع سياسة السلطنة الرسمية، التي تسعى إلى الحفاظ على علاقات متوازنة مع الأطراف الإقليمية والدولية. تاريخياً، لعبت عمان دور الوسيط في ملفات حساسة، منها الصراع اليمني، حيث حافظت على علاقات مع الحوثيين وداعمهم الرئيسي، إيران، مع مراعاة حساسيات دول الخليج، خصوصاً السعودية.

حيث يرى متابعون أن مواقف الخليلي لا تأخذ بعين الاعتبار التحولات السياسية الدولية، خصوصاً مع قدوم إدارة أميركية جديدة يُتوقع أن تكون أكثر صرامة تجاه الحوثيين وداعميهم. وقد أدى التصعيد الحوثي الأخير إلى إثارة قلق دولي واسع، خصوصاً بعد استهداف خطوط الملاحة والهجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة.

مكتب الإفتاء في عمان يتبع لوزارة الأوقاف والشؤون الدينية، إلا أن دوره الرقابي شهد تساهلاً ملحوظاً في الآونة الأخيرة، ما سمح بظهور خطابات تُظهر دعماً غير مباشر لجماعات مثل الحوثيين وحزب الله، متجاوزة حدود التعاطف المشروع مع القضية الفلسطينية. ويخشى منتقدون أن تتحول هذه المنابر إلى أداة لترويج أجندات سياسية تتعارض مع نهج الدولة.

ويعتقد محللون أن تصريحات الخليلي تعكس "نفساً ثورياً" يلبي مشاعر المجتمع العماني المعروف بدعمه للقضية الفلسطينية، لكن هذا النفس قد يحمل مخاطر تهدد التوازن الذي تسعى السلطنة للحفاظ عليه في علاقاتها الإقليمية والدولية.

رغم دعم عمان التقليدي للقضية الفلسطينية، لم يمنع ذلك السلطنة من الاحتفاظ بعلاقات غير رسمية مع إسرائيل، التي ظهرت للعلن خلال زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لمسقط عام 2018. ومع ذلك، تحافظ السلطنة على سياسة الحياد، ما يجعل تصريحات المفتي الأخيرة خارجة عن السياق المعتاد للسياسة العمانية.

وفي الوقت الذي تسعى فيه عمان إلى الحفاظ على دورها كوسيط موثوق في قضايا المنطقة، قد تؤدي تصريحات المفتي الخليلي إلى تعقيد المشهد الداخلي والخارجي، ما يستدعي إعادة تقييم حدود الخطاب الديني ودوره في تمثيل السياسة العامة للدولة.