منظمات حقوقية تُطالب بإلغاء العقوبة..
743 إعدامًا منذ مارس 2024.. إيران تواجه انتقادات حقوقية متزايدة
تواجه إيران تصعيدًا حادًا في تنفيذ أحكام الإعدام بحق السجناء السياسيين، وسط تنديد واسع داخليًا وخارجيًا. وتأتي هذه التطورات في ظل استمرار الاحتجاجات الشعبية ضد السياسات القمعية للنظام الإيراني.
دخلت حملة “ثلاثاءات لا للاعدام ” أسبوعها الخامس والأربعين على التوالي، شاملة 25 سجنًا في إيران. وشهد هذا الأسبوع تصعيدًا مأساويًا، حيث صدرت أحكام بالإعدام على ستة سجناء سياسيين، جميعهم من أعضاء هذه الحملة.
وفي بيان صادر عن السجناء السياسيين المنضمين للحملة، قدموا التهاني بمناسبة يوم الطالب، الذي يصادف 6 ديسمبر 2024، لكافة الطلاب في أنحاء البلاد. وأشادوا بشكل خاص بالطلاب الذين أصبحوا في السنوات الأخيرة محور الانتفاضات الشعبية ضد النظام السلطوي لولاية الفقيه. كما كرّم البيان ذكرى الطلاب وغيرهم الذين فقدوا حياتهم في سبيل الحرية والمساواة، مؤكدًا: «نخلّد ذكرى شهداء الحركة الطلابية وكل من ضحى بحياته من أجل الشعب الإيراني».
وتستمر آلة الإعدامات التابعة للنظام الإيراني في حصد الأرواح دون توقف. وتشير التقارير إلى أنه في الأسبوع الماضي وحده، تم إعدام أكثر من 28 شخصًا، من بينهم طفلان قاصران في سجني يزد وقزلحصار. ومنذ بداية العام الفارسي1403 (مارس 2024)، بلغ عدد الإعدامات حوالي 743 شخصًا، ما يعكس تصاعدًا حادًا في عمليات القتل التي ترعاها الدولة. وفي هذا السياق، أصدر السجناء السياسيون في سجن لاكان بمدينة رشت، أحد أبرز مراكز الإعدامات في الأشهر الأخيرة، بيان احتجاج في وقت سابق من هذا الأسبوع.
وفي ظل أزماته الاقتصادية المتفاقمة وتزايد الاحتجاجات الاجتماعية، لجأ النظام إلى إجراءات قمعية متطرفة. فبالإضافة إلى تنفيذ الإعدامات، يسعى النظام إلى تعزيز سياساته القمعية عبر فرض قوانين مثل “مشروع قانون الحجاب والعفاف”، الذي يهدف إلى نشر الخوف في المجتمع.
وفي أحدث تطور، أصدرت السلطة القضائية حكمًا بالإعدام على السجين السياسي محراب عبدالله زاده، المعتقل منذ عام 2022، في سجن أرومية. كما حكمت على ستة سجناء سياسيين آخرين في سجن إيفين بالإعدام بتهمة “البغي”. وهؤلاء السجناء هم: وحيد بني عامريان، بويا قبادي، بابك علي بور، علي أكبر دانشور، أبو الحسن منتظر، ومحمد تقوي، وجميعهم من أعضاء حملة “أربعاء لا للإعدام”.
وأثارت الأحكام استنكارًا واسعًا، خاصة مع اعتماد القضاء على ما يُعرف بـ “علم القاضي” لإصدار هذه الأحكام. فقد استخدم إيمان أفشاري، رئيس الفرع 26 من محكمة الثورة، هذا المبدأ المثير للجدل لتبرير “القتل المنهجي” بحق هؤلاء السجناء. ويُشار إلى أن هذا المبدأ يُستغل منذ سنوات كأداة بيد القضاء للنظام الإيراني لتلفيق القضايا وتبرير الإعدامات، خاصة بعد شهور من التعذيب والحبس الانفرادي.
وتأتي هذه الأحكام في سياق مشابه للأحكام الصادرة مؤخرًا ضد ستة سجناء سياسيين آخرين، عُرفوا باسم “أبناء إكباتان”. ومع ذلك، فإن الشعب الإيراني أثبت مرارًا أنه لن يرضخ لهذه السياسات القمعية، ويواصل النضال بلا تراجع لتحقيق الحرية.
حملة “الثلاثاء لا للإعدام ” تؤكد على قدسية حق الحياة وتطالب بإنهاء عقوبة الإعدام فورًا. وناشدت الحملة المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان للتدخل الفوري لإنقاذ أرواح السجناء وضمان محاسبة مرتكبي هذه الجرائم.
كما عبّر البيان عن تقديره للرجال والنساء الشجعان الذين يتظاهرون ضد الإعدامات رغم تهديدات النظام، وخصّ بالشكر العمال، المتقاعدين، المعلمين، والممرضين الذين رفعوا شعارات ضد الإعدام في تجمعاتهم. وأكدت الحملة أن هذه الجهود يجب أن تستمر وتتسع لإجبار النظام على التراجع.
هذا الأسبوع، دعت الحملة إلى تصعيد الجهود المشتركة ضد الإعدامات. وفي يوم الثلاثاء 3 ديسمبر 2024، يعتزم أعضاء الحملة تنفيذ إضراب عن الطعام في 25 سجنًا. تشمل هذه السجون: سجن إيفين (قسم النساء والأقسام 4 و8)، وسجن قزلحصار (الوحدتين 3 و4)، بالإضافة إلى سجون في مدن كبرى مثل طهران، كرج، أصفهان، مشهد، شيراز، وتبريز.
وتجسّد حملة “ثلاثاءات لا للاعدام ” مقاومة الشعب الإيراني المتأصلة ضد عقوبة الإعدام والقمع الممنهج. ويؤكد الناشطون أن إلغاء الإعدام ليس مجرد مطلب للعدالة، بل هو خطوة ضرورية لتقويض آلة الظلم التي أزهقت أرواح المئات. كما يدعون المجتمع الدولي للتكاتف والضغط على الحكومة الإيرانية لوقف الإعدامات وضمان محاسبة المسؤولين عنها.