التداعيات القانونية والحقوقية..

محكمة الجنايات المصرية ترفع أسماء مئات الأشخاص من قوائم "الكيانات الإرهابية"

وتستمر محكمة الجنايات في مراجعة موقف باقي الأسماء المدرجة، في إطار الإجراءات القانونية التي تشمل مراجعة شاملة لقوائم الإرهاب كل خمس سنوات.

مصر تواصل مراجعة قوائم الإرهاب: محكمة الجنايات تستثني المئات بعد 5 سنوات من الإدراج

القاهرة

قررت محكمة الجنايات في مصر رفع أسماء مئات الأشخاص من قوائم "الكيانات الإرهابية" في خطوة تأتي استجابة لتوجيهات رئاسية تهدف إلى مراجعة وضع الأفراد المدرجين على هذه القوائم. وتشمل هذه المراجعة حوالي 716 شخصًا، تم إدراجهم سابقًا على قوائم الإرهاب في مصر.

ووفقًا لبيان صادر عن النيابة العامة المصرية، فقد تم تكليف الجهات الأمنية بإجراء التحريات اللازمة للتحقق من استمرار النشاط الإرهابي للأفراد المدرجين على القوائم، وذلك تمهيدًا لرفع الأسماء التي يثبت توقف نشاطها عن هذه القوائم. يأتي هذا القرار في إطار خطوات تهدف إلى تنفيذ مطالب الحوار الوطني الذي يشمل مختلف الأطراف السياسية في مصر.

 

تأسس قانون "الكيانات الإرهابية" في مصر بموجب القانون رقم 8 لسنة 2015، وهو يتيح إدراج الأفراد والكيانات التي تثبت علاقتها بالإرهاب على قوائم خاصة، حيث تشمل العقوبات المفروضة وعليهم تجميد الأموال وحظر السفر، بالإضافة إلى منعهم من الترشح للوظائف العامة أو النيابية. وتستمر فترة إدراج الأفراد على قوائم الإرهاب لمدة خمس سنوات، وبعد انقضاء هذه المدة، تقوم محكمة الجنايات بمراجعة هذه القوائم بناء على الأدلة المتاحة.

ويشمل القانون أيضًا تدابير صارمة مثل سحب جوازات السفر أو منع تجديدها، بالإضافة إلى وضع المدرجين على قوائم الإرهاب في حالة ترقب دائم سواء كانوا داخل مصر أو خارجها. كما يتم منعهم من الترشح للمناصب العامة أو البرلمانية خلال فترة إدراجهم على القوائم.

 

وأشار البيان إلى أن محكمة الجنايات تتولى مسؤولية مراجعة هذه القوائم بشكل دوري بناءً على نتائج التحقيقات والتحريات التي تقوم بها الجهات الأمنية. ووفقًا للقانون، فإنه يتم رفع الأسماء التي يثبت توقف نشاطها الإرهابي من القوائم، وهو ما يعكس التزام السلطات المصرية بمراجعة الموقف بشكل مستمر وضمان عدم احتجاز أي شخص بشكل تعسفي.

 

وأثار إدراج العديد من الأسماء على قوائم الإرهاب العديد من الانتقادات، سواء على المستوى المحلي أو الدولي. فقد اعتبرت بعض المنظمات الحقوقية أن هذا الإجراء يعد بمثابة أداة لقمع المعارضة السياسية، خاصة بعد إدراج عدد من المعارضين والنشطاء السياسيين في هذه القوائم. من بين الأسماء التي أثارت الجدل في السنوات الماضية، الناشط الحقوقي علاء عبد الفتاح، والمحامي محمد الباقر، والبرلماني السابق زياد العليمي، الذين تم إدراجهم ضمن الأشخاص المستهدفين.

كما أثار اسم لاعب كرة القدم الشهير محمد أبو تريكة جدلًا واسعًا، حيث تم إدراجه على القوائم رغم إعلان المحكمة قبول طعنه وعدم تمديد إدراجه. على الرغم من ذلك، ظل اسمه موجودًا على القائمة حتى الآن، مما أثار تساؤلات حول فعالية الإجراءات القانونية في هذا الصدد.

 

وأكد المحامي المصري أحمد إبراهيم أن رفع الأسماء من قوائم الإرهاب يتم وفقًا لنتائج التحريات والأدلة المتاحة، وأن القرار يتم بناء على طلبات من النيابة العامة، والتي تشرف على التحقيقات والضوابط القانونية التي تحدد الأشخاص المدرجين على قوائم الإرهاب. وأضاف أن المحكمة هي الجهة المعنية بالفصل في القضايا المتعلقة بقوائم الإرهاب، على أن يتم الإعلان عن قرار المحكمة في الجريدة الرسمية.

 

تعتبر هذه المراجعة جزءًا من محاولات إصلاح النظام القضائي وضمان عدم المساس بالحريات العامة. إذ في حال استمر شخص في التمتع بسمعة حسنة أو أثبت توقفه عن ممارسة الأنشطة الإرهابية، يمكن رفعه من القوائم. ومع ذلك، تبقى المسألة مثار جدل بين من يرون أن القوائم تستخدم كأداة للضغط السياسي، وبين آخرين يرون أن هذه الإجراءات ضرورية لحماية الأمن الوطني.

وتعكس تحولًا في النهج المصري تجاه التعامل مع قضايا الإرهاب والإصلاح القضائي. وبينما تسعى مصر إلى تعزيز استقرارها الداخلي ومكافحة الإرهاب، يبقى تساؤل عن مدى توافق هذه الإجراءات مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان وكيفية تأثيرها على المعارضين السياسيين والنشطاء.