ردود فعل دولية وتحذيرات غربية..

إيران والاقتراب من عتبة السلاح النووي: لعبة خطرة وسط أزمات مراقبة وتوترات دولية

في ظل الجمود الذي يخيّم على المفاوضات النووية مع القوى الكبرى، يزداد التخوف من أن تكون هذه الخطوات بداية لمرحلة جديدة تهدد الاستقرار الإقليمي والدولي.

التخصيب الإيراني يهدد بإشعال سباق تسلح نووي في المنطقة

طهران

مع وصول إيران إلى مستوى تخصيب اليورانيوم بنسبة 60%، أصبحت قريبة من العتبة اللازمة لصنع قنبلة نووية، وهي 90%. هذا التقدم النووي أثار مخاوف دولية واسعة، خصوصًا مع إمكانية توقف طهران عن التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ما قد يُفسح المجال أمامها للوصول إلى مرحلة تصنيع القنبلة النووية فعليًا.

ورغم أن هذا التخصيب يجري تحت مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إلا أن خبراء يحذرون من أن المرونة التي تظهرها الوكالة قد تُتيح لإيران توزيع اليورانيوم المخصب على مواقع متعددة. هذا السيناريو قد يمنحها القدرة على تخصيب الكميات اللازمة لصنع أسلحة نووية في مواقع محصنة، قد تنجو من أي استهداف عسكري دولي.

في ظل تقلص النفوذ الإيراني الإقليمي نتيجة الضغوط السياسية والعسكرية، يبدو أن طهران ترى في السلاح النووي وسيلة لتعزيز دورها الردعي. تجارب إيران مع الصواريخ والمسيرات، التي أظهرت محدودية فعاليتها في مواجهة الضربات الإسرائيلية، دفعتها إلى البحث عن خيارات أقوى وأكثر حسماً. ومع تراجع قدرة الميليشيات الموالية لإيران على منع الهجمات، يبدو أن طهران تعتبر السلاح النووي الحل النهائي لضمان بقائها كقوة إقليمية.

وأعلنت إيران مطلع ديسمبر 2024 عن تشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة في منشأة فوردو، مما رفع وتيرة إنتاج اليورانيوم عالي التخصيب بشكل كبير. وأشارت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أن هذا التصعيد سيزيد من إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 60% على المدى الطويل، وهو ما يُضاعف قدرات إيران الإنتاجية مقارنة بالفترات السابقة.

وجاء هذا التصعيد بعد قرار الوكالة إدانة عدم تعاون إيران مع المفتشين الدوليين، وهو ما ردت عليه طهران بإجراءات تصعيدية أبرزها زيادة تخصيب اليورانيوم وتشغيل أجهزة متطورة.

استغلت إيران جمود المفاوضات النووية غير المباشرة مع الولايات المتحدة، التي توقفت منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي عام 2018. وتسعى طهران من خلال هذا التصعيد إلى ممارسة ضغوط على الأطراف الدولية، في محاولة لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015 بشروطها، التي تتضمن رفع العقوبات المفروضة عليها.

وأعربت فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة عن قلقها العميق إزاء تصعيد إيران النووي، وحثت طهران على وقف تصعيدها فورًا. ووصفت القوى الغربية تخصيب اليورانيوم إلى هذا المستوى بأنه لا يحمل أي مبرر مدني، مما يثير الشكوك حول النوايا الحقيقية للبرنامج النووي الإيراني.

من جانبه، وصف المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافاييل غروسي، الخطوات الإيرانية بأنها رسالة واضحة تعكس شعور طهران بالضغوط الدولية، إلا أنه أكد ضرورة استمرار المراقبة والتفتيش لضمان عدم استخدام المواد النووية لأغراض عسكرية.

في حال قررت إيران إجراء تجربة نووية أو تخصيب اليورانيوم إلى المستوى المطلوب لصنع القنبلة، فإن المنطقة قد تدخل في مرحلة من التصعيد غير المسبوق. كما أن امتلاك إيران للسلاح النووي سيُغيّر موازين القوى في الشرق الأوسط، مما قد يُشعل سباق تسلح نووي في المنطقة.

وبينما تتزايد التحذيرات الدولية، تبقى المخاوف قائمة من أن تواصل إيران تقدمها النووي تحت غطاء التفاوض أو بذرائع أخرى، مما يجعل الملف النووي الإيراني أحد أكبر التحديات التي تواجه المجتمع الدولي.