واشنطن وموسكو تبحثان نهاية الحرب..
قمة ترمب وبوتين: بين استعادة النفوذ الروسي وطموح نوبل للسلام
في خطوة لافتة قد تعيد رسم مسار الحرب الأوكرانية أو تعزز لعبة النفوذ بين الكبار، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب عزمه لقاء نظيره الروسي فلاديمير بوتين في ولاية ألاسكا منتصف أغسطس الجاري، بعد أشهر من المداولات والرسائل المتبادلة بين واشنطن وموسكو.

لقاء الكبار في ألاسكا.. أوكرانيا الغائب الأكبر عن طاولة السلام
على مدى سبعة أشهر من المداولات والإشارات المتبادلة، حُدد أخيراً الخامس عشر من أغسطس موعداً للقمة المرتقبة بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في ولاية ألاسكا، وفق ما أعلن ترمب عبر منصته "تروث سوشيال". ورغم أن الإعلان لم يتضمن تفاصيل موسعة، فإن التوقعات تشير إلى أن ملف الحرب في أوكرانيا – المستمرة منذ فبراير 2022 – سيكون محورياً، ولو بشكل غير مباشر.
تحول في المقاربة الأميركية
القمة تمثل تحوّلاً في موقف واشنطن، التي تعاملت مع بوتين طوال السنوات الماضية كـ"منبوذ" على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا، وهي خطوة يرى مراقبون أنها تمنح الكرملين مكسباً دبلوماسياً، حتى لو لم تسفر عن اختراق حقيقي. فمنذ تولي ترمب منصبه في يناير، تكررت الدعوات الروسية والأميركية لعقد لقاء مباشر، غير أن التباين في الرؤية وتقديرات الجدوى أخّرا انعقاده.
رسائل سياسية وضغوط اقتصادية
ترمب، الذي روّج خلال حملته الانتخابية لفكرة إنهاء الحرب خلال 24 ساعة، تبنى في بداية ولايته مواقف أقرب إلى موسكو، منها تقليص المساعدات العسكرية لكييف وانتقاد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. لكن مع استمرار القتال وتعثر أي تسوية، صعّد موقفه تدريجياً، ملوحاً بعقوبات جديدة على روسيا، بل وفرض رسوماً جمركية مشددة على واردات هندية رداً على شراء النفط الروسي.
اللافت أن موسكو طلبت عقد القمة قبل أيام من دخول العقوبات الأميركية الجديدة حيّز التنفيذ، وبعد اجتماع بين مبعوث ترمب الخاص ستيف ويتكوف وبوتين في الكرملين. ويخشى محللون أن يستخدم الرئيس الروسي اللقاء لتكتيكات المماطلة وكسر العزلة الدولية، مستحضراً في ذهنه تقسيم النفوذ بين القوى الكبرى على غرار مؤتمر يالطا عام 1945.
شروط موسكو وحدود التفاوض
من المتوقع أن يعيد بوتين طرح مطالبه التقليدية: اعتراف بسيادة روسيا على شرق أوكرانيا، وضمان حياد كييف خارج الناتو، وتقييد قدراتها العسكرية، مع الإبقاء على حكومة موالية لموسكو. هذه المطالب، التي ترفضها الغالبية الساحقة من الأوكرانيين، تمثل العقبة الرئيسية أمام أي تقدم في المحادثات.
غياب الأطراف المعنية
أحد أبرز المؤشرات السلبية هو غياب أوكرانيا عن قمة ألاسكا، حيث أعلن ترمب أنه سيلتقي زيلينسكي لاحقاً، ما يضعف فرص الخروج بنتائج ملموسة. أوروبا، التي تتحمل أعباء إنسانية وأمنية واقتصادية جسيمة جراء الحرب، لن تكون ممثلة أيضاً، رغم دعم سبعة من قادتها لجهود ترمب، مع تأكيدهم ضرورة مشاركة كييف في أي مسار سلام.
سيناريوهات ما بعد القمة
على الأرض، لا تزال المعارك محتدمة، فيما تواصل عائدات الطاقة تمكين موسكو من امتصاص أثر العقوبات الغربية. ومع محدودية التجارة المباشرة بين روسيا والولايات المتحدة، لم يلجأ ترمب حتى الآن إلى فرض رسوم حادة على الواردات الروسية، مركزاً على ضغوط غير مباشرة عبر شركاء موسكو التجاريين.
القمة، التي يراها البعض فرصة رمزية لترمب لتعزيز صورته كـ"صانع صفقات"، قد تكون بالنسبة لبوتين ورقة إضافية في لعبة النفوذ. ومع غياب التنازلات المتبادلة، يظل احتمال تحول اللقاء إلى محطة بروتوكولية أكثر منه منعطفاً حقيقياً في مسار الحرب، قائماً بقوة.