القيمة التقديرية للشحنات تتجاوز 20 مليار دولار..
الكشف عن شبكة تهريب النفط الإيراني تتجاوز العقوبات الأمريكية وتنشط في بحر الصين الجنوبي
في تطور لافت يعكس استمرار تحدي إيران للعقوبات الدولية، كشف تحليل أجرته وكالة "بلومبرغ" عن ازدهار عمليات نقل النفط الإيراني في بحر الصين الجنوبي، حيث تقوم السفن القديمة بنقل شحنات النفط بعيدًا عن الأنظار، متجاوزة القيود التي فرضتها الولايات المتحدة على طهران.
على بُعد نحو 64 كيلومترًا شرق شبه الجزيرة الماليزية، يقع أكبر تجمع لأسطول بحري يعمل في الخفاء على مستوى العالم. هنا، تتوافد السفن القديمة التي ترفع أعلام دول توفر تسهيلات تنظيمية، وتعمل دون تأمين في معظم الأوقات، لنقل شحنات النفط بعيدًا عن أعين المراقبين. ورغم العقوبات المفروضة على إيران، يجد النفط الإيراني الذي تقدر قيمته بمليارات الدولارات طريقه إلى الصين كل عام، رغم أن بكين لم تستورد رسميًا أي كمية من النفط الإيراني منذ أكثر من عامين.
وبحسب تحليل أجرته "بلومبرغ" لصور الأقمار الاصطناعية التي تم التقاطها على مدى خمس سنوات لهذه المنطقة، يظهر حجم هذه الممارسات المتزايدة التي ازدهرت في ظل تشديد الولايات المتحدة العقوبات على إيران.
وتشير تحليلات "بلومبرغ" إلى أن عمليات نقل النفط بين السفن في هذه المنطقة تحدث بمعدل يفوق ضعف ما كان عليه الوضع في عام 2020. وفي الأيام الأكثر ازدحامًا، تم رصد أكثر من عشرة عمليات منفصلة لنقل النفط. وعلى الرغم من أن كمية النفط المنقولة لا يمكن تحديدها بدقة، إلا أنه بناءً على تقديرات متحفظة لحجم الناقلات، تشير البيانات إلى أنه تم تبادل نحو 350 مليون برميل من النفط في هذه المنطقة خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي، ما يعادل أكثر من 20 مليار دولار، وربما تكون القيمة الحقيقية أعلى بكثير.
وفقًا لمصادر في قطاع النفط والشحن البحري، فإن معظم النفط المنقول في هذه العمليات يعود إلى إيران، حيث تُظهر التحقيقات أن السفن التي تم فحصها مرتبطة بشحنات إيرانية. في حين أن الطريق القادم من روسيا لا يبدو ذا جدوى اقتصادية في هذا السياق. وتُظهر الصور التي تم التقاطها في الأيام التي مرّت فيها الأقمار الصناعية فوق الموقع، عمليات نقل النفط بين السفن على مدار ثلث الوقت، مع استخدام خوارزميات مخصصة لتصنيف هذه العمليات.
بالنسبة لإيران، التي تحتاج بشكل كبير إلى الإيرادات وتفتقر إلى المشترين الذين يمكنهم استيراد نفطها بشكل علني، تمثل هذه العمليات في بحر الصين الجنوبي وسيلة للبقاء الاقتصادي. أما بالنسبة للصين، التي لا تخضع للعقوبات الأمريكية ولا تعترف بها، فإنها تستفيد من الشبكة المعقدة من الوسطاء والسفن التابعة لشركات وهمية، مما يتيح لها الحصول على النفط الرخيص من إيران. ومن خلال هذه الترتيبات، يمكن للصين تجنب العقوبات الثانوية المفروضة من قبل الولايات المتحدة.
وفي هذا السياق، تقول إيريكا داونز، الباحثة في مركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا: "كل هذه العوامل تمنح الصين فرصة الإنكار المقبول، حيث يمكنها، إذا أرادت، أن تقول إنها لا تستورد النفط الإيراني."
ويمثل هذا النظام البحري تهديدًا مباشرًا للجهود الغربية الرامية لتقليص الإيرادات التي تصل إلى طهران وموسكو وكاراكاس، مما يفسر صعوبة تنفيذ العقوبات بفعالية. وكان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب قد صرح بنيته زيادة الضغط على إيران في حال عودته إلى منصبه، إلا أن الشبكات المتعددة التي تنقل النفط عبر طرق سرية حول العالم، تعمل غالبًا دون تورط مباشر من كيانات كبرى. هذا الوضع تسبب في إحباط للإدارة الأمريكية الحالية، التي دعت ماليزيا إلى اتخاذ خطوات أكثر فاعلية لمعالجة مثل هذه الثغرات، لكن دون جدوى.
من جانبها، قالت وزارة الخارجية الصينية إن تجارتها مع إيران مشروعة ومعقولة ويجب احترامها وحمايتها. بينما لم ترد وزارتا الخارجية والنفط الإيرانية، بالإضافة إلى وزارة الخزانة الأمريكية ووزارة الخارجية الماليزية، على طلبات التعليق بشأن هذه العمليات.