سياق إقليمي جديد وضغوط متزايدة..

الحوثيون بين ضغوط الداخل وتراجع الدعم الإيراني بعد سقوط حلفاء طهران

يشهد المشهد اليمني تحولات معقدة وسط تغييرات إقليمية ودولية متسارعة، أبرزها سقوط نظام بشار الأسد في سوريا وهزيمة حزب الله في لبنان، ما يسلط الضوء على جماعة الحوثي كآخر أذرع إيران الفاعلة في المنطقة.

تظهر دعوات لإسقاط الحوثيين وإنهاء سيطرتهم على العاصمة صنعاء وأجزاء واسعة من اليمن.

صنعاء

بعد السقوط السريع لنظام بشار الأسد في سوريا وهزيمة حزب الله في لبنان، تتجه الأنظار نحو جماعة الحوثي في اليمن كآخر أذرع إيران المؤثرة في المنطقة. على المستوى النظري، يبدو إنهاء سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء وأجزاء واسعة من الأراضي اليمنية أمراً منطقياً، خاصة في ظل مؤشرات تراجع قدرة إيران على دعم حلفائها واستدامة تماسكهم. إلا أن هذا السيناريو لا يزال، عملياً، يواجه تحديات كبيرة ويروج له إعلامياً بشكل أساسي من قبل حزب التجمع اليمني للإصلاح، فرع جماعة الإخوان المسلمين في اليمن، لتحقيق مصالح سياسية خاصة.

 

ويتصدر حزب الإصلاح حملة دعائية مكثفة لإسقاط الحوثيين، مستغلاً الظروف الدولية والإقليمية المواتية، ومنها تراجع نفوذ إيران وموقف الإدارة الأميركية بقيادة دونالد ترامب، المعروف بمواقفه الحازمة تجاه طهران. ومع ذلك، تظل الدعوات للحسم العسكري مجرد حديث إعلامي، في ظل استمرار تهدئة غير معلنة بين الشرعية والحوثيين منذ هدنة أبريل 2022، والتي انتهت دون تجديد رسمي، لكنها أبقت القتال في حدوده الدنيا.

 

ولم تتخل الشرعية اليمنية الممثلة بمجلس القيادة الرئاسي بقيادة رشاد العليمي عن خيار السلام، الذي تدعمه السعودية بالتعاون مع الأمم المتحدة. وبينما تحمّل الشرعية الحوثيين مسؤولية عرقلة السلام، لا تزال الجهود منصبة على استئناف العملية السياسية بدلاً من تصعيد عسكري شامل.

ورغم التحولات الإقليمية، لم تظهر تغييرات ملموسة في مواقف قوات الشرعية، التي لا تزال ملتزمة بالتهدئة. وتواجه قوات الشرعية تأثيرات النفوذ الإخواني، ما يعيق تحقيق إجماع وطني على استراتيجية موحدة لتحرير صنعاء والمناطق الخاضعة للحوثيين.

 

حيث يعتمد حزب الإصلاح على تصعيد دعوات إسقاط الحوثيين لتلميع صورته وإبعاد التهمة التي تلاحقه بشأن مسؤوليته عن تمكين الحوثيين في 2014، سواء من خلال الأحداث التي اندلعت ضد نظام الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح أو التنازلات العسكرية في محافظات مثل عمران، التي مثّلت نقطة تحول في السيطرة الحوثية على صنعاء.

إلى جانب ذلك، يسعى الحزب الإخواني إلى تحقيق مكاسب سياسية من خلال دعوة أطراف يمنية أخرى إلى التقارب وتوحيد الصفوف. وفي هذا السياق، دعا القيادي في الإصلاح عبدالرزاق الهجري إلى "نبذ خلافات الماضي كضرورة وطنية لهزيمة الانقلاب الحوثي واستعادة الدولة"، وذلك خلال فعالية في مأرب بمناسبة ذكرى مقتل صالح.

 

وتواجه دعوات حزب الإصلاح لتحرير صنعاء تحديات عدة، أبرزها:

نفور الشركاء المحليين: يعاني الحزب من انعدام الثقة بينه وبين قوى يمنية أخرى، مثل المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يرى تناقضاً بين مشروعه لاستقلال الجنوب ومشروع الإصلاح للحفاظ على الوحدة اليمنية.
المخاوف من التحول في الهيمنة: يُنظر إلى سيطرة الإخوان على المشهد اليمني كبديل غير مقبول لتحكم الحوثيين، ما يجعل تحقيق إجماع وطني حول مواجهة الحوثيين أمراً صعباً.
التوازنات الدولية والإقليمية: على الرغم من الضغوط المتزايدة على إيران وحلفائها، لم تتبلور استراتيجية دولية واضحة لدعم تحرير اليمن من الحوثيين.

 

بينما يتصدر حزب الإصلاح مشهد الدعوات لإسقاط الحوثيين، تظل هذه الدعوات أسيرة الحسابات السياسية المعقدة داخلياً وإقليمياً. وفي ظل استمرار الجمود العسكري والسياسي، يبقى مستقبل صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين مرتبطاً بتوازنات قوى محلية ودولية لم تتضح معالمها النهائية بعد.