طهران تُجرّم الحرية الرقمية..

قانون "المحتوى الإخباري غير الصحيح".. رقابة بأمر من النظام الإيراني

خطوة وُصفت بأنها محاولة يائسة لخنق أصوات المعارضة واحتكار الحقيقة. القانون، الذي يهدد الناشطين والصحفيين بالسجن وحتى الإعدام، يُعدّ تصعيدًا غير مسبوق في مسار الرقابة وتكميم الأفواه، وسط أزمات اقتصادية خانقة واحتجاجات لا تهدأ.

قانون جديد في إيران: الكذب مسموح.. والصمت جريمة

فريد ماهوتشي
كاتب ومحلل سياسي إيراني معارض ينشط ضمن إطار المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية

في خطوة جديدة لخنق صوت الشعب، مرر النظام الإيراني في 27 يوليو 2025 قانونًا مثيرًا للجدل بعنوان "مكافحة انتشار المحتوى الإخباري غير الصحيح". يُروج النظام لهذا القانون كوسيلة لمكافحة المعلومات المغلوطة، لكنه في الحقيقة سلاح لتعميق الرقابة، وتجريم المعارضة، وفرض احتكار الدولة على الحقيقة. وسط أزمات اقتصادية واضطرابات اجتماعية متصاعدة، يعكس هذا القانون خوف النظام من انهياره، حيث يلجأ الإيرانيون إلى الإنترنت لنشر الحقيقة وتنظيم الاحتجاجات.

قمع رقمي غير مسبوق
أثار القانون انتقادات نادرة حتى من داخل النظام. كتب برلمانيون إلى رئيس النظام مسعود بزشكيان، محذرين من أن القانون سيوسع الهوة بين النظام والشعب. لكن هذه الاعتراضات تبدو مدفوعة بمخاوف من غضب شعبي أكثر منها دفاعًا عن الحريات.
حذر المعلق عباس عبدي في صحيفة اعتماد من أن القانون سيؤدي إلى "احتكار الحقيقة"، مما يغذي الدعاية. وأشار الخبير القانوني محسن برهاني في صحيفة شرق إلى خطورة استبدال "نشر الأكاذيب" بـ"المحتوى غير الصحيح"، وهي صيغة تجرم حتى الحقائق الجزئية وتتيح التطبيق التعسفي. وأدان العقوبات القاسية: سجن من ستة أشهر إلى 15 عامًا، وفي بعض الحالات تهمة "الفساد في الأرض" التي قد تؤدي إلى الإعدام.

تأثير مخيف على المجتمع
حتى وكالة نورنيوز، المرتبطة بالمجلس الأعلى للأمن القومي، تساءلت عما إذا كان القانون نتيجة "ضغوط أمنية" أم شفافية حقيقية. وحذر النائب فريد موسوي من أن تجريم المحتوى الإلكتروني الغامض في ظل أزمة الثقة والمصاعب الاقتصادية "خطوة خطرة". لكن النظام، بدعم من الزعيم الأعلى علي خامنئي، مضى قدمًا، ومرر القانون بـ205 أصوات مؤيدة مقابل 49 ضد.

واقع رقمي قاتم
وثق تقرير "حرية الإنترنت 2024" من فريدوم هاوس واقعًا رقميًا مروعًا في إيران، بتصنيف "غير حرة" بنتيجة 12 من 100. بين يونيو 2023 ومايو 2024، كشف التقرير عن:

  • رقابة وعزلة: توسيع شبكة المعلومات الوطنية لعزل الإيرانيين، رفع أسعار الإنترنت بنسبة 30-40%، حظر شبكات VPN، ومنع منصات مثل واتساب وإنستغرام وإكس.
  • مراقبة: استخدام برمجيات SIAM وأدوات الذكاء الاصطناعي لتتبع المستخدمين وفرض قوانين الحجاب.
  • قمع: اعتقال الصحفيين والمدونين، وإصدار أحكام إعدام بتهم غامضة، وتطبيق قانون الحجاب والعفة بقسوة.
  • إغلاقات: انقطاعات إنترنت وطنية، مثل إغلاق 28 محافظة في 20 نوفمبر 2023، لقمع الاحتجاجات.
  • دعاية: إدارة مزارع التضليل وتحرير المحتوى لمحو جرائم النظام.
  • تأثير اجتماعي: رقابة ذاتية واسعة، وخسائر تجارية بنسبة 50%، واستهداف النساء والأقليات.
  • هجمات سيبرانية: استهداف المعارضين ببرمجيات خبيثة.

صمود الشعب والدعوة العالمية من روما
رغم القمع، يواصل الإيرانيون المقاومة عبر الإنترنت والشوارع. في 31 يوليو 2025، استضاف البرلمان الإيطالي مؤتمر «إيران الحرة 2025»، حيث أدانت السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، قانون "المحتوى غير الصحيح" كأداة لقمع صوت الشعب. وأكدت: «الشعب الإيراني، بدعم وحدات المقاومة، يتحدى الرقابة لإسقاط الديكتاتورية.» دعم السناتور جوليو تيرزي هذا الموقف، مشددًا على ضرورة إدراج الحرس الثوري في قوائم الإرهاب لمواجهة قمع النظام ودعمه للإرهاب الإقليمي في دول مثل لبنان واليمن. وحث العالم العربي على التضامن مع الإيرانيين لدعم حريتهم وسلام المنطقة.

صمود الشعب
رغم القمع، يواصل الإيرانيون المقاومة عبر الإنترنت والشوارع. النساء يتحدين قوانين الحجاب، والمعارضون ينشرون الحقيقة رغم مخاطر السجن والإعدام. لكن هذا القانون الجديد يجعل تكلفة المقاومة أعلى من أي وقت مضى. إنه ليس مجرد رقابة - بل محاولة يائسة من نظام يخشى انهياره.
يجب على العالم إدانة هذا القانون ودعم صمود الشعب الإيراني. فهل سيظل الصمت تواطؤًا أمام هذا القمع؟ الحرية تنتظر إجابة العالم.