اضطراب لوجستي وتحديات استراتيجية..
تصاعد المخاوف الإيرانية بعد سقوط نظام الأسد: اضطراب استراتيجي وتحديات إقليمية
يسعى المسؤولون الإيرانيون لتبرير تدخلهم العسكري في سوريا والعراق، تبرز مؤشرات على تحديات كبيرة تواجه طهران، وسط تحولات إقليمية تفرض عليها إعادة تقييم أولوياتها ونفوذها المتراجع.
مع سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، كشفت تصريحات محمد باقر قاليباف، رئيس البرلمان الإيراني، وحسين سلامي، قائد الحرس الثوري الإيراني، عن قلق عميق داخل النظام الإيراني بشأن احتمال تكرار نفس المصير في طهران، مما يعكس اتساقًا مع خطاب المرشد الأعلى علي خامنئي.
وأشار قاليباف إلى أن انهيار نظام الأسد يمثل ضربة كبرى لشبكة الدعم اللوجستي للفصائل الموالية لإيران في المنطقة. وقال: "سقوط حكومة الأسد يعطل الخلفية اللوجستية للقوات المرتبطة بالجمهورية الإسلامية"، لكنه أكد ثقته في قدرة حزب الله اللبناني على التكيف مع الأوضاع الجديدة.
ووصف قاليباف التطورات في سوريا بأنها "أمر لا مفر منه"، مشيرًا إلى تحذيرات سابقة أصدرتها طهران للحكومة السورية لتجنب الفوضى. وقال: "لو تم الاستماع إلى هذه التحذيرات في الوقت المناسب، لما غرقت سوريا في أزمتها الداخلية."
من جانبه، أكد حسين سلامي أن انسحاب القوات الإيرانية من سوريا عقب سقوط الأسد لا يعني تراجع قوة النظام. وقال: "النظام لم يضعف ولم يفقد أذرعه الإقليمية." كما دافع عن العمليات العسكرية الإيرانية مثل "الوعد الصادق"، معتبرًا أنها دليل على استمرار قوة طهران.
سلامي برر التدخل العسكري في سوريا والعراق بالحاجة لمواجهة تمدد تنظيم داعش، مؤكدًا أن طهران لم يكن أمامها خيار آخر سوى التدخل المباشر. وأضاف: "لا نتوقع أن نخوض الحرب نيابة عن الجيش السوري، لكننا نعتمد على منطق سياسي قوي ومشروعية راسخة للدفاع عن أنفسنا."
واعتبر قاليباف أن التحولات الإقليمية الحالية تهدف إلى "تشكيل نظام جديد"، محذرًا من أن الوقوف موقف المتفرج سيضع طهران أمام تحديات صعبة. كما انتقد الجماعات المعارضة السورية بسبب "تعاونها مع إسرائيل". وأضاف: "قراراتنا ستكون مبنية على سلوك هذه الجماعات ومدى تقاربها مع إسرائيل."
وأكد قاليباف أهمية تصريحات خامنئي كمرجعية نهائية للتحليل السياسي، محذرًا من أن أي انحراف عنها يعد "خطأً لا يغتفر."
في خطاب ألقاه في 11 ديسمبر، شدد خامنئي على التزام النظام باستراتيجيته الإقليمية رغم الانتقادات المتزايدة، واصفًا سياسات إيران تجاه سوريا بأنها ضرورية لضمان أمنها الإقليمي.
وتعكس تصريحات قاليباف وسلامي شعورًا متزايدًا بالضعف داخل القيادة الإيرانية. وأشار سلامي إلى الصعوبات الكبيرة التي واجهتها إيران خلال تدخلها العسكري في سوريا، قائلاً: "لقد أُغلقت جميع الطرق المؤدية إلى سوريا."
تكشف هذه التصريحات عن إدراك القيادة الإيرانية للتحولات الإقليمية وتأثيرها على طهران، وسط محاولات لتكييف استراتيجياتها مع المشهد الجديد وضمان استمرارية نفوذها في المنطقة.