عملية "الوعد الصادق 3"..
التحولات الإقليمية وسقوط الأسد: دومينو السقوط يُهدد النظام الإيراني
وجدت إيران نفسها أمام اختبار وجودي قد يعيد تشكيل موازين القوى في المنطقة. هذا الحدث المفصلي لم يقتصر تأثيره على سوريا فحسب، بل امتدت تداعياته لتثير قلق المسؤولين في طهران بشأن استقرار النظام الداخلي واستمرارية محور المقاومة.
في ظل التحولات الإقليمية المتسارعة، وخاصة سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، أعرب المسؤولون في النظام الإيراني عن قلقهم من احتمال انتقال هذه التغيرات إلى حدود إيران، بل وربما إلى بنية النظام نفسه. تشير تحليلات وسائل الإعلام وتصريحات المسؤولين الحكوميين بوضوح إلى أن طهران تواجه أزمة حادة في تقييم هذه التحولات والتعامل معها.
سعيد جليلي، أحد الشخصيات البارزة في النظام الإيراني وعضو مجمع تشخيص مصلحة النظام، أكد عبر موقع "رجانيوز" أهمية التحرك السريع والحاسم لإيران إزاء التطورات في سوريا. واعتبر أن سقوط حكومة بشار الأسد يشكل اختبارًا جديًا لمحور المقاومة والجمهورية الإسلامية، محذرًا من أن أي تأخير في تنفيذ عملية "الوعد الصادق 3" ستكون له تداعيات كارثية على الأمن القومي الإيراني.
وفقًا لجليلي: إن التنفيذ الحازم والسريع لعملية "الوعد الصادق 3" سيُظهر قدرة الجمهورية الإسلامية على إعادة صياغة المعادلات الإقليمية حتى في أصعب الظروف.
- أي تأخير سيصب في مصلحة الأعداء ويحمّل إيران تكاليف باهظة على صعيد أمنها الوطني.
- حذر من أن التردد في هذا الظرف الحساس لن يضعف فقط موقف محور المقاومة، بل سيمنح الأعداء الجرأة على تصعيد اعتداءاتهم المباشرة ضد الأراضي الإيرانية.
وأشار موقع "رجانيوز" إلى أن سقوط الأسد يُعد إحدى أكثر النقاط الحرجة في المنطقة بالنسبة لإيران وحلفائها. ورأى الموقع أن عدم اتخاذ إيران خطوات حاسمة وسريعة في سوريا سيؤدي إلى انهيار محور المقاومة برمته.
في المقابل، أظهرت تصريحات بعض المسؤولين السابقين والناشطين الحكوميين قلقًا من اتساع نطاق الاستياء الداخلي. حميد رضا جلائي بور، عالم الاجتماع المقرب من الحكومة، أشار إلى الوضع الداخلي الهش، قائلًا: "الفجوة بين الحكومة والشعب جدية للغاية، حيث أن 90% من الشعب غير راضٍ عن الوضع الحالي". كما حذر من أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى احتجاجات واسعة النطاق و"أحداث غير متوقعة".
بدوره، حذر محمد سرافراز، الرئيس السابق لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، من عواقب انهيار نظام الأسد وتأثيره على محور المقاومة وأمن إيران. وأشار إلى أن تراجع موقف سوريا ولبنان يعني زيادة التهديدات الإسرائيلية وتفاقم الضغوط الدولية على إيران. كما أكد سرافراز أن هناك خطرًا متزايدًا من اندلاع اضطرابات داخلية، مشددًا على أن إدارة هذا الوضع تتطلب "ثورة في الحكم".
محمد إسماعيل كوثري، عضو لجنة الأمن والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، قدّم رؤية مختلفة عن سعيد جليلي، حيث اعترف بفشل إيران في إدارة الأزمة السورية. وفي تصريحات لوكالة "انتخاب"، أشار إلى:
- سوريا كحلقة استراتيجية للمقاومة: أكد كوثري أن سوريا كانت طريقًا حيويًا لدعم حزب الله في لبنان، لكنه أضاف: "عندما لم يرغبوا بذلك، لم يكن بإمكاننا الدخول بالقوة".
- ضعف الجيش السوري: اعترف بأن بشار الأسد لم يتمكن من كسب دعم الجيش، مما أدى في النهاية إلى انهيار قواه.
- تأثير الاقتصاد الإيراني: أوضح كوثري أن الجيش السوري انهار بسبب ضعف الدعم الإيراني، مشيرًا إلى الضغوط الاقتصادية التي أضعفت دور إيران في الصراع.
ورأى كوثري أن هذه الأزمة ناتجة عن التأخر في اتخاذ قرارات استراتيجية، مما وضع إيران في موقف ضعيف داخل المنطقة.
بالنظر إلى تصريحات المسؤولين الإيرانيين، واستنادًا إلى التحليلات المنشورة في مواقع المقاومة الإيرانية، يمكن استنتاج الآتي:
- الخوف من دومينو الانهيار: يشكل سقوط بشار الأسد تهديدًا مباشرًا لمحور المقاومة، ما قد يؤدي إلى انهيار الحلفاء الإقليميين لإيران، مثل العراق، وربما يمتد ليهدد النظام الإيراني نفسه.
- أزمة الشرعية الداخلية والسخط الشعبي: تشير استطلاعات الرأي إلى أن 90% من الشعب الإيراني غير راضٍ عن الوضع القائم. ومع تصاعد الأزمات الخارجية، قد يتفاقم السخط الداخلي وتشتد الاحتجاجات.
- ضعف محور المقاومة: تراجع حزب الله في لبنان، وضعف النفوذ الإيراني في العراق، وفقدان سوريا كقاعدة دعم استراتيجي يشير إلى انهيار وشيك لمحور المقاومة.
- ضرورة التغيير في السياسات: إن النظام الإيراني أمام خيارين: إما قبول تغييرات جذرية في سياساته الداخلية والخارجية، أو مواجهة سلسلة من الأزمات غير القابلة للسيطرة، ما يهدد وجود النظام ذاته.
هذه الظروف الحرجة، مع استمرار الضغوط الدولية والعقوبات الاقتصادية، وضعت النظام الإيراني في موقف حرج، حيث قد يؤدي أي تأخير في اتخاذ القرارات إلى انهيار كامل في بنية السلطة.